«بازرعة».. مبنى تاجر «بن يمني» شاهد عيان على تاريخ الجمالية و«مزاج أهلها»
تاريخ النشر: 12th, May 2024 GMT
أغلقت أبوابها بأمر التطوير، لكنها ظلت محتفظة بملامحها المعمارية الأثرية وصارت رمزاً شهيراً لشارع التمبكشية، الواقع فى حى الجمالية، مجرد أن تطأ قدماك جنبات الشارع الأثرى لن يكلفك الأمر كثيرا إذا أفصحت عن رغبتك فى الوصول إلى «وكالة بازرعة»، حيث يتسارع المارة فى الإرشاد عن المبنى الضخم المغلق، ورغم الأقفال الحديدية لكنها لم تسقط من ذاكرة المحيطين بها، تحديداً أصحاب المحال الصغيرة المقابلة للوكالة، الذين تناقلت بينهم الحكايات المتوارثة عن الوكالة التاريخية التى صارت مزاراً سياحياً شاهداً على ما مضى، منتظراً مستقبلاً يتشوق سكان المنطقة والزوار لرؤيته من جديد.
على مقربة من مسجد «جمال الدين الاستادار» الملاصق للوكالة، اعتاد الشقيقان عادل ومحمد عبدالرحمن الجلوس على عتباته فى جلسة لم تخلُ من الحديث عن ذكرياتهما بين أحياء الجمالية، الشاهدة على مولدهما حتى خطَّ الشيب رأسيهما، لكنهما يحتفظان بالقليل من المعلومات عن وكالة بازرعة، وحسب تعريفهما هى المكان المخصص لعرض بضائع تجار الشام الذين اتخذوا مصر قبلة للبيع والشراء.
واستكملا حديثهما لـ«الوطن» بالقول إن الوكالة تعود لملكية شخص يدعى «سعيد بازرعة»، لكن الحظ لم يمنحهما فرصة التعرف على هويته، ومن ثم توارثها الأبناء والأحفاد حتى صارت ملكاً لوزارة الآثار، مثل بقية الوكالات التاريخية الكثيرة بشوارع القاهرة الإسلامية: «بازرعة هى أشهرهم.. لكن هتلاقى وكالات كتير موجودة هنا جنبنا».
شهدت تصوير مشاهد من فيلم «حين ميسرة» ومسلسل «الفتوة»وعلى مدار سنوات عديدة ظلت الوكالة تفتح أبوابها للزوار، وكان للشقيقين حظ فى زيارتها عدة مرات: «طبعاً كنا بندخلها.. وبنشوفها من جوة ونتفرج عليها، وهى مليانة محلات للتجار ومخازن وأماكن للسكن»، لكن هذا الحال لم تستمر عليه الوكالة بعدما امتلأت بمكاتب مفتشى وزارة الآثار، بحسب حديث الشقيقين، اللذين استطردا فى حكايتهما عن تصوير مشاهد من فيلم «حين ميسرة» داخل الوكالة: «كانوا بيصوروا فيها أفلام.. وبيتعمل فيها حفلات للتنورة»، حتى تم إغلاقها قبل فترة، ليقع الشقيقان فى حيرة عن مصيرها: «سمعنا إنها هتتحول لفندق سياحى».
«على»: مصممة كأنها مول تجارىوفى رواية أخرى لم تختلف تفاصيلها كثيراً، ذكرها محمد على الشيخ، صاحب محل «رفا للملابس»، المقابل للوكالة المغلقة منذ قرابة العامين، حسب ما يتذكره الرجل الستينى قائلاً: «مقفولة للترميم»، ليفصح عما توارثه من معلومات عن حكاية «بازرعة» التى آوت بين جدرانها قرابة 400 شخص من أهالى الجمالية، بعدما كانت أشبه بالسوق التجارية: «كان زمان التجار بييجوا يعرضوا بضاعتهم.. لكن بعد كده بقت سكن للناس قعدوا فيها فترة واتنقلوا لأماكن تانية».
«الشيخ»: «شكلها حلو من جوه ولسه محتفظة بكل ملامحها وتحس إنك ماشى فى مول تجارى»تحولات كثيرة شهدتها وكالة «بازرعة» لكن يبقى أهمها حين كانت مزاراً سياحياً توافد عليها الزوار من كل حدب وصوب، وكان «محمد» واحداً من بينهم، فهو ابن المنطقة التى تقع فيها الوكالة، وتابع: «دخلتها كتير جداً.. وهى شكلها حلو من جوة ولسه محتفظة بكل ملامحها هتحس إنك ماشى فى مول تجارى».
ذكريات عديدة ربطت الرجل الستينى بالوكالة التى كانت ساحة تصوير مسلسل «الفتوة» للفنان ياسر جلال، الذى عرض فى الموسم الرمضانى 2020: «المسلسل اتصور منه مشاهد فى الوكالة.. وكنا فرحانين إنهم بيخلوا الناس يشوفوا جمال الوكالة». ومن السوق التجارية إلى «بيع البن» هذا ما يتذكره محمد السيد، صاحب أحد المحلات المقابلة للوكالة، وحسب رواية متوارثة عن الأجداد: «الوكالة دى كانت بتاعة تاجر بن.. ودلوقتى مقفولة للترميم»، ورغم ما يمتلكه الرجل الخمسينى من معلومات قليلة، فإنه يتذكر الوكالة عن ظهر قلب، فهى ساحته المفضلة للعب فى الطفولة.
وأضاف: «كنت بادخلها دايماً وأنا صغير ألعب فيها، وهى أشبه بالمتاهة، فلا بد أن تكون على دراية كافية بتفاصيلها المعمارية، وهى كبيرة جداً وعبارة عن ثلاثة أدوار ومليانة غرف لو محدش عارفها كويس ممكن تدخل وماتعرفش تخرج منها».
ما ذكره السكان المحيطون بوكالة بازرعة هو ما أكده بالفعل الدكتور رأفت عبدالرحمن، أستاذ الآثار الإسلامية بكلية الآداب - جامعة طنطا، حيث إن الوكالة يرجع أصلها إلى العصر العثمانى، إذ سكنها تاجر يمنى يدعى «بازرعة» أتى من اليمن إلى مصر متخصصاً فى بيع البن.
وكعادة تصميم الوكالات التجارية فى هذه العصور لم يختلف تصميم وكالة بازرعة، حسب «عبدالرحمن»، فجاء متشابهاً مع غيرها من الوكالات، حيث تم تشييدها من ثلاثة طوابق، فالطابق الأول يحتوى على الدكاكين الصغيرة المطلة على الشارع، والحواصل المخصصة لتخزين البضاعة، بالإضافة إلى وجود إسطبلات مخصصة للجمال، أما الطابق الثانى فهو المخصص للبضائع الكبرى، والطابق الثالث هو أشبه بفندق يسكن فيه التجار، واختتم «عبدالرحمن» حديثه بأن وكالة بازرعة أغلقت أمام الزائرين منذ فترة قريبة، وتخضع لعمليات ترميم.
وأوضح الدكتور أبوبكر أحمد عبدالله، القائم بتسيير أعمال رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية، أن إغلاق وكالة بازرعة جاء منذ عام، وهى تخضع للترميم؛ لإعادة توظيفها مرة أخرى مثل ما حدث مع وكالة الغورى التى أعيد استخدامها مرة أخرى لإقامة الأنشطة والفعاليات الثقافية فى الصحن، فيما تستخدم الحواصل كمرسم للفنانين فى إطار بروتوكول بين المجلس الأعلى للآثار ووزارة الثقافة.
وأضاف «عبدالله» أنه توجد عدة وكالات تخضع لإعادة التوظيف مرة أخرى، مثل تحويل وكالة قايتباى فى شارع الجمالية إلى فندق تراثى، بالإضافة إلى العديد من المقترحات الخاصة بترميم وإعادة توظيف الوكالات بما يتناسب مع طبيعة وموقع كل وكالة وما حولها من خدمات وجارٍ استكمال الدراسات والأبحاث الخاصة بالمشروع لإعادة توظيفها من جديد.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الفن التراث التاريخ
إقرأ أيضاً:
ضبط تاجر مخدرات غسل 60 مليون جنيه فى العقارات والسيارات
اتخذت الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بقطاع مكافحة المخدرات والأسلحة والذخائر غير المرخصة بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية المعنية الإجراءات القانونية حيال (أحد الأشخاص "له معلومات جنائية" - مقيم بمحافظة القاهرة) لقيامه بغسل الأموال المتحصلة من نشاطه الإجرامى فى الإتجار بالمواد المخدرة وترويجها ومحاولته إخفاء مصدرها وإصباغها بالصبغة الشرعية وإظهارها وكأنها ناتجة عن كيانات مشروعة عن طريق (شراء العقارات والسيارات.
وقد قدرت تلك الممتلكات بـ (60 مليون جنيه تقريباً، تم إتخاذ الإجراءات القانونية.
مشاركة