نشرت مجلة "ناشيونال إنترست" تقريرًا يناقش عدم نجاعة العقوبات الأمريكية الاقتصادية على إيران، مشيرًا إلى السياسة الأمريكية تجاه طهران تفتقر إلى الفعالية، في ظل اعتماد إدارة بايدن على سياسة الإعفاءات لتخفيف العقوبات. 

وقالت المجلة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إنه بعد سنوات من القتال في الظل ضد إسرائيل، شن الحرس الثوري الإيراني 13 نيسان/أبريل هجومًا علنيًا ومباشرًا من أراضيه ضد إسرائيل؛ حيث أطلق أكثر من 300 قذيفة، بما في ذلك طائرات مسيرة هجومية أحادية الاتجاه، وصواريخ كروز للهجوم الأرضي، وحتى صواريخ باليستية متوسطة المدى ذات قدرة نووية، ويثير قصف الحرس الثوري الإيراني الحاجة الملحة إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد أي شكل من أشكال التمويل الذي يضمن قدرات فيلق الحرس الثوري.



وقبل أيام قليلة فقط من الهجوم، اعترف أحد المعينين من قبل إدارة بايدن علنًا باستغلال النظام لأموال المساعدات الإنسانية، وفي 9 نيسان/أبريل، شهد نائب وزير الخزانة الأمريكي، والي أدييمو، أن طهران تستغل المساعدات الإنسانية البديلة، وتثير شهادة أدييمو مخاوف جدية بشأن سياسة إدارة بايدن المتمثلة في الاحتفاظ بالعديد من الإعفاءات من العقوبات المفروضة على إيران.

وأوضحت المجلة أن جميع تدابير العقوبات القانونية تقريبًا تحتوي على إعفاءات، مما يسمح بإجراء معاملات قد تكون محظورة إذا استوفت متطلبات معينة، وفي السياق الإيراني، فإن أحد أسباب إصدار هذه الإعفاءات هو ضمان وجود شرايين اقتصادية لشراء المساعدات الإنسانية وتوصيلها، ومع ذلك، فإن إصدار الإعفاءات يمكن أن يكون سياسيًا بقدر ما هو تقني لأن إصدار الإعفاءات يمكن أن يخفف بشكل غير مباشر العقوبات وضغوط الاقتصاد الكلي على هدف ما ويؤثر على السياسة الخارجية تجاه دولة طرف ثالث.

على سبيل المثال، في الفترة من 2018 إلى 2023، أصدرت وزارة الخارجية إعفاءات من العقوبات تسمح للعراق باستيراد الكهرباء من إيران بشرط الاحتفاظ بجميع المدفوعات في حساب ضمان في بغداد، وبالتالي حرمان إيران من الوصول إلى الإيرادات، لكن في الصيف الماضي، غيرت إدارة بايدن هذا التنازل للسماح للعراق بتحويل 10 مليارات دولار إلى إيران وإيداع المدفوعات المستقبلية في حسابات مصرفية إيرانية في عمان، كما سمحت السياسة الجديدة لإيران بتحويل الأموال من الدينار العراقي إلى اليورو، ويمكن لإيران بعد ذلك معالجة المعاملات القائمة على اليورو للواردات ومدفوعات الديون من الحسابات في عمان.

وقبل ذلك، في خريف 2023، قامت إدارة بايدن بفك تجميد 6 مليارات دولار من الأصول الإيرانية في كوريا الجنوبية والتي تم تحويلها إلى اليورو قبل إرسالها إلى قطر، وزعمت الإدارة أن هذه الأموال ستكون متاحة فقط للمعاملات الإنسانية.

وأشارت المجلة إلى أن الادعاء بأن العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران تسبب معاناة إنسانية كانت نقطة نقاش أساسية بين معارضي الضغط على إيران رغم الأدلة التي تشير إلى عكس ذلك، على سبيل المثال، خلال ذروة فيروس كورونا في إيران، زعمت العديد من وسائل الإعلام الغربية نقلاً عن المتشككين في العقوبات أن العقوبات الأمريكية أدت إلى تفاقم التحديات الإنسانية في إيران من خلال المساهمة بشكل مباشر في نقص الأدوية في جميع أنحاء البلاد، وحتى الهيئات الدولية مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي أعادت التأكيد على هذه الفكرة القائلة بأن العقوبات الأمريكية تمنع قدرة إيران على استيراد السلع الطبية.


وعلى النقيض من هذه الادعاءات؛ فإن القانون الأمريكي يستثني المساعدات الإنسانية على وجه التحديد، فالعقوبات التي تستهدف البنك المركزي الإيراني، على النحو المنصوص عليه في المادة 1245 من قانون تفويض الدفاع الوطني لسنة 2012، تعفي "معاملات بيع المواد الغذائية أو الأدوية أو الأجهزة الطبية"، كما أن العقوبات القطاعية التي يفرضها القانون والأوامر التنفيذية تعفي مثل هذه المعاملات، وبالمثل، فإن قانون إصلاح العقوبات التجارية وتعزيز الصادرات لسنة 2000 يعفي الأدوية والأجهزة الطبية والمواد الغذائية من العقوبات الأمريكية أيضًا.

وأضافت المجلة أن الجمهورية الإسلامية لها تاريخ في تحويل الموارد المخصصة للأغراض الإنسانية، ففي تموز/يوليو 2019، أفادت إدارة الرئيس حسن روحاني أنه تم إنفاق 186 مليون دولار من العملة الصعبة المخصصة لاستيراد الأدوية والسلع الأساسية على السجائر والتبغ، وفي سنة 2018، أظهر تحقيق أجرته وزارة الخزانة أن النظام وجه شركة طبية وأدوية إيرانية لتسهيل المدفوعات التي يقدمها فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حماس وحزب الله وسوريا وروسيا.

وفي السنوات التي سبقت الاتفاق النووي الإيراني سنة 2015، ساعدت البنوك التركية في تحويل
مليارات الدولارات باستخدام فواتير احتيالية لسلع إنسانية وهمية وحتى مواد غذائية لتجاوز العقوبات، وفي وقت سابق من سنة 2012، اشتكت وزيرة الصحة الإيرانية من أن أموال الحكومة الإيرانية المدعومة تُنفق على واردات السيارات الفاخرة بدلاً من تلبية احتياجات الواردات الطبية.

وفي ضوء هذا السجل، إلى جانب التصريحات الأخيرة الصادرة عن وزارة الخزانة، فمن الواضح بشكل متزايد أن طهران ستواصل تحويل الأموال المستمدة من الإعفاءات من العقوبات لدعم الحرس الثوري الإيراني بشكل غير مباشر، لذلك، يجب على إدارة بايدن أن تغتنم هذه الفرصة للعمل مع الكونغرس، وليس ضده، وتقييد وصول إيران إلى الأموال المجمدة والتأكد من عدم استخدام النظام لأي إعفاءات صادرة لتمويل أجهزته. 


للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)


المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية العقوبات الأمريكية إيران إيران الولايات المتحدة العقوبات الأمريكية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المساعدات الإنسانیة العقوبات الأمریکیة الثوری الإیرانی الحرس الثوری إدارة بایدن من العقوبات أن العقوبات على إیران

إقرأ أيضاً:

إدارة ترامب ونظام ملالي طهران

آخر تحديث: 20 فبراير 2025 - 9:35 صبقلم: د. عبدالرزاق محمد الدليمي من المهم أن نلاحظ أن تصريحات المسؤولين في إدارة ترامب حول “خطورة النظام الإيراني” كانت تتكرر بشكل كبير طوال فترة رئاسته، خاصة فيما يتعلق بالأنشطة النووية الإيرانية، دعم إيران للجماعات المسلحة في المنطقة، وأسلحتها الصاروخية. ولكن رغم التصريحات القوية، كانت هناك مفارقة بين التصريحات والخطوات العملية المتخذة من قبل الإدارة في بعض الحالات. أسباب هذا التناقض المحتمل:
1. الضغط الدبلوماسي والعقوبات:
إدارة ترامب بالفعل اتخذت إجراءات كبيرة للحد من نفوذ إيران على المستوى الدولي، ومنها انسحابها من الاتفاق النووي الإيراني (الاتفاق الذي أبرم في عهد أوباما)، وإعادة فرض العقوبات الاقتصادية القاسية على إيران، ما جعل الاقتصاد الإيراني يعاني بشدة. هذه العقوبات كانت تهدف إلى الضغط على النظام الإيراني لتغيير سياساته المتعلقة بالبرنامج النووي، الدعم العسكري للمجموعات المسلحة في الشرق الأوسط، والانتهاكات لحقوق الإنسان.ومع ذلك، لم تكن هذه العقوبات كافية لإحداث تغيير جذري في سلوك إيران. العقوبات تسببت في عزلة إيران الاقتصادية لكنها لم تصل إلى الحد الذي يجبر النظام الإيراني على التراجع عن سياساته، خاصة أن إيران كانت تتمتع ببعض الدعم من دول أخرى مثل الصين وروسيا التي حاولت التخفيف من تأثير العقوبات.
2. القيود العسكرية:
على الرغم من التصريحات القوية والتهديدات العسكرية، إدارة ترامب كانت حريصة على عدم التصعيد العسكري المباشر مع إيران، لا سيما بعد حادثة قتل الجنرال قاسم سليماني، الذي كان بمثابة تحذير شديد اللهجة للنظام الإيراني. رغم ذلك، لم تُتبع هذه الخطوات بمزيد من الإجراءات العسكرية المتجددة ضد إيران في شكل حرب شاملة أو تدخل مباشر.
3. التحالفات الدولية:
كانت إدارة ترامب قد وجهت انتقادات لاذعة للنظام الإيراني، ولكنها في ذات الوقت لم تكن قادرة على تشكيل تحالف دولي واسع للضغط على إيران بشكل أكبر. الدول الأوروبية، على سبيل المثال، كانت متحفظة على فرض عقوبات جديدة أو التصعيد ضد إيران بسبب الاتفاق النووي، حيث كانت هناك بعض الدول الأوروبية التي أرادت التمسك بالاتفاق النووي واستمرار التعاون مع إيران في إطار الاتفاقية.
4. التحديات الداخلية في إيران:
رغم أن الإدارة الأمريكية قد كانت تتهم إيران بتوسيع نفوذها في المنطقة، إلا أن النظام الإيراني نفسه كان يواجه تحديات كبيرة داخليًا، مثل الاحتجاجات الشعبية ضد الحكومة بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. مع ذلك، إدارة ترامب لم تركز على دعم الاحتجاجات الشعبية بشكل واضح، حيث كانت توجهاتها أكثر تجاه الضغوط العسكرية والاقتصادية على النظام.
5. أولويات الإدارة الأمريكية:
رغم الحديث المستمر عن “التهديد الإيراني”، كانت أولويات إدارة ترامب في بعض الأحيان موجهة نحو قضايا أخرى مثل الصين، كوريا الشمالية، أو حتى الاقتصاد الأمريكي الداخلي. وبالتالي، كانت السياسات تجاه إيران جزئية، وأحيانًا لم تأخذ الشكل الذي يتوقعه البعض، حيث كان يتطلب الأمر توجيه سياسة أمريكية أكثر تركيزًا على الحصار التام أو التصعيد العسكري. على الرغم من التصريحات الحادة حول إيران من قبل مسؤولي إدارة ترامب، فإن الإجراءات العملية التي اتخذتها الإدارة كانت مركزة بشكل أكبر على الضغط الاقتصادي والسياسي من خلال العقوبات، مع الحد الأدنى من التدخل العسكري المباشر. وفي النهاية، كانت إدارة ترامب تسعى إلى ممارسة الضغط دون التورط في تصعيد شامل، وهو ما قد يفسر السبب في أن التهديدات والتصريحات لم تترجم دائمًا إلى إجراءات أكثر تطورًا ضد إيران.

مقالات مشابهة

  • الفاخري: نرفض العقوبات الأمريكية على جنوب أفريقيا
  • وزير استخبارات إيران: لا تراجع عن سياسة الرد بالمثل في مواجهة التهديدات الأمريكية
  • تحذيرات من تفاقم الأزمة الإنسانية وتزايد البطالة في اليمن جراء وقف المساعدات الأمريكية
  • وقف المساعدات الأمريكية يفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن
  • تعليق المساعدات الأمريكية.. خبير: الشعب المصري قادر على تحمل جميع العقوبات
  • رئيس لجنة العلاقات السعودية الأمريكية: المملكة تعتبر أمن مصر جزءا أصيلا لأمنها القومي
  • الرئيس الإيراني: نرغب في التفاوض لكن ترامب يضع يده على رقابنا
  • من النفط إلى التمويل.. كيف تتحدى إيران العقوبات الأمريكية؟
  • إدارة ترامب ونظام ملالي طهران
  • اتهمه بإهدار الأموال.. ترامب يشن هجوما لاذعا على بايدن