لجريدة عمان:
2025-04-01@20:34:21 GMT

الجامعات مراكز وعي ومشاعل تنوير

تاريخ النشر: 12th, May 2024 GMT

مع بداية العدوان الإسرائيلي على غزة اعتنق بعض الأكاديميين في الجامعات الغربية نصرة القضية الفلسطينية دون أي تفكير في قائمة الخسارات (وإن كانت كبيرة وصلت حدّ الفصل أو الإيقاف عن التدريس في بعض الأحيان) هذه القناعة كانت قناعة فردية بدأت بالنمو تدريجيا لتبلغ كثيرا من منتسبي الجامعات الذين تأثروا بمراقبة ما تقوم به إسرائيل مدعومة من حكوماتهم بكل السبل مما أسس لمرحلة جديدة من الوعي السردي التاريخي تجاه قضية فلسطين، والموال الإسرائيلي المتحايل الذي كان يربط بين إسرائيل كدولة مفترضة ورواية اضطهاد اليهود وضرورة إنصافهم بمنحهم هذه الدولة الطارئة، يريدون لها البقاء على سردياتهم المصطنعة كما أن ظهورها ونشأتها كانا على السرديات ذاتها التي تحاول التشبث بعنق الديانة وإن كانت بريئة منها، وهذا هو ما أدركه كثير من مفكري العالم الغربي ومحاضريهم في الجامعات الغربية فضلا عن جماهير المتلقين الذين وصلهم من العالم الرقمي المفتوح ما يكفي لتبديل السردية التاريخية للمظلمة الإسرائيلية تماما كتبديل آرائهم حول قضية فلسطين وسياسة بلدانهم في الشرق الأوسط.

كان وعيا تراكميا بُني عبر مراحل من الانفتاح على الآخر والتثبت من حقيقة جرائم إسرائيل وحلفائها تجاه الإنسانية وحق الناس في أوطان آمنة وحريات وحقوق محفوظة.

هذا الوعي التراكمي دفع الكثير من متلقيه ومعتنقيه إلى التحليل والربط وصولا إلى مسؤولية الجميع في تغيير مسار الأحداث ومسارات الوعي والتفكير لدى طلبة الجامعات تحديدا، فلماذا يمكن أن يمثل الطلبة أهمية في سياق كهذا؟ لطالما كانت الجامعات - تاريخيا - مراكز تنوير وتحولات في الوعي، وتبدل في مسار الأحداث سياسيا واقتصاديا واجتماعيا عبر مراحل من التأثر المعرفي والتأثير المجتمعي، وهو ما جعل محيط الجامعات بكافة منتسبيه هدفا رئيسا للساسة وصنّاع القرار الذين أدركوا خطورة وأهمية هذا القطاع الحيوي من حاضنات العلم ومراكز المعرفة، منها عبرَ كثير من البرلمانيين ورؤساء الأحزاب والساسة وفيها تشكلت كثير أهم التحولات الثورية في تاريخ الدول والشعوب. المظاهرات الطلابية الداعمة لغزة تعيد إلى الأذهان مقارنات كثيرة كمشاهد إخلاء الشرطة الطلاب المعتصمين في جامعة كولومبيا الشهيرة في نيويورك منذ أيام، التي دعت لاستذكار ما جرى في المظاهرات المناهضة لحرب فيتنام عام 1968 في نفس الجامعة.

ولأنها بيئة مؤثرة استفزت حكومة إسرائيل ليصرخ نتانياهو قائلا «ما يحدث في حرم الجامعات الأمريكية أمر مروع. استولت حشود معادية للسامية على الجامعات الرائدة، إنهم يدعون إلى إبادة إسرائيل، ويهاجمون الطلاب اليهود، ويهاجمون أعضاء هيئة التدريس اليهود، وهذا يذكرنا بما حدث في الجامعات الألمانية في الثلاثينيات»

أسطوانة مشروخة كذّبها الكثير من الأكاديميين من اليهود أنفسهم ومن بينهم بروفيسور الصحافة بجامعة جنوب كاليفورنيا، أفوا هيرش التي قالت: «أنا حقا مستاءة من المقارنة؛ عاش جدي في ألمانيا في ثلاثينيات القرن العشرين عندما كان شابًا يهوديًا، وأصبح هو والعديد من معاصريه مناصرين للسياسة التقدمية طوال حياتهم، وكانوا ضد القومية العرقية، وضد استخدام العنف بسبب ما مروا به، تعكس هذه المعتقدات بالضبط ما يدعو إليه هؤلاء الطلاب» وأضافت: «أود أن أقول لشخص مثل نتنياهو، كيف يبدو الاحتجاج ضد حرب إسرائيل في غزة الذي لا يكون معاديًا للسامية؟ لأنه يسارع إلى استخدام «معاداة السامية» كسلاح لإغلاق التدقيق المشروع والمساءلة عن تصرفات إسرائيل»

هذا الخطاب الواعي لم يكن متداولا أو مألوفا لكنه اليوم يسري سريان النار في الهشيم بوتيرة متسارعة مدهشة تفوق ما حاولناه كعرب أعواما طويلة.المظاهرات الجامعية التضامنية مع الفلسطينيين وحقهم في أوطانهم وفي عدالة العالم لم تكن مجرد مظاهرات حماسية انفعالية فقد استمرت تصاعديا إلى أن وصلت حد المطالبات الصريحة بوقف التعاون مع حكومة إسرائيل وقد نجح بعضهم في ذلك فعليا متابعين قائمة طلباتهم عبر تشكيل جبهة ضغط واعية تدرك أهدافها ومنطلقاتها، وتؤمن بثوابت إنسانية لا تقبل الازدواجية.

عدوى الوعي الإنساني والتضامن العالمي مع الحق الفلسطيني انتقلت من جامعات أمريكية إلى جامعات أخرى في دول العالم تضامنا مع الطلبة والمحاضرين المعتقلين دفاعا عن قناعاتهم وتأكيدا لصحة هذه المعتقدات إنسانيا، ولذلك تأثيره على المجتمع وحتى السياسات القادمة وهو ما صرّح به السيناتور الأمريكي عن ولاية فيرمونت، بيرني ساندرز خلال مقابلة أجراها مع مذيعة شبكة CNN، كريستيان أمانبور إن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو «يهين ذكاء الشعب الأمريكي»، مضيفًا أن «ما فعله (نتنياهو) هو صرف الانتباه، وقد وقعت وسائل الإعلام الأمريكية عمومًا في فخ القول بأن أي احتجاج ضد إسرائيل هو معادٍ للسامية»والحقيقة أن أي محاولات لقمع هذه المظاهرات سيكون مؤثرا لا على الانتخابات الأمريكية وحدها، بل على الانتخابات الأوروبية القادمة كذلك.

ختاما: ما زلنا نعوّل على وعي الشعوب متمثلا في حصيلة هذا الصراع الذي استغرق أكثر من نصف قرن واستنزف كثيرا من الأرواح والموارد، وها هو التاريخ يأتي بخلاصة مفادها أن العبرة في الخواتيم، وأن كل ما تم تأليفه وترويجه -من أكاذيب ومغالطات في السرديات الإسرائيلية التي تحاول الالتصاق بتلابيب الديانة اليهودية لإثبات مشروعيتها وتوسيع رقعة مظلوميتها وتبرير مظالمها – تهاوى عبر هذه المرحلة التي غربلت كل ذلك، وانتصرت لحق الضحايا في الدعم والتأييد بعدما كانوا يموتون حاملين آلامهم وخذلانهم في أوطانهم وفي إنسان هذا الكون، ولو لم يكن لغزة وشهدائها وتضحياتها من نصر إلا هذا الوعي العالمي لكفاها.

حصة البادية أكاديمية وشاعرة عمانية

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

الوعي: احتشاد المصريين في مختلف الميادين لرفضهم تهجير الفلسطينيين يؤكد وحدة الموقف الشعبي

قال المهندس عادل زيدان، نائب رئيس حزب الوعي، إن احتشاد آلاف المصريين في مختلف الميادين للتعبير عن دعمهم الكامل للقيادة السياسية المصرية، ورفضهم القاطع لأي محاولات تهدف إلى تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، هي رسالة واضحة تؤكد على وحدة الموقف الشعبي والرسمي في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني. ورفض أي حلول تفرض واقع جديد يتنافى مع القوانين الدولية والشرعية الأممية.

برلمانيون: الوقفات التضامنية الرافضة للتهجير تجسد وعي الشعب ووقوفه صفا واحدا خلف قيادته السياسيةبرلماني: تطوير المناطق الصناعية يعزز تنافسية الاقتصاد المصريبرلمانية: إنشاء إسرائيل وكالة لتهجير الفلسطينيين انتهاك صارخ للقانون الدوليبرلمانية: عيد الفطر فرصة لتعزيز قيم المحبة والتكاتف بين أبناء الوطن

واوضح زيدان، في تصريحات صحفية له، أن الدولة المصرية تبذل جهودا لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وهو  يعكس دورها الريادي لمصر في دعم الاستقرار الإقليمي، والسعي لحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، مؤكدا أن موقف مصر واضح منذ القدم وهو رفض محاولات تصفية القضية الفلسطينية من خلال التهجير القسري، وضرورة استمرار الجهود الدولية لوقف العدوان وإغاثة المدنيين.

وحدة الموقف الشعبي

وأشار زيدان، إلى أن هذا الحراك الشعبي أن المصريين، قياده وشعبًا يقفون في صف واحد ضد أي تهديد يستهدف القضية الفلسطينية، ويواصلون دعمهم الدبلوماسي والإنساني للأشقاء الفلسطينيين. كما يعكس التظافر بين الدولة والشعب في مواجهة أي سيناريوهات تهدد الأمن القومي المصري والاستقرار الإقليمي.

واختتم زيدان، ستظل مصر، بتاريخها ومواقفها الثابتة، داعمةً للحقوق الفلسطينية المشروعة، رافضةً أي محاولات لفرض حلول غير عادلة، مؤكدةً أن القضية الفلسطينية ستظل أولوية محورية في سياستها الخارجية وجهودها الدبلوماسية.

مقالات مشابهة

  • تفاصيل التقديم في منح ماجستير ودكتوراة تقدمها أكاديمية البحث العلمي من خلال برنامجها الجديد “خطوة بخطوة”
  • عضو حزب الوعي: وثيقة سند مصر تعبر على الثوابت الوطنية المصرية
  • التعليم العالي: لوائح الجامعات المصرية تتوافق مع المعايير الدولية
  • حزب «الوعي» يطلق «وثيقة سند مصر» لدعم الوطن في مواجهة التحديات ورفض مخطط التهجير
  • الحرية المصري: وقفات الشعب المصري بساحات المساجد تؤكد رفض مصر القاطع لجرائم إسرائيل أمام العالم
  • الوعي: احتشاد المصريين في مختلف الميادين لرفضهم تهجير الفلسطينيين يؤكد وحدة الموقف الشعبي
  • نشاط مكثف لحزب الوعي في الفيوم
  • وزير الرياضة يشهد ختام فعاليات "30 يوم لياقة في رمضان" بالمركز الأوليمبي بالمعادي
  • حركة صهيونية متطرفة تتوعد طلاب الجامعات الأميركية المؤيدين للفلسطينيين بالترحيل
  • حزب الوعي: الدولة المصرية ماضية في تأسيس مرحلة جديدة من التنمية