على مدار يومين متتاليين عقد ملتقى الإسكندرية الأول للسرد العربى فعالياته، والذى نظمته الجمعية المصرية لأصدقاء مكتبة الإسكندرية برئاسة عصام عزت رئيس مجلس الإدارة وحمدان القاضى المدير التنفيذى للجمعية بالتعاون مع مركز الحرية للإبداع الفنى التابع لصندوق التنمية الثقافية بالإسكندرية، بحضور عدد كبير من رموز ومثقفى وأدباء المجتمع السكندرى وطلاب الجامعة.

ويأتى هذا الملتقى ضمن سلسلة من الملتقيات التى تنفذها الجمعية والتى بدأت بملتقى الإسكندرية الأول للشعر العربى فى نوفمبر2023، وتقرر الإعلان قريبًا عن ملتقى الإسكندرية الأول للإعلام.

واحتضنت قاعة المسرح بمركز الحرية للإبداع الفنى فعاليات الملتقى التى احتفت بإبداعات كبار كتاب الرواية والسرد، واستعرضت أربعة نماذج من هؤلاء المبدعين وهم الكتاب الروائيون محمد جبريل وإبراهيم عبد المجيد ويوسف القعيد ومصطفى نصر وسمير الفيل وشريف عابدين.

بدأت وقائع الملتقى بكلمة للشاعر جابر بسيونى مقرراللجنة الثقافية تلتها كلمة عصام عزت رئيس الجمعية المصرية لأصدقاء مكتبة الإسكندرية ألقاها نيابة عنه حمدان القاضى المدير التنفيذى للجمعية الذى رحب فيها برموز الإبداع السكندرى والحضور واستعرض فكرة ونشأة الجمعية وأهم أنشطتها، ثم ألقى الدكتور فتحى أبوعيانة رئيس مجلس إدارة الجمعية السابق كلمة مشيدًا بجهود الجمعية وتنظيم الملتقى والجهود المخلصة التى بذلت من أجل نجاح هذه الفعالية الكبيرة.

بدأت الجلسة الأولى تحت عنوان«محمد جبريل..رؤية نقدية» للناقد الكبير حسين حمودة أستاذ الأدب العربى الحديث بجامعة القاهرة ورئيس تحرير مجلة فصول الأدبية ومقرر لجنة القصة بالمجلس الأعلى للثقافة، الذى أشاد بالملتقى الذى يدور حول تجارب عدد من مبدعين كبار من الإسكندرية، وقال د. «حمودة» إن تجربة محمد جبريل الإبداعية والروائية متسعة جدًا ومترامية الأطراف فى وجهات متنوعة استكشف خلالها عوالم متعددة منها عالم السكندرية، وكتب فى أنواع متنوعة فى القصة والرواية والأدب، واستعرض أستاذ الأدب العربى الحديث نقطة مهمة فى تجربة محمد جبريل، مشيرًا إلى أنها تتحقق خلال روايتين من رواياته وهما لم تنالا ما تستحقان من اهتمام، وهما روايتا «رجال فى الظل» والرواية الثانية«قلعة الجبل»، مع الاحتفاء برصد ثنائية القلعة والمدينة. وأدار الجلسة الدكتور على اليمانى رئيس قسم اللغة العربية بكلية التربية جامعة الإسكندرية.

وألقى الشاعر والروائى الكبير أحمد فضل شبلول كلمة نيابة عن الروائى محمد جبريل.

وتناولت الجلسة الثانية الرؤية النقدية لإبداعات يوسف القعيد للناقدة الدكتورة سحر شريف أستاذ الأدب الحديث بكلية الآداب جامعة الإسكندرية ومقررة الملتقى، حيث قالت: إن الظروف التى حدثت فى الواقع الاجتماعى المصرى بعد ثورة يوليو 1952 خقلت جيلًا من المثقفين والأدباء ذوى سمات خاصة، يطلق عليه جيل الستينيات، ذلك الجيل الذى ينتمى إليه يوسف القعيد وغيره من كتاب السرد النابهين مثل جمال الغيطانى ويحيى الطاهر عبدالله، ومجيد طوبيا، وصنع الله إبراهيم، وأحمد الشيخ، وإبراهيم أصلان وغيرهم، ولقد عايش أبناء هذا الجيل ثورة يوليو بآثارها الإيجابية والسلبية، فعلى مستوى الإيجابيات امتلأت نفوسهم بالزهو تجاه التحرر من الاستعمار وتوفير قدرٍ كبير من العدالة الاجتماعية، حيث مجانية التعليم والإصلاح الزراعى والسعى لتضييق الفوارق الطبقية بين المواطنين، وعلى مستوى السلبيات فقد امتلأت نفوسهم بالانكسار والإحساس بالاغتراب والتشرذم نتيجة تداعيات حدثت بعد الثورة من قمع للحريات وانتكاسات أدت إلى هزيمة 1967، هنا رأى جيل الستينيات نت الأدباء و«القعيد» واحد منهم نماذج تتحطم وأصنامًا تسقط فأخذوا على عاتقهم مهمة التغيير والتجديد فى الأدب، واستطاعوا أن ينتجوا أدبًا معجونًا بمعاناة الشعب وتراوحوا بين تأييد النظام السياسى من ناحية ورفضه من ناحية أخرى، ولقد عبر أدب يوسف القعيد فى مجمله عن توجه أيديولوجى خاص يعكس دور الأدب فى المجتمع وعلاقتاه بالسياسة فى قالب بسيط قريب إلى القراء من الشعب الذى أتى من صفوفه صاحبنا يوسف القعيد، يقول»القعيد» إن أعمالى الأولى، الحداد66 وأخبار عزبة المنيسى 71 وأيام الجفاف 74والبيات الشتوى 74، مكتوبة بوعى الستينيات ووجدانهم، حيث لا يوجد صدام مع السلطة يؤدى إلى رفضها، وإنما كان موقفى الاتفاق على الاستراتيجيات والإجراءات، فمأخذى على النظام فى الستينيات كانت فى شموليته، من هنا يطرح «القعيد» أدبًا يشعر الناس بوجود أخطاء فى مجتمعهم، ففى روايته «يحدث فى مصر الآن» و»الحرب فى بر مصر» و»شكاوى المصرى الفصيح» ترسيخ عميق لدور السياسة فى الأدب، حيث أصبح الهم الاجتماعى ذا وجه سياسى يتمثل فى رفض التبعية للنموذج الغربى الأمريكى والتحيز المطلق لفقراء مصر وإدانة الطبقات التى أثرت على حساب الشعب فى حقبة ما من تارخنا السياسي، بذخ فى الطبقة المترفة فى مقابل شظف العيش فى طبقة الكادحين، أدارت الجلسة الدكتورة رانيا يحيى عميد المعهد العالى للنقد الفنى.

وأدار الجلسة الثالثة الأديب منير عتيبة مؤسس ورئيس مختبر السرد بالإسكندرية بعنوان»رؤية نقدية للآديب والروائى الكبير إبراهيم عبد المجيد» بحضوره، حيث تحدثت الدكتورة وداد نوفل أستاذ البلاغة والنقد بكلية التربية بالمنصورة قائلة: إن من يقرأ إبراهيم عبد المجيد يجد أنه حالة وربما هو حالة غير اعتيادية من الكتابة فى عالمنا الأدبى المصري، والعربى أيضًا، فهو لا يعد كاتبًا نمطيًا يشعل بإبداعه الفنى عمن سواه، لكنه يدهش القارئ بقدراته، وإمكاناته التى كونتها البيئة الاجتماعية والثقافية والجغرافية والمعرفية التى عمل إنمائها وتطويرها بقراءاته المختلفة فى الآداب والفلسفة والسينما والموسيقى والترجمة، ومن ثم كانت هذه الجوائز التى استحقها وكانت المكانة التى تبوأها عن جدارة.

وأشارت إلى أن «عبدالمجيد» فى رأيها هو هذه الحالة من الوعى والوهج التى تميزه منذ الصغر، وأضافت «نوفل» أن حياة «عبدالمجيد» حفلت بكثير من الأحداث والخبرات والأسفار والأشخاص والأماكن التى ميزت هذا الجانب بالثراء، لكن إبراهيم عبد المجيد لم يتوقف عند ذلك، فقد فطن جيدًا إلى الوسائل التى تساعد فى انتهاج الطريق إلى فن الرواية والوسائل التى تؤدى إلى اكتناز المعرفة الضرورية التى من شأنها أن تنهض بهذا الفن، وتجعل منه أعمالًا فنية تنبض بالحياة، وأكدت أستاذ البلاغة والنقد أن الكاتب إبراهيم عبد المجيد هو نموذج مبهر على امتلاك قدرات عقلية بمقوماتها المختلفة فى الكتابة الإبداعية السردية التى تندرج تحت مفهوم غاية فى الأهمية هو مفهوم الوعى. كما تحدث الكاتب الكبير إبراهيم عبد المجيد عن رحلته مع الإبداع والرواية منذ صباه حتى أصبح من من مشاهير الكتاب.

واختتم اليوم الأول بجلسة بعنوان"شريف عابدين رؤية نقدية" للناقد دكتور بهاء حسب الله أستاذ الأدب العربى بكلية الآداب جامعة حلوان وأدارت الجلسة دكتورة ندى يسرى مدرس الأدب العبرى الحديث والمقارن بآداب الإسكندرية.

وبدأت وقائع اليوم الثانى بلقاء الكاتب الروائى السكندرى مصطفى نصر، تحدث فيها د. محمد عبد الحميد خليفة رئيس قسم اللغة العربية بكلية التربية بالمنصورة والأديب محمد عباس على وأدار الجلسة د. نور عابدين أستاذ النقد والبلاغة المساعد بآداب الإسكندرية.

واختتمت فعاليات الملتقى بجلسة مهمة عن الأديب سمير الفيل.. رؤية نقدية تحدث فيها الأديب الروائى والشاعر الكبير أحمد فضل شبلول تحت عنوان «ملامح عرفانية فى أعمال سمير الفيل القصصية» قائلا: إن الأدب العرفانى هو الأدب القائم على المعرفة الباطنية، أو الصوفية، والزهد، والبعد عن الملذَّات الجسدية، أو الترفُّع عن عالم الجسد. و«الكتابة العرفانية تستحضر العلاقة بالماضي، لأن قراءة الماضى يجب أن تصدر عن حضور كامل حيث هو فتح لإمكانية المستقبل الكامن فى كلِّ ماضٍ».

ويسعى الأدب العرفانى إلى إحياء التراث الصوفى وتسليط الضوء على خفايا روحية فى الدين الإسلامي، وبذلك تحرره من النظرة الأحادية وتفتح تراثه على التأويل والاعتبار والأفكار التى تسمو بالفرد من عالم الملذات الضيق إلى عالم التأمل الفسيح فى الكون، والجمال القلبى القائم على المعرفة الروحية.

وبالنظر إلى أعمال الكاتب سمير الفيل القصصية، وخاصة مجموعته «دمى حزينة»، نجد أن الدمية للطفلة شيء غال عزيز المنال، لكنها بمجرد أن تكبر – تلك الطفلة–وتصير ولودًا للأطفال «يبرد» حب الدمية القديم فى قلبها، حسب تعبير أبوالمجد سنائى الغزنوى (أفغانستان 1080 – 1131) فى كتابه «حديقة الحقيقة» التى تُعد أول منظومة صوفية.

فى قصة «تلك الحواجز» نجد من يقول: «لو وصلتَ سالمًا فسوف يُسمح لك بالعيش فى واحة خضراء مع تسع من حور العين» (ص 9). وتتكرر عند الصوفية كلمات: الوصل والوصول والواصلون. يقول العامة «فلان ده واصل». والوصول – عند الصوفية–يبدأ عادة بخرق العادة، ثم الجذبة، ثم المناظر الجذبية التى يسمونها: الكشف، وقد يصل بعضهم إلى الجذبة بدون المرور بخرق العادة.

كما نجد – فى القصة–عبارة «وخفافيـش ظلَّـت تطير فـوق رأسى مبـاشرةً لترتطـم بشـعرى المهـوش، وتعـاود الارتفـاع حتـى ذابـت فى الظلمة».

وفى قصة «المعاطف الرمادية»–بالمجموعة التى سميت على اسم تلك القصة، واحتوت على 14 قصة قصيرة–نجد الضابط الذى «صعد السلم بخفّة قرد، تحت جنح الظلام حيث لا عيون تراه سوى أعين الخفافيش التى كانت تطير فى الحوش».

وأدار الجلسة الأديب السكندرى رشاد بلال، وأوصى الملتقى فى ختام جلساته بتكرار الحدث سنويًا وزيادة عدد الجلسات وأيام الحدث لإتاحة الفرصة لأكبر عدد ممكن من المشاركين وتخصيص جلسة لتقديم شهادات المبدعين على العصر وتكريم الأدباء والمبدعين فى حياتهم وطرح إحدى قضايا الإبداع السردى فى الملتقي، وفى ختام كل جلسة تم تكريم رموز الأدب والإبداع المشاركين فى الملتقى وفى مقدمتهم المحتفى بهم من أدباء الإسكندرية.

المصدر: بوابة الوفد

إقرأ أيضاً:

ليوبولد سيدار سنغور رمز الأدب والسياسة في أفريقيا الحديثة

فيلسوف في السلطة، وشاعر في قلب الدولة، هكذا شكّل ليوبولد سيدار سنغور بصمة عميقة في التاريخ الأفريقي والعالمي.

كان شاعرا ومفكرا وسياسيا جمع بين الكلمة والسلطة، وسعى إلى دمج التقاليد الأفريقية بالقيم العالمية في مشروع حضاري متكامل، فهو مؤسس مفهوم "الزنوجة" وأول رئيس للسنغال المستقلة وعضو في الأكاديمية الفرنسية، كان جسرا بين التقاليد الأفريقية والحداثة العالمية ونموذجا فريدا من التعايش بين ثقافة القارة السمراء والفكر الغربي.

طفولة مشبعة بالثقافتين الأفريقية والفرنسية

وُلد ليوبولد سيدار سنغور في 9 أكتوبر/تشرين الأول 1906 بمدينة جوال الصغيرة بالسنغال، ونشأ في بيئة مسيحية كاثوليكية ضمن مجتمع يغلب عليه الطابع الإسلامي، مما عزز لديه منذ الصغر حس الانفتاح والتعددية الثقافية.

تلقى تعليمه الأولي في السنغال، وأظهر نبوغا مبكرا مكنه من الحصول على منحة دراسية لمتابعة دراسته الثانوية في مدرسة فان فولان بدكار، والتي كانت من أبرز المؤسسات التعليمية في غرب أفريقيا الفرنسية آنذاك.

رحلة علمية نحو فرنسا

سافر سنغور إلى فرنسا عام 1928 لمواصلة دراسته في جامعة السوربون، لكنه التحق فيما بعد بمدرسة لويس لو غران المرموقة، والتقى بالمفكر المارتينيكي إيمي سيزير الذي أصبح شريكه الفكري في بلورة مفهوم "الزنوجة".

إعلان

واصل سنغور تفوقه الأكاديمي حتى نال شهادة التبريز في الآداب عام 1935، ليكون أول أفريقي من غرب أفريقيا الفرنسية يحقق هذا الإنجاز، مما فتح أمامه أبواب التدريس في فرنسا.

خلال فترة رئاسته، ركز سنغور على بناء دولة حديثة تجمع بين التقاليد الأفريقية والإدارة العصرية، مع إيلاء اهتمام خاص بالتعليم والثقافة (غيتي) من القصيدة إلى كرسي الرئاسة

خلال الحرب العالمية الثانية انضم سنغور إلى الجيش الفرنسي، لكنه وقع في الأسر عام 1940 وأُرسل إلى معسكرات الاعتقال في ألمانيا.

لم تمنعه ظروف الاعتقال من الكتابة، بل ألهمته لتأليف بعض من أهم قصائده التي عكست معاناته ورؤيته للعالم، وبعد إطلاق سراحه عام 1942 عاد إلى فرنسا واستأنف نشاطه الأكاديمي والسياسي.

انتُخب سنغور نائبا في الجمعية الوطنية الفرنسية عام 1945، ليبدأ مسيرته السياسية الفعلية.

عمل على تعزيز حقوق المستعمرات الأفريقية داخل النظام الفرنسي، وساهم في تطوير سياسات منح الحكم الذاتي، مما مهد الطريق لاستقلال العديد من الدول الأفريقية.

وبعد استقلال السنغال عام 1960 أصبح أول رئيس للجمهورية، وظل في منصبه حتى 1980، وركز على بناء دولة حديثة تجمع بين التقاليد الأفريقية والإدارة العصرية، مع إيلاء اهتمام خاص بالتعليم والثقافة، ورفض الانغلاق الأيديولوجي، إيمانا بأهمية التعاون بين أفريقيا وفرنسا.

الزنوجة والهوية الأفريقية

يعد سنغور أحد المؤسسين الرئيسيين لحركة "الزنوجة" التي ظهرت ردّ فعل على سياسات الاستعمار الفرنسي التي حاولت طمس الهويات الأفريقية وفرض الهيمنة الثقافية الأوروبية.

ودعا هذا المفهوم إلى استعادة الاعتزاز بالثقافة الأفريقية والتعبير عنها بحرية في الأدب والفنون والفكر السياسي.

وفي كتاباته سعى سنغور إلى إبراز القيم الجمالية والفلسفية للحضارة الأفريقية، رافضا النظرة الاستعمارية التي صورت أفريقيا قارة متخلفة تحتاج إلى الإنقاذ الأوروبي.

وأصبحت "الزنوجة" مرجعا ثقافيا وسياسيا لحركات التحرر الأفريقية والكاريبية، وأسهمت في تشكيل هوية أفريقية حديثة متصالحة مع إرثها وتطلعاتها المستقبلية.

قال سنغور ذات مرة "الثقافة هي روح الأمة وبدونها لا يمكن أن يكون هناك مستقبل" (غيتي) الشاعر في قلب الدولة

لم يكن سنغور مجرد رجل سياسة، بل كان قبل كل شيء شاعرا ومفكرا، امتزجت أشعاره بالروح الصوفية والتعبير العاطفي العميق، إذ استخدم الكلمات أداة للنضال الفكري والدفاع عن الهوية الأفريقية، وترك إرثا أدبيا غنيا، ومن أبرز أعماله:

إعلان "أغاني الظل" (1945): ديوان شعري يعكس تجربته في الحرب ومعاناته خلال الأسر. "إثيوبيا وأسوان" (1956): عمل أدبي يصور رؤيته للهوية الأفريقية وعلاقتها بالحضارة العالمية. "رسالة إلى الصديق الفرنسي": نص يعكس حوارا بين الثقافتين الأفريقية والفرنسية.

آمن سنغور بأن الشعر ليس مجرد كلمات، بل قوة تحررية قادرة على إحداث تغيير عميق في المجتمعات عبر التأثير العاطفي والفكري.

السنوات الأخيرة والإرث الثقافي

بعد تقاعده من السياسة عام 1980 انتقل سنغور إلى فرنسا، حيث واصل الكتابة والبحث الفكري، وفي عام 1983 انتُخب عضوا في الأكاديمية الفرنسية، ليكون أول أفريقي يحظى بهذا الشرف، وهو اعتراف بدوره البارز في الأدب الفرنكوفوني.

توفي في 20 ديسمبر/كانون الأول 2001 عن عمر ناهز 95 عاما، لكنه ترك إرثا فكريا وسياسيا خالدا، ولا يزال تأثيره حاضرا في السنغال والعالم، إذ يُحتفى به باعتباره رائدا في الفكر الأفريقي ومدافعا عن التعددية الثقافية ورمزا للمصالحة بين الهوية الأفريقية والانتماء العالمي.

أثبت سنغور أن الأدب والسياسة يمكن أن يلتقيا في مشروع حضاري واحد، وأن الهوية الأفريقية ليست نقيضا للحداثة، بل هي جزء أصيل منها، وكما قال ذات مرة "الثقافة هي روح الأمة، وبدونها لا يمكن أن يكون هناك مستقبل".

مقالات مشابهة

  • النشر الرقمى وتحديات الذكاء الاصطناعي.. على مائدة إفطار مكتبة الإسكندرية
  • مذكرة من الكتاب والأدباء وكافة المبدعين وأهل القانون، والديبلوماسيين وأساتذة الجامعات السودانية إلى الأمين العام للأمم المتحدة
  • مكتبة محمد بن راشد تناقش كتاب «لكنود»
  • بلاغة العالم لا تكتمل إلا بوجود الأمهات
  • الإطاحة بأربعة إرهابيين وقتل اثنين منهم وإصابة آخرين شرق صلاح الدين
  • محمد رمضان يحتفى بالفائزين في مسابقة مدفع رمضان
  • ليوبولد سيدار سنغور رمز الأدب والسياسة في أفريقيا الحديثة
  • الإسكندرية تستضيف ملتقى «الثروات الثقافية» لتعزيز التبادل السياحي بين مصر وأفريقيا
  • ماركيز ونفي المطلق: هل يعيد السرد إنتاج المقدس؟
  • «رمضان يجمعنا».. ملتقى الإنشاد الديني والترانيم يتألق بروح الإبداع والتسامح