يمانيون:
2024-09-09@16:05:52 GMT

مفاوضات على طاولة الحرب

تاريخ النشر: 13th, May 2024 GMT

مفاوضات على طاولة الحرب

يمانيون – متابعات
لم تمض ساعات قليلة من أجواء الفرح الذي ساد قطاع غزة، بشأن وقف إطلاق النار، وإنهاء الحرب على غزة التي وصلت شهرها الثامن، وذلك بعد إعلان حركة حماس الموافقة على مقترح التهدئة الذي قدمه الوسطاء. تلك المشاعر انتهت برعب مخيف، فقد استيقظت مدينة رفح على قصف هستيري على المدينة، واجتياح الدبابات الصهيونية لمعبر رفح، وإيقافها حركة المسافرين ودخول المساعدات إلى مناطق القطاع كافة من خلال معبري رفح وكرم أبو سالم.

كانت حركة حماس قد أعلنت في بيان مقتضب لها الإثنين 6 مايو/أيار 2024، أن رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية أبلغ هاتفيًا رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ورئيس المخابرات العامة المصرية عباس كامل، موافقة الحركة على مقترحهما بشأن اتفاق وقف إطلاق النار، وتبادل الأسرى مع الجانب الصهيوني ، وهو الإعلان الذي قوبل بأفراح عارمة داخل غزة وترحيب شديد من الوسطاء وبعض القوى الإقليمية. بينما اعتبرت حكومة الاحتلال
بأن رد حماس لا يلبي مطالب “إسرائيل”، وكان ردها اجتياح معبر رفح صباح الثلاثاء 7 مايو الجاري. وفي البداية رفضت الحوار، ولكنها عادت وأرسلت وفدها للتفاوض إلى القاهرة في الوقت الذي أعلنت فيه حركة حماس إرسال وفدها إلى القاهرة لاستئناف المفاوضات بين الطرفين عبر الوسطاء القاهرة والدوحة برعاية واشنطن.

الاتفاق

بتلك الموافقة الجريئة والشجاعة، بعثرت حماس كل أوراق نتنياهو، وحشرت حكومته في زاوية ضيقة، بعدما ألقت الكرة في ملعب حكومة الاحتلال، لتعمق أزمتها، ومن المتوقع أن تتفاقم أيًا كان الرد على خطوة حماس، قبولًا أو رفضًا، وهو ما يفسر حالة “الارتباك” التي بدا عليها قادة الاحتلال بعد دقائق قليلة من إعلان حماس قبولها لمقترح الوسطاء.
تفاصيل الاتفاق الذي وافقت عليه حماس:
وفق ما نشرته بعض وسائل الإعلام، فإن الاتفاق الذي قدمه الوسيطان، المصري والقطري، ووافقت عليه حماس، ينطلق من المرتكزات التالية:
-وقف الحرب، وإنهاء الحصار وانسحاب القوات المحتلة من قطاع غزة.
-عودة الهدوء المستدام للقطاع، وإطلاق سراح جميع الأسرى “الإسرائيليين” لدى المقاومة، مدنيين وعسكريين، من هم على قيد الحياة ومن قُتل منهم، مقابل عدد من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، لم يتم الاتفاق بعد على عددهم وهويتهم.

ويتكون الاتفاق الإطاري من ثلاث مراحل متصلة ومترابطة، كل مرحلة (42 يومًا)، الأولى تتضمن وقفًا مؤقتًا للعمليات العسكرية بين الطرفين وانسحاب القوات الصهيونية شرقًا وبعيدًا عن المناطق المكتظة بالسكان إلى منطقة بمحاذاة الحدود في جميع مناطق قطاع غزة “بما في ذلك وادي غزة – محور نتساريم ودوار الكويت” على أن تُطلق حماس سراح 33 من الاسرى “الإسرائيليين” (أحياء أو أموات) من نساء (مدنيات ومجندات) وأطفال “دون سن 19 من غير الجنود” وكبار السن “فوق سن 50” والمرضى، مقابل عدد من الأسرى في السجون والمعتقلات الصهيونية .

أما المرحلة الثانية، تتضمن الإعلان عن عودة الهدوء المستدام، ووقف العمليات العسكرية والعدائية بشكل دائم، وبدء سريانه قبل تبادل المحتجزين والأسرى بين الطرفين، مقابل إطلاق سراح جميع من تبقى من الرجال “الإسرائيليين” الموجودين على قيد الحياة “المدنيين والجنود”، مقابل عدد يتفق عليه من الأسرى في السجون الصهيونية ومن المعتقلين في معسكرات الاعتقال الصهيونية، وانسحاب القوات الصهيونية بالكامل خارج قطاع غزة.
وتتضمن المرحلة الثالثة والأخيرة، تبادل جثامين ورفات الموتى لدى الجانبين بعد الوصول لهم والتعرف عليهم، ثم البدء في تنفيذ خطة إعادة إعمار قطاع غزة لمدة من ثلاث إلى خمس سنوات، يشمل البيوت والمنشآت المدنية والبنية التحتية، وتعويض كل المتضررين بإشراف عدد من الدول والمنظمات، على أن تكون قطر، مصر، الولايات المتحدة، والأمم المتحدة هي الجهات الضامنة لهذا الاتفاق.
ما تضمنه الاتفاق من بنود وتفاصيل، ليس بالأمر الجديد ولا المفاجئ، فمعظم تلك البنود، تم تضمينها في مقترحات سابقة، لكنها لم تسفر حينها عن قرارات جدية من الطرفين، وكانت وسائل إعلام عبرية قد سربت خلال الآونة الأخيرة تنازلات قدمتها حكومة نتنياهو بشأن شروطها المسبقة التي كانت تريد من خلالها صفقة مجانية مع حماس، في محاولة لتبرئة ساحتها أمام الرأي العام الداخلي والعالمي الضاغط عليها.

يرى محللون سياسيون إن المقترح المقدم للحركة من الوسطاء، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن لا يكون قد عُرض ابتداء على الولايات المتحدة، وحصل على موافقتها، لاسيما وأن مدير وكالات المخابرات المركزية الأمريكية وليام بيرنز متواجد القاهرة، وعلى إطلاع بتفاصيل الأمور مع الوسيطين القطري والمصري.
ومن المستبعد أيضًا أن لا تكون حكومة الاحتلال على اطلاع على مسودة المقترح التي وافقت عليها حماس. فالجانب الإسرائيلي على رؤية، وتصور كامل عن هذا المقترح وبنوده تفصيلًا، فمن الصعب أن يخفي الأمريكي عن حليفه مسألة كهذه.
وكان نائب رئيس حركة حماس، خليل الحية، قد أكد هذا الأمر، خلال مقابلة له مع قناة الجزيرة أشار خلالها إلى أن الوسطاء، مصر وقطر، أبلغا الحركة بأن الرئيس الأمريكي جو بايدن “يلتزم التزامًا واضحًا بضمان تنفيذ الاتفاق”، ما يعني أنه قد اطلع ووافق عليه وأقر عرضه على الحركة، ومن ثم فإن أي حديث يتردد حول عدم معرفة تل أبيب أو واشنطن بتفاصيل هذا المقترح، وأنهم بحاجة لدراسته وإجراء مناقشات بشأنه لتقييم محتواه وبعض بنوده، أو أنه لا يلبي طموحات وطلبات إسرائيل، هو حديث يفتقد للموضوعية، بل هو رفض للتفاوض، وفق استراتيجية المراوغة والتملص التي يتبناها الكيان وحليفه.

مراوغة نتنياهو

على مدار الأشهر الماضية على مسار الحرب يخسر نتنياهو أوراقه بالفشل والانكسار، أمام صمود المقاومة، وإصرار الشعب الفلسطيني على نيل استحقاقه في استقلاله الناجز، وبناء دولته على ترابه الوطني الفلسطيني، وهو يقدم التضحيات الجسيمة على مذبح الحرية، أمام أمواج الاحتجاجات العنيفة ضد حكومة نتنياهو وإدارة بايدن، بالتضامن والدعم والمساندة مع قضية الشعب الفلسطيني، ووقف الحرب الهمجية والمجازر الجماعية على قطاع غزة.
كانت الرواية التي يرددها قادة الحكومتين للخروج من هذا المأزق، وتخفيف حدة هذا الهجوم، تتمحور حول تحميل حماس مسؤولية عرقلة أي اتفاق تهدئة، فأكثر من مرة قال نتنياهو وبايدن إن الكرة في ملعب الحركة وأن بيدها تهدئة الأمور إذا أرادت.. تلك الرواية أعطت الضوء الأخضر، لجيش الاحتلال لمواصلة عملياته الإجرامية، بحجة أنها السبيل الوحيد للضغط على حماس لإرغامها قبول الشروط الصهيونية ، ما يعرض عليها من مقترحات، وهي الرواية ذاتها التي استندت إليها إدارة بايدن لتقديم كل أوجه الدعم للاحتلال رغم الاحتقان الشعبي ومعارضة التورط في حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل ضد أطفال ونساء غزة.
هذا الخطاب السمج، وغير الحصيف، يتناغم ومع رغبة نتنياهو وحكومته الدينية اليمينية المتطرفة الرافضة لأي اتفاق تهدئة، والباحثة عن مزيد من التصعيد، عبر توسيع جبهات الصراع ليشمل إيران ولبنان وسوريا والعراق واليمن. ومزيد من التنكيل والإجرام والتدمير، يؤجل به حسم مصيره السياسي المتيقن أنه مربوط بنهاية تلك الحرب والتوصل لاتفاق.

أهداف اجتياح معبر رفح

الإعداد لعملية اجتياح رفح، التي يراهن عليها نتنياهو، للضغط على حماس وارغامها على تقديم تنازلات تمنحه النصر المطلق، بما يجمل صورته ويحمي مستقبله السياسي، والجانب الآخر يشعل بها الموقف، فيقضي نهائيًا على الحل السياسي كخيار على طاولة الحرب، لتبقى الأوضاع على مستوياتها الملتهبة إلى ما لا نهاية.
وبينما كان يستعد للعملية فعليًا، وبعدما أرسل جيشه منشورات ورسائل تحذير لسكان رفح بالنزوح إلى ما أسماها “المنطقة الإنسانية” بالمواصي شرق القطاع، وخانيونس، إذ بحماس ترد على مقترح الوسطاء بالموافقة، لتبعثر بهذا الرد كل أوراقه، وتربك كل حساباته، وتضعه في مأزق لم يتعرض له من قبل.
ويبدو أن حكومة الاحتلال لا تريد التهدئة، ولا تضع ملف الأسرى في حساباتها، كما تزعم وتردد في خطابها لعائلات المحتجزين، وهو ما عبرت عنه الحركة صراحة بتصريحها الصادر صباح يوم الاقتحام، والذي قالت فيه إن “اقتحام المعبر بعد موافقتنا على مقترح الوسطاء يؤكد نية الاحتلال تعطيل جهود الوساطة لوقف إطلاق النار من أجل مصالح شخصية لنتنياهو وحكومته المتطرفة”.

أزمة حكومة الاحتلال

بداية لا بد من الإشارة إلى أن صدمة الاحتلال ليست بسبب بنود الاتفاق قدر ما هي بسبب موافقة حماس من الأساس، والتي كانت مستبعدة بالنسبة للمفاوض الصهيوني ، هذا بخلاف التوقيت الحساس، قبيل بدء عملية رفح التي يراهن عليها نتنياهو في إشعال الموقف وإرباك المشهد.
ومن ثم فإن موافقة حماس على المقترح تعمق من مأزق حكومة الاحتلال ويضعها في زاوية ضيقة، وأيًا كانت سيناريوهات الرد، إيجابًا أو سلبًا، يصطدم نتنياهو إما باليمين المتطرف في حكومته مما يهدد تماسكها ويسرع من انهيارها، وإما يجد نفسه في مواجهة العالم والمجتمع الدولي، وفي النهاية لن يجد سبيلًا من الرضوخ مهما طال أمد العناد.

وأخيرًا فإن اجتياح معبر رفح قد تكون خطوة لعملية عسكرية كبرى لاجتياح مدينة رفح بشكل كامل، وهو ما سيضع حكومة الاحتلال في مواجهة المجتمع الدولي بأكمله، خاصة بعد إعلان أعضاء مجلس الحرب بالإجماع المضي قدمًا في عملية رفح بصرف النظر عن رد حماس.

ويبدو أن مغادرة الوفد الصهيوني القاهرة، لعدم تخويل له الصلاحيات الكاملة باتخاذ القرار، وأن مقترح الهدنة واتفاق وقف إطلاق النار يضع حكومات الاحتلال في حرج سياسي وأخلاقي أمام شعبها، والرأي العام العالمي من جانب آخر، خاصة بعدما أسقطت حماس بقبولها للمقترح حجج الأنظمة الداعمة والمساندة لـ”إسرائيل” وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، ويبدو عدم رضا الجانب الصهيوني على مقترح التفاوض هو ما عطل هذه الجولة من المباحثات، وفي ذات الوقت غادر وفد حماس القاهرة إلى الدوحة.

وإلى ذلك يواجه بايدن وإدارته انتقادات حادة من الشارع الأمريكي بسبب دعمه اللا محدود لـ”إسرائيل” في حربها ضد غزة، فبجانب انتفاضة الجامعات والمدارس الأمريكية والتي تجاوز حدود البلاد إلى جيرانها الأوروبيين. ومؤخرًا بعث 100 موظف بالكونغرس دعوة للرئيس وأعضاء الكونغرس للمطالبة بوقف فوري للهجوم الصهيوني على رفح قبل فوات الأوان، حسبما قال موقع “أكسيوس” الأمريكي.
كما شدد مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، على ضرورة إنهاء القتال، وحذر من اجتياح رفح قائلًا: “نحن على مشارف أزمة إنسانية كبرى”، وهو ما حذر منه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي قال إن العملية البرية التي تلوح بها “إسرائيل” جنوب غزة أمرًا “لا يُحتمل بسبب عواقبه الإنسانية المدمّرة وتأثيره المزعزع للاستقرار في المنطقة”.

“إسرائيل” تلعب بأوراق خطيرة، لجر الولايات المتحدة وبريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي لحرب إقليمية واسعة النطاق، وهو ما تدرك أبعادها هذه الأطراف.. فهل “إسرائيل” ستغامر بارتكاب مجزرة أخرى، في رفح تضاعف بها الحالة المأساوية الكارثية للشعب الفلسطيني للوصول لتحقيق أهدافها، أم أنها وصلت لطريق مسدود، وهو ما يستدعي إخراجها من هذا المستنقع بالحوار مع حركة حماس، وترتيب أوضاع البيت الفلسطيني؟ ذلك هو المشهد القادم الأكثر إثارة، يرى مراقبون ومحللون سياسيون، أن التوازن في المعادلة تميل في مجملها لصالح المقاومة بعد فشل الاحتلال في تحقيق أهدافه، وبات مرغمًا – أمام الضغوط الداخلية والخارجية والفشل الميداني على الرضوخ لاتفاق يراه اعترافًا صريحًا بهزيمته في تلك المعركة الطويلة.
* المصدر: موقع عرب جورنال

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الولایات المتحدة وقف إطلاق النار حکومة الاحتلال حرکة حماس على مقترح قطاع غزة وهو ما

إقرأ أيضاً:

إطالة الحرب هدية نتنياهو لترامب

توقّف سياسيون ومراقبون عند الردّ القصير بكلمة «لا» للرئيس جو بايدن عندما سأله أحد الصحافيين، عّما إذا كان بنيامين نتنياهو يبذل جهداً كافياً من أجل التوصل إلى صفقة لوقف الحرب وتبادل الأسرى بين «إسرائيل» و»حماس» وما إذا كانت «لا» تشكّل نقداً صريحاً لتعنّت رئيس الحكومة الإسرائيلي، لكن الرئيس الأمريكي سرعان ما تابع كلامه محمّلاً «حماس» المسؤولية عن مقتل الأسرى الإسرائيليين الستة، عند فوهة أحد الأنفاق، كما حمّل «حماس» مسؤولية فشل الاتصالات وإعاقة المفاوضات، وأن الكرة ما زالت تالياً في ملعبها.

وزير خارجيته أنطوني بلينكن، كان قد عبّر عن الموقف ذاته خلال زيارته الأخيرة لكيان الاحتلال، متجاهلاً الشروط التعجيزية التي أعلنها نتنياهو ومن شأنها إعادة التفاوض بمقترح بايدن، الذي سبق لـِ»حماس» أن أعلنت موافقتها المبدئية عليه، شرط التفاهم على آلية لوضعه موضع التنفيذ.

الواقع أن نتنياهو لا يريد وقف الحرب، وقد استصدر أخيراً من الكنيست (البرلمان) قراراً بوجوب بقاء الجيش الإسرائيلي في منطقة فيلادلفيا على الحدود بين فلسطين المحتلة ومصر، بدعوى أنها تشكّل أنبوب الأوكسجين لـِ»حماس» ما يعزّز هدفها بإعادة سلطتها على قطاع غزة.

هل هذا كل ما يريده نتنياهو من وراء إصراره على استمرار الحرب؟
ليس أفضل من معارضي نتنياهو لمعرفة أغراض هذا الصهيوني العنصري الشرس. ففي مقالة لافتة كشف ألوف بن رئيس تحرير صحيفة «هآرتس»(2024/9/3) المعاني العميقة لخطاب نتنياهو الأخير، لكونها تتعدى حدود صفقة التبادل.

أوضح بن أنه «منذ دخول نتنياهو حلبة السياسة، كانت لديه ثلاثة أهداف: «البقاء في السلطة أطول مدة ممكنة، واستبدال النخب السياسية في إسرائيل، وتفكيك الحركة الوطنية الفلسطينية، وأنه يراوغ ويكذب ويطرح أفكاراً متناقضة بالدرجة ذاتها من الاقتناع، لكنه يعود دائماً إلى الثلاثية ذاتها: رئاسة الحكومة، والتحريض ضد اليسار، وتأبيد الاحتلال في الضفة».

وقال بن إن بقاء «إسرائيل» في محور فيلادلفيا، «يعني تجميد المفاوضات مع حماس بشأن وقف الحرب وإعادة المخطوفين (الأسرى) والدفع بهذه الأهداف معاً مرة اخرى».

أرى أن ثمة هدفاً رابعاً لنتنياهو في هذه المرحلة: الحرص على خدمة حليفه القديم دونالد ترامب، المرشح الجمهوري لرئاسة الولايات المتحدة في الانتخابات التي ستجري في 5 نوفمبر المقبل.
حرصه على ترامب يدفعه إلى عدم وقف الحرب وتبادل الأسرى
حرصه على ترامب يدفعه إلى عدم وقف الحرب وتبادل الأسرى، لأن ذلك يشكّل في رأيه هديةً ثمينةً لمنافسته كامالا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطي. لذا، لا وقف للحرب، أقلّه لحين الفراغ من الانتخابات الرئاسية الأمريكية. بذلك يكون استمرار الحرب هديته هو إلى حليفه الأثير دونالد ترامب. لنفترض أن هاريس فازت، فماذا تراه يكون موقف الرئيس بايدن، الذي لا تنتهي ولايته عملياً قبل بدء الرئيسة الجديدة ممارسة سلطاتها في العشرين من شهر يناير 2025؟

قبل الانتخابات، كان بايدن يحاذر انتقاد نتنياهو مخافةَ إغضاب الناخبين اليهود الأمريكيين الذين يصوّتون غالباً لمصلحة مرشحي الحزب الديمقراطي.

بعد الانتخابات، وفي حال فوز كامالا هاريس، لا تعود ثمة حاجة إلى الحذر والحرج، فهل يُقدِم بايدن على الإقتصاص من نتنياهو بكشف نفاقه وتقلّباته وحرصه على إفشال المفاوضات بقصد إطالة حربه الوحشية؟ حسناً، إذا فعلها بايدن، ماذا تراه يحصل؟ ستزداد وتتوسع التظاهرات المعادية لنتنياهو، والمطالبة باستقالة حكومته، وإجراء انتخابات جديدة.

وربما يخضع نتنياهو أيضاً لضغوط الشارع، فيوافق على وقف الحرب، لكنه سيتشدّد في رفض إطلاق بعض الأسرى الفلسطينيين بغية حمل «حماس» على رفض «صفقة» تبادل الأسرى الأمر الذي يتيح له العودة إلى شن الحرب والمساومة على وقفها لقاء مطالب تعجيزية يطرحها مجدداً. إلى ذلك، ثمة احتمال أن يتمسك نتنياهو بموقفه وشروطه ويعود إلى متابعة الحرب، مستنداً إلى واقعة امتلاكه اكثرية في الكنيست لا تقل عن 63 نائباً من اصل 120، وإلى اكثرية محسوسة لدى الجمهور الإسرائيلي، كما يتضح من استطلاعات الرأي التي تجريها بعض الصحف أسبوعياً.

أما إذا كان حليفه ترامب هو الفائز فإن نتنياهو سيصبح أكثر تطرفاً وتشدّداً وتعاوناً مع الوزيرين الأكثر منه تعصباً وعنصرية، إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش الناشطين في توسيع رقعة الاستيطان الصهيوني في الضفة الغربية والمنادين بوجوب ضمها إلى الكيان، وكذلك إقامة مستوطنات في جنوب لبنان.

أطراف محور المقاومة يدركون بالتأكيد مخاطر الاحتمالات سابقة الذكر، ويحاولون تطويقها وتعطيلها. إيران، مثلاً، تباطأت في توجيه ضربتها الموعودة انتقاماً لاغتيال «إسرائيل» رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الشهيد إسماعيل هنية في قلب طهران، لإدراكها أن تنفيذها قبل إجراء الانتخابات الرئاسية الأمريكية من شأنه استنفار قوى اليمين الأمريكي المحافظ المؤيدة لترامب، كما قوى اليمين العنصري في كيان الاحتلال المؤيدة لنتنياهو.

غير أن تأجيل الضربة الانتقامية لا يعني إلغاءها. ذلك أن إيران، قيادةً وحرساً ثورياً وجماهير غاضبة، مصرّة على تنفيذ الضربة الانتقامية عاجلاً أو آجلاً.

أخيراً وليس آخراً، ما من أحد يمكنه التنبؤ في مَن سيكون الفائز هاريس أم ترامب، والسياسة التي سيعتمدها كل منهما إزاء أطراف محور المقاومة عموماً، وإيران خصوصاً.

هذا مع العلم أن الولايات المتحدة ليست في وضع مريح في الوقت الحاضر. فهي تشكو من تضخم كبير ينعكس سلباً على اقتصادها، وتنشغل كثيراً في حربٍ مكلفة في أوكرانيا ضد روسيا، وتتوجس من تنامي قدرات الصين اقتصادياً وتوسّع نفوذها ودورها سياسياً، كما تعاني واشنطن من تراجع نفوذها وانعكاس ذلك سلباً على مصالحها في دول غرب آسيا العربية والإسلامية من شواطئ البحر الأبيض المتوسط غرباً إلى شواطئ بحر قزوين شرقاً.

كل هذه المخاطر والتحديات ستنعكس بالضرورة على علاقتها مع «إسرائيل» ما قد يؤدي، على الأرجح، إلى تقليصٍ ولو قليلٍ من تأييدها الأعمى للكيان الصهيوني ومن تمويلها البالغ السخاء له.

يدرك أطراف محور المقاومة المخاطر والتحديات سابقة الذكر ويتحضُرون لمواجهتها. عسى أن يكونوا مدركين ايضاً أن أيّاً مَن يكون رئيس حكومة كيان الاحتلال في الحاضر والمستقبل فإن الجمهور الإسرائيلي، وبالتالي قياداته الفاعلة يبقى مترعاً بمطامع توراتية آمرة ومحفّزة تجعله معبّأ ومتوثّباً لمتابعة تأجيج الصراع مع العرب وحلفائهم من أجل تحقيق حلم اليهود الخرافي «ملكك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل».

من أجل تحقيق حلم اليهود الخرافي: «ملكك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل». خلاص العرب والعالم بأن يعتمدوا المقاومة دائماً وأبداً في مواجهة الصهيونية وكيانها وحلفائها.

القدس العربي

مقالات مشابهة

  • الرشق: إن لم يتم الضغط على نتنياهو وإلزامه بما تم الاتفاق عليه فلن يرى أسرى الاحتلال النور
  • حماس تحذر من اعتبار شروط نتنياهو الجديدة نقطة للتفاوض.. كذب ومحاولة للتهرب
  • حماس: إن لم يتم الضغط على نتنياهو وإلزامه بما تم الاتفاق عليه فلن ترى الرهائن النور
  • حماس: إن لم يتم الضغط على نتنياهو وإلزامه بما تم الاتفاق عليه فلن يرى أسرى الاحتلال النور
  • إطالة الحرب هدية نتنياهو لترامب
  • خبير استراتيجي: عمر حكومة نتنياهو قصير ومصر تتعامل مع المخطط الإسرائيلي بحكمة
  • قيادي بـ فتح: حكومة نتنياهو تحاول إدامة الاحتلال في غزة وإجبار الشعب الفلسطيني على التهجير والنزوح
  • اللواء الدويري: حكومة نتنياهو لا تريد الهدنة وتسعى لاستمرار الحرب حتى عودة ترامب
  • بدران: نتنياهو يعطل التوصل لأي اتفاق ولم نضف أي شروط جديدة
  • رغم التطمينات الأمريكية..فرص الاتفاق على وقف الحرب في غزة ضئيلة جداً