محللون: خيارات نتنياهو في غزة محدودة وخلافه مع الجيش يعزز الانقسام
تاريخ النشر: 13th, May 2024 GMT
اتفق محللون سياسيون على أن الخلاف المتصاعد بين جيش الاحتلال الإسرائيلي وحكومة بنيامين نتنياهو سيعزز الانقسام الداخلي في إسرائيل، خاصة مع قناعة الجيش بأنه بات يُوظف لخدمة أجندة سياسية وأيديولوجية لصالح اليمين المتطرف.
وبحسب الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني أحمد الحيلة، هناك شعور يجتاح جيش الاحتلال وضباطه ورئيسه أركانه بأن نتنياهو يضيع فرص إنجاز شيء ما في غزة، بدفعهم نحو معارك جديدة شمالي قطاع غزة وجنوبه.
وتوقع الحيلة، خلال حديثه لبرنامج "غزة.. ماذا بعد"؟"، أن يعزز -إعلان الجيش إصابة 50 جنديا خلال الـ24 ساعة الماضية في غزة- الانقسام مع حكومة نتنياهو، مضيفا أن الجيش يشعر بأنه يستهلك ويوظف لتحقيق أهداف اليمين.
ولفت إلى أن الخلافات كانت موجودة قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول على خلفية التعديلات القضائية، لكنها ازدادت بعد هذا التاريخ والإخفاق في تحقيق أهداف الحرب، ومحاولة نتنياهو تحميل المؤسسة العسكرية مسؤولية ذلك.
ووفق الحيلة، فإن المشهد في غزة معقد بالنسبة لنتنياهو بعدما فشل في "مراكمة الإنجازات التكتيكية إلى إستراتيجية" بفضل صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته مما حول المعركة إلى استنزاف، بالتوازي مع فشل جيش الاحتلال في بناء معادلة سياسية لما يسمى اليوم التالي للحرب.
وشدد على أن خيارات نتنياهو محدودة بعد إهداره فرصة جديدة لوقف العدوان وإنهاء ملف الأسرى وتسوية الأوضاع في غزة، مرجحا أنه سيدفع باتجاه خيار القوة العسكرية لإضعاف حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من خلال السيطرة على محور صلاح الدين بعد احتلال معبر رفح.
ويعتقد نتنياهو -بحسب المحلل السياسي الفلسطيني- أن هذا الخيار مقدمة لإدارة مدنية لقطاع غزة تحت السيطرة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، لكنه شدد في الوقت عينه على أن ميزان القوة في الميدان هو من يرسم هذه الخطط، متوقعا "تجمد" مفاوضات وقف إطلاق النار بانتظار ملامح اجتياح رفح ونتائجه.
نتنياهو ومواصلة التهرب
من جانبه، يقول الكاتب المختص بالشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين إن جيش الاحتلال يحاول ترتيب صفوفه بعد إخفاق 7 أكتوبر/تشرين الأول، في حين يحاول نتنياهو التهرب من مفهوم النصر المطلق وسيناريو "اليوم التالي للحرب".
ولطالما حاولت إسرائيل شن حروب قصيرة لكي تتجنب هذه السيناريوهات -وفق جبارين- الذي قال إن حكومة نتنياهو تولي أهمية للاستيطان في غزة مستدلا بمشاركة 10 وزراء وأعضاء كنيست في مؤتمر ذي صلة، في حين غابت أي مشاركة وزارية في مؤتمر حول الأسرى.
ولفت إلى أن نتنياهو يقلص حجم معارضيه كزعيم المعارضة يائير لبيد وعضوي مجلس الحرب بيني غانتس وغادي آيزنكوت بسبب افتقارهم للخبرة السياسية مما يعزز تفرده بالساحة الداخلية.
وأضاف أن نتنياهو لا يبالي بالبطاقة الصفراء التي أشهرتها واشنطن في وجهه، مشيرا إلى أنه بنى "قبة حديدية" تتصدى للهجمات الخارجية ويحاول التعامل مع ضغوطات الداخل خاصة أن لديه مشروعا أيديولوجيا للسيطرة على الأرض و"قومجة" اليمين الإسرائيلي.
"اللعب على التناقضات"
من جانبه، قال الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري إن ما جرى اليوم في حي الزيتون بمدينة غزة ومخيم جباليا شمالي القطاع، وقبل 3 أيام في رفح جنوبا، سيعزز الانقسام في إسرائيل.
ووفق الدويري، فإن هذه الأحداث تعيد إلى الأذهان بدء العمليات شرقي غزة في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وما قيل حينها عن تفكيك كتائب القسام -الجناح العسكري لحماس- بالقاطع الشمالي.
ويرى أن أحاديث إسرائيل عن القضاء على حماس وتفكيك جناحها العسكري واستعادة الأسرى ذهبت أدراج الرياح، مستدلا بإعلان جيش الاحتلال إصابة 50 جنديا خلال آخر 24 ساعة، إلى جانب تدمير ناقلة جند واستهداف 8 دبابات إسرائيلية وفق بيانات القسام.
وحول المشهد الميداني المتوقع، يقول الخبير العسكري إن ما يحدث حاليا من توسيع دائرة القتال لتشمل كافة أرجاء القطاع هي ترجمة فعلية لتصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، متوقعا انكفاء وإعادة انتشار للقوات الإسرائيلية لاستيعاب صدمة الخسائر اليوم شمالي القطاع.
ورجح الدويري استمرار القصف الجوي، ومواصلة إرسال رسائل تحذير لتهجير مجموعات جديدة من الغزيين، بالتوازي مع مناورات برية قرب السياج الحدودي، حيث يسعى نتنياهو لمواصلة اللعب على تناقضات واشنطن وكسب مزيد من الوقت.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات جیش الاحتلال فی غزة
إقرأ أيضاً:
محللون: إقرار جيش إسرائيل بفشل 7 أكتوبر يطمس حقائق طوفان الأقصى
القدس المحتلة- وجه كتّاب ومحللون عسكريون وسياسيون انتقادات شديدة اللهجة إلى الجيش الإسرائيلي بعد اعترافه بالفشل في منع هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 على مستوطنات "غلاف غزة" وبلدات إسرائيلية في النقب الغربي.
وأجمعت قراءات المحللين على أن نتائج التحقيقات التي كشف عنها جيش الاحتلال تعكس الإخفاق الممنهج بالمؤسسة العسكرية في مواجهة حركة حماس، وكذلك تعمد رئاسة هيئة الأركان العامة طمس الحقائق والتكتم على الحيثيات التي سبقت "طوفان الأقصى"، وهو ما يعزز أزمة الثقة بين الجمهور الإسرائيلي والمؤسسة العسكرية.
واستعرضت تقديرات المحللين الانتقادات التي وجهها كبار الضباط في "فرقة غزة" إلى قيادة الجيش، حيث وجهوا انتقادات شديدة اللهجة إلى رئيس هيئة الأركان العامة هرتسي هاليفي.
وأشارت القراءات إلى أن نتائج التحقيقات توحي بأن هاليفي اعتمد رواية كاذبة بالتخلي عن المستويات الدنيا في قيادة الجيش، وتحميلهم مسؤولية الإخفاق والادعاء بأن الضباط على الجبهة الجنوبية لم يطلعوا رئاسة الأركان على حقيقة وصورة الوضع مع بداية الهجوم المفاجئ.
أين كان الجيش؟
يقول المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل إن نشر تحقيقات الجيش الإسرائيلي لم يكشف إلا عن جزء من صورة الواقع لأحداث السابع من أكتوبر، حيث ما زالت محاور مهمة وقضايا جوهرية غائبة ومفقودة.
إعلانوأضاف هرئيل أن السؤال الذي يطرح مجددا من قبل المجتمع الإسرائيلي هو "أين كان الجيش؟". وأشار إلى أن "دراسة هذه التحقيقات تكشف أنه بالإضافة إلى الإخفاق بالاستعدادات والفشل بالاستخبارات، فإن رئاسة الأركان لم تحقق بعمق بالقضايا الجوهرية، وهو ما يرجح بفتح التحقيقات مجددا من قبل طواقم تحقيق جديدة يعينها رئيس هيئة الأركان العامة الجديد إيال زامير".
ورأى المحلل العسكري أن نتائج التحقيقات توحي بأن الأجهزة الأمنية والعسكرية وبضمنها الجيش وجهاز الأمن الداخلي "الشاباك" تعاملوا باستخفاف مع حركة حماس، بل إنهم لم يفهموا ما تصرح به والخطوات التي تقوم بها.
ويعتقد هرئيل أن الجيش الإسرائيلي ما زال عالقا في السابع من أكتوبر، وهناك خوف دائم لدى المؤسسة العسكرية من أن يكون وقف إطلاق النار على الجبهتين الرئيسيتين غزة ولبنان مؤقتا، إذ من شأن استئناف الحرب أن يكشف عن تآكل قدرات الجيش واستنزافه.
وتحت عنوان "نشر تحقيقات الجيش الإسرائيلي.. قليل جدا، ومتأخر جدا، ومثير للمشاكل"، كتب المحلل العسكري يوسي يهوشع مقالا في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ينتقد فيه أداء الجيش بالتعامل مع التحقيقات الداخلية، حيث أتت نتائج التحقيقات في أحداث 7 أكتوبر -حسب كلامه- مستهلكة ولم تبحث بالعمق، وعليه لا بد من تشكل لجنة تحقيق رسمية حتى لا تتكرر صدمة "يوم الغفران" (حرب أكتوبر 1973).
ويعتقد المحلل العسكري أن رئيس الأركان المنتهية ولايته أرجأ الانتهاء من التحقيقات ثم حرص على أن تخرج جميعها في وقت واحد بطريقة تجعل من الصعب على الجمهور الإسرائيلي الخوض فيها، في محاولة للإبقاء على ضبابية المشهد وطمس الحقائق.
وحتى قبل الخوض في نتائج التحقيق، يضيف يهوشع "لا بد من الاستغراب من واقع أن الجيش الإسرائيلي يقف وحيدا في طليعة التحقيقات، في حين لم يقدم الشاباك نتائجه الخاصة. إن هذا السلوك مثير للغضب لأن مسؤوليته من منظور استخباراتي هي عين مسؤولية الجيش الإسرائيلي، وفي الوقت نفسه، لا يمتنع المستوى السياسي من التحقيق في أدائه في ذلك السبت الأسود والأيام التي سبقته وحسب، بل إنه يبذل كل ما في وسعه لمنع تشكيل لجنة تحقيق رسمية".
إعلانويختم يهوشع أنه في 7 أكتوبر "انهارت العقيدة الأمنية، وعليه فإن جميع الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بالعقد الأخير تتحمل مسؤولية الفشل والإخفاق، فضلا عن ضباط في هيئة الأركان العامة وكبار مسؤولي الشاباك. وهناك جانب آخر دراماتيكي في التحقيقات وهو الاعتراف بوجود ثقافة تنظيمية مروعة، والتي كلفت إسرائيل حربا هي الأكثر فظاعة في تاريخ البلاد".
نتنياهو "ضحية"وعلى صعيد تداعيات نتائج التحقيقات على الساحة السياسية، يقول المحلل السياسي في الموقع الإلكتروني "زمان يسرائيل" شالوم يروشالمي إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حاول الإبقاء على كرة الإخفاق والفشل في ملعب الجيش وأجهزة الاستخبارات بزعم أنه "ضحية" حيث تواصل رئاسة هيئة الأركان العامة إخفاء المعلومات عنه.
وأوضح يروشالمي أن إسراع مكتب رئيس الوزراء بإصدار البيان الاستثنائي الذي يشكو من أن نتنياهو لم يتلق التحقيقات العسكرية في أحداث 7 أكتوبر، هي محاولة منه للتنصل من المسؤولية والإبقاء على أصابع الاتهام بالفشل والإخفاق موجهة إلى الجيش وأجهزة الاستخبارات، وهو بذلك يعتمد النهج ذاته بالتنصل من المسؤولية وتوجيه الاتهامات للآخرين.
ورجح المحلل السياسي أن نتائج التحقيقات والإخفاقات وتراشق الاتهامات سترافق المشهد الإسرائيلي لفترة طويلة، قائلا "مع مرور الوقت، قد يتمكن نتنياهو من إقناع الجميع بأن من فشلوا وأخفقوا أنهوا الخدمة وما عادوا بمناصبهم، وأن القصة انتهت، وأنه انتقل إلى الأمام لمحاربة الأعداء وبناء شرق أوسط جديد".