كيف أشعلت أزمة البحر الأحمر سباق تنافس بين العليمي والزبيدي في اليمن؟
تاريخ النشر: 13th, May 2024 GMT
أشعلت الحرب الذي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة على مدى 7 أشهر، وتعطل حركة الملاحة الدولية عبر البحر الأحمر ومضيق باب المندب ( حيث الممر الدولي) جراء هجمات جماعة "أنصارالله" ( الحوثي) سباق تنافس بين القوى المناهضة للأخيرة وتحديدا بين رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، ونائبه عيدروس الزبيدي، الذي يرأس المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا، لاستمالة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الغربيين نحوه، وأن يكون له الحظوة الأكثر لدى تلك الدول دون الآخر.
وبرز هذا التنافس من خلال مواقفهما من العمليات العسكرية التي يشنها الحوثيون على السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، وما تلى ذلك من تبعات اقتصادية جراء توقف حركة الملاحة البحرية عبر مضيق باب المندب (الممر الدولي) على دول أوروبا وشركات الشحن الدولية.
"تأييد أمريكي"
وقد بدأ عيدروس الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي المنادي بانفصال جنوب اليمن عن شماله، هذا السباق مبكرا، ومحاولة الاستفادة من الهواجس الغربية بشأن هجمات الحوثيين وقدراتهم الهجومية المتزايدة، حيث أبدى "استعداد مجلسه الذي يمتلك تشكيلات عسكرية تمولها أبوظبي للتعاون مع واشنطن والفاعلين الغربيين والمشاركة في أي عمليات عسكرية قد توجه ضد الجماعة الحوثية".
وفي كانون الأول/ ديسمبر 2022، أكد الزبيدي خلال اجتماعٍ مع المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن، تيم ليندركينغ، أن المجلس الانتقالي الجنوبي مستعد للانضمام إلى تحالف لمواجهة هجمات الحوثيين وحماية السفن الدولية إذا كانت هذه الجهود مدعومة من الولايات المتَّحدة وبلدان أخرى.
وعلى ما يبدو فإن زعيم الانفصاليين الجنوبيين يسعى من خلال هذا الموقف "الحصول على تأييد أمريكي للمشروع الانفصالي الذي يقوده وتحقيق طموحاته في إنهاء الوحدة بين الشمال والجنوب الذي تحققت عام 1990 تمهيدا لإنشاء دولته المستقبلية في الجنوب".
وكان لافتا، أن الاجتماع بين الزبيدي وليندر كينغ، انعقد قبل أيام من إعلان الولايات المتحدة عن إنشاء تحالف بحري جديد "حارس الازدهار" لكبح الهجمات الحوثية والحد منها.
"مصالح مشتركة"
ومع شعور رئيس المجلس الرئاسي "العليمي"، الأشد قربا من السعودية، بتصدر خصمه "الزبيدي" الذي يوصف أنه رجل الإمارات الأول واجهة الأزمة البحر الأحمر، بدأ حراكا مكثفا ووجه دعوات متكررة في منتديات غربية رفيعة المستوى لـ"دعم قوات الجيش الحكومية وتمكينها من تعزيز سلطاته وبسطها على كامل الأراضي اليمنية".
وبالتالي، فثمار هذه المساعدة العسكرية - بحسب رؤية العليمي ـ ستصب في المصلحة المشتركة للطرفين الدولي واليمني على سواء والمتمثلة في "الحد من تهديدات الحوثيين لحركة الملاحة الدولية".
وقال العليمي خلال مؤتمر ميونيخ للأمن منتصف شباط/ فبرايرالماضي : "طالما أن مصدر هذه التهديدات يأتي من الميدان، فينبغي أن تبدأ الحلول من الميدان أيضا، وهذه قضية يمنية في الأساس"، في إشارة إلى شن عملية برية للقوات الحكومية بدعم غربي ضد الحوثيين.
"أهداف مختلفة"
وفي السياق، قال الكاتب وأستاذ علم الاجتماع السياسي اليمني، عبدالكريم غانم إن مواقف كلا الرجلين (العليمي والزبيدي) لها أهداف ومنطلقات مختلفة عن الأخرى.
وأكد غانم في حديث لـ"عربي21" أن عرض الزبيدي "استعداده للمشاركة في تأمين الممر الملاحي الدولي في البحر الأحمر وخليج عدن ينطلق من سعيه لمقايضة دوره العسكري في مواجهة الحوثي في البحر الأحمر وخليج عدن، بالحصول على تأييد أمريكي وبريطاني داعم لمشروعه الانفصالي".
بينما أشار الكاتب والأكاديمي اليمني إلى أن طلب رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي للدعم العسكري نابع من احتياج القوات المسلحة الحكومية لتطوير ترسانتها من الأسلحة، وحاجتها لغطاء جوي انطلاقا من إيمانه بالتقاء المصلحة الدولية في تأمين البحر الأحمر وخليج عدن من الهجمات الجوية الحوثية مع المصلحة اليمنية في هزيمة القوات الحوثية".
وذلك لن يتحقق وفقا لأستاذ علم الاجتماع السياسي اليمني إلا "عبر معركة برية فاصلة تنهي الاختلال القائم في التوازن العسكري بين قوات الحكومة المعترف بها وقوات الحوثي، لدفعه نحو الجلوس على طاولة المفاوضات معها".
" منافسة مستعرة"
فيما قال الصحفي والناشط السياسي اليمني صلاح السقلدي إن العليمي والزبيدي حاولا وما زالا استمالة الطرف الأمريكي إلى صف كل منهما، مضيفا أن "ثمة خيبة اعترت الرجلان من الفتور الأمريكي لمطالبهما".
وتابع السقلدي حديثه لـ"عربي21" أن العليمي فشل تماما في انتزاع الدعم لسلطته وقواته على الأرض من الفاعلين الغربيين، في الوقت الذي لم يبدِ استعداده في المشاركة جنبا إلى جنب مع الولايات المتحدة في شن هجمات مشتركة ضد الحوثيين.
وحسب الصحفي والناشط الموالي للمجلس الانتقالي فإن العليمي، بدا أكثر تحفظا في تصريحاته بشأن الاصطفاف في تحالف "حارس الإزهار" الذي أعلنت واشنطن عن تأسيسه لمواجهة هجمات الحوثيين في البحر الأحمر.
وقال إن هذا الموقف من رئيس مجلس القيادة الرئاسي يأتي "إدراكا أن أي مشاركة عسكرية ضد الحوثيين سيقويها في الشارع اليمني ويعزز من شعبيتها وسلطتها في المناطق التي تسيطر عليها شمال البلاد، فضلا عن إظهار الحكومة المعترف بها دوليا أنها أداة طيعة بيد الغرب والأمريكيين".
وأوضح أن الزبيدي كان أكثر اندفاعا وجرأة في دعوته ومطالبه من الولايات المتحدة، "كونه لا يكترث برأي الشارع اليمني في مناطق سيطرة الحوثيين لأسباب عدة أبرزها "مشروعه المتمثل بانفصال جنوب البلاد عن شماله".
وأكد الصحفي السقلدي أنه رغم محاولة المجلس الانتقالي الجنوبي ورئيسه الزبيدي التقرب من الجانب الأمريكي منذ بداية أحداث البحر الأحمر واستعداده للانخراط فيما سمى بعد "بقوات حماية الازدهار"، إلا أن واشنطن لم تعر طلبات "الانتقالي" أي اهتمام، لمعرفتهم أن قدرات قواته الانتقالي في البحر "متواضعة إن لم تكن معدومة".
وأشار إلى أن محاولة الزبيدي خطب ود الجانب الأمريكي وتحقيق اختراق في جدار التمنع الأمريكي تجاه القضية الجنوبية ومشروع المجلس الانتقالي باستعادة دولة الجنوب سابقا، والذي تعارضه واشنطن بقوة، يبدو أنها تعثرت حتى الآن.
ومضى قائلا: "فالمصالح الأمريكية متسقة تماما مع المصالح السعودية في عدم دعم مشروع المجلس الانتقالي على الأقل في المدى المنظور".
وختم حديثه بالقول :"إن رئيس المجلس الرئاسي اليمني لن ينجح في الدخول بتحالف مع أمريكا خشية من المملكة، في الوقت الذي لم يطلب أصلا من واشنطن الانخراط في عملياتها ضد الحوثيين بل ذهب عوضا عن ذلك للحديث عن هزيمة الجماعة ووقف هجماتهم بالبحر الأحمر من خلال "دعم قوات الجيش الوطني" وتدريبه ليقوم بالمهمة وبسط سلطة الدولة على المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الحوثي العليمي الزبيدي اليمن امريكا اليمن البحر الاحمر الحوثي الزبيدي المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة البحر الأحمر وخلیج عدن الولایات المتحدة المجلس الانتقالی فی البحر الأحمر رئیس المجلس ضد الحوثیین
إقرأ أيضاً:
معهد أمريكي: كيف تحول الحوثيين من ظاهرة محلية إلى مشكلة عالمية؟ (ترجمة خاصة)
سلط معهد أمريكي الضوء على المخاطر المترتبة على إهمال منطقة البحر الأحمر والقرن الأفريقي غير المستقرة في ظل الهجمات المتصاعدة التي تشنها جماعة الحوثي على سفن الشحن الدولية على مدى أكثر من عام.
وقال معهد الشرق الأوسط الأمريكي (MEI) في تحليل ترجمه للعربية "الموقع بوست" إن أزمة وجود الحوثيين في اليمن الذي أحدث حالة من عدم الاستقرار بمنطقة البحر الأحمر والقرن الافريقي خلال أكثر من عام، تتطلب نهجاً استشرافياً لحل مشكلة اليمن من قبل المجتمع الدولي.
ونقل المعهد عن الباحثة ميريت ف. مبروك قولها إن هجمات الحوثيين على الشحن في البحر الأحمر، والتي شلت أحد أكثر الطرق البحرية أهمية في العالم، هي مثال واضح على كيف يمكن لقضية محلية ظاهريًا أن تتحول بسرعة إلى مشكلة عالمية.
وأضافت أن إلقاء نظرة سريعة على الاضطرابات الحالية في البحر الأحمر والقرن الأفريقي قد يدفع المراقبين إلى الاعتقاد بأن المنطقة تغرق فجأة في حالة من الاضطراب.
وأضافت أن الحوثيين في اليمن هم في مركز هذا عدم الاستقرار، حيث كانت الميليشيا المدعومة من إيران تهاجم الشحن على طول أحد أكثر الطرق البحرية أهمية في العالم، احتجاجًا على الهجوم الإسرائيلي على غزة.
وترى أن الصراعات في السودان والصومال وإثيوبيا ــ التي تمر جميعها بمراحل انتقالية هشة من مختلف الأنواع ــ تنتشر إلى ما هو أبعد من حدودها، مما يخلق مجموعة جريئة من الجهات الفاعلة القادرة على تحدي المصالح الغربية وتشكيل تهديد مباشر لها. وتتلقى هذه الجهات الفاعلة الدعم من جهات خارجية. ولكن هذه التطورات لم تحدث فجأة.
وذكرت أنه خلال فترة ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترامب السابقة، أصبحت دول الشرق الأوسط، وخاصة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر وتركيا، متورطة بشكل متزايد في منطقة القرن الأفريقي. مع أراضيها الصالحة للزراعة وموانئها بالإضافة إلى موقعها الحاسم كحلقة وصل بين البحر الأحمر والمحيط الهندي والهادئ والبحر الأبيض المتوسط، كانت المنطقة دائمًا مهمة للغاية بالنسبة لدول الخليج".
غياب الدور الأمريكي
وقالت "بعد عدة سنوات، أصبح الوضع أكثر تعقيدًا. فقد تفككت عملية الانتقال في السودان إلى حرب أهلية مدمرة أسفرت عن مقتل أكثر من 60 ألف شخص وتسببت في أكبر أزمة نزوح في العالم".
وأثار الاتفاق بين إثيوبيا وأرض الصومال لاستئجار ميناء مقابل اعتراف إثيوبيا بالجمهورية الانفصالية غضب الصومال، التي اقتربت من مصر وإريتريا، مما زاد من إثارة القدر الذي كان يهدد بالفعل بالغليان، حسب الباحثة.
وأوضحت أن الولايات المتحدة ظلت ثابتة في غيابها. لم تعط إدارة بايدن الأولوية للأزمات في منطقة القرن الأفريقي على وجه الخصوص بأي طريقة ذات مغزى؛ وفي حين أنه من السابق لأوانه استخلاص أي رؤى واقعية حول كيفية تعامل إدارة ترامب مع الأمر، فمن غير المرجح أن تكون أكثر انخراطًا. سيكون هذا خطأ.
وأفادت الباحثة ميريت ف. مبروك إننا بحاجة إلى استراتيجية دبلوماسية تضمن عدم تحول بلدان المنطقة إلى مجرد كرات قدم سياسية للقوى الخارجية المتنافسة.
وقالت "لابد أن تركز المساعدات الأميركية على النمو الشامل والحكم الشرعي لدعم نقاط الضعف المتمثلة في الفقر والصراع؛ ولابد من التأكيد على الصلة المباشرة بين المنطقة والتجارة والأمن العالميين. ولا شك أن الاهتمام الدولي بالبحر الأحمر والقرن الأفريقي ليس بالقليل، وإذا لم تتخذ الولايات المتحدة خطوات لضمان مصالحها الأساسية هناك، فإنها تخاطر بالتشرد".
طموح حوثي لتأكيد نفسه كقوة إقليمية
بدروها الباحثة اليمنية غير المقيمة ندوى الدوسري، قالت إن الحوثيين أظهروا باستمرار قدرتهم على استخدام المفاوضات كآلية للمماطلة والعنف كوسيلة لانتزاع التنازلات من الحكومة اليمنية والسعوديين والمجتمع الدولي. وقد سمح هذا النمط، الذي كان واضحا منذ بداية الحرب، للمجموعة بتأمين مزايا تكتيكية.
ونقل المعهد عن الدوسري قولها "كما تم تقويض خريطة الطريق التي أعلنتها الأمم المتحدة في ديسمبر/كانون الأول 2023 من خلال تصرفات الحوثيين، بما في ذلك الهجمات غير المسبوقة على الشحن في البحر الأحمر وإسرائيل. وقد أدت هذه الأفعال إلى ضربات انتقامية من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإسرائيل، مما زاد من تعقيد الصراع".
وترى أن هجمات الحوثيين، التي وصفت بأنها جزء من "معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس"، تهدف ظاهريا إلى الضغط على إسرائيل بشأن حرب غزة. في الواقع، إنها تعكس طموحات الحوثيين لتأكيد أنفسهم كقوة إقليمية".
وأضافت "داخليا، أسسوا نظاما استبداديا ثيوقراطيا يتميز بالقمع والتلقين المنهجي. وفي إطار تكثيف عمليات التجنيد، أعلن الحوثيون أنهم جندوا 370 ألف مقاتل جديد، وفي صيف عام 2024 وحده، تخرج 1.1 مليون طفل من معسكرات التدريب الإيديولوجية الخاصة بهم. وهذا يؤكد التزامهم بعسكرة المجتمع.
وتابعت الدوسري "خارجيًا، يبرز الحوثيون باعتبارهم الوكيل الإقليمي الأكثر قدرة لإيران، وخاصة في ضوء انهيار نظام الأسد في سوريا والضعف الشديد لحزب الله في لبنان. وتمكنهم قدراتهم العسكرية المتنامية، بما في ذلك الأسلحة المتقدمة التي تزودهم بها إيران، من تهديد الشحن الدولي. كما أنهم يعملون على إنشاء "محور التعطيل" الخاص بهم، وتشكيل تحالفات مع جماعات إرهابية مثل القاعدة في شبه الجزيرة العربية، والشباب في الصومال، وتنظيم الدولة الإسلامية".
وأشارت إلى أن التعاون الناشئ مع روسيا، بما في ذلك تجنيد المقاتلين لأوكرانيا ودعم الهجمات في البحر الأحمر، يسلط الضوء بشكل أكبر على اتصالاتهم العالمية المتوسعة. وهذا لا يضع الحوثيين في موقف التهديد المحلي فحسب، بل وأيضًا كقوة مزعزعة للاستقرار في جميع أنحاء المنطقة الأوسع، مما يقوض المصالح الغربية ويصدر نموذجهم الثوري.
تضيف الدوسري بالقول "لقد شجع عمى المجتمع الدولي عن هذه الحقائق الحوثيين منذ عام 2014 ويستمر في ذلك اليوم، مما يسمح لهم بإعادة تشكيل المشهد الإقليمي بما يتماشى مع طموحاتهم الإيديولوجية".
وللتعامل مع تعقيدات الصراع في اليمن، قالت الدوسري "يتعين على المجتمع الدولي، والآن إدارة ترامب القادمة، أن يتعلموا من أخطاء الماضي. لقد كان صعود الحوثيين إلى السلطة مدفوعًا باستراتيجيات قصيرة الأجل وتفاعلية فشلت في معالجة طموحات الجماعة الأوسع. تقدم هذه اللحظة فرصة للولايات المتحدة لتبني نهج استراتيجي تقدمي يعطي الأولوية للحلول طويلة الأجل على إدارة الأزمات".