3 مرتكزات في ترويج السردية الإسرائيلية أثبتت الوقائع بطلانها
تاريخ النشر: 13th, May 2024 GMT
تقوم سردية الجيش الإسرائيلي في حربه على قطاع غزة على 3 عناوين رئيسية؛ هي طمأنة المجتمع الإسرائيلي، ومحاولة إثبات أن الجيش يحقق أهدافه العسكرية، وأن العلاقة بين المستويين السياسي والعسكري متناغمة أثناء هذه الحرب.
وقد أثبتت الوقائع الميدانية وسياقات الأحداث عدم صحة مرتكزات الرواية الإسرائيلية، وفق ما جاء في تحليل صهيب العصا على قناة الجزيرة.
ومنذ إعلان إسرائيل حربها على قطاع غزة، يروج المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري لرواية الجيش الذي كانوا يزعمون أنه لا يقهر، معتمدا في ذلك على تلك المرتكزات الثلاثة.
مزاعم استخدام حماس للمستشفيات
فبعد 10 أيام من شن الحرب على الفلسطينيين في غزة، أعلن هاغاري عن اغتيال أيمن نوفل، عضو المجلس العسكري العام لـكتائب عز الدين القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)-، وروج حينها أن إسرائيل قادرة على الوصول إلى قيادات الصف الأول في المقاومة.
غير أن فصائل المقاومة واصلت إطلاق صواريخها من قطاع غزة، ولم تتوقف بعد التوغل البري الإسرائيلي في القطاع عن بث المقاطع المصورة التي تثبت تصدي كتائب القسام للآليات العسكرية الإسرائيلية المتوغلة في المنطقة.
وبعد أسبوعين من التوغل البري، ركز هاغاري في مؤتمراته الصحفية على الترويج لمزاعم أن كتائب القسام لديها مقار عسكرية داخل مستشفيات غزة، وصنع الجيش الإسرائيلي تصاميم بغرض إثبات روايته، لكنه لم يثبت أي شيء.
واعترف الإعلاميون الأجانب الذين جلبهم هاغاري أنهم لم يشاهدوا ما يثبت الرواية الإسرائيلية بخصوص استخدام المقاومة للمستشفيات. وصرح روب هولدن، وهو مسؤول حالات الطوارئ في منظمة الصحة العالمية في غزة قائلا: "لم نر سوى المدنيين ولم نلتقِ مع أحد بشأن أي قضية أخرى ولم نر أي دليل".
وفي الـ18 مارس/آذار الماضي، أعلن هاغاري عن قائمة طويلة من المعتقلين الفلسطينيين زعم أنهم من قادة الصف الأول للمقاومة، ليتبين بعد ساعات من الإعلان أن عددا كبيرا من المعتقلين المزعومين إما شهداء أو يعيشون خارج غزة.
فشل في تحقيق الأهداف
كما روج الجيش الإسرائيلي لمعركة خان يونس جنوبي قطاع غزة باعتبارها مسقط رأس رئيس حركة حماس في غزة، يحيى السنوار وبأنها معقل المقاومة، لكنه لم يحقق أهدافه لا في الوصول إلى المقاومين ولا إلى أسراه المعتقلين لدى المقاومة، بل إنه قتل بعضهم، وسحب الاحتلال قواته من خان يونس بعد كمين الزنة الذي نفذته كتائب القسام وأسفر عن مقتل 9 جنود إسرائيليين.
وبشأن السردية الثانية التي ظل يروجها هاغاري وهي أن الجيش يحقق أهدافه العسكرية، زعم أكثر من مرة في مؤتمراته الصحفية أن الجيش الإسرائيلي تمكن من الوصول إلى السنوار وبأنهم عثروا على الأنفاق التي يوجد فيها قادة المقاومة والأسرى، لكن الوقائع أبطلت مزاعمهم.
وبشأن الركيزة الثالثة وهي التناغم بين السياسي والعسكري، تعثرت السردية التي روج لها هاغاري، حيث ظهرت الخلافات بين الحكومة والجيش، وحدثت استقالات على خلفية الحرب في غزة، كما جاء في تقرير الجزيرة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات الجیش الإسرائیلی قطاع غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
شروط الاحتلال الإسرائيلي التي أدت لإلغاء مسيرة العودة
القدس المحتلة- في كل عام، يحمل المهندس سليمان فحماوي ذاكرته المثقلة بالحنين والوجع، ويسير على خُطا قريته المهجرة "أم الزينات" الواقعة على سفوح جبال الكرمل في قضاء حيفا، والتي اضطر لمغادرتها قسرا كباقي مئات آلاف الفلسطينيين، تاركا خلفه طفولته وذكرياته لتصبح جزءا من تاريخ النكبة الذي لا ينفك يعيد نفسه.
سليمان، اللاجئ في وطنه، عاش فصول النكبة الفلسطينية متنقلا بين بلدات الكرمل والساحل، قبل أن يستقر به الحال في بلدة أم الفحم، على تخوم حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967.
واليوم، وفي الذكرى الـ77 للنكبة، وبعد عقود من التهجير، يقف كعضو ومتحدث باسم "لجنة الدفاع عن حقوق المهجرين" بالداخل الفلسطيني، محاولًا الحفاظ على ذاكرة القرى التي طمست معالمها، وفي مقدمتها قرية "كفر سبت" المهجرة، في قضاء طبريا في الجليل شمالي فلسطين.
منذ تأسيس "جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين" عام 1997، اعتاد سليمان ورفاقه تنظيم مسيرة العودة السنوية إلى القرى المهجّرة، بالتنسيق مع لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، حيث أصبحت المسيرات ذات رمزية تقول للعالم "يوم استقلالهم يوم نكبتنا"، وتعيد للأذهان قصص البيوت المهدومة والأرواح التي لا تزال معلقة بأطلال قراها.
"هذا العام كان مختلفا" يقول فحماوي للجزيرة نت بنبرة يغلب عليها الأسى، فبدلا من التحضير المعتاد للمسيرة الـ28 نحو "كفر سبت"، اصطدمت الجمعية بسلسلة من الشروط التعجيزية التي وضعتها الشرطة الإسرائيلية، ما اضطرهم إلى اتخاذ قرار صعب "سحب طلب التصريح".
يوضح فحماوي "كما كل عام، قدمنا طلبا للحصول على التصاريح، لكن الشرطة هذه المرة وضعت شروطًا غير مسبوقة، كان أولها عدم رفع العلم الفلسطيني، ذلك العلم الذي لطالما خفقت به القلوب قبل الأيادي، كما اشترطت الحصول على موافقة المجلس الإقليمي في الجليل الغربي، الذي تقع القرية ضمن نفوذه، إضافة إلى تحديد عدد المشاركين بـ700 شخص فقط".
إعلان"بالنسبة لنا، العلم الفلسطيني خط أحمر" يؤكد سليمان، ويتساءل "كيف لمسيرة تحمل اسم العودة أن تقام دون علمنا، ودون مشاركة الآلاف من أبناء الداخل الفلسطيني الذين يحملون هم القضية؟".
وبين تهديدات الشرطة بالاقتحام، والوعيد بقمع المسيرة حال تجاوز الشروط، وجدت الجمعية نفسها أمام مفترق طرق، ويقول فحماوي "خلال المفاوضات، لمسنا نوايا مبيتة من الشرطة الإسرائيلية وتهديدات بالاعتداء على المشاركين من أطفال ونساء وشباب".
وفي مشهد تتداخل فيه الوطنية بالمسؤولية الأخلاقية، اجتمعت كافة الأطر السياسية والحزبية والحقوقية في الداخل الفلسطيني، ليصدر القرار الأصعب (سحب الطلب)، لخصها فحماوي بقوله "نقطة دم طفل تساوي العالم"، مضيفا "لن نسمح بأن تتحول مسيرتنا إلى ساحة قمع جديدة، اخترنا العقل على العاطفة، لكن شوقنا للعودة لا يلغيه انسحاب مؤقت".
قبل نحو 30 عاما، لم تكن مسيرات العودة جزءا من المشهد الوطني الفلسطيني، وكانت قضية القرى المهجرة تعيش في طي النسيان، مطموسة في ذاكرة مغيبة، تكاد تمحى بفعل الإهمال والسياسات الإسرائيلية المتعمدة، يقول فحماوي، ويضيف "لكن هذا الواقع بدأ يتغير تدريجيا مع انطلاق المبادرات الشعبية، وعلى رأسها مسيرة العودة".
وعلى مدى هذه العقود الثلاثة، شارك مئات الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني -وخاصة من فلسطينيي الداخل- في مسيرات العودة، التي تحوّلت إلى محطة وطنية سنوية ثابتة، تحمل رسائل سياسية وشعبية عميقة، وتؤكد على حق العودة بوصفه حقا فرديا وجماعيا غير قابل للتنازل أو التفاوض.
ورغم قرار سحب طلب التصريح لمسيرة العودة الـ28، لا يتوقف التساؤل لدى أدهم جبارين، رئيس اللجنة الشعبية في أم الفحم، وابن عائلة لاجئة من قرية اللجون المهجرة عن "ماذا يعني أن يمنع لاجئ فلسطيني من العودة، ولو ليوم واحد، إلى قريته التي طُرد منها؟ وماذا يعني أن يجرم رفع العلم الفلسطيني؟"
إعلان"هذه ليست النهاية" يؤكد جبارين للجزيرة نت، ويقول "نحن مستمرون، فحق العودة ليس مناسبة، بل حياة كاملة نعيشها يوميا"، مضيفا "رغم القيود والتهديدات، تبقى مسيرة العودة أكثر من مجرد حدث سنوي، هي ذاكرة حية تورَّث للأجيال، ورسالة واضحة بأن القرى المهجرة ستظل حاضرة في القلوب والعقول، حتى يتحقق حلم العودة.
ويؤكد جبارين أن قرار سحب الطلب "لم يكن تراجعا، بل خطوة واعية اتخذت من منطلق المسؤولية الوطنية، بعد أن اتضح خلال مفاوضات الجمعية مع الشرطة الإسرائيلية وجود نية مبيتة للترهيب والترويع، وحتى تهديد ضمني بإمكانية قمع المسيرة بالقوة، وربما ارتكاب مجزرة بحق المشاركين".
ويقول "نرى ما يجري من حرب إبادة في غزة، وعمليات التهجير في الضفة الغربية، وما لمسناه من سلوك الشرطة يعكس تحضيرات لتنفيذ سيناريو مشابه في الداخل، حيث بات استهدافنا على خلفية إحياء المناسبات الوطنية مسألة وقت لا أكثر".
لكن رغم المنع، لم تتوقف الفعاليات، فالجمعية أطلقت برنامج زيارات موسعًا إلى أكثر من 40 قرية مهجّرة، بمرافقة مرشدين مختصين، لتتحوّل ذكرى النكبة من فعالية مركزية واحدة إلى عشرات الجولات والأنشطة الميدانية.
ويختم جبارين حديثه للجزيرة نت بالقول إن "مسيرة العودة ليست مجرد تظاهرة، بل رسالة متجددة وتذكير سنوي بالنكبة، وتجذير للوعي الوطني، وانتقال للذاكرة من جيل إلى آخر، ورسالة واضحة بأن لا حق يضيع ما دام هناك من يطالب به".
ويضيف أنها "أيضا رد مباشر على المقولة الصهيونية الشهيرة: الكبار يموتون والصغار ينسون، فالصغار لم ينسوا، بل باتوا في مقدمة الحشود، يحملون الراية، ويرددون أسماء القرى التي هُجرت، وكأنها ولدت من جديد على ألسنتهم".