الإخوان الإرهابية ومسيرة التلون والتواطؤ (١٤٠)
تاريخ النشر: 12th, May 2024 GMT
نستكمل حديثنا اليوم مع موقف على جريشة من موت السنانيرى اول شهيد للإخوان فى العصر الحديث لم يمنع أن يصدر التنظيم الدولى للإخوان المسلمين عدة بيانات فى العواصم الأوروبية من بينها هذا البيان الذى كان عنوانه «استشهاد الأستاذ كمال السنانيرى»، وجاء فيه: استشهد الأستاذ محمد كمال السنانيرى تحت التعذيب فى سجن ليمان طرة، الذى أشيع أن السادات هدمه، وكان الأستاذ السنانيرى قد اعتقل فى الحملة التى شنها السادات ضد رجال الحركة الإسلامية فى مصر مع الأستاذ عمر التلمسانى والشيخ عبدالحميد كشك وإخوانهم، والأستاذ السنانيرى أحد كبار قيادات الإخوان، وقد أمضى مع إخوته المجاهدين عشرين سنة فى السجون وهم ثابتون على الحق، ومتزوج من الأخت أمينة قطب شقيقة سيد قطب خطبها وهو فى السجن، وظلت تنتظر خروجه حتى زواجهما، تم الدفن تحت الحراسة فى ١٠ نوفمبر ١٩٨١، بعد أن منعت السلطات عائلة الشهيد من إجراء مراسم الدفن والتعزية المعتادة.
تلقفت مجلة الدعوة التى تصدر فى الكويت القصة ونشرت البيان بتفاصيله، وأشارت إلى أن شقيق كمال السنانيرى تحدث عن مظاهر التعذيب التى وجدها على جسد أخيه بعد أن تسلم جثمانه، لكن شقيق السنانيرى أرسل لجريدة اللواء الإسلامى رسالة جاء فيها نشرت مجلة الدعوة التى تصدر فى الكويت أن شقيقى المرحوم الحاج محمد كمال الدين السنانيرى قد توفى فى السجن بالتعذيب كما ادعوا أننى رأيت آثار التعذيب بالجبهة والصدر والفخذين، وكانت لحيته نصفها منتوف وأقر أنا شقيق المرحوم كمال أن هذا افتراء وأنه لم توجد باللحية أية آثار تعذيب أو نزع لشعر اللحية كما ادعت المجلة، كما أقر أنه حسب ما رأيته لم يحدث أى تعذيب، إننى إذ أكتب هذا إليكم تقريرا للواقع بخط يدى وعلى مسئوليتى إحقاقا للحق ودفعا لأى افتراء مثل هذا، التوقيع لواء م. محمد شوقى محمد على فى ٢٧ إبريل ١٩٨٢ بطاقة عائلية رقم ٢٣١٩ الوايلى.
من بين الأوراق التى أرسلها فؤاد علام لعلى جريشة كان هناك إقرار آخر من شقيق السنانيرى أقر فيه أنه بمشاهدته لجثة المرحوم ساعة خروجها من المشرحة لم يكن بها سوى علامة حز فى الرقبة من الأمام أظنها من آثار الحبل الذى وضعه حول عنقه ساعة الشنق، أما باقى الجسم فلم يكن به أية آثار لتعذيب، اللهم إلا آثار التشريح الذى تم للجثة بعد الوفاة وهى فتحة من أعلى العنق حتى أسفل البطن وحول الجمجمة وفى الذراع اليسرى من أعلى مكان أخذ العينة للتحليل. شكك على جريشة فى إقرارات شقيق السنانيرى، وقال إنه كتبها تحت ضغط، لتبقى أمامنا الصفقة التى عقدها جريشة مع علام، فقد سافر مبارك إلى ألمانيا ومرت زيارته بسلام، رغم أن الإخوان كانوا قد جهزوا بقوة لإحراج مبارك هناك، ما الذى حصلت عليه الجماعة مقابل تمرير هذه الصفقة؟، لم يبحث أحد عما أخذه الإخوان المسلمون مقابل بيعهم لكمال السنانيرى، لكن سير الأحداث بعد ذلك كان يشير إلى ما جرى، ويمكن لنا باطمئنان أن نتحدث عن أول صفقة بين نظام مبارك وجماعة الإخوان، وكان مضمونها «اعملوا فى صمت.. واتركونى أحكم فى هدوء»، لم تكن رحلة ألمانيا التى أراد نظام مبارك لها أن تنجح هى السبب الوحيد لعقد صفقة مع الإخوان، ولكن كانت هناك أسباب أخرى أهم، فقد كانت هناك مواجهة بين الأجهزة الأمنية والتيارات الإرهابية المتطرفة، وأراد النظام أن يتفرغ للمواجهة مع هذه التيارات، فكان لابد أن يتم تحييد جماعة الإخوان وترك الفرصة كاملة لها فى الشوارع والمساجد، وللحديث بقية
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: على جريشة السنانيرى العصر الحديث العواصم الأوروبية السادات
إقرأ أيضاً:
في لبنان وغزة وسوريا.. الفرحة بعيد الميلاد تضيع وسط أوجاع العدوان الإسرائيلي
فى قطاع غزة، تختلط أصوات الطائرات والمدافع مع صرخات الأمهات وأبنائهن مع كل فقيد يفارقهن.
«كامل عياد»، مسيحى فلسطينى من غزة، فتح نافذة على معاناة شعب يعيش تحت وطأة الاحتلال، ليرى العالم ما تحمّله الشعب الفلسطينى من آلام وضياع، فى ظل احتفال الآخرين بعيد الميلاد.
«كل عام كان عيد الميلاد يحمل معانى مختلفة بالنسبة لنا، هو ليس فقط احتفالاً دينياً، بل لحظة تأمل وشعور بالانتماء إلى أرض وُلد فيها السيد المسيح»، بهذه الكلمات تحدث «عياد» بحزن، وهو يسترجع ذكرياته عن الاحتفال بعيد الميلاد فى القطاع.
وأضاف: «قبل الحرب، كنا نحاول أن نحتفل رغم الظروف، نُقيّم مسرحيات تحكى قصة ميلاد المسيح، نُغنّى الترانيم، ونتشارك الأمل مع المسلمين فى غزة وكأننا عائلة واحدة أما اليوم، فالفرح بات غريباً عنا».
فى السابع من أكتوبر 2023، تفاجأ «كامل» وعائلته بالحرب ليتّجهوا إلى كنيسة القديس برفيريوس، التى تُعتبر ثالث أقدم كنيسة فى فلسطين، ظنناً أن الكنائس ستكون أماكن آمنة بعيداً عن القصف، وكانت ملاذاً لآلاف المدنيين الذين لجأوا إليها، بعيداً عن القصف المدمّر الذى اجتاح قطاع غزة، ولكن الأمن الذى كانوا يأملون فيه سرعان ما تبخر تحت قسوة القصف والاستهداف لكل ما هو فلسطينى.
«كامل» الذى يحمل الجنسية المصرية من والدته، اضطر مع أسرته إلى الخروج من غزة، بحثاً عن الأمان، ليجد نفسه فى مواجهة مع جيش الاحتلال خلال رحلة الخروج إلى مصر، فقد كان الطريق محفوفاً بالمخاطر، وعن ذلك قال: «تحركنا عبر الشارع الآمن الذى أعلن الجيش الإسرائيلى أنه آمن من إطلاق النار، ولكن اضطررنا للمشى أنا وأطفالى وزوجتى وسط إطلاق نار رغم الوعود الكاذبة من الاحتلال، رافعين أيدينا فى الهواء نُمسك بهوياتنا، لكننا لم نكن نعرف إذا كنا سنصل إلى بر الأمان أم لا ونجحنا فى الوصول إلى مصر، وبدأت عائلتى حياة جديدة فى منطقة مدينة نصر».
ورغم وجود «كامل» فى مصر مع زوجته وبناته، إلا أن قلبه لا يزال فى غزة، حيث توجد والدته وأشقاؤه الذين لم يتمكنوا من مغادرة القطاع، ولا يزالون يعانون فى غزة، متسائلاً حول كيفية الاحتفال بعيد الميلاد وهو بعيد عن بلده، وعائلته تعيش فى خوف دائم، لكن تظل رسالة الشعب الفلسطينى فى ظل كل ما يحدث لهم هى رغبتهم فى الحياة، ذلك الحق الذى تحول إلى أمنية.
«باسم»: الأمور أفضل لكن القلق مستمرحالة من الترقّب والحذر يعيشها مسيحيو سوريا خلال احتفالات عيد الميلاد التى تتزامن مع الأحداث الأخيرة، ينتظرون بشغف ما ستؤول إليه تحركات الحكومة المؤقتة خلال الأيام المقبلة، وكيف يمكن أن يسير الحوار المرتقب بينهم، ولذلك تشهد احتفالات الميلاد هذا العام فى بلد الياسمين تحركات خجولة.
ورغم الظروف التى مرت بها سوريا بداية من شهر ديسمبر، إلا أن احتفالات الميلاد لم تندثر، ولكنها ندرت، فلم تملأ الشوارع أصوات آلات العزف وترانيم الميلاد كما كان سابقاً، باستثناء احتفالات باهتة فى باب شرقى وباب توما فى المدينة القديمة، ويتصل بهما حى القصاع، ومن ثم حى جناين الورد وحى القصور، وهى الأحياء الأكثر كثافة للمسيحيين فى دمشق.
وصف «باسم» -اسم مستعار لمواطن سورى رفض الكشف عن هويته- الوضع الأمنى فى سوريا بأنه فى تحسّن مستمر، وأن المعاملة من قِبل الجهات الرسمية تتسم بالاحترام للمسيحيين، رغم وجود بعض الأخطاء الفردية التى يتم التعامل معها بحزم وسرعة: «الأمور بشكل عام أفضل، لكن القلق لا يزال يساور البعض».
القلق المسيحى سيظل يُغلف احتفالات الميلاد، رغم تحسّن الأوضاع، فالكثير من المسيحيين يأملون فى قيام دولة علمانية تكفل المساواة بين جميع السوريين فى الحقوق والواجبات، وهذا الأمل لن يتحقق -كما يرى البعض- إلا بعد اعتماد دستور جديد للبلاد يكفل لهم الحقوق الكاملة: «نحن لا نريد مجرد دولة مدنية، بل دولة قانون، حيث يكون الجميع سواسية»، وفقاً لـ«باسم».
أما بالنسبة لاحتفالات عيد الميلاد، فإنها لم تتغير بشكل كبير فى ظل الظروف الحالية، إذ يمكن للمسيحيين الآن تنظيم احتفالاتهم دون الحاجة إلى التنسيق مع أى جهة، ورغم الأوضاع الصعبة لا يزال الاحتفال بالعيد يعتبر رمزاً للتضامن والأمل.
«أوغيت»: الاحتفالات تمسح الحزن عن «بيروت».. والمغتربون يعودونفى قلب لبنان، الذى لا يزال يعانى من تبعات الحرب، ظل الأمل ينبض فى النفوس، خلعت المدن رداء الحزن والقلق، وأخلت ساحاتها لأضواء الميلاد.. شجرة ومغارة وموسيقى رسمت ملامح عيد لا يهجر بلد الأرز وإن كان مشوباً بكثير من الحذر بسبب الأوضاع المتوترة فى جنوب البلاد وفى دول الجوار.
فى الوقت الذى يعيش فيه المسيحيون فرحة استقبال الطفل «يسوع»، تجد فى لبنان فرحة استثنائية بعيد الميلاد هذا العام، إذ هلّ الفرح بعد فترة من الحرب والدمار فتقول أوغيت سلامة، سيدة لبنانية، فى وصفها للعيد هذا العام: «عيد الميلاد مميز للبنانيين كما هو لجميع المسيحيين فى العالم، فهو ميلاد الرجاء وبداية أعظم قصة حب للبشرية التى بدأت ببشارة مريم العذراء ثم ميلاد يسوع، ولكن هذا العام، ومع كل المعاناة التى مر بها لبنان، أصبح للعيد معنى آخر، فهو يحمل معه أملاً فى السلام ورجاءً جديداً مع شعور عميق بأن الحياة قد عادت، وأن اللبنانيين يمكنهم العودة للاحتفال، بعيداً عن نار الحرب والدمار الذى عاشوه، وخاصة منذ سبتمبر الماضى وحتى إعلان وقف إطلاق النار فى نوفمبر».
وفى كنائس لبنان على الجبل، تجتمع العائلات، وتختلف الوجوه، لكنْ هناك شىء مشترك بينهم ألا وهو الأمل، وتنعكس أضواء زينة الميلاد على الوجوه المرهقة من الحرب، وتملأ الكنيسة أصوات الترانيم التى تتردد فى أرجائها، تقول «أوغيت»: «حتى إن أجواء البهجة والزينة ترافق كل الأديان والطوائف فى لبنان»، لكن ما يميز هذا العام أكثر من أى وقت مضى هو فرحة الأطفال: «أنشطة الأطفال تتعدد بين المسرح وتوزيع الهدايا مع بابا نويل، لكن فرحتهم هذا العام مضاعفة، كما الكبار، لأنهم عادوا للاحتفال فى المناطق التى شهدت العمليات العسكرية، خصوصاً فى بيروت والجنوب والبقاع، فبعد الحروب جاء هذا العيد ليحيى الأمل للأطفال والكبار على حد سواء، ويزرع فى قلوبهم فرحة جديدة».
ليس فقط اللبنانيون داخل لبنان من يفرحون بميلاد المسيح، فحتى أولئك الذين غادروا إلى الخارج بسبب ظروف الحرب، عادوا ليحتفلوا بعيد الميلاد مع عائلاتهم فقد عاد اللبنانيون فى الخارج، سواء للعمل أو الدراسة، إذ حجزوا تذاكر سفرهم فور إعلان وقف إطلاق النار، ليكونوا مع أهلهم فى هذا العيد، وتختتم «أوغيت»: «اللبنانى لا يفقد الأمل، وكلما اشتدت عليه التحديات، زادت عزيمته، لتمسكه بالحياة وبالحرية مهما كانت الظروف والأثمان».