بين الماضي والحاضر.. شعار الصرخة يجعل اليمن في مواجهة فعلية مع أمريكا و”إسرائيل”
تاريخ النشر: 13th, May 2024 GMT
يمانيون – متابعات
أكثر من عشرين عاما عمر شعار “الصرخة” التي أطلقها الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه وكُتب بأحرف من نور، وأصبحت الأجيال تتناقله وتتردد صداه في مختلف الأقطار والمناسبات باعتبار الصرخة موقفاً ومسؤولية.
الصرخة التي أطلقها الشهيد القائد من مران في أحد شعاب منطقة مطرة بمحافظة صعدة كبراءة من أعداء الأمة والإسلام بين قلة قليلة من تلاميذه في محاضرته الشهيرة المعنونة بـ”الصرخة في وجه المستكبرين” في آخر خميسٍ من شهر شوال في العام 1442 هجرية، حيث كانت الأمة تعيش أزمة تظليل كبيرة لحرفها باتجاه ما أطلقه العدو الأمريكي حينها ما يسمى “الارهاب الإسلامي” عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر وتفجير البرجين التجاريين في أمريكا.
“الصرخة” كانت في حينها بمرحلة البداية للوعي والاستبصار، معنونة بالمظلومية والتضحية في سبيل الله لتنتقل بعدها إلى مرحلة المشروع القرآني الذي يقارع المستكبرين والطغاة وعم أرجاء اليمن بأكمله بعد ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر المجيدة بل تعداه إلى أقطار ودول.
صرخة البراءة التي أطلقها الشهيد القائد بكل ثقة وبدعم رباني وقال “اصرخوا وستكونون أنتم أول من صرخ هذه الصرخة، التي بالتأكيد – بإذن الله – ستكون صرخة ليس في هذا المكان وحده، بل في أماكن أخرى، وستجدون من يصرخ معكم – إن شاء الله – في مناطق أخرى”.
الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام
أصبح هذا الشعار يُدرس في الكثير من المراكز التعليمية ويتردد في مختلف المناسبات الدينية والاجتماعية والعامة والسياسية؛ وبين حشود مليونية كبيرة لنصرة المستضعفين في غزة أو مواجهة أعداء اليمن، باعتباره موقفاً مهما تفرضه المسؤولية تجاه الامة الاسلامية والشعب الفلسطيني المظلوم.
“الصرخة” رغم بساطة معاني شعارها إلا أنها حملت مشروعا كبيرا لمواجهة أمريكا التي حاولت استئصاله بعدة طرق وحاربته بشتى الأساليب، إلا أن الشعار كان يكبر مع كل محطة سنوية تواكبها المتغيرات والأحداث والتطورات في مسار تصاعدي لصالح المشروع القرآني وفي نصرة المستضعفين والمظلومين، ولعل الحروب الست وما تبعها من العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي وما تبعه من عدوان الصلف الصهيوني على غزة ثم عدوان ثلاثي الشر على اليمن يضع خطا أحمرا على شعار الصرخة الذي كشف ومنذ وقت مبكر عن أهداف أعداء الأمة.
الصرخة عنوان تنويري توعوي ونهضوي للأمة
لم يكن الشعار مجرد صرخة بلا معنى، بل هو عنوان تنويري توعوي نهضوي لبناء أمة الاسلام على أسس قرآنية أمام الهجمة الأمريكية الإسرائيلية، وتحديه لاستكبارهما وتجبرهما، فالشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي – رضوان الله عليه- ادرك أهمية المشروع التوعوي لتبصير الأمة بأهمية مواجهة الحملة التضليلية الكبيرة التي يتحرك بها أعداءها وبناءها في وعيها وأعمالها وأن يكون لها موقف تجاه الصمت الذي افسح المجال للعدو التحرك لهدمها وإضعافها على كل المستويات بما فيها الاقتصادي والإعلامي والفكري والثقافي والتعليمي.
معركة الوعي الذي تبنته “الصرخة” يتجه نحو تحصين الأمة من الداخل ويحميها من الاختراق والعمالة والارتزاق ومناصرة أعدائها أمريكا وإسرائيل ومن يقف معهم، فأعداء الأمة أدركوا أهمية الشعار فعملوا ويعملون على التقليل من أهميته عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
شعار “الصرخة” اتجه أيضا إلى مواقف وخطوات عملية نحو الثقافة الإسلامية، ورافقه موقف المقاطعة للبضائع الأمريكية والإسرائيلية كسلاح فعّال في مواجهة قوى الاستكبار، واستهداف عماد قوتها وإمكاناتها الاقتصادية.
“الصرخة” تتجسد عمليا في مواجهة أمريكا والعدو الصهيوني
توقع الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي المواجهة الحتمية مع أمريكا فأطلق صرخته وقال حينها كلمته المشهورة “لا تخافوا من أمريكا ولكن استعدوا لمواجهتها”، وتوقع أيضا أن تصل المسيرة القرآنية إلى الافاق الكونية والمواجهة المباشرة مع أمريكا بعد أن كانت حروب امتدت لست سنوات شنتها قوات النظام السابق تنفيذا لتوجيهات واشنطن.
ها هي المواجهة المباشرة مع أمريكا تقترب لتكون واقعا ملموسا بعد الاعتداء الأمريكي البريطاني على اليمن، حيث مثلت التداعيات التي خلفها الهجوم الصهيوني على سكان قطاع غزة إثر عملية طوفان الأقصى التي أطلقتها حركة المقاومة الإسلامية حماس وجناحها العسكري كتائب القسام في السابع من أكتوبر الماضي، بداية المواجهة الفعلية وتجسيد “الصرخة” على الواقع العملي.
ودخلت اليمن خط المواجهة مع الكيان الصهيوني عبر مراحلها الأربعة انطلاقا من مسؤوليتها الدينية والأخلاقية والإنسانية تجاه فلسطين، عبر إعلان القوات المسلحة اليمنية استهداف السفن الإسرائيلية والسفن المتوجة إلى الأراضي المحتلة، إضافة إلى الضربات الصاروخية المتوالية إلى عمق الكيان المؤقت للمطالبة بإنهاء العدوان على غزة وفك الحصار عن القطاع والسماح بدخول المواد الغذائية والأدوية، الأمر الذي شكل خسارة اقتصادية كبيرة لكبرى شركات الملاحة الدولية المرتبطة بإسرائيل والتي تخدم اقتصاد العدو وحالة هستيرية لدى أمريكا لتسارع في تشكيل حلف ما يسمى “حارس الازدهار” الذي مثّل غطاء لحماية المصالح الإسرائيلية الأمريكية وشهد انسحابات لمعظم الدول قبل توجهه للبحر الأحمر، مما دفع أمريكا والدول التي تدعم الكيان لتنفيذ رحلات مكوكية لبعض الدول العربية والتي على ما يبدوا كانت عبارة عن اتفاق لشن هجمات بريطانية أمريكية على اليمن وتسهيل مهام الهجوم وبهذا تكون أمريكا قد دخلت خط المواجهة المباشرة مع اليمن.
مشروع “الصرخة” لن سيقبع في جغرافية اليمن بل سينطلق نحو العالمية وسيجتث العدو الاسرائيلي من أرض فلسطين وسيهزم ثلاثي الشر عبر النور الذي سيعم العالم، نور الله وهديه وقوى الخير التي تبحث عن السلام في ظل الكرامة التي منحها القران لعباده الصالحين.
وفي النهاية سنصرخ وسنصرخ بشعار البراءة حتى يقضي الله امرا كان مفعولا ووعده حق.
السياسية /صباح العواضي
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الشهید القائد مع أمریکا
إقرأ أيضاً:
محاولة جديدة لإيداع جنوب اليمن في ثلاجة الماضي
مصطفى ناجي
صدر قبل أيام قليلة قرار بتشكيل مجلس شيوخ الجنوب من قبل الرئيس عيدروس الزبيدي، وضمت اللجنة أسماء شخصيات يمنية بارزة تحمل صفات الأمير والسلطان والشيخ. قبل عام، صدر قرار مشابه لتشكيل مجلس الجنوب، وتم تكليف الشخص نفسه باستكمال الإجراءات ولكن بصفة مختلفة. صيغة القرارين تفصح عن الكثير من المسار الذي يتجه إليه الوعي المواطني والسياسي في جزء من اليمن، أو ربما في اليمن برمته.
أمام تحديات معيشية كبيرة تفتك بمجمل اليمنيين جراء انهيار الدولة منذ الانقلاب الحوثي-الصالحي، وفشل السياسات المتعددة للحكومة، أو قصدية السياسات الحوثية في الإفقار، يبدو القرار هامشيًا وضمن سلسلة من القرارات التي تخص النخب السياسية وصراعاتها، لكنه في الحقيقة يندرج ضمن تحولات عميقة في المجتمع اليمني تجري على وقع هذه الحرب.
ومعظم هذا التحول يقود اليمن واليمنيين إلى الماضي، سواء بالمعنى التقني من حيث مؤشرات التنمية والظرف الإنساني، أو بالمعنى السياسي والفكري، حيث تعمل كل المشاريع السياسية الميليشياوية على تكريس تصورات ماضوية حول السلطة، وعلاقات الأفراد الهرمية، أو علاقات الأفراد بعضهم ببعض، أو علاقتهم بالسلطة.
ليس المجلس الانتقالي بعيدًا عن هذا، فهو لا يستطيع تقديم مشروع مستقبلي يستمد منه مشروعيته، لكنه يبحث في صيغ الماضي الاجتماعية والسياسية عن شرعية ما.
ومثله مثل بقية المشاريع المناهضة ليمن موحد وديمقراطي يقوم على المواطنة، فإن النظر في ركائز الشرعية السياسية ما يزال غامضًا، تقوده قوة السلاح أو العلاقات الخارجية، وهذان العاملان لا يكفيان لإقامة شرعية على المدى المتوسط والطويل.
ولا بد من تحفيز قاعدة جماهيرية أوسع، إلا أن هذه القاعدة معنية بدرجة أساسية بالإنجاز المباشر والفوري لبعض المطالب: تفعيل الخدمات العامة، تحقيق الأمن، فرض سيادة القانون، المساءلة والشفافية. وبما أن جميع الأطراف عاجزة عن تلبية هذا المطلب الجماهيري، فإنها في عماها السياسي تبحث عن بناء تحالفات مع قوى مؤثرة تتجاوز بها عجزها في الإنجاز وتحقيق الأهداف المباشرة للجماهير.
لذا، فإن الذهاب باليمن إلى الماضي هو الأسهل. وهنا تكمن الانتكاسة الجمعية. فإذا نظرنا إلى تاريخ النضال السياسي والاجتماعي في محافظات الجنوب، وفي إطار المشروع السياسي الذي قادته مختلف تيارات العمل السياسي منذ الخمسينيات، فإنه يتلخص في تحقيق تقدم اجتماعي يعيد الاعتبار للأفراد، ويغرسهم في علاقة بنّاءة تقوم على المواطنة، وتحررهم من أشكال السلطوية العبثية والأنانية.
من حيث الشكل والجوهر، وبناءً على السلوك السياسي-الاجتماعي للمجلس الانتقالي، فإن هذا الكيان السياسي، الذي يكبر يومًا بعد آخر، هو النقيض الموضوعي لدولة الجنوب التي يزعم العمل على استعادتها.
قامت دولة الجنوب منذ صبيحة الاستقلال على علاقة مباشرة بين الأفراد والسلطة، حيث وضعت الجماهير المتحفزة أيديولوجيًا – بطبيعة الحال – في قلب العمل السياسي، وصمّيم المعادلة المؤسسة للعقد الاجتماعي.
إلا أن بناء مجلس شيوخ بقرار رئاسي يعني أن البناء الهرمي للسلطة المنظورة في المجلس الانتقالي هو سلطة مشيخية وليست مواطنية. إنها هرمية عنقودية فيها حلقات وسيطة تفصل بين القيادة العليا والقاعدة الجماهيرية، التي ستجد نفسها مع الوقت خارج المعادلة كليًا. هذا النموذج يمثل قطيعة مع الحقيقة السياسية والتاريخية اليمنية، ليس فقط في جزء من اليمن، بل في مجمله. لكنه مستلهم من دول النفط المجاورة، حيث قامت السلطة في بعض منها على هذا النمط الهرمي، ولها حيثياتها التاريخية في ذلك. ومع أن بعضها، كالكويت، قد أرست علاقة الحكم على أسس تشاركية مواطنية عبر انتخابات، إلا أنها تعثرت ونهضت ثم تعثرت مجددًا.
ما يغيب عن الأذهان أن هذا البناء الهرمي، الذي يُراد غرسه لتجاوز أزمة الشرعية مؤقتًا وأزمة القبول الحادة، خصوصًا في محافظات الشرق، لا ينبع من مراعاة حقيقية لاعتبارات اقتصادية كبرى أسهمت في ترسيخه في بلدان معينة بحكم الثروة والنمط الاقتصادي الريعي.
وثانيًا، سيصطدم بالإرث السياسي المكتسب منذ الاستقلال، وسيفجر نزاعات حقيقية لن تقود إلى الاستقرار.
الأمر الآخر الملفت في مسار المجلس الانتقالي هو عدم الاستقرار البنيوي. نعم، هناك حاجة للتحديث ومواكبة البناء استجابةً للتطورات الهيكلية والمتغيرات السياسية، فالأحزاب أو الكتل السياسية التي تمتلك المرونة هي القادرة على مواجهة هذه التحديات. إلا أن الحاجة إلى استقرار نسبي داخل البناء الهيكلي للكيانات السياسية هي نتيجة لترشيد القرار السياسي، ووجود آلية لصناعة القرار، واتصال جماهيري-قيادي.
وقبل ذلك، لا بد من امتلاك آليات ضامنة لنشوء تصور فلسفي سياسي تكون التغييرات الهيكلية انعكاسًا له.
إذا تابعنا مسيرة المجلس منذ تكوينه، نجد أنه قد استحدث العديد من التكوينات، إلى درجة أنه بات كيانًا سياسيًا يمتلك غرفتين تشريعيتين، وها هو اليوم يضيف مجلس شيوخ بعد أن أضاف سابقًا مجلس عموم، دون أي انتخابات في أي من مراحله، ودون قيام جدل داخلي تشارك فيه فاعليات المجتمع المدني ودوائر الفكر.
لا أقصد تعرية أي كيان سياسي، بقدر ما أرغب في تقديم نموذج لأزمة الحياة السياسية والحزبية في اليمن. فجميع الكيانات السياسية تنحو إلى أن تكون CATCH-ALL PARTY، ومع ذلك، فإن سلوكها التنظيمي يميل إلى التصرف كدولة بلا شعب ولا مؤسسات، وهو انفصام خطير له تبعاته على الحياة السياسية والحزبية في اليمن. لأننا سنكون أمام حشد كبير من الكيانات السياسية التي لا تمتلك رؤية أو فلسفة، وبالتالي لا تملك أهدافًا قابلة للقياس أو محفزات للأفراد وفوق هذا مستقوية بالسلاح او بأيديولوجية شمولية.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق آراء ومواقفرعى الله أيام الرواتب حين كانت تصرف من الشركة. أما اليوم فهي...
اتحداك تجيب لنا قصيدة واحدة فقط له ياعبده عريف.... هيا نفذ...
هل يوجد قيادة محترمة قوية مؤهلة للقيام بمهمة استعادة الدولة...
ضرب مبرح او لا اسمه عنف و في اوقات تقولون يعني الاضراب سئمنا...
ذهب غالي جدا...