قانون المخابرات العامة .. عناوين كبرى!
تاريخ النشر: 12th, May 2024 GMT
لأنه لا شيء يفوق أهمية درء الخطر الداهم على السودان؛ إنقاذاً للوجود وحمايةً للأرواح، أُعيد تشريع جهاز المخابرات العامة عبر إجراء تعديلات جوهرية عليه…
صلاحيات جهاز المخابرات العامة مهمة وضرورية في هذا التوقيت، لأن الأيام أثبتت أن هذه الحرب ليست مواجهة عسكرية بين الجيش النظامي ومتمردون، وإنما ذات أبعاد دولية، تسعى للسيطرة على موارد السودان بعد انهياره،، إذا إطلاق يد جهاز المخابرات العامة بمثابة خشبة خلاص للسودانيين الذين يتوجسون من حرب مدمرة، نموذجها أكثر من الخرطوم، الجزيرة ودارفور أو تلك البلدان التي سُويّت بالأرض.
مع بدء تنفيذ عملي لمخطط “احتلال السودان” يوم ١٥/ أبريل/ ٢٠٢٣ م، وقرار الهجوم البري على ولاية الخرطوم التي يتكدس فيها ثلث سكان السودان… ومن ثم انتهاك كل العهود المسبقة، تسارع العد العكسي لبدء القوى الدولية الطامعة في السودان معركة واسعة وأهمها حرباً اقتصادية…
الحرب على السودان التي حملت عنوان اقتلاع قدرات المنظومة الأمنية والعسكرية كانت قد بدأت منذ ٢٠١٩ م، وما يحدث الآن واقعياً، هو استكمال لتلك الحرب عبر التدمير الممنهج للعمران بأتساع دائرة الإبادة وقتل السودانيين جوعاً لوضعهم أمام واقع تهجير قسري.
إنه مخطط الاستيلاء على الأرض، وفرض حزام أمني يحمي مستوطنات “ال دقلو”، وعزل الشمال والشرق عن بقية السودان، تدمير الاقتصاد وإنهاء الدولة السودانية المؤثرة، جملة المخاطر المحيطة بالسودان أدواتها مخابراتية تعمل خلف سُتُر، لذلك تحتاج لعمل مواز من أجهزة الدولة الأمنية وعلى رأسها جهاز المخابرات العامة.
غيبت الاضطرابات الداخلية خلال الفترة الماضية دور جهاز المخابرات العامة كاملاً، بل و أرغمته على الانسحاب من العمل الميداني إلى موقع جمع المعلومات فقط، فتراجع حضوره ودوره مع تقلص عدد منسوبيه بواسطة الإحالات المتكررة.
الآن يتطلب الوضع الكارثي من جهاز المخابرات العامة وكل المنظومة الأمنية والعسكرية رؤية أشمل لتنفيذ حملات أمنية قوية وقاسية ضد رجال الأعمال الذين يعملون على تخريب اقتصاد السودان، و يشنون حرباً على الدولة والمواطن عبر احتكار استيراد السلع الاستراتيجية والتحكم في أسعارها، و منع تجارة النقد الأجنبي التي تسببت في انهيار الجنيه بواسطة تلك المافيا الاقتصادية التي تتحكم في السوق.
هذه الإجراءات كفيلة بأن يستعيد المواطن الذي يساند الدولة في معركة الكرامة الثقة في أجهزتها وقدرتها على حماية الأمن الاقتصادي والقومي، ويغلق الباب أمام اتهامات بالتخاذل الرسمي وربما التواطؤ.
الوضع الآن يحتاج جهدا ميدانياً مخابراتياً ضخماً وعظيماً يخرج المواطنون من دوامة الانهيار بفرض سياق مغاير لما يتم دفع البلد إليه، لأن المصير على المحك.
إنه المنحى الذي يحفز إلى إنهاء الخلل الوطني المقيم ليكون ممكناً إعادة تكوين الدولة عبر تعضيد دور المؤسسات والأجهزة.
محبتي واحترامي
رشان أوشي
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: جهاز المخابرات العامة
إقرأ أيضاً:
الهزيمة العسكرية هي التي أدت إلى أن يتواضع آل دقلو للجلوس مع عبد العزيز الحلو
فقط الهزيمة العسكرية هي التي أدت إلى أن يتواضع آل دقلو للجلوس مع عبد العزيز الحلو ؛ و هو يمثل سودان ٥٦ ليس بأجندته العلمانية أو شعار الهامش الذي يرفعه ؛ بل الحركة العنصرية التي كانت تبحث عن النقاء العرقي و دولة “العطاوة” كانت لتهتم بالتكوين القبلي للحلو أكثر من “المنفستو” الذي يحمله.
فالحلو المولود لأب من المساليت و أم من النوبة يمثل كل شيء حاربته حركة النقاء العروبي في السودان. فبينما أذاقت مليشيا الدعم السريع كل قبائل السودان و مكوّناته الألم و الإذلال ؛ احتفظت لقبيلتيْ النوبة و المساليت بجحيم خاص في حربها. في بداية تمردها ضد الدولة و بينما كانت تحاصر القيادة العامة و تتوقع إسقاطها ؛ لم تصبر على قبيلة المساليت و ارتكبت فيهم أسوأ المجازر و لم يفهم الناس حينها لماذا تتمرد على الجيش لكنها تقتل المساليت بهذه الوحشية من دون الناس.
عرب العطاوة الذين أحضرتهم المليشيا شرسون جدا ضد النوبة. و هما يطلقون كلمة “أنباي” لكل ذي بشرة داكنة في السودان. و عند دخولها لمدينة الفولة مثلا، و رغم أنها لم تكن في مزاج الإنتهاكات لإعتقادها أن إقتحام المدينة كان بهدف تأديب بسيط لأبناء العمومة الضالين و الذين لا يوافقونها على مشروعها ، إلا أنها
أخرجت من بين صفوف المواطنين عشراتٍ من المنتمين للنوبة و قتلتهم رمياً بالرصاص فقط لأنهم من النوبة. و لذا إنضم المئات من جنود و ضباط جيش الحلو نفسه من إلى أبناء عمومتهم داخل مناطق الجيش السوداني لإدراكهم بطبيعة هذه الحرب التي يريد الحلو إنكار عدواتها للنوبة بعد عامين من العداء المطلق و العلني و المفضوح و هو يستوطن بلاد النوبة و يثري من رفع ظلاماتهم.
آل دقلو المهزومين عسكرياً استدعوا الحلو ليعلمهم فضيلة “التمرد لأجل التمرد” دون مشروع أو مطالب محددة. الحلو هو ملك الخندقة. و هو أولى من يعلمهم كيف لهم أن يتراجعوا إلى ركنٍ قصيٍّ من البلاد للعق جراحهم و الإكنفاء على أنفسهم دون محاولة السيطرة على الثور الهائج في الخرطوم . الحلو هو أنسب من يعزي آل دقلو عن مصابهم و يكشف عنه الندوب و الحروق في جسد الذين حاربوا سلطة الخرطوم و يقص على مسامعهم حكاوي شهداء التمرد من المغامرين الذين إغتالتهم ٥٦ أو شردتهم طوال عمرهم لمحاولة السيطرة عليها بالقوة ؛ قرنق و يوسف كوة و بولاد و القائمة تطول.
لم يكن متوقعاً من دقلو صاحب مشروع النقاء العروبي أن يسعى للقاء الحلو لولا فشل مشروعه . دقلو الجريح يقلّب الآن في دفاتر مليشيات السودان القديمة عن شركاء في الهزيمة و النواح ؛ و عن مشروع يتيم كي يتبناه. دقلو يحاول إقامة مشروع مزدحم يقيه غضب ٥٦ و صيادها المترصد و الغاضب . يحاول خلط الأوراق مخافة الإستفراد به بينما ٥٦ في أفضل أحوالها عسكرياً بعد أن أخذ هو “عرضته” الراقصة ثم وهن و انكسر و تراجع.
ظهور عبد الرحيم دقلو بالبدلة خارج السودان بينما ما زال العطا و كباشي مثلاً لا يظهران بغير الكاكي ، و بينما يصفي الجيش ما تبقى من مغامرات دقلو العسكرية بالخرطوم و كردفان يكشف هو أولوياته الجديدة. إنتهت عنتريات القائد الميداني إلى فضاء المعارض السياسي صاحب المشروع. لا خطة للإنسحاب تشغل باله و لا توجيه بإنقاذ جنوده المحاصرين و إستبقاء حياتهم. بل غسل اليد من دمائهم و الإبتعاد مسافة حتى لا يسمع آلة الجيش الهائلة تطحن أجسادهم إلى العظم. إنهم بعض الماهرية “الشهداء” و كثير من الحبش و الجنوبيين الذين لا بواكي لهم و يستحقون أي مجازفة لإنقاذهم.
عمار عباس
إنضم لقناة النيلين على واتساب