إغلاق مدرسة حفوف بولاية ضلكوت
تاريخ النشر: 12th, May 2024 GMT
علي بن سالم كفيتان
تَوَاصَل معي بعضُ المشايخ والأهالي من منطقة حفوف بولاية ضلكوت، مُستنجدين بقلمي لتأجيل إغلاق مدرستهم التي أُقِيمت على سفح جميل يُطلُّ على بحر العرب، تتحلق حوله قرية حفوف الحالمة على سهل منبسط، ومساكن جميلة ومُروج خضراء، ويُكمل صرحُ المدرسة والجامع وخزان الماء المعلَّق بهاءَ وجمال الصورة، فحسب الروايات التي يتناقلها الناس، فإنَّ المدرسة أُقِيمت على أول موقع هبطت فيه الطائرة العمودية التي أقلَّت السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثَراه- إلى المناطق التي تمَّ استعادتها من ثوَّار ظفار في منتصف سبعينيات القرن الماضي؛ فأمر السلطان قابوس وقتها بإنشاء المدرسة، وأن يقام الجامع وتُحفر البئر، لإغاثة الناس وتعليمهم وتثقيفهم، ولترسيخ الصورة الذهنية للنصر العادل الذي قاده هذا الرجل العظيم رحمة الله تغشاه.
الحقيقة الماثلة أمامنا اليوم في المناطق الحدودية، وبالأخص ولاية ضلكوت، هي هجرة عكسية للسكان إلى مركز المحافظة بولاية صلالة؛ لأسباب كثيرة؛ أبرزها: عدم وجود محفزات للبقاء، مما خلق واقعاً جديداً زاد فيه عدد العمالة الوافدة التي تخدم قطعان المواشي، ونزوح السكان الأصليين، وهذا بلا شك لا يخدم التوجُّه الذي تتبناه الحكومة؛ والمتمثل في: إبقاء الناس في مناطقهم، وتقديم كافة الخدمات الأساسية لهم، وهذا بدوره يضعنا أمام حقيقة عدم مقارنة عدد الطلبة والكادر التعليمي والمنشأة المدرسية والكلفة التشغيلية؛ فالوضع هنا يختلف تماماً عن الوضع في أيِّ منطقة أخرى، وربما الصورة الأجمل هي أن هذه المدارس -ومنها مدرسة حفوف- يعمل بها كادر يقدم خدمات النظافة والحراسة والنقل والتموين من سكان المنطقة؛ وبالتالي لا يُنظر للمدرسة هنا من زاوية واحدة، بل يجب النظر لها من زوايا عدة؛ بما فيها: ترسيخ الاستقرار، والإبقاء على المواطنين هناك، فهذا الهدفُ يتعدَّى الجانب التعليمي إلى الأمني، ولهذا ننظر بتفاؤل كبير، ونتوقع الدعم الذي عهدناه دائما من المديرة العامة للتربية والتعليم في ظفار فهي سيدة أثبتتْ جدارتها لقيادة دفة المؤسسة في ظفار، وتعلم جيدا ما أشرنا إليه من أبعاد، ولدينا أمل في تجاوب معالي الدكتورة وزيرة التربية والتعليم للإبقاء على المدرسة التي كانتْ المحطَّ الأول للطائر الميمون للسلطان الخالد بعد النصر في ضلكوت.
ونتوقَّع كذلك دعم مكتب صاحب السمو السيد محافظ ظفار في هذا الشأن لإيجاد واقع جديد لهذه المنطقة الجميلة والحساسة في الوقت عينه؛ فالأمر كما ذكرنا يتخطَّى حسابات الربح والخسارة إلى واقع أشمل وأوسع يهدف لإعادة إعمار ضلكوت، وربطها بشبكة طرق حديثة، وتوفير جميع الخدمات وعودة سكانها إليها، وهذا يدعم الثبات على عدم التخلي عن المنشأة وإغلاقها فحسب، علمًا بأنَّ الأهالي قدَّموا التماسًا إلى الوزارة، وكذلك لصاحب السمو السيد المحافظ للإبقاء على سير التعليم بمدرسة حفوف؛ فإغلاق المدرسة سيحرم المجتمع المحيط بها من الخدمات التي كانت تُقدِّمها، وسيصبح موظفو المدرسة على محك الانتقال لمدارس بعيدة أو الاستقالة، أو إنهاء عقودهم، وهذا محفز قوي لهجرة من تبقَّى في المنطقة، في الوقت الذي نحن في أمسِّ الحاجة فيه لبقاء الناس هناك.
زَارَ ضلكوت نهاية هذا الأسبوع الكثيرُ من الناس؛ فهي بوابة الخريف الأولى في ظفار، وهي أول ما يحمل تباشير الربيع بمحاصيلها المتعددة، نُقِلت إليَّ الصور التي التقطها نشطاء التواصل الاجتماعي، ومنها صورة حالمة لقرية حفوف وهي مخضرَّة وقطعان الأبقار ترعى بهدوء وسكينة، ولا يكتمل المشهد إلا بشموخ الجامع والمدرسة اللذين شكَّلا أيقونةَ المكان؛ فهذه المدرسة ليست مجرد مبنى حكومي، بل هي ذكريات جميلة مع السلطان الراحل -رحمه الله- فقد تخرَّج فيها كوكبة ممَّن يحملون اليوم شهادات عليا، ويديرون مؤسسات حكومية وخاصة، وبعضهم وصل لمناصب مرموقة في سُلَّم الجهاز الإداري للدولة، وعدد منهم أصبحوا من كبار القادة والضباط العسكريين والأمنيين في البلاد، ومن هذا المرج الجميل وأكنافه خرج أعضاء لمجلس الشورى ومجلس الدولة والمجلس البلدي، فكيف بنا اليوم نغلق المدرسة. هذه الصور بلا شك لا تتناسب مع رؤية "عُمان 2024" الواعدة، كما لا تتوافق مع مستهدفات المحافظة التي يقودها صاحب السمو السيد محافظ ظفار بكل ثقة واقتدار لإيجاد قيمة مضافة لظفار.. فهل سيُعاد النظر في عودة الطلبة لمدرسة حفوف؟ هذا ما نتمنَّاه.
وحفظ الله بلادي...،
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
وزيرة التضامن تزور مدرسة راهبات الراعي الصالح بشبرا.. تخرجت فيها من 35 عاما
حرصت الدكتورة مايا مرسي وزيرة التضامن الاجتماعي، على زيارة مدرسة راهبات الراعي الصالح للغات التابعة لإدارة شبرا التعليمية بمحافظة القاهرة، وهي المدرسة التي نشأت وتعلمت فيها خلال فترة دراستها، على هامش افتتاح دار المغتربات بمجمع خدمات جمعية السيدة العذراء مريم بالمحمودي في شبرا.
والتقت الدكتورة مايا مرسي، الراهبات القائمات على إدارة المدرسة والمعلمين والمعلمات والطالبات، كما شاركت الطالبات طابور الصباح وتحية العلم وعزف النشيد الوطني في أجواء سادها الفرحة والسعادة بين الجميع داخل المدرسة لزيارة وزيرة التضامن الاجتماعي.
وتابعت وزيرة التضامن الاجتماعي عرضا فنيا قدمته طالبات المدرسة أظهرن خلاله قدراتهن ومهاراتهن الكبيرة.
وأعربت الدكتورة مايا مرسي عن تقديرها وشعورها بالفخر كونها إحدى خريجات تلك المدرسة التي تخرجت فيها قبل 35 عاما، ويجمعها بينها وبين كل الراهبات علاقة وطيدة يسودها الحب والتقدير والاحترام، مشيرة إلى أن المدرسة كانت بمثابة البيت لها، كما أن المدرسة تتسم بنظام، والتربية بالنسبة لها تتقدم على التعليم.
حب الوطن والانتماءوأكدت وزيرة التضامن الاجتماعي أن المدرسة غرست في كل الطالبات حب الوطن والانتماء وخدمة المجتمع، وأن الجميع سواء، ولا يوجد فرق بين أفراد هذا المجتمع، وتعلمت بها تاريخ مصر، وكيف أن مصر قلب العالم، كما أن أحلامها نشأت في تلك المدرسة وتحققت حتي وصلت لتلك المناصب التي تقلدتها حبا وخدمة لهذا الوطن.
وطالبت الدكتورة مايا مرسي الطالبات ببذل قصاري الجهود خلال فترة دراستهن بالمدرسة ووضع أهداف محددة والسعي لتحقيقها من أجل خدمة مصر الغالية على الجميع.