تحليل درامي و خواطر عن مسلسل خمسة و نص…الجزء الأول
تاريخ النشر: 12th, May 2024 GMT
#سواليف
بقلم #فراس_الور
انه #مسلسل يسبق اوانه بلبنان كثيرا، فهو بواقعه لمارد #درامي يمتلك خبرة عتيقة جدا بالإنتاج بسبب عدة عناصر تضافرت لتعطينا عمل درامي ناضج الأبعاد، بالرغم من مأخذى على بعض الأمور التي عانا منها الا انه يعانق بمصنعيته و بجودة الإنتاج اعمال كبيرة في امريكا كالعراب و كمسلسل داينستي و كفالكون كرست، بهذا الحجم و الوزن دخل السباق الرمضاني و هكذا كان هذا العمل يهيمن على الدراما المصرية و العربية و الخليجية ، و لكن لا أقصد ان اجرد باقي الأعمال من قيمتها و مركزها…بالعكس فهنالك العديد من الأعمال رأت نجاحات كبيرة فالهيبة الحصاد نجح بتقديم رواية جديدة عن الهيبة و بطلها شيخ الجبل، و انتي مين ربما كان الحلقة الأضعف الا انه حجز له مكان جيد بفضل فكرة عمله المميزة و الجريئة مع الأعمل المعروضة….
، و هنالك العديد من الأعمال المصرية التي نجحت بلفت انتباه محبي الدراما في مصر…فهذا امر بديهي اذ نرى انتاجا دوليا يحاكي أمور تهم الشارع العربي عموما و ليس فقط المصري من تلك البلاد…و لكن مما لا شك به ان عراب الأعمال في عام 2019 كان خمسة و نص بكل معنى الكلمة…
هذا العمل تمتع بأسلوب اخراج مميز جدا، فأحسن استخدام الجمال بالمشاهد الذي كنا نراه بالمسلسلات التركية…فرأينا مشاهد انيقة الأبعاد في المسلسل…الفيلا الفاخرة التي تحاكي عظمة العائلة الأرستقراطية السياسية التي تحكم الحزب في بيروت…ثروة كبيرة و حرس ذو لباس أنيق و ازياء فاخرة و هيبة سيارات فاخرة للمرافقة…و حتى الأحياء الفقيرة التي صورت الشاهد بها لم تُقَدَمْ لنا بأسلوب بشع كما تفعل كاميرات مخرجي الواقع، فتقدم لنا الفقر كما هو بحلته المؤلمة…و لكن نرى هنا كايمرا تهتم بتقديم الجمال بأبهى حلله و اذ تختلف رسالة العمل الدرامي كثيرا عن ما يقدمه مخرجي الواقع…مما فتح المجال لنأخذ جولة في الإخراج التركي بكاميرا عربية لبنانية أتقنت ما تريد تقديمه، فحتى حينما زارت الدكتورة بيان والدة المريضة في اولى حلقات العمل التي توفت بسبب مؤامرة تبديل الدواء رأينا الثياب المرتبة بالرغم من شعبية الحي و المنزل المرتب و رأينا امور كثيرة درست بعناية كبيرة…فالجمال لغة تجذب المشاهد خصوصا ادا اتقن تقديمها، و لم تسرف الكاميرا بتقديم الواقع للحي على حساب سياسة اولية المشهد الجميل و الأنيق بالمسلسل،
مقالات ذات صلة الجمعية الأردنية للعودة واللاجئين ومنتدى البيت العربي الثقافي يقيمان أمسية شعرية نبطية تضامناً مع غزة 2024/05/12المسلسل هو سياسي اجتماعي بأمتياز، و احترم عقل المشاهد، فالسيناريو و الحوار كان ناضج جدا من حيث الشخصيات التي قدم و الحوار، فالشخصيات كانت مقنعة و تفاعلها مع بعض كان محاك بعناية فائقة، السياسي الحزين على وقاة ابنه، و حيث ينادي ابنه الآخر ليسلمه امور الحزب و شركاته الكبيرة، الزوجة المقهورة من زوجها و الطامعة بالثروة و التي تريد الإنتقام من غمار بسبب مكانته الجديدة بالعائلة..رغبة العائلة بارتباط غمار ببيان و تعلقه بها، صديقة بيان و قصتها مع الصعلوك الذي اراد الإرتباط بها، و الضغوطات التي تتعرض لها العائلة من اعضاء الحزب لتنافسها بالإنتخابات البرلمانية و لرئاسة الحزب…و غيرها من الشخصيات التي قدمت بأسلوب ناضج جدا و حيث رأيناها تقدم بأسلوب درامي مثير جدا…كل شخصية لها فرادتها…الباشا الغانم العصبي بسبب حياته السياسية الحافلة و الذي يرهقه المرض…غمار الشاب الذي يتمتع بالطبع الشيك و الكلاس و لكن الذي يضمر للعائلة الشر بقلبه…فحتى يحسن الإنتقام من بيان فيظن انه تملكها كأي شيئ بحياته و بنفوذه..حقيقة مؤلمة نتعرف عليها مع مرور حلقات العمل…سوزان الحاقدة على المنزل و التي تخفي مع زوجها سر مقتل وداد زوجته الأولى، جاد الحارس الشخصي الذي و ان وقف صامتا الا وان وراء هذا الصمت انسان رومنسي عاشق لبيان…تميز الشخصيات و غناها باختلاف اطباعها عن بعض و انفعلاتها و تميزها بخصائص مختلفة ساعدها لتتباين بصورة مثالية حينما احتكت درارميا ببعض لتثري العمل بخلاف ما كنا نرى باعمال درامية لبنانية سابقة حيث تشابهت الانفعالات عند لأبطال و لم ينجح الكاتب بتميزها عن بعض…تنوع الشخيصات ضروري لنجاح اي عمل درامي و لتتباين مع بعض بصورة محترفة…و هذا يصنعه كاتب مخضرم بعمله بكل سهولة ليشد المشاهد لمتابعت العمل…
الرواية خيال و لكنها تنطلق من اقع سياسي معاش في لبنان…فالتوريث السياسي حاصل بالأحزاب اللبنانية التي مازالت موجودة منذ الحرب الأهلية و قبلها فهنالك عائلات تمتهن السياسة مما يجعلها تزج بأولادها الى هذا المعترك بكل قوة…و هنا اتت ردت فعل غمار الكارهة لارادة ابيه لإدخاله للعمل السياسي لتحاكي هذا الواقع بنجاح…فالتوريث قد يدفع بمن ليس له ميول سياسي ليمتهن هذا العمل حفاظا على ما تملك عائلته و قد يجلب المشاكل للبلد…و الدكتورة بيان و ارادتها بمساعدة الناس التي تُهْمَلْ مطالبهم عند السياسيين و فسادهم…كلها نقد للواقع السياسي المعاش في لبنان…رسالة واضحة لسياسي العصر الحالي بقالب درامي نجح بتسليط الضوء على الواقع المرير بلبنان من خلال الأحداث الدرامية، نزول بيان الى المعترك و المظاهرات و وعودها لهم بالعمل على حل مشاكلهم و نشاطها الأجتماعي الذي تباين مع الواقع الفاسد للسياسي اللبناني ورقة نقد ساحقة للنواب و لشخصيات سياسية كثيرة…
و عايدة…العشيقة السرية التي زجت بها سوزان للإنتقام من حب غمار و بيان…خيانة تقليدية و لكن واقعية لكل صاحب ثروة، فالنقود تشتري للمرء الجنس و اللذة و كل ما تشتهي النفس من متاع…و هنا لغمار جولة مع عشيقة غير متفقة مع زوجها…فحينما تزج بها سوزان كالأفعى بكل دهاء بحياة غمار تنجح عايدة بإغواءه الى فراشها من جديد…و تعيش معه لسنين من دون علم بيان…لتصدم بيان مع مرور حلقات العمل بطبيعة زوجها المريضة و بخيانته…و اخيرا ضربة ساحقة من عدو له يبوح لبيان عن هذه العلاقة ليكسر ظهره و سمعة العائلة…
هذا العمل كما اسلفت من نناج مراد كبار سبقوا عصر الإنتاج الحالي بلبنان بسنين و أشعروا الشارع العربي بمخلب مهني و قدرة و نضوج لم نشعر بأنهم موجودون بلبنان من قبل اطلاقا…مستوى راقي من الدراما تحاكي عملقة هوليود بالإنتاج فقط مع الأحترام التام لباقي الأعمل اللبنانية و المصرية و الخليجية التي أحترم تعب اطقم عملها بالكامل و أقدر لهم ما قدموه برمضان الحالي…فهذه منافسة حسناء جدا…و لكن تقديري التام لخمسة او نص حيث فاق هذا العمل كل التوقعات و اعطونا طاقمه فرادة جميلة جدا جمعت بين دسامة بالإخراج و دسامة بالسياريو و الحوار و نضوج بالتمثيل اوضح قدرات للفنانين مبدعة و غير مسبوقة اطلاقا…شكرا لطاقم هذا العمل…،
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف مسلسل درامي هذا العمل
إقرأ أيضاً:
خواطر رمضانية
#خواطر_رمضانية
د. #هاشم_غرايبه
في هذا العام تصادف تطابق موعد صيام المسيحيين مع حلول شهر رمضان، وسر البعض من هذا التصادف، ووجدوه فرصة لتقارب متبعي العقائد السماوية، لكن العاقل يجب أن يسأل نفسه: ألا يعني ذلك أن الدين واحد؟، ومصداقا لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ” [البقرة:183].
عندما نزلت الرسالة الخاتمة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، كانت العرب تعلم بوجود رسالتين سابقتين، ولهما أتباع بينهم، لكنهم كانوا يعرفون الله من قبل، وهذه المعرفة كانت مما بقي من الرسالة التي أنزلت على إسماعيل والتي كانت امتدادا لرسالة أبيه إبراهيم عليهما السلام، لكن شيوع الأمة وشظف وسائل العيش وقلة وسائل التواصل عممت الجهل، فانعزل اتباع رسالة التوحيد لقلة من يستمع إليهم، ولعدم قدرتهم على هداية الأغلبية الجاهلة، عاش أغلبهم في صوامع، أو سكتوا عن دعوة غيرهم خوفا على أمنهم، في المقابل وجد الزعماء ضالتهم في الشرك بالله لتعزيز سلطتهم وزيادة مكتسباتهم، لذلك شجعوا عبادة الأصنام، واتبعهم العامة الجاهلة وهم يعلمون أنها تماثيل لا حياة فيها، لكنهم كانوا يعبدون رمزيتها، واعتقادا أنها تقربهم الى الله زلفى، لذلك كان لكل قبيلة صنمها، الذي يصطف الى جانب الأصنام الأخرى في بيت الله الحرام.
معرفة الله هي حاجة فطرية في النفس، وجاءت الرسالات السماوية لتعزز هذه الفطرة، وتهدي من الضلال وتعزز قيم الصلاح، وفي كل مراحل التطور المعرفي للبشر، كانت فئة المترفين أي الزعامات القبلية – الإقتصادية – السياسية، تتصدى دائما لدعوات الرسل والمصلحين، لأن التوحيد واتباع منهج الله يحقق العدالة الاجتماعية مما ينتقص من مكتسباتهم وامتيازاتهم: “وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ” [سبأ:34].
هنالك تساؤل يستند إليه الضالون في تبرير انسياقهم لضلالهم، وهو كيف يمكن تحميل المرء عاقبة ضلاله إذا كان الأمر بيد الله.
أولاً: المؤمن بوجود الله يصدق بكلامه، حيث بين أن العلة من خلقه الإنسان لكي يعرفه ويعبده، إذن فوظيفة الإنسان متميزة عن باقي الكائنات الحية، فالأصل فيها معرفة الله، لذلك أودع في كل البشر فطرة البحث عن الخالق، وذلك في قوله تعالى:”وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا” [الأعراف:172]، وثبت ذلك واقعيا، فكل الأقوام بحثت عن الإله منذ فجر التاريخ.
ثانيا: لما كان الخالق غير مرئي، وليس كل البشر بقادرين على تصوره من الإستدلال بإعجاز خلقه، فقد أرسل الرسالات المتتالية المتضمنة إرشادهم الى ما أُشكل عليهم فهمه.
ثالثا: من رحمة الله بخلقه وانقاذا لهم من إفناء بعضهم بعضا طمعا وظلما (كالديناصورات)، فقد أنزل لهم الدين وتشريعاته لتحكم تصرفاتهم، وأكرم من اتبعه بثواب أبدي.
إذا بعد أطواق النجاة الثلاث هذه، من رفضها ألا يكون قد ظلم نفسه: “وَما ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ” [النحل:33]!؟
مثلهم كمثل التلاميذ في الصف، منهم من يرفضون بذل جهد في التحصيل والفهم، ويفضلون اللهو والعبث، يشرح لهم المعلم فلا يصغون، وينصحهم بالدرس فلا يستجيبون، بعد أن استنفذ جهوده يقدر أنهم سيرسبون، هل تقديره ذاك كان قرارا مسبقا بترسيبهم أم هو قرارهم؟.
مع ذلك يتيح لهم المعلم الفرصة لعلهم يرجعون عن غيّهم، ويراجع أوراق امتحانهم فعساهم ينجحون، وهو سيكون أسعد منهم بنجاحهم ذاك، لكن إن رسبوا فقد يكون حق عليهم القول، ولو أنجحهم لكان ظلم المجتهدين إذ ساوى في النتيجة بين المجد والمقصر.
هنالك فئة غلّبوا الشهوة وارتكبوا المعاصي، لكن فيهم بعض من إيمان، فهؤلاء قد تطالهم رحمة الله التي وسعت كل شيء إن تابوا من قريب وأصلحوا واتقوا، وفئة أخرى وقعوا في الإثم لكن نفوسهم ضاقت بما فعلوه واستكثروا على أنفسهم المغفرة، لكن الله العليم الرحيم لا يطردهم من رحمته بل يشجعهم على العودة، فيتوب عليهم ليتوبوا.
فهل بعد كل تلك الفرص المتعددة يبقى من مبرر ليظلم المرء نفسه؟.