طرح حلول وإطلاق مبادرات تُحسّن إنتاج الغذاء تضمن استدامة سلاسل التوريد وتكافح الجوع عالمياً دعم المتطلبات الغذائية للمجتمعات الأقل حظاً حلول مبتكرة لتوفير مصادر غذائية قوامها التكنولوجيا الحديثة

دبي:«الخليج»

يجسد تأسيس «مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية»، لمركز الابتكار الغذائي في الإمارات، بالتعاون مع المنتدى الاقتصادي العالمي، التزام المؤسسة بحشد الجهود الدولية لحماية وتعزيز سلامة واستدامة قطاع الغذاء العالمي، عبر طرح حلول وإطلاق مبادرات تُحسن إنتاج الغذاء، وتضمن استدامة وتكامل سلاسل التوريد وتكافح الجوع عالمياً.

ويأتي المركز انطلاقاً من قناعة راسخة بأن التعاون الدولي الفعال في تبنّي ممارسات الاستدامة وتبادل الخبرات والتجارب الناجحة بين الحكومات والقطاع الخاص، الحل الأمثل لمواجهة المتغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم.

ويسهم تأسيس المركز، في تسريع تحقيق مستهدفات استراتيجية الأمن الغذائي لإمارة دبي، التي تسعى إلى تنويع مصادر الاستيراد، وتعزيز الإنتاج المحلي والحدّ من الفقد والهدر، وتعزيز سلامة الغذاء ونظم التغذية، تعزيز قدرة القطاع على مواجهة الأزمات.

وتنظم المؤسسة وبالتعاون مع المنتدى، «مؤتمر الابتكار للأغذية 2024» تحت شعار «إعادة تصور النظم الغذائية المستقبلية»، من 13 إلى 15 مايو، في «متحف المستقبل» وأبراج الإمارات في دبي، لدعم العمل الإغاثي والإنساني العالمي وتطوير نظم غذائية مستقبلية ومناقشة تطوير آليات وتقنيات مبتكرة لإنتاج الغذاء.

حلول مبتكرة

جاء تأسيس المركز خلال مشاركة المؤسسة في مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «COP28»، العام الماضي، حيث يأتي في سياق جهود مؤسسة المبادرات، لتعزيز استدامة قطاع الغذاء العالمي وإيجاد حلول شاملة ومتكاملة لمكافحة الجوع، ودعم المتطلبات الغذائية للمجتمعات الأقل حظاً، وفي إطار سعيها لإحداث تحولات مستقبلية نوعية تسهم في توفير منظومات متكاملة للابتكار الغذائي.

ويلبي المركز، مساعي الؤسسة لترسيخ التعاون الدولي بهدف مواجهة أزمة الغذاء التي تقود الملايين إلى حافة المجاعة، نتيجة النزاعات المستمرة والتغيرات المناخية، وارتفاع كلف الغذاء والوقود، حيث تستهدف وعبر هذا المركز وغيره من المبادرات الخلّاقة التي أطلقتها، إيجاد حلول مبتكرة لتوفير مصادر جديدة للغذاء قوامها التكنولوجيا الحديثة، وبما يضمن تلبية احتياجات الأجيال الحالية والمستقبلية.

ويأتي المركز الذي جاء بالشراكة مع وزارة التغير المناخي والبيئة، وشركة «ماجد الفطيم للتجزئة»، ومجموعة «إفكو»، ومجموعة «الظاهرة»، وشركة أبوظبي الوطنية للفنادق «كومباس»، امتداداً لاتفاق التعاون بين المؤسسة والمنتدى، لتأسيس منصة عالمية للمبادرة العالمية لشبكة مراكز الابتكار الغذائي، الذي وقّع ضمن فعاليات المنتدى الذي عقد في دافوس بسويسرا في مايو 2022، حيث تسعى المنصة لتسريع وتوسيع الابتكارات والتقنيات المتخصصة، لدعم التحول نحو خيارات مستقبلية مستدامة أكثر شمولاً، وتحسين آليات إنتاج الغذاء المرنة في العالم.

ويعطي تعاون المؤسسة والمنتدى الاقتصادي، زخماً كبيراً لجهود مراكز الابتكار الغذائي، الهادفة إلى تسريع نقل المعارف والابتكار في أبحاث وآليات إنتاج الغذاء، وتوسيع آفاق التعاون بين الدول في هذا المجال، وتوفير فرص جديدة للاستفادة من المعرفة الإنسانية من أجل بناء مستقبل أكثر استدامة وتلبية لطموحات الأفراد والمجتمعات.

مشاركة المعرفة

وتسعى مالؤسسة عبر المركز إلى تطوير حلول فعالة للتحديات التي تحول دون استدامة الغذاء مستقبلاً، والتغلب على التحديات العالمية المتعلقة بالأغذية والزراعة، وتطوير الحلول للقضاء على الجوع بالأساليب المثلى، مثل الزراعة الرأسية، والمناخية، والذكية، والبروتينات البديلة.

ويعدّ المركز ملتقى لتوحيد جهود جميع الدول الراغبة في مشاركة المعرفة، ودعم تطبيق الحلول المتطورة لإدارة كامل منظومة الغذاء والارتقاء بها لتحقيق مختلف الأهداف الغذائية والبيئية والمناخية على السواء.

ويشكل المركز، خطوة مهمة لمواجهة تحديات قطاع الغذاء بحلول غير تقليدية، ما يعكس حرص المؤسسة على توسيع الشراكات مع المنظمات والمؤسسات الدولية، لدعم العمل العالمي المشترك، لمواجهة التحديات والأزمات لا سيما الجوع وانعدام سلامة الأنظمة الغذائية، وتوفير تدفق مستمر من المساعدات الغذائية الحيوية للمجتمعات الأكثر احتياجاً.

وجهة رائدة

ويعمل المركز منصة تجمع بين المزارعين ومزوّدي الحلول والمبتكرين وعلامات التجزئة، لااستكشاف الحلول واختبار المفاهيم والتوسع في الابتكارات الملائمة التي تحقق استدامة الغذاء، حيث يسعى إلى دعم التقنيات المتخصصة والتوسع فيها، لتعزيز القدرة على تحمل كلف التغذية وتحقيق استدامتها بيئياً لمصلحة المستهلكين وكوكب الأرض.

وينسجم المركز مع مساعي مؤسسة المبادرات الرامية إلى جعل دبي وجهة رائدة للابتكار في تطوير نهج شامل ومستدام لأنظمة الغذاء يسهم في تنويع التوجهات الاستهلاكية، بما يؤدي إلى خفض البصمة الكربونية وتعزيز صحة المستهلك.

ويستفيد المركز من خبرات كثير من الجهات المعنية في الابتكار، بما فيها الحلول المتقدمة التي تسهم في حل التحديات المستقبلية المتعلقة بتوفير الغذاء المستدام لسكان العالم.

وتسعى مراكز الابتكار الغذائي التي أسسها المنتدى العالمي، إلى تفعيل الشراكة مع الأطراف المعنية من القطاعين العام والخاص، لمشاركة أفضل الممارسات ودعم عقد الشراكات الموجهة التي تحقّق مصالح ملموسة عبر جميع مراحل سلسلة التوريد.

وتستهدف بناء شبكة متكاملة من النظم الحيوية التي تمكّن الابتكار في قطاع الغذاء، وتسهل تواصل المبتكرين والممولين في هذا المجال مع أصحاب المصلحة والقطاعين الحكومي والخاص، والمجتمع المدني والمزارعين وغيرهم، لتسريع نطاق الابتكارات والاستثمارات في النظم الغذائية والزراعية وتوسيعها، والمساهمة في إحداث التحولات الإيجابية المنشودة لضمان مستقبل المجتمعات والكوكب.

حملات نوعية

يذكر أن إجمالي حجم إنفاق المؤسسة، الأكبر في المنطقة في العمل الخيري والإنساني والإغاثي والمجتمعي، عام 2023، بلغ نحو 1.8 مليار درهم، أحدثت أثراً إيجابياً في حياة 111 مليوناً في 105 دول.

ونفذت المؤسسة، ضمن محور المساعدات والإنسانية والإغاثية حملات نوعية عدة لإطعام الطعام، بداية بحملة 10 ملايين وجبة، التي أطلقت في رمضان 2020 لتوفير الدعم الغذائي للمتضررين داخل الدولة من تداعيات أزمة «كورونا». مروراً بحملة 100 مليون وجبة، التي أطلقت في رمضان 2021 أكبر حملة إقليمية لتقديم الدعم الغذائي للمحتاجين في 20 دولة في المنطقة العربية وقارتي إفريقيا وآسيا. ثم حملة مليار وجبة التي أطلقت في رمضان 2022 أضخم حملة إقليمية، لتوفير مليار وجبة في 50 دولة، بما يعزز مساهمة الإمارات النوعية في الجهد العالمي للقضاء على الجوع، وصولاً إلى مبادرة «وقف المليار وجبة» التي أطلقت في رمضان 2023، لتدشين أكبر صندوق وقفي لإطعام الطعام المستدام، وحققت ملياراً و75 مليون درهم.

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية الابتکار الغذائی إنتاج الغذاء قطاع الغذاء

إقرأ أيضاً:

سندات الأثر الإنساني.. نقلة نوعية في مبادرات تمويل المشروعات الخيرية

في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة، التي تفرض ضرورة البحث عن وسائل تمويل مستدامة وفعالة لدعم المشروعات الخيرية والاجتماعية، ظهرت على الساحة العالمية "سندات الأثر الاجتماعي والإنساني" كأداة مبتكرة في بدايات عام 2010، تجمع بين الاستثمار والهدف الاجتماعي. وتتيح هذه السندات توفير التمويل اللازم بآلية مختلفة عن التبرعات التقليدية، حيث تعتمد على استثمار رأس المال، وتحقيق النتائج الملموسة لضمان استمرار الدعم المالي.

فما هي سندات الأثر الاجتماعي والإنساني؟ وكيف يمكن الاستفادة منها في تمويل المشروعات الخيرية؟ وما أبرز التجارب الدولية الناجحة في هذا المجال؟

سندات الأثر الاجتماعي والإنساني هي أداة مالية تهدف إلى جذب رؤوس الأموال لتمويل مشروعات تعالج قضايا اجتماعية محددة، وتقوم هذه السندات على مبدأ الدفع بناءً على النتائج، إذ يحصل المستثمرون على عوائد مالية إذا تحققت الأهداف الاجتماعية المتفق عليها، بينما يتحملون الخسائر في حال فشل المشروع في الوصول إلى تلك الأهداف. هذا النموذج يخلق توازنًا بين تحقيق العائد المالي وإحداث تأثير اجتماعي إيجابي.

تتطلب آلية عمل هذه السندات تعاونًا بين عدة جهات، الجهة الأولى هي الحكومة أو المؤسسة الممولة التي تحدد المشكلة الاجتماعية، وتتعهد بالدفع عند تحقق النتائج. الجهة الثانية هي المستثمرون الذين يقدمون التمويل اللازم لتنفيذ البرامج. أما الجهة الثالثة فهي المنظمات التنفيذية التي تتولى تنفيذ المشروع على أرض الواقع. وأخيرًا، هناك جهة مستقلة تتولى مراقبة الأداء، وتقييم مدى تحقيق الأهداف.

تتيح سندات الأثر الاجتماعي والإنساني فرصًا كبيرة للمؤسسات الخيرية والاجتماعية. فهي توفر مصدرًا متجددًا للتمويل بدلاً من الاعتماد على التبرعات الموسمية، وتدفع نحو تطوير حلول مبتكرة للتحديات الاجتماعية، كما أنها تعزز التعاون بين القطاعين العام والخاص، وتشجع على تبني نهج يعتمد على الأداء والنتائج، مما يزيد من كفاءة إدارة الموارد المالية، ويعزز الشفافية.

على سبيل المثال، يمكن لمنظمة غير ربحية تعمل على الحد من التسرب المدرسي أن تطلق برنامجًا تعليميًا لدعم الطلاب المهددين بترك الدراسة. إذا تمكن البرنامج من خفض نسب التسرب وفقًا للمستهدف، يحصل المستثمرون على عائد مالي بينما تحقق الجهة الداعمة أهدافها الاجتماعية. هذه الآلية ليست مجرد وسيلة للتمويل بل هي نموذج لتعزيز المساءلة، والشفافية في تنفيذ المشروعات الاجتماعية.

شهدت العديد من الدول تجارب ناجحة في تطبيق سندات الأثر الاجتماعي والإنساني. ففي مدينة بيتر بورو بالمملكة المتحدة، أُطلقت أول تجربة في 25 يونيو 2010 بهدف تقليل معدلات عودة السجناء السابقين إلى السجن. استثمرت جهات خاصة في تمويل برامج إعادة التأهيل، وعندما انخفضت معدلات العودة إلى السجن بنسبة 9%، حصل المستثمرون على عوائد مالية.

وفي الولايات المتحدة، أطلقت ولاية يوتا في 30 أغسطس 2013 مشروعًا لتمويل التعليم المبكر عبر سندات الأثر الاجتماعي. استهدف المشروع تحسين الأداء الأكاديمي للأطفال المحرومين، وعندما أظهرت النتائج تحسنًا ملموسًا، تم تعويض المستثمرين بينما وفرت الحكومة جزءًا من تكاليف الرعاية الاجتماعية.

أما في أستراليا، فقد أُعلن في 15 مايو 2016 عن استخدام سندات الأثر الاجتماعي لتمويل برامج الصحة النفسية. ركزت المبادرة على تقديم دعم نفسي للأفراد الذين يعانون من أمراض عقلية، وأسهمت هذه البرامج في تحسين جودة حياة المرضى، وخفض نفقات الرعاية الصحية.

في اليابان، وتحديدًا في مدينة يوكوهاما، تم تطبيق نموذج مشابه في 27 أكتوبر 2017 بهدف تحسين الرعاية الصحية للمسنين. مول المستثمرون برامج للوقاية من الأمراض المزمنة، مما ساعد في تقليل معدلات دخول المستشفيات، وتحقيق تحسن في جودة حياة كبار السن. استفاد المستثمرون من عوائد مالية بينما حققت الحكومة أهدافها في خفض النفقات الصحية.

وفي خطوة متقدمة، أصدر البنك الدولي منذ عام 2021 ثلاثة سندات بارزة لدعم مبادرات إنسانية مختلفة. تمثل الأول في سندات الكربون التي مولت مشروع أجهزة تنقية المياه في فييتنام، حيث تم تصنيع وتوزيع 300 ألف جهاز على 8000 مدرسة، مما وفر مياهًا نظيفة لما يقرب من مليوني طفل. أما السند الثاني فكان مخصصًا لحماية الحياة البرية، من خلال مشروع الحفاظ على وحيد القرن في جنوب أفريقيا. والسند الثالث خُصص لدعم منظمة اليونيسيف في جهود مكافحة جائحة كورونا.

على الرغم من النجاح الذي حققته هذه السندات في العديد من الدول، إلا أن تطبيقها لا يخلو من التحديات. فهي تتطلب معايير دقيقة لقياس التأثير الاجتماعي وتقييم مدى نجاح البرامج. كما أن المستثمرين يتحملون مخاطر خسارة أموالهم إذا لم تتحقق الأهداف، وتحتاج هذه السندات إلى أطر قانونية وتنظيمية معقدة لضمان التنفيذ الناجح، إضافة إلى أهمية تعزيز الثقة بين الأطراف المعنية لضمان الالتزام بالنتائج.

تشكل سندات الأثر الاجتماعي والإنساني تحولًا نوعيًا في تمويل المشروعات الخيرية، حيث تجمع بين تحقيق الربح والأهداف الاجتماعية. ومن المتوقع أن يستمر انتشار هذا النموذج عالميًا ليشمل مجالات أوسع في التعليم، والصحة، والبيئة، مما يفتح المجال أمام تعاون أعمق بين القطاعين العام والخاص. فهل تصبح سندات الأثر الاجتماعي والإنساني الأداة المفضلة لتمويل المشروعات الإنسانية في المستقبل؟

مقالات مشابهة

  • استشاري لمرضى السكري: مفاجآت بالجملة حول النظام الغذائي الأمثل
  • الغذاء العالمي: حرمان أكثر من مليون شخص من المساعدات في مناطق الحوثي بسبب تحديات التشغيل
  • استشهاد 408 عاملين بالمجال الإنساني في قطاع غزة خلال حرب الإبادة
  • أونروا: مقتل 408 عاملين في المجال الإنساني بغزة منذ بدء الإبادة
  • برنامج الأغذية العالمي يحذر من انخفاض مخزونه الغذائي في قطاع غزة
  • مركز الملك سلمان للإغاثة يسلّم 138طنًا من التمور لبرنامج الغذاء العالمي في جمهورية الصومال
  • سندات الأثر الإنساني.. نقلة نوعية في مبادرات تمويل المشروعات الخيرية
  • ملتقى القيادات الطبية الشابة يرسخ ثقافة العمل الإنساني
  • «الأغذية العالمي»: مئات الآلاف من سكان غزة معرَّضون لخطر الجوع الشديد
  • النعماني: إضافة 10 أسرّة للعناية المتوسطة بقسم الباطنة لحالات التسمم الغذائي بجامعي سوهاج