تواصلت هجمات الجيش الإسرائيلي وعملياته البرية الكثيفة في قطاع غزة المحاصر والمهدد بالمجاعة بعد أكثر من سبعة أشهر على بدء الحرب التي تجاوزت، الأحد، حصيلة ضحاياها 35 ألف شخص بحسب وزارة الصحة في القطاع.

منذ بدء الحرب، ألحق الجيش الإسرائيلي دمارا هائلا في القطاع الفلسطيني الصغير والمكتظ، حيث "لا أماكن آمنة"، وفق الأمم المتحدة لنحو 2,4 مليون نسمة.

وتتصاعد المخاوف الدولية حاليا بشأن مدينة رفح في أقصى جنوب قطاع غزة، والتي يتجمع فيها نحو 1,4 مليون فلسطيني، غالبيتهم نزحوا من مناطق أخرى بسبب القصف المدمر والقتال.

تعتبر إسرائيل أن رفح هي آخر معقل لحركة حماس، وتريد شنّ هجوم بري واسع عليها.

لكن بالنسبة لوزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الذي تعارض بلاده أي هجوم كبير على رفح، "سيبقى آلاف العناصر المسلحين من حماس" حتى بعد هجوم مماثل. وقال لمحطة "أن بي سي" إن الهجوم من شأنه أن يزرع "الفوضى" مع احتمال عودة حماس في نهاية المطاف.

وذكر مراسلو وكالة فرانس برس وشهود عيان أن الغارات الجوية الإسرائيلية استهدفت عدة مناطق في القطاع الفلسطيني بما فيها رفح.

وقال المتحدث باسم هيئة المعابر في غزة هشام عدوان إنّ "آليات عسكرية إسرائيلية تقدّمت من الشريط الحدودي... بعمق حوالى 2,5 كيلومتر" حيث توقفت.

وأكد الجيش الإسرائيلي أن قواته تواصل عملياتها "محددة الأهداف" في شرق رفح، معلنا قتل عشرة مقاتلين من حماس في المنطقة.

من جهتها، أعلنت كتائب القسام الجناح المسلح لحركة حماس المدرجة على قائمة الإرهاب الأميركية، مسؤوليتها عن قصف جنود ومركبات إسرائيلية بالقرب من معبر رفح.

في الأثناء، قتل ما لا يقل عن 63 شخصا في غزة خلال الأربع وعشرين ساعة الماضية، وفق ما أفادت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس. كذلك أعلن مستشفى في رفح أنه استقبل 18 جثة.

"لا أماكن آمنة"

قال محمد حمد، من سكان الأحياء الشرقية في مدينة رفح لوكالة فرانس برس، إنّ "قذائف المدفعية لم تتوقف على الإطلاق... استيقظنا في إحدى الليالي على أصوات مجنزرات الدبابات والمدرّعات وشعرنا للحظة أنها على باب البيت".

وذكر الجيش الإسرائيلي في بيان أنه بعد أوامر الإخلاء التي أصدرها، غادر نحو 300 ألف شخص شرق رفح، موضحا أن مناطق الإخلاء هي "مسرح لأنشطة حماس".

من جهته، حذّر مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك الأحد من "احتمال ارتكاب مزيد من الجرائم الوحشية" في حال تنفيذ هجوم واسع على مدينة رفح، مؤكدا أنّ هجوما كهذا يتعارض مع "القانون الدولي الإنساني".

وتساءل تورك في بيان "تطال أوامر الإخلاء الأخيرة ما يقرب من مليون شخص في رفح. إذا إلى أين يتعين عليهم الذهاب الآن؟ لا أماكن آمنة في غزة!".

بدوره، قال المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني عبر منصة أكس "تواصل السلطات الإسرائيلية إصدار أوامر التهجير القسري (..) وهذا يجبر سكان رفح على الفرار إلى أي مكان"، مضيفا "الحديث عن المناطق الآمنة كاذب ومضلل. لا يوجد مكان آمن في غزة".

واتهمت حماس في بيان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، بـ"الانقلاب" على مسار المفاوضات للتوصل إلى هدنة في القطاع.

كذلك، دانت الحركة تصريحات للرئيس الأميركي، جو بايدن، اعتبرت أنها تشكل "تراجعا" عن نتائج المفاوضات التي عقدت جولتها الأخيرة في القاهرة هذا الأسبوع.

واعتبر بايدن، السبت، أن وقف إطلاق النار ممكن "غداً" إذا أفرجت حماس عن الرهائن الذين تحتجزهم في غزة منذ السابع من أكتوبر.

يأتي ذلك بعد أيام من إعلان حماس أنها قبلت مقترحا من الوسطاء (مصر وقطر والولايات المتحدة) بشأن الهدنة، لكن إسرائيل ردت بأن المقترح "بعيد عن مطالبها".

وفي تطور ملحوظ، أعلنت مصر أنها تعتزم الانضمام إلى جنوب إفريقيا في الدعوى المقدمة إلى محكمة العدل الدولية للنظر في ارتكاب إسرائيل جرائم "إبادة" في قطاع غزة، وذلك "في ظل تفاقم حدة ونطاق الاعتداءات الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين".

فتح معبر جديد

بحسب الجيش الإسرائيلي، قُتل 272 عسكريا في الحملة البرية على غزة منذ 27 أكتوبر.

من جهته، جدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأحد دعوته إلى "وقف فوري لإطلاق النار" و"وزيادة فورية في المساعدات الإنسانية" لقطاع غزة، مطالبا أيضا بـ"الإفراج غير المشروط" عن جميع الرهائن.

وقال غوتيريش في كلمة مسجّلة بُثّت خلال مؤتمر دولي للمانحين في الكويت "تتسبب الحرب في غزة في معاناة إنسانية مروعة - تزهق الأرواح وتشتت شمل العائلات وتجعل أعداداً هائلة من الناس بلا مأوى، يعانون من الجوع والصدمة".

وإيصال المساعدات إلى غزة متوقف عمليا وفقا للأمم المتحدة منذ أن دخل الجيش شرق رفح الاثنين وسيطر على المعبر الحدودي مع مصر، ما أدى إلى إغلاق نقطة دخول رئيسية لقوافل المساعدات.

في هذا السياق، أعلن الجيش الإسرائيلي الأحد عن فتح معبر جديد هو "معبر إيريز الغربي" مع شمال قطاع غزة للسماح بدخول المساعدات. وأفاد مراسل وكالة فرانس برس بأن نحو ثلاثين شاحنة محملة بالمساعدات دخلت من شمال القطاع ووصلت إلى مدينة غزة.

أكثر من ملياري دولار لإعادة الإعمار 

في الكويت، تعهّدت جهات مانحة الأحد تقديم أكثر من ملياري دولار لدعم قطاع غزة.

وجاء في البيان الختامي للمؤتمر الذي نظمته الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن المبلغ وهو ملياران و696 ألفاً و314 دولاراً "يتم تنفيذه خلال العامين 2024، 2025، وستعمل المبادرة خلال العامين القادمين -كمرحلة أولى قابلة للتمديد- على حشد الجهود لدعم التدخلات الإنسانية المنقذة للحياة في قطاع غزة".

وإلى جانب المؤسسات الكويتية، شارك في مؤتمر المانحين مؤسسة "قطر الخيرية"، مؤسسة الإغاثة الإنسانية التركية، منظمة الإغاثة الإسلامية في برمنغهام، مؤسسة الخير في بريطانيا، إلى جانب جهات حكومية ورسمية ومنظمات عمل خيري وإنساني عدة، بحسب بيان صادر عن "أوتشا".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی فی القطاع قطاع غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

أمريكا تعترف بحماس بعد اعتراف الجيش الإسرائيلي بالهزيمة

 

 

لا يمكن الفصل بين لقاء الموفد الأمريكي لمفاوضات وقف إطلاق النار مع وفد حركة حماس، وبين اعتراف الجيش الإسرائيلي بالهزيمة في السابع من أكتوبر، ففي عالم السياسة تصير الوقائع الميدانية هي صاحبة القرار، وهي التي تفرض الحقائق السياسية، فجاء القرار الأمريكي بلقاء قادة حركة حماس في الدوحة تتويجاً لمرحلة طويلة من المواجهات الميدانية، وحروب الإبادة التي أسفرت عن معطيات ميدانية تؤكد استحالة القضاء على المقاومة الفلسطينية، واستحالة التخلص من الفكرة التي قامت عليها حركة حماس، وغيرها من حركات المقاومة.
لقاء المبعوث الأمريكي بوفد حركة حماس استسلام أمريكي لواقع غزة التي ترفض الهزيمة، وترفض التهجير، وترفض الموت على فراش المذلة والانكسار، إنه الخضوع الأمريكي للواقع، ولإرادة الشعوب الحرة، وهذا ليس بالجديد على السياسة الأمريكية الواقعية، والتي ترى مصالحها الاستراتيجية من خلال المعطيات الميدانية، وهي كالأفعى تؤمن بنظرية الدوران 180 درجة سياسية بغرض اللدغ، وتحقيق الهدف، وهدف أمريكا في هذه المرحلة، ولاسيما بعد العناد الذي أبدته قيادة حركة حماس، وبعد الصمود الذي أظهره الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، هدف أمريكا هو التهدئة في المنطقة العربية المتفجرة، من خلال تهدئة الأوضاع في قطاع غزة، وهذه السياسة الواقعية تتعارض مع مجمل تهديدات الرئيس الأمريكي بصب الجحيم على رأس أهل غزة، وتهجيرهم من بلادهم، والتي تكشف زيفها، وبانت كتهديدات عرضية، الهدف منها الضغط على الأنظمة العربية، وابتزاز المفاوض الفلسطيني.
هذه السياسة الأمريكية الواقعية نجحت قبل عشرات السنين مع قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، التي كانت تمثل الإرهاب من وجهة نظر أمريكا وإسرائيل، وكانت منبوذة دولياً، وكانت محاربة من أمريكا قبل أن تحاربها إسرائيل، حتى إذا جاءت انتفاضة الحجارة 1978م، وركبت قيادة منظمة التحرير على ظهرها، وأوصلت قناعتها إلى السياسة الأمريكية والإسرائيلية، بأن قيادة المنظمة التحرير الفلسطينية هي الوحيدة القادرة على ضبط الشارع الفلسطيني، وهي الممثل القادر على التساوق مع السياسة الأمريكية، والقادر على تمرير الاتفاقيات التي تستجيب للشروط الإسرائيلية.
وتم التوقيع على اتفاقية أوسلو 1993م في ساحة البيت الأبيض، وصار اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بدولة إسرائيل على حدود 1948م، مقابل الاعتراف الإسرائيلي والأمريكي بمنظمة التحرير ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني، وعلى هذا الأساس جاء قادة منظمة التحرير ومن رضوا عنه إلى الأراضي المحتلة، جاءوا حكاماً وأسياداً ومسيطرين ومنتفعين من مميزات الحكم، حتى وصل بهم الأمر، وبعد أكثر من ثلاثين سنة على اتفاقية أوسلو أن ارتضوا بمهمة المحلل الشرعي للاحتلال، والوكيل الحصري لأمن المستوطنين، وهذا ما يتوجب على حركات المقاومة الفلسطينية أن تنتبه إليه، وأن تأخذه بعين الحذر والانتباه، فأمريكا لا تعطي لقاءات مع حركة تحرر مجاناً، ولا تعترف بمنظمة تصفها بالإرهاب قبل أن تجبي منها الثمن، وأمريكا هي راعية التدجين والترويض في المنطقة، ولا تمد أمريكا بساطها الأخضر مجاناً.

كاتب ومحلل سياسي فلسطيني

مقالات مشابهة

  • أمريكا تعترف بحماس بعد اعتراف الجيش الإسرائيلي بالهزيمة
  • الجيش الإسرائيلي يعيّن متحدثا جديدا خلفا لهاغاري
  • يديعوت أحرونوت: الجيش الإسرائيلي في أزمة غير مسبوقة
  • الجيش الإسرائيلي يقتحم بلدات ومدنا في الضفة الغ
  • هذا عدد أسرى الاحتلال الذين قتلوا بنيران الجيش الإسرائيلي في غزة
  • هآرتس تكشف عدد الأسرى الذين قتلوا بنيران الجيش الإسرائيلي في غزة
  • "هآرتس" تؤكد مقتل 41 أسيرا في غزة بنيران الجيش الإسرائيلي
  • تجدد القصف الإسرائيلي على قطاع غزة.. دول أوروبية ترحب بالخطة العربية لإعادة الإعمار
  • الجيش الإسرائيلي يقصف فلسطينيين حاولوا الاستحواذ على طائرة دون طيار سقطت في غزة
  • حماس: حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة تتجاوز 12 ألف شهيدة