تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يتابع الباحث في العلاقات الدولية والمحلل الاستراتيجي البارز لواء دكتور أحمد يوسف عبد النبي في كتاب "السياسة المصرية والتوازن الاستراتيجي في الشرق الأوسط" والصادر حديثا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، بقوله: تبرز مجموعة من التحديات لتحقيق التوزان الاستراتيجي النسبي في منطقة الشرق الأوسط، لعل أبرزها على المستوى الدولي تحديات الفوضوية في النظام الدولي، وتحديات الحرب بالوكالة في سياسات القوى الكبرى، وتحديات فرض مشروع الشرق الأوسط الكبير، وتحديات فرض أجندة الإصلاح والتغيير في المنطقة"، وتتضمن التحديات على المستوى الإقليمي "تحديات الفجوة التكنولوجية بين القوى العربية والقوى غير العربية، وتحديات ضبط سباق التسلح بين دول المنطقة، وتحديات استمرار التبعية للولايات المتحدة الأمريكية، وتحديات أطماع القوى الدولية والإقليمية في الثروات والأراضي العربية".

 

وترتبط "فوضوية النظام الدولي" بتزايد الانكشاف الداخلي لدول العالم، وسعى هذه الدول لحماية أمنها من التهديدات العابرة للحدود مثل الإرهاب، والصراعات الإقليمية، والحروب بالوكالة، وأنشطة شبكات التهريب، والجريمة المنظمة، الأمر الذي يشير إلى أن استقرار النظام الدولي يبدأ بتعزيز المناعة الداخلية للدول ومواجهة محفزات عدم الاستقرار الإقليمي، وذلك حتى يمكن استيعاب وضبط حالة الاضطراب، والسيولة، وعدم اليقين التي فرضتها التحولات العالمية السريعة خلال العقد الماضي. 

وفى تقديري أن أسباب "فوضوية النظام الدولي" ترجع أيضا إلى افتقاد النظام الدولي الحالي "أحادي القطبية" التي تمثله الولايات المتحدة الأمريكية الكثير من نفوذها في النظم الإقليمية، وعدم قدرتها منفردة على احتواء صراعات وأزمات هذه النظم، الأمر الذي فرض عليها السماح لقوى دولية أخرى (روسيا-الصين – كوريا الجنوبية – الهند – اليابان – دول حلف شمال الأطلسي) بمشاركتها النفوذ للسيطرة على هذه الصراعات في إطار سياستها لتوزيع الأدوار وتبادل المصالح وبناء شبكة من التحالفات والمحاور الدولية والإقليمية تسعى من خلالها للحد من تداعيات فوضوية النظام الدولي وتأثيراته في توزان النظم الإقليمية في البعدين السلوكي والقيمي. 

وتعد روسيا إلى جانب الصين أبرز خصوم أمريكا الرئيسيين في إطار الصراع على المصالح ومناطق النفوذ العالمية والإقليمية، وتمثل الحرب الباردة الجديدة بينهما باستخدام القوى الإقليمية وصراع الأدوار في الأزمات الدولية والإقليمية نموذجا للحرب بالوكالة، وانعكس ذلك في الأزمة الأوكرانية وضم روسيا لشبة جزيرة القرم في عام 2014 م بعد تمرد أوكرانيا على روسيا بدعم أمريكي وأوروبي وإلى حلف الناتو يمس صميم الأمن القومي الروسي، كما برز نموذج الحرب بالوكالة أيضا في الأزمة الأفغانية، وانفتاح روسيا على حركة طلبان المناوئة للولايات المتحدة، وبرز أيضا سعى روسيا لتعظيم نفوذها والحفاظ على مصالحها في منطقة شرق آسيا من خلال دعمها لنظام كيو أون في كوريا الشمالية في مفاوضاته مع الولايات المتحدة لنزع الأسلحة النووية، حيث أسهمت روسيا والصين في منع أي تقدم جوهري في هذه المفاوضات، وذلك حتى لا تتحول كوريا الشمالية الحليف الروسي إلى حليف أمريكي". 

كما تشير دلائل واقع المشهد السياسي لصراعات وأزمات منطقة الشرق الأوسط في كل من سوريا والعراق وليبيا واليمن وفلسطين ولبنان، بالإضافة إلى أزمة الملف النووي الإيراني، إلى تطبيقات لنماذج الحرب بالوكالة، الأمر الذى ينعكس سلباٍ على القدرات العسكرية والاقتصادية للدول العربية، وتقييد حرية حركتها الاستراتيجية في الإقليم، وفرض ضوابط على معادلات توازن القوى والتوزان الاستراتيجي في الشرق الأوسط في البُعدين السلوكي والقيمي من قبل الولايات المتحدة وروسيا. 

ويهدف مشروع الشرق الأوسط الكبير إلى تذويب النظام العربي من خلال تقسيم الدول العربية إلى دويلات وكيانات طائفية ودينية، وفرض إسرائيل قوة إقليمية في مواجهة تمدد إيران، وذلك من خلال تغيير الخريطة السياسية بالشرق الأوسط بأوزان اقتصادية وعسكرية واجتماعية، وذلك في إطار القضاء على أفكار الهوية العربية أو القومية العربية أو النظام العربي، الأمر الذى سيقوض من فرص تشكيل أي تكتل عربي اقتصادي أو سيأسى أو عسكري، ويمنع ترجيح كفة القوى العربية أمام القوى غير العربية في معادلات التوازن الاستراتيجي في الشرق الأوسط في بُعدية السلوكي والقيمي. 

كما أن هناك التحديات الإقليمية لتحقيق التوازن الاستراتيجي في الشرق الأوسط، يأتي على رأسها تحدى الفجوة التكنولوجية بين القوى العربية والقوى غير العربية. فتمتلك كل من إسرائيل وتركيا وإيران قدرات تكنولوجية متفوقة، ويمثل الفارق في هذه القدرات مقارنة بالقدرات التكنولوجية للدول العربية فجوة تكنولوجية وتحدى أمام الدول العربية يستدعى تعظيم الجهود العربية لتقليص هذه الفجوة، حيث أصبحت القدرة التكنولوجية أحد القدرات المهمة والمؤثرة في تقدير القوة الشاملة للدولة، ويشير الواقع بدلالاته إلى أن إسرائيل دولة نووية وعضو في نادى الفضاء الدولي، وتمتلك تركيا مقومات تكنولوجية مكنتها من إقامة قاعدة متطورة للصناعات المدنية والعسكرية، بالإضافة إلى عضويتها في حلف الناتو وسعيها للانضمام للاتحاد الأوروبي، وترتيبًا على ذلك فهذه الفجوة التكنولوجية أصبحت تمثل الآن أكبر التحديات أمام القوى العربية في توازنها الاستراتيجي مع القوى غير العربية، والأرجح أنها سوف تمثل في المستقبل القريب والمتوسط إذا لم يتم تقليصها خللًا مؤثرًا في هذا التوزان في البُعدين السلوكي والقيمي.  

ويشير الواقع بدلالاته في السنوات القليلة الماضية على تزايد أطماع القوى الإقليمية غير العربية أيضا في الثروات والأراضي العربية نظرًا لما يشهده النظام العربي من حالة ضعف وعدم توحيد للجهد العربي، وفقدان تكامل آليات الردع لطموح واطماع هذه القوى الإقليمية، ويؤكد هذا نجاح "إسرائيل" في ضم مزيد من الأراضي الفلسطينية، واستصدار اعتراف أمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل، واعتراف آخر بحق إسرائيل في الجولان السورية المحتلة. كما تسعى "إيران" إلى السيطرة على منطقة الخليج وقد نجحت إيران في مد نفوذها والتغلغل في أربع دول عربية هي لبنان والعراق وسوريا واليمن، وأصبحت فاعل رئيس في أزمات هذه الدول يصعب تجاهلها أو تحييدها في أي تسويات سياسية بين أطراف هذه الأزمات.      

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: السياسة المصرية والتوازن الاستراتيجي في الشرق الأوسط روسيا الاستراتیجی فی الشرق الأوسط القوى العربیة النظام الدولی من خلال

إقرأ أيضاً:

تقرير: 83% من المقاولات المغربية تنشط في القطاع غير المهيكل

زنقة 20 ا الرباط

أكد تقرير صادر عن البنك الدولي أن الشركات ومنشآت الأعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تعاني من انتشار الاقتصاد غير المهيكل وضعف في الإنتاجية، ومحدودية القدرة على التأهب لمواجهة الصدمات.

وسجل التقرير أن 83% من الشركات في المغرب تنشط في القطاع غير الرسمي، وهي نسبة مرتفعة مقارنة بدول أخرى في المنطقة مثل لبنان (40%) والأردن (50%).

وأكد التقرير الذي يحمل عنوان ” كيف يمكن للقطاع الخاص تعزيز النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا” أن هذه النسبة المهمة للشركات التي تنتمي للقطاع غير الرسمي في المغرب، تستدعي الفهم الأعمق للعوامل المؤثرة في قرارات هذه الشركات نفسها حول طبيعة أنشطتها.

واعتبر أن اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تتسم بضعف الإنتاجية، واالانقسام المستمر بين القطاعين الرسمي وغير الرسمي، إضافة إلى ضعف مشاركة المرأة في سوق الشغل.

ولفت التقرير إلى أن القطاع غير الرسمي في منطقة “مينا” يمثل ما بين 10 إلى 30 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، ويحقق ما بين 40 إلى 80 في المائة من معدلات التشغيل.

وبالعودة إلى المغرب، شدد التقرير على أن الشركات الأكثر إنتاجية لا تنمو بالشكل الكافي للاستحواذ على حصص أكبر في السوق، مشيرا في نفس الوقت أن استخدام عوامل الإنتاج بشكل أكثر فعالية يمكن أن يسهم بشكل إيجابي في الرفع من إنتاجية اليد العاملة.

ومن أهم الخلاصات التي وصل لها التقرير كون نصيب الفرد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من إجمالي الناتج المحلي هو أقل من المستوى مقارنة بالاقتصاديات المماثلة، مرجعا ذلك إلى ضعف القطاع الخاص.

مقالات مشابهة

  • ديرمر : الحرب ستنتهي خلال 12 شهرا من الآن
  • رئيس الحكومة استقبل وفدا من معهد الشرق الأوسط - واشنطن
  • هل تتحول اليمن إلى “مستنقع ” يستنزف الولايات المتحدة ؟! 
  • الجبير يبحث مع المبعوث الصيني مستجدات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط
  • الفزي يقترح إنشاء اتحاد شرق أوسطي لكرة القدم لمنافسة أوروبا.. فيديو
  • معهد دراسات الأمن القومي: إسرائيل يجب أن ترد على دعم روسيا لأعدائها
  • سمو للاستثمار الدولي وجولف نورث تعلنان شراكة استراتيجية لتطوير وجهات لرياضة الغولف ونمط حياة فاخر في السعودية ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
  • الشرق الأوسط: ديناميكيات قديمة وآفاق جديدة
  • هنا الزاهد سفيرة الشرق الأوسط لـ ماركة عالمية
  • تقرير: 83% من المقاولات المغربية تنشط في القطاع غير المهيكل