يحثُ رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي  خطاه محاولا ضبط الانقسامات داخل هذا المجلس والظهور بموقف مشترك مناهض للحوثيين، رغم عودة الخلافات إلى السطح بين العليمي ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا، وعضو المجلس الرئاسي، عيدروس الزبيدي، وهو ما يثير أسئلة عدة عن مدى فرص هذا المسار.



محاولة العليمي هذه، تبددت من خلال تبنيه موقفا متقاربا مع موقف الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الذي شدد في الأشهر الماضية على أن الحل لوقف تهديد الحوثيين لحركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب (الممر الدولي) هو "قيام الشركاء الغربيين بتقديم الدعم المادي للقوات الحكومية والتشكيلات الموالية لها من أجل التصدي للحوثيين"، في ظل فشل الجهود السياسية والعسكرية للولايات المتحدة وحلفائها في إيقاف هجمات الجماعة.

وكان رئيس المجلس الانتقالي المنادي بإنفصال جنوب اليمن عن شماله، قد اقترح في الأشهر الأخيرة أن تتولى القوى الحكومية اليمنية دعم الضربات الجوِّية الأمريكية ميدانيا في محاولةٍ للقضاء على تهديد الحوثيين لحركة الملاحة البحرية.

وفيما يبدو أن جهود رئيس مجلس القيادة الرئاسي في إيجاد صيغة توافق بين مكونات هذا المجلس والتغاضي التباينات التي ما تلبث أن تتلاشى وتعود من جديد، تأتي أيضا ضمن حاجة إقليمية ودولية لتوحيد الجبهة المناهضة للحوثيين.

وخلال مؤتمر ميونيخ للأمن في منتصف فبراير/ شباط الماضي، دعا العليمي إلى "تقديم الدعم الدولي للحكومة المعترف بها يمكنها من بسط سلطتها على كامل الأراضي اليمنية وبالتالي الحد من تهديدات الحوثيين لحركة الملاحة الدولية.


"محدودية الأثر"
وفي السياق، يرى الكاتب والباحث اليمني في علم الاجتماع السياسي عبدالكريم غانم أنه على الرغم من العثرات التي يواجهها المجلس الرئاسي منذ تشكيله مطلع إبريل 2022، وحجم التحديات التي تثقل كاهل هذا المجلس، إلا إن ما يقوم به رئيسه، رشاد العليمي تجعل الأمل يظل قائمًا في إمكانية استعادة هذا المجلس لفاعليته التي كادت أن تفقد جراء الانقسامات التي لازمته منذ الوهلة الأولى لظهوره.

وأضاف غانم في حديث خاص لـ"عربي21" أنه رغم الحملات العدائية التي يشنها إعلام المجلس الانتقالي ضد رئيس المجلس الرئاسي إلا أن الرجل لا يكترث لما يُقال بحقه، متسلحا في مواجهة ذلك بما لديه من إدراك للمخاطر والتحديات التي يمثلها المشروع الحوثي المرتبط بدوره بالمشروع الصفوي الإقليمي للنظام الإيراني.

وإلى جانب هذا الشعور بحجم التحدي الذي يجسده ما أسماه الانقلاب الحوثي وأولوية مواجهته على أي معركة جانبية، أكد الباحث اليمني أن العليمي يمتلك وهو العالم السوسيولوجي الأبرز في اليمن، دراية وفهم كاملين بتركيبة المجتمع اليمني وبنية الطبقة السياسية، وهو ما يجعله الشخصية الأكثر قدرة على تحقيق أفضل قدر من التماسك في إطار المجلس الذي يرأسه، وفي إطار النخبة السياسية المناوئة الحوثي بشكل عام.

الباحث والخبير في علم الاجتماع السياسي قال إن نجاح العليمي في مسعاه لتوحيد صفوف الجماعات المنضوية تحت راية الحكومة المعترف بها دوليا "مرهون بمدى جدية القيادتين السعودية والإماراتية في التهيئة لتوحيد صفوف الفصائل المناهضة لمشروع الحوثي".

وأشار إلى أن أي تحركات يقوم بها رئيس المجلس الرئاسي لا تنفصل عن توجهات القيادة السعودية، إلا إن هذه التوجهات قد تكون تكتيكية بهدف الضغط على الوفد الحوثي المفاوض للقبول بما تم عرضه في خارطة الطريق، وهو ما أتوقعه في هذه المرحلة.

غير أن الكاتب اليمني أورد احتمال أخر، قال إنه يكمن في أن هذه التوجهات السعودية لرص صفوف القوات المناوئة للمشروع الحوثي صارت جادة، وأن الاستعداد لمختلف الخيارات لم يعد مجرد تلويح بالعصا، بل إشهار فعلي للعصا في مواجهة التعنت الذي يبديه الحوثيون.

وتابع قائلا : "وهو ما ستضطر الرياض لاتخاذه بعد استنفاد مختلف الجهود والمحاولات الرامية لترويض الحوثي على القبول بالسلام، والتسوية السياسية". 

واعتبر غانم أن الجهود الحثيثة لرئيس المجلس الرئاسي في رأب الصدع بين المكونات المناهضة للحوثي، رغم نجاعتها، "تظل محدودة الأثر ما لم يرافقها دعم سعودي وخليجي، في ظل شح الإمكانات المحلية، ومحدودية الموارد التي تعاني منها الحكومة اليمنية". 

وحسب المتحدث ذاته فإن حجم التهديد المتعاظم الذي يشكله الحوثيون على أمن المحافظات الجنوبية وثرواتها النفطية، وتهديده لمستقبل اليمن بشكل عام، هو خير واعظ، يمكن أن يسهم في تصحيح مواقف المجلس الانتقالي، وغيره من المكونات، فتوحيد الصفوف لمواجهة الخطر الذي يهدد الجميع لا يعني بأي حال التنازل عن القضية الجنوبية.


"توافق وتوازن"
من جانبه، قال الصحفي والكاتب اليمني، رياض العمري إن المجلس الرئاسي مكون يحمل في نواته التوازنات الداخلية الموجودة في الساحة وأيضا كان تشكيلة نوع من التطمين للأطراف ذات العلاقة بالملف اليمني وهذا ما جعل الاختلاف في العديد من القضايا يبرز إلى السطح في إطار تراتبية الأولويات للأطراف المختلفة.

وتابع العمري حديثه لـ"عربي21" أن الرئيس العليمي يعتبر الناظم للإيقاعات المختلفة في هذا المجلس رغبة في بقاء المجلس موحداً والوصول إلى أسس عامة تصنع خارطة طريق تسرع من عملية الخروج من عنق الزجاجة.

وأشار إلى أنه رغم الخلافات المتصاعدة في الفترة الأخيرة من انتقاد لرئيس الحكومة والذي عبر تعيينه رغبة في تخفيف الحنق الظاهر من المجلس الانتقالي، في ملف الخدمات في العاصمة المؤقتة عدن، إلا أنه لا يمكن إغفال سيطرة الانتقالي على هذه المحافظة بشكل كبير.

وقال الصحفي اليمني إن "هذا الملف قد مثّل هاجس لقيادة المجلس الانتقالي خلال الفترات السابقة والتي أدت في فترات سابقة إلى ظهور تآكل الحاضنة الشعبية في  الجنوب وظهور مكونات أخرى في هذا الاطار".

وأضاف أنه ومع ذلك، ساهم رئيس المجلس الرئاسي في إذابة الجليد عبر القرارات الأخيرة في اطار التعيينات المختلفة، إلا أن هاجس فقدان السيطرة من قبل المجلس الانتقالي، بعد قرار دمج القوات العسكرية والأمنية - يمثل حجر الزاوية في التصعيد الأخير ومحاولة رفع الصوت كما حصل في فترات سابقة كورقة ضغط.

وحسب الكاتب والصحفي العمري فإن الزيارة الأخيرة للعليمي إلى مأرب (شمال شرق) لأول مرة منذ تأسيس المجلس الرئاسي هي بمثابة التحركات المستمرة في اطار إيجاد التوافق وتحقيق التوازن في المجلس الرئاسي.

كما لا يمكن إغفال التحركات الإقليمية الأخيرة من قبل المملكة العربية السعودية في إطار الملف اليمني، وفقا للعمري، الذي قال إنها قطعت شوطا في التفاوض مع الحوثيين ومحاولة تهيئة الملعب التفاوضي بما يضمن تخفيف حدة التوتر وإيجاد خارطة لذلك، مؤكدا على أنه في مقابل التحرك السعودي كان هناك تحركا متزامنا من قبل قيادة المجلس الرئاسي رغبة في إيجاد مكون موحد لديه خارطة سياسية موحدة تحسباً لأي عملية تفاوضية.

وخلص الكاتب اليمني رياض العمري إلى أن الرغبة السعودية ستدفع في إطار هذا المسعى للضغط على الانتقالي عبر دولة الإمارات وذلك للدفع بتماسك المجلس الرئاسي وعدم إفشال التحركات الدبلوماسية السعودية في هذا السياق.

وكانت جماعة أنصارالله ( الحوثي) أعلنت في وقت سابق من الأسبوع الماضي، إطلاق "المرحلة الرابعة من العمليات العسكرية ضد السفن التابعة للاحتلال الإسرائيلي أو سفن أي شركة لها علاقة بالإمداد أو نقل البضائع للعدو وإلى أي وجهة ستتجه".

ويوم الخميس، قال الناطق العسكري باسم الجماعة يحيى سريع في بيان له إنهم استهدفوا بطائرات مسيرة وصواريخ، سفينتي MSC DEGO و MSC GINA الإسرائيليتين في خليج عدن.
وأشار إلى أن إصابة السفينتين كانت دقيقة بالأسلحة المستخدمة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية اليمن العليمي الحوثيين اليمن البحر الاحمر الحوثي العليمي المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة رئیس المجلس الرئاسی المجلس الانتقالی الرئاسی فی هذا المجلس فی الیمن فی إطار إلى أن وهو ما

إقرأ أيضاً:

غياب مجلس القيادة الرئاسي والحكومة يتسبب في ضياع فرص إنهاء الانقلاب وتحرير اليمن من الحوثيين

يعيش الشعب اليمني معاناة مستمرة بفعل سيطرة المليشيات الحوثية على العاصمة صنعاء، ومساحات يقطنها الكتلة السكانية الأكبر في اليمن.

وعلى الرغم من العديد من الفرص التي كان يمكن أن تسهم في إنهاء الحرب وتحرير اليمن، فإن هذه الفرص ضاعت نتيجة لانشغال مجلس القيادة الرئاسي بالركض خلف مصالحهم الشخصية ومكاسبهم التي يسعون لتحقيقها وتنفيذ الأجندة الخارجية التي تدير وتدار، بعيداً عن الأولويات الوطنية التي يحتاجها الشعب اليمني.

بعد انهيار نظام بشار الأسد في سوريا، نشأت موجة من الحماس الشعبي في اليمن. والتي كانت بمثابة لحظة تاريخية وفرصة ذهبية لاستعادة الزخم الشعبي وتعزيز الجبهة الداخلية ضد الحوثيين.

في تلك الفترة، كان من الممكن أن تتوحد القوى الوطنية تحت هدف مشترك يتمثل في التخلص من الحوثيين واستعادة الدولة.

لكن، رغم هذا الحماس الذي اجتاح الشارع اليمني، لم يستطع مجلس القيادة الرئاسي والحكومة استثمار هذه الفرصة، وبدلاً من أن يركز على تعزيز الوحدة الوطنية ويعمل على معالجة القضايا الأمنية والسياسية، استمر أعضاؤه بالبحث عن فرص تحقيق مصالحهم الشخصية، مما أدى إلى ضعف الروح المعنوية بين أفراد الشعب وأفقدهم الأمل في قدرة القيادة الحالية على تحقيق التغيير. وبالتالي ضاعت هذه الفرصة الحاسمة في طريق تحرير اليمن.

قطع يد إيران في لبنان وسوريا

كما شهدت المنطقة تحولات استراتيجية مهمة، خاصة في ما يتعلق بتقليص نفوذ إيران في لبنان وسوريا، وهو ما اعتبر فرصة ذهبية لتعزيز الجبهة ضد الحوثيين المدعومين من طهران.

خلال هذه الفترة، كان من الممكن لمجلس القيادة الرئاسي والحكومة أن يستفيدو من هذه الظروف الدولية لتشكيل تحالفات إقليمية ودولية تدعم الحكومة الشرعية، وتساهم في تعزيز قدرات الجيش الوطني لمواجهة الحوثيين.

لكن رغم هذا السياق الدولي الذي كان يصب في صالح الشعب اليمني، فإن الخلافات الداخلية والتباينات، أفقدته القدرة على الاستفادة من هذه الفرصة وجعلته يفقد الدعم الدولي المتزايد الذي كان في مصلحة الحكومة الشرعية.

تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية

ومع استلام ترامب مقاليد الرئاسة في الولايات المتحدة، أدرج الحوثيين كمنظمة إرهابية، وهو تصنيف كان له آثار كبيرة على عزل الحوثيين على الصعيدين الدولي والمالي.

كانت هذه اللحظة بمثابة فرصة مهمة لمجلس القيادة الرئاسي لزيادة الضغوط على الحوثيين من خلال تعزيز الدعم الدولي، وكشف تجاوزاتهم وانتهاكاتهم لحقوق الإنسان، فضلاً عن استعادة بعض المناطق التي ما زالت تحت سيطرتهم.

ولكن المجلس لم يستغل هذه الفرصة بالشكل الأمثل، بل انشغل بالمهام التي ينفذها وفق الأجندة الخارجية التي جعلت من الصعب توجيه الاهتمام إلى هذه القضية المهمة.. من خلال غياب التنسيق الفعال بين أعضاء المجلس، ضاعت فرصة مهمة لتقليص نفوذ الحوثيين وتعزيز موقف الحكومة الشرعية في الساحة الدولية.

الحكم من الخارج وغياب المسؤولية

يؤكد مراقبون أن من أبرز العوامل التي ساهمت في ضياع الفرص هو أن قيادة البلاد كانت تدير من الخارج، بعيداً عن الواقع اليمني.. هذه الوضعية جعلت من الصعب على مجلس القيادة الرئاسي أن يتعامل بشكل مباشر مع الأزمات اليومية التي يواجهها الشعب.

في وقت كان فيه الشعب اليمني يتطلع إلى رؤية قيادة محلية تواجه التحديات من داخل البلاد، بقي المجلس والحكومة في الخارج، ما أفقده القدرة على التأثير المباشر في سير المعركة ضد الحوثيين.

وأكدوا أنه كان من المفترض أن تكون القيادة في الداخل لتكون أقرب إلى الشعب وتعكس حاجاته الحقيقية. لكن بدلاً من ذلك، ظل المجلس بعيداً، وهو ما أثر سلباً على فعالية القرارات السياسية وعمق التواصل مع المجتمع اليمني.

استعادة الدولة تبدأ من الداخل

كما يؤكد المراقبون أن استعادة الدولة من الحوثيين لا يمكن أن تتم إلا من خلال العودة إلى الداخل. لا بد لمجلس القيادة الرئاسي التركيز على مهامه الدستورية، وبناء الدولة اليمنية، واستعادة مؤسساتها. عودة القيادة إلى داخل اليمن من شأنها أن تعزز الثقة بين المواطنين والحكومة الشرعية، وتسمح لها باتخاذ القرارات اللازمة لمواجهة الحوثيين بفعالية أكبر.

وشددوا على ضرورة أن تكون الأولويات في هذه المرحلة واضحة بداية باستعادة الأراضي والدولة من المليشيات الحوثية، وتنسيق الجهود بين جميع القوى الوطنية في مواجهة الحوثيين، وتحقيق وحدة وطنية حقيقية بعيداً عن الانقسامات التي طالما أضعفت الجهود المشتركة.

وأشاروا إلى أن هذه هي الخطوة الأولى نحو استعادة السيطرة على البلاد، وتكوين يمن جديد يعكس طموحات الشعب اليمني في الأمن والاستقرار.

وأكدوا أن العودة إلى الداخل هي الحل الأمثل لتحقيق الأهداف الوطنية. بدونها، لن يستطيع اليمن التغلب على تحدياته الداخلية والخارجية، ولن يتمكن من تحرير البلاد من قبضة الحوثيين الذين يستمرون في السيطرة على معظم مناطق اليمن.

مقالات مشابهة

  • الانتقالي يدعو الرئاسي و”حكومة عدن” إلى العمل من الداخل
  • في موقف غريب: المجلس الانتقالي الجنوبي يطالب بعودة الحكومة اليمنية والمجلس الرئاسي إلى ممارسة مهامهما من العاصمة المؤقتة عدن
  • شاهد| اليمن وقائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي.. حضور متميز في وجدان الشعب الفلسطيني
  • الانتقالي يدعو الرئاسي والحكومة إلى العمل من عدن ويحملهما مسؤولية تدهور الأوضاع الاقتصادية
  • “المجلس الانتقالي” يدعو الرئاسي والحكومة للعمل من عدن
  • الرئيس العليمي يتحدث عن الخيار الأكثر ضمانًا لتحقيق السلام في اليمن وأهمية القرار الأمريكي الأخير ضد الحوثيين
  • الانتقالي يهدد “حكومة عدن” بالفيتو
  • غياب مجلس القيادة الرئاسي والحكومة يتسبب في ضياع فرص إنهاء الانقلاب وتحرير اليمن من الحوثيين
  • قيادات في الانتقالي تعترف بكارثية الأوضاع الاقتصادية جنوب اليمن
  • وزير الخارجية اليمني: تحجيم دور الحوثي يساهم في استقرار الشرق الأوسط