أعلن الكرملين يوم الأحد عن اقتراح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعيين وزير دفاع جديد، حيث رشح المدني أندريه بيلوسوف، نائب رئيس الوزراء السابق وخبير في الاقتصاد، لهذا المنصب بعد أكثر من عامين من الحرب في أوكرانيا.

وأشار الكرملين إلى رغبة بوتين في تعيين سيرجي شويغو، وزير الدفاع منذ عام 2012 وحليفه القديم، كأمين لمجلس الأمن الروسي ليحل محل نيكولاي باتروشيف، بالإضافة إلى توليه مسؤوليات مجمع الصناعات العسكرية.

تعتبر هذه التغييرات، التي ستحتاج إلى موافقة المشرعين، من أهم التعديلات التي أجراها بوتين على القيادة العسكرية منذ إرسال القوات إلى أوكرانيا في فبراير عام 2022.

هذا التغيير يمنح شويغو منصبًا يُعتبر نظريًا أعلى من دوره الحالي في وزارة الدفاع، مما يضمن استمراره في السلطة ويحفظ مكانته.

وأكد الكرملين أن فاليري غيراسيموف، رئيس هيئة الأركان العامة، والذي يلعب دورًا أكبر في توجيه الحرب عمليًا، سيبقى في منصبه، بالإضافة إلى استمرار وزير الخارجية البارع سيرجي لافروف في منصبه.

وكان ترشيح بيلوسوف، وهو مسؤول مدني معروف بصنع القرار الاقتصادي وليست لديه خبرة القتال، مفاجأة كبرى.

وقال دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، للصحفيين إن التغيير منطقي لأن روسيا تقترب من وضع مثل الذي كان عليه الاتحاد السوفيتي في منتصف الثمانينيات، عندما كانت السلطات العسكرية وسلطات إنفاذ القانون تحصل على 7.4 بالمئة من الإنفاق الحكومي.

وأضاف بيسكوف أن ذلك يعني ضرورة ضمان توافق هذا الإنفاق مع المصالح العامة للبلاد، ولهذا السبب يريد بوتين الآن تعيين مدني ذي خلفية اقتصادية وزيرا للدفاع.

وأردف “الشخص الأكثر انفتاحا على الابتكارات هو الذي سينتصر في ساحة المعركة”.

ومن المرجح أيضا أن ينظر إلى هذا التغيير كمحاولة من بوتين لإخضاع الإنفاق الدفاعي لمزيد من التدقيق لضمان إنفاق الأموال بشكل فعال بعد أن اتهم ممثلو الادعاء العام حليف شويغو ونائب وزير الدفاع بتلقي رشوة.

رويترز

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

جدلية التغيير ومقاومة البنى العميقة

حين ينهار نظام استبدادي، يتولد شعور عام بأن كل شيء سيتغير بين عشية وضحاها. يتوقع الناس تحسنًا فوريًا في الاقتصاد، والأمن، والخدمات، وكأن المشكلة كانت في رأس السلطة فقط، وليس في منظومة متجذرة تشكلت عبر عقود. هذه الحالة تجعل القوى الثورية أمام معضلة خطيرة: كيف تدير عملية التغيير دون أن تستنزفها الجماهير بتوقعات غير واقعية؟

الأنثروبولوجيا السياسية للثورات.. لماذا لا يتغير كل شيء فورًا؟

تشير الدراسات الأنثروبولوجية إلى أن سقوط الأنظمة لا يعني بالضرورة تغير المجتمعات التي حكمتها. فالدولة ليست مجرد حكومة، بل هي نسيج من العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، حيث تشكلت عبر الزمن أعراف وسلوكيات يصعب استئصالها بسرعة. الأنظمة الاستبدادية تخلق مؤسسات تبدو وكأنها تخدم الناس، لكنها في الحقيقة تؤسس لاستدامة القمع، بحيث يصبح التغيير الجذري أكثر تعقيدًا من مجرد الإطاحة بالحاكم.

في السودان، بعد سقوط عمر البشير، كان المشهد نموذجًا حيًا لهذا التحدي. خرجت الجماهير محتفلة بالنصر، لكنها بعد أسابيع قليلة بدأت تطالب الحكومة الانتقالية بتحقيق إنجازات اقتصادية وأمنية فورية، رغم أن الدولة كانت تعاني من انهيار مالي ومؤسسات مترهلة. هنا لعبت الثورة المضادة دورها، حيث عملت أجهزة الدولة العميقة، بما في ذلك بعض القوى العسكرية، على عرقلة عملية الانتقال، حتى أصبح الشارع نفسه يردد شعارات تتهم الثورة بالفشل، مما مهد الطريق لانقلاب عسكري أعاد السلطة إلى أيدي القوى التقليدية.

سيكولوجية الجماهير.. من الصبر على الاستبداد إلى استعجال الثورة

في علم النفس الاجتماعي، يُعرف "التنافر المعرفي" بأنه حالة من الصراع الداخلي تحدث عندما يواجه الإنسان واقعًا يتناقض مع توقعاته. فالجماهير التي صبرت على الفساد لعقود، تتوقع أن تُحل كل المشاكل فورًا بعد سقوط النظام، وعندما لا يتحقق ذلك، تنتقل سريعًا من التأييد إلى الرفض، مما يسهل على الثورة المضادة اختراقها.

لبنان مثال آخر على ذلك. حين اندلعت ثورة 17 تشرين الأول (أكتوبر) 2019، امتلأت الساحات بالمحتجين المطالبين بإنهاء الفساد وإسقاط الطبقة السياسية. لكن مع مرور الوقت، بدأت المطالب تتشتت، وتحولت الحركة الاحتجاجية من قوة ضغط إلى حالة من الإحباط الجماعي. لعبت الأحزاب التقليدية على هذا الوتر، وبدلًا من أن تقدم حلولًا، دفعت نحو ترسيخ الفوضى الاقتصادية، حتى باتت الجماهير نفسها تطالب بالاستقرار بأي ثمن، ولو على حساب التغيير.

التاريخ يعيد نفسه.. كيف تُستنزف الثورات؟

ما يحدث في كل ثورة هو نمط متكرر، يمكن تلخيصه في ثلاث مراحل:

1 ـ التوقعات غير الواقعية: الجمهور ينتظر تحولات سريعة دون إدراك تعقيدات المشهد.

2 ـ المطالب التصعيدية: مع كل إنجاز يتحقق، تتزايد المطالب حتى تصبح غير قابلة للتنفيذ.

3 ـ استغلال النظام القديم للفوضى: عبر تأجيج الأزمات الاقتصادية والأمنية، ليجعل الجماهير نفسها تطالب بعودة "الاستقرار".

في الجزائر، بعد الحراك الشعبي الذي أطاح بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة، دخلت البلاد في مرحلة انتقالية معقدة. حاولت القوى العسكرية تقديم وعود بالإصلاح، لكن دون تفكيك فعلي لمنظومة الحكم السابقة. ومع تصاعد الإحباط الشعبي، بدأ الخطاب الرسمي يروج لفكرة أن الثورة لم تحقق شيئًا، وأن الحل الوحيد هو العودة إلى "حكم مستقر"، مما أدى إلى استنزاف الحركة الاحتجاجية تدريجيًا.

التغيير الحقيقي لا يتحقق بإسقاط الحكومات فقط، بل بترسيخ وعي جديد داخل المجتمع. الثورات التي تفشل هي تلك التي لم تستطع فصل نفسها عن الحالة العاطفية للجماهير، بينما تنجح الحركات الإصلاحية التي تدرك أن المعركة ليست في سرعة الإنجاز، بل في استدامة التحول. إذا لم يتغير وعي الشعوب، فستعود الأنظمة القديمة بأسماء جديدة، وستجد الجماهير نفسها تعيد إنتاج الطغيان الذي ثارت عليه، لأن المشكلة لم تكن في الحاكم وحده، بل في الثقافة السياسية التي سمحت له بالبقاء.ما الحل؟ نحو استراتيجية للتحصين ضد الثورة المضادة

إذا كانت الثورة المضادة تستغل الجماهير، فإن الحل يبدأ من الجماهير نفسها. يمكن تحقيق ذلك من خلال:

1 ـ إدارة التوقعات الشعبية

مصارحة الناس بأن التغيير التدريجي أكثر استدامة من التحولات الفورية.

تعزيز الوعي بأن بناء الدول يحتاج إلى سنوات، وليس مجرد قرارات سريعة.

2 ـ تفكيك الدولة العميقة بشكل مرحلي

تجنب الصدام المباشر مع المؤسسات القائمة، والعمل على اختراقها وإصلاحها من الداخل.

بناء بدائل تدريجية، حتى لا يكون إسقاط النظام مرتبطًا بفراغ إداري وأمني.

3 ـ حماية القيادات الثورية من الاستنزاف

ـ تحديد أولويات واضحة، بدلًا من محاولة حل جميع المشاكل دفعة واحدة.

ـ توزيع الأعباء على مختلف القوى، بحيث لا يُستهلك الزخم الثوري في تفاصيل يومية.

4 ـ تحصين الجماهير ضد الدعاية المضادة

ـ إنشاء منصات إعلامية مستقلة تشرح الحقائق بلغة مبسطة، دون تضخيم الإنجازات أو التهويل من الصعوبات.

ـ كشف أساليب التلاعب الإعلامي التي تستخدمها الثورة المضادة لإثارة الإحباط واليأس.

الثورة كعملية طويلة الأمد

التغيير الحقيقي لا يتحقق بإسقاط الحكومات فقط، بل بترسيخ وعي جديد داخل المجتمع. الثورات التي تفشل هي تلك التي لم تستطع فصل نفسها عن الحالة العاطفية للجماهير، بينما تنجح الحركات الإصلاحية التي تدرك أن المعركة ليست في سرعة الإنجاز، بل في استدامة التحول. إذا لم يتغير وعي الشعوب، فستعود الأنظمة القديمة بأسماء جديدة، وستجد الجماهير نفسها تعيد إنتاج الطغيان الذي ثارت عليه، لأن المشكلة لم تكن في الحاكم وحده، بل في الثقافة السياسية التي سمحت له بالبقاء.

مقالات مشابهة

  • سمو وزير الدفاع يهنئ القيادة بمناسبة حلول شهر رمضان
  • الرئيس الصيني يلتقي شويغو ويؤكد تعزيز التنسيق مع روسيا
  • لغاية هذا التاريخ.. وزير الدفاع يُمدّد صلاحية تراخيص حمل الأسلحة
  • وزير الفلاحة الجديد "يُصفي" تركة سلفه الصديقي في مناصب المسؤولية بوزارته
  • الحكومة تعلن انفراج “التوتر التجاري” بين المغرب ومصر ولقاء وزاري رفيع مرتقب مساء اليوم
  • جدلية التغيير ومقاومة البنى العميقة
  • وزير الدفاع الإسرائيلي: استعادة المحتجزين تتطلب استعداد الجيش لاستئناف الحرب
  • وزير الدولة لشؤون الدفاع يزور معرض «زمر المهندسين»
  • وزير الدفاع يجتمع بعدد من الضباط للحديث عن آخر المستجدات العسكرية
  • وزير الدفاع الفريق محسن الداعري: الحرب قادمة لا محالة ونحن جاهزون لها