تغطية: جيهان شعيب

كشفت مناقشة أعضاء المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة، لسياسة هيئة الشارقة للثروة السمكية، في جلستهم التاسعة التي عقدت الخميس، حجم الإنجازات التي حققتها الهيئة، والجهود التي تبذلها في سبيل ترسيخ الأمن الغذائي وتنمية الثروة السمكية، والاهتمام بالصيادين ودعمهم، في إطار توجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، للحفاظ على مهنة الصيد والقائمين عليها.

وخلال الجلسة التي ترأسها د. عبد الله بلحيف النعيمي، رئيس المجلس، تجلى اهتمام المجتمع المحلي للإمارة بدور الهيئة والآمال المنشودة منها، والمطالب المتنوعة التي يأملون تلبيتها، فضلًا عن طرح الأعضاء عدداً من المقترحات، بحضور علي أحمد أبو غازيين، عضو المجلس التنفيذي للإمارة، رئيس الهيئة، ومعاونيه سالم محمد الكديد، مدير إدارة الخدمات المساندة، والدكتور عبد الله عبد الرحمن شهيل، مدير إدارة الثروة السمكية بالوكالة، ومروان محمد الحمادي، مدير مكتب الشؤون القانونية، ومصعب هلال النقبي، مدير إدارة الاتصال الحكومي.

واستهل أحمد سعيد الجروان، أمين عام المجلس، الجلسة قائلاً: «عملاً بالمرسوم بقانون رقم 3 لسنة 2022 بشأن تنظيم هيئة الشارقة للثروة السمكية والصادر من صاحب السمو حاكم الشارقة شهر سبتمبر عام 2022، فإن الهيئة من خلال أدوارها تهدف لتحقيق أربعة أهداف مهمة، وهي المحافظة على الثروة السمكية وتنميتها، وتحقيق الأمن الغذائي وتنميته، وإحياء مهنة صيد الأسماك والارتقاء بها، ودعم محال التعاونيات (السوق المحلي)، من خلال بيع مواد الصيد بأسعار منافسة، وتقديم الدعم للصيادين وأنشطتهم».

رؤية ثاقبة

من جانبه، قدم علي أحمد أبو غازيين، رئيس هيئة الشارقة للثروة السمكية، الشكر والتقدير للمجلس لاهتمامه بالهيئة ودعم أعمالها، بما يترجم التوجيهات السامية لصاحب السمو حاكم الشارقة، والرعاية الكريمة لسمو الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي، ولي عهد ونائب حاكم الشارقة، التي كانت الدافع في السعي لاستكمال منظومة إنشاء الهيئة، والقيام بمهامها.

وكشف عن إعداد دراسة متكاملة لمشروع الاستزراع السمكي، لإنشاء أول مزرعة سمكية في خورفكان بواقع (12) قفصاً للمرحلة الأولى، لافتاً إلى انتظار مباركتها من صاحب السمو حاكم الشارقة، فيما استعرض أهداف الهيئة وسياساتها وخدماتها ومهامها، التي تُسهم بدور مهم وفعال في إحياء مهنة صيد الأسماك والارتقاء بها، قائلًا إنه جار إعداد مسودة الخطة الاستراتيجية للهيئة بالتعاون مع بلدية الشارقة ومدينة الخدمات الإنسانية، وجرى الاجتماع مع لجنة الهياكل التنظيمية للإمارة لاعتماد الهيكل التنظيمي الجديد.

وأوضح أن المعاملات المقدمة من الهيئة تتمثل في شهادة عدم ممانعة ونقل ملكية، ونائب نوخذة وتجديد رخصة قارب صيد، وتجديد رخصة صيد أسماك، وتجديد تصريح مشد صناعي، وإصدار تصريح جديد لمشد صناعي، وتحويل ملكية قارب إلى لنش، وأن عدد المعاملات المنجزة لسنة 2023 من مايو حتى ديسمبر، بلغ 400 معاملة، ومن يناير حتى إبريل من العام الجاري بلغ 138 معاملة.

الخطة المستقبلية

قال أبو غازيين، إن الخطة المستقبلية تتمثل في إنجاز المشاريع بما يتماشى مع التطورات التي تطرأ بشكلٍ مستمر على الدولة وإمارة الشارقة، وتصميم قارب صديق للبيئة، بالتعاون مع أكاديمية الشارقة للنقل البحري، والنظر في مقترح دراسة مصانع مشتركة مع الجمعيات التعاونية لصيادي الأسماك لإيجاد مورد مالي، والعمل على إنشاء مزرعة أسماك برية، وطلب قطع أرض استثمارية بمساحة كبيرة لاستغلالها لإنشاء مزارع سمكية برية، ومبنى للهيئة في مدينتي الشارقة وخورفكان.

وقال إنه جار العمل على اعتماد الهوية البصرية للهيئة والجمعيات، والحصول على متطلبات مواصفات الأيزو إصدار 9001، وتوثيق دليل وسياسة الجودة وفقاً لإصدار عام 2015، وربط خدمات الهيئة بمنصة الشارقة الرقمية، إضافة للعمل على إطلاق موقع إلكتروني يضم المواقع الإلكترونية لجمعيات الصيادين في منصة واحدة، واستقطاب طلبة الجامعات بتخصصات ذات صلة، وإعداد خطة لتنظيم المهرجان البحري.

قرى الصيادين

لفت أبو غازيين، إلى إنشاء قرية متكاملة للصيادين في الحمرية، تضم ثكنات عمال ومواقف للسيارات والقوارب، وإنزالاً بحرياً، ومخازن لتخزين أدوات الصيد، ومسجداً يتسع لنحو 200 مصلٍ وقاعة طعام، فضلاً عن دعم الصيادين بتأجير الغرف، والمخازن بأسعار رمزية، بتوجيهات صاحب السمو حاكم الشارقة.

وكشف أن هناك توجهاً لتعميم قرى الصيادين بالمدن الأخرى، بعيداً عن المناطق السكنية والصناعية، والعمل على توطين كادر العاملين في جمعيات الصيادين، مؤكداً الحرص على التواصل مع الصيادين وجمعياتهم وحصر متطلباتهم، ورفعها إلى صاحب السمو حاكم الشارقة، علاوة على تعويض الصيادين بمحمية القرم عن الحوادث البحرية المتنوعة، بالتنسيق مع الديوان الأميري.

ولفت رئيس هيئة الشارقة للثروة السمكية، إلى الشراكات مع جامعتي خورفكان والشارقة في الأبحاث، ووزارة التغير المناخي والبيئة التي تعد شريكاً استراتيجياً، والجامعة الأمريكية بالشارقة شريك في الفعاليات، أما أكاديمية الشارقة للنقل البحري، فهي شريك في خطط تحسين قوارب الصيد.

نقاشات الأعضاء

انطلقت نقاشات الأعضاء والعضوات، وسأل أحمد راشد الشامسي، عن توجه الهيئة بتنسيق جهودها مع الصناديق والجهات الداعمة لمشاريع الشباب، على المستويين المحلي أو الاتحادي، لتوجيههم نحو الاستثمار في الثروة السمكية، وكذلك عن استكمال المنظومة التشريعية في صيد الأسماك، داعياً لدعم جمعيات الصيادين بالموارد المالية وتخصيص أراضٍ بمواقع متميزة لإنشاء محطات وقود لجمعياتهم.

وسأل أحمد عبيد العواسيه الزعابي، عن خطط تعميم فكرة إنشاء قرى الصيادين على مستوى مدن الشارقة بناءً على نموذج قرية الصيادين بالحمرية، وعن خطط صيانة مرافئ قوارب الصيادين بالمنطقة الشرقية، خاصة في دبا الحصن وكلباء، وعن توجيه صاحب السمو حاكم الشارقة، بالسماح بالصيد باستخدام التحويطة بالمنطقة الشرقية.

فيما استفسر سالم محمد الراشدي عن خطط طرح برامج تدريبية متخصصة للشباب الراغبين في ممارسة مهنة الصيد، ودعمهم في ذلك مالياً وفنياً، وإنشاء مراكز تعليمية وثقافية أو إطلاق معهد يهتم بتعليم ثقافة الصيد وأهميتها.

مسابقات تحفيزية

سألت فاطمة محمد خصوني الكتبي، عن اعتزام الهيئة تنظيم فعاليات ومسابقات تحفيزية لاستهداف الشباب وتشجيعهم على المشاركة في الصيد، وحملات توعوية وتثقيفية في المدارس والجامعات.

أما راشد صالح الحمادي، فوجه سؤاله عن خطط الهيئة بالتنسيق مع أسواق الجبيل للتعامل مع التجار لضبط الأسعار ووضع تسعيرة البيع اليومي، ودراسات للتوسع في إنشاء المصانع وتوسيع قنوات التصدير لتعزيز القطاع السمكي، والإجراءات المتبعة لمكافحة المشاد والتعدي على البيئة البحرية دون تصريح، والتصدي للأنشطة غير المشروعة التي تؤثر في التوازن البيئي.

وتحدث الدكتور سلطان خميس الزعابي، عن أولويات الهيئة من أعمال وخطط استراتيجية خلال العامين الحالي والمقبل، وتوجهها لإنشاء الحيود الصناعية للمحافظة على الثروة السمكية.

ميزانية الهيئة

لفتت فاطمة المقرب، إلى عدد من الملاحظات، منها زيادة ميزانية الهيئة للعام الحالي مقارنة بالماضي بنحو 5 ملايين درهم، متسائلة عن آلية توظيف هذه الزيادة، وعما إذا كانت ستنتج عنها مبادرات جديدة أم أن أغلبها مصاريف تشغيلية؟ وعن تحويل بعض الإمارات المجاورة لقرى الصيادين إلى مواقع استثمارية جاذبة.

من جهتها، سألت موزة معضد بن هويدن، عن خطوات إعداد دراسة تستشرف أدوار الهيئة في ممارسة اختصاصاتها، وإعداد هيكل تنظيمي ووظيفي، والمشاريع التي تحقق تطلعات الأمن الغذائي السمكي.

فيما استفسر محمد العلوي الظهوري، عن خطط توطين الكوادر الوظيفية بجمعيات الصيادين واستحداث كادر يتبع حكومة الشارقة، وخطة مستقبلية لدعم الصيادين، وتيسير الدعم الاتحادي والمحلي لجمعيات الصيادين، ووجهة نظر الهيئة بإصدار قرار محلي يسمح لضغوة الأسماك المهاجرة الموسمية وعدم ربطها بتوقيت معين، مع النظر في إنشاء مصنع لتعبئة وتغليف وحفظ الأسماك الطازجة والمجففة بالإمارة دعماً للإنتاج المحلي.

ووجه راشد غانم الشامسي، سؤاله عن رأي الهيئة في إنشاء مجلس يضم رؤساء جمعيات الصيادين بالإمارة، تحت مظلة الهيئة لتنسيق العمل المشترك، وسأل الدكتور أحمد صالح النقبي، عن التوجه نحو استزراع الشعاب المرجانية وآلية تنمية المخزون السمكي، بينما سأل محمد علي جابر الحمادي، عن أهمية زراعة أشجار القرم لدورها الفعال في مكافحة التغير المناخي.

واستفسرت الدكتورة رقية الزعابي، عن قيام الصيادين بالصيد خلال الفترة المسائية، والذي يسمى صيد الرغوة، وتطبيق معايير الأمن والسلامة، فيما دعا حمد القواضي للنظر في قلة المساحة المخصصة للصيد، خاصة في خورفكان، لكثرة السفن التجارية وتنظيم مواقع الصيد.

واستفسرت الدكتورة هند الهاجري، عن خطوات تفعيل اتفاقية التعاون مع الجمعيات التعاونية لتسويق بيع الأسماك، وماهية أهداف هذه الاتفاقية والدور المخطط للهيئة في المشاركة بالمهرجانات المحلية والخارجية.

ردود وتوضيحات

توالت إجابات رئيس هيئة الشارقة للثروة السمكية ومعاونيه، عن استفسارات الأعضاء، حيث أكدوا على وجود خطط لإنشاء قرى للصيادين بالتنسيق مع دائرة الأشغال العامة، فيما خاطبت الهيئة الدائرة لإجراء صيانة للمراسي البحرية في الحمرية وخورفكان وكلباء ودبا الحصن، ولم يمنع أي من الصيادين من الصيد بطريقة «التحويطة».

ولفتوا إلى أنه من أهداف الهيئة توريث مهنة الصيد، بالبدء من الأسرة عبر التركيز على فئة الشباب، بتعريفهم بماهية هذه المهنة، وكذلك تنظيم مهرجان لدعم الصيادين في خورفكان يشارك فيه الأهالي.

أما عن ميزانية الهيئة، تم الكشف عن أنها تصب في محاور مقسمة حسب الأهداف، وجزء منها للدورات والمشاركات، لاستقطاب الموظفين الجدد بالتنسيق مع دائرة الموارد البشرية، مع وجود طموح لزيادة الميزانية لتحقيق الخطط المستقبلية.

كما أنه يتم التنسيق مع إدارة سوق الجبيل والصيادين لتسهيل عمليات البيع بأفضل الأسعار، وتوزيع الأرباح السنوية على الصيادين بمبلغ 3 ملايين درهم عن عام 2023، ويجري سنوياً تخصيص مبلغ للصيادين الذين يبيعون أسماكهم عبر السوق.

كما رأى استبدال موقع الورشة البحرية في منطقة اللؤلؤية بالتنسيق مع هيئة المبادرات، وزيادة عدد مراسي مدينة الشارقة ب60 مرسى جديداً، ومخاطبة جمعية كلباء التعاونية لصيادي الأسماك، لتفعيل الدلالة في سوق الجبيل بالمدينة، ومخاطبة دائرة الأشغال العامة لتعميق خور الحمرية، لتسهيل حركة دخول القوارب وخروجها.

وانتهت ردود رئيس هيئة الشارقة للثروة السمكية ومعاونيه، بأنه جرت مخاطبة دائرة التخطيط والمساحة لتخصيص أرض لإنشاء مجلس الصيادين لجمعية الشارقة بجانب سوق الجبيل، وأراض في مدن كلباء وخورفكان والحمرية، لتجفيف الأسماك بالتنسيق مع دائرة التخطيط والمساحة.

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة صاحب السمو حاکم الشارقة الثروة السمکیة بالتنسیق مع أبو غازیین عن خطط

إقرأ أيضاً:

مجمع الكرادلة الهيئة التي تنتخب بابا الفاتيكان

الهيئة الاستشارية العليا للكنيسة الكاثوليكية الرومانية، تتكون من مجموعة من الكرادلة يشكلون مساعدي البابا ومستشاريه المقربين، الذين يشغلون المناصب في الإدارة المركزية لشؤون الكنيسة بالفاتيكان، ويديرون أكبر أبرشيات العالم.

والكرادلة هم أصحاب الرتبة الكنسية الأعلى بعد رتبة البابا، ويتم تعيينهم بموجب مرسوم بابوي، ويعتبرون أمراء الكنيسة، ويحملون لقب صاحب السيادة، ولا يخضعون لأي ولاية قضائية باستثناء سلطة البابا، ويتمتع المقيمون منهم في مدينة روما أو وخارجها بحقوق وامتيازات المواطنة نفسها.

ويُعد انتخاب البابا الجديد المهمة الأبرز لمجمع الكرادلة، والذي يتم في اجتماع سري مغلق، قد يستغرق أياما، يُطلق عليه "المجمع المغلق"، ولا يسمح لأي من الكرادلة مغادرته حتى انتخاب البابا، وإعلان ذلك للحشود المنتظرة خارج كنيسة سيستينا، مقر الاقتراع، عبر دخان أبيض يتصاعد منها.

النشأة

نشأت رتبة كاردينال، في عهد البابا سلفستر الأول، حوالي العام 315 ميلادي، وهي الرتبة الأعلى في الكنيسة الكاثوليكية بعد رتبة البابا، وكان يحملها الأساقفة الذين يشكلون مجموعة مستشاري البابا الأقربين ومعاونيه.

توسع استخدام لقب كاردينال، فأصبح يُطلق على قساوسة الأبرشيات السبع في روما، والكهنة والشمامسة الذين يديرون الكنائس داخل أسوار المدينة، ويؤدون الخدمات الأسبوعية في الكنائس البطريركية الأربع: كنيسة القديس بطرس وكنيسة القديس بولس وكنيسة القديسة ماريا وكنيسة القديس لورانس.

إعلان

وكانت وظائف الكرادلة في العقود الأولى تقتصر على الطقوس الكنسية، وكان على كرادلة الأبرشيات السبع في روما أداء الخدمات الأسبوعية في كاتدرائية اللاتراني بروما، لذلك أُطلق عليهم أحيانا "الأساقفة اللاترانيون".

وبمرور الزمن، شكلت مجموعة الكرادلة الذين ساعدوا البابا بشكل منتظم في كافة المهام الرعوية، والتي شملت العمل الإداري والقانوني والعقائدي والطقوس، "كوريا" خاصة بالبابا، على غرار الكوريا اللاتينية، أي مجلس مدينة روما في عصور ما قبل المسيحية، والذي كان يساعد في حكم المجتمع المدني في مدينة روما ومحيطها.

البابا فرنشيسكو بعد انتخابه في منتصف مارس/آذر 2013 (رويترز)

وبحلول منتصف القرن الحادي عشر، أخذ التنظيم الكنسي شكلا أكثر مركزية، وخضعت الكنيسة الأوروبية لسيطرة بابوية قوية ومباشرة، وهو الأمر الذي أدى إلى توسع مؤسسات الإدارة الكنسية، وتزايد الحاجة إلى موظفين قادرين على الإشراف على الأعمال البابوية، وحينها تولى الكرادلة مهام مؤسسية جديدة محل وظائفهم المتعلقة بالطقوس الكنسية.

ومنذ عام 1059 أصبح الكرادلة هم القائمين رسميا على مهمة انتخاب البابا، ومع ذلك، لم يتم إنشاء "مجمع الكرادلة" بشكله المعروف حتى عام 1150م، فترأسه وقتها أسقف أوستيا، وكانت مهمته إدارة الكرسي الرسولي عند وفاة البابا إلى حين انتخاب البابا الجديد.

وفي القرن الثاني عشر أصبح الكرادلة يُعينون في الكنائس الرئيسية خارج روما، وكان يُطلَب منهم عادة التنازل عن مناصبهم والإقامة في روما، ثم أصبح من الشائع أن يبقوا في مناصبهم، وتدار أبرشياتهم من قبل آخرين، ولكن منذ القرن السادس عشر، أصبح من الممكن لهم الإقامة في أبرشياتهم خارج روما، رغم حصولهم على لقب كاردينال.

وقد أخذ مجمع الكرادلة صفة العالمية بشكل واضح منذ النصف الأول من القرن العشرين، في عهد البابا بيوس الثاني عشر، فقد أصبح ثلث الكرادلة المعينين في عهده من خارج أوروبا، وكان هو أول من عين كرادلة في أفريقيا والهند والصين، ثم سار البابا بولس السادس على نهجه، فوسع عام 1965 نطاق مجمع الكرادلة ليشمل البطاركة الشرقيين.

إعلان

أعضاء مجمع الكرادلة

يتألف المجمع من مجموعة من الكرادلة، يشغلون المناصب في الإدارة المركزية لشؤون الكنيسة الكاثوليكية، أو ما يسمى "الكوريا الرومانية"، ويساعدون البابا في ممارسة سلطته ومهامه المختلفة، كما يضم المجمع أساقفة الأبرشيات المهمة في روما وحول العالم.

ويشترط لاختيار الكاردينال أن يكون قد نال رتبة كاهن على الأقل، إضافة إلى تمييزه في العقيدة والتقوى والفضيلة والحكمة في أداء واجباته، ويتم تعيينه بموجب مرسوم من الحبر الأعظم (البابا)، ويصبح الكاردينال ملزما بواجباته ويتمتع بالحقوق المحددة له في القانون الكنسي، بمجرد إعلان ذلك المرسوم في مجمع الكرادلة.

ويترأس المجمع رئيس يطلق عليه لقب عميد، ويساعده نائب، كلاهما يتم اختياره من الكرادلة الأساقفة، الذين يديرون كنائس الضواحي، وهي الأبرشيات الأقرب إلى روما، وتشمل: ألبانو، وفراسكاتي (توسكولوم) وأوستيا وباليسترينا وبورتو سانتا روفينا وفيليتري سيجني، ثم يصدق البابا على الانتخاب.

مشهد لمقر الفاتيكان في روما (شترستوك)

ولم يكن عدد كرادلة المجمع ثابتا دائما، فقد ظل يتغير بحسب العصور، وحتى القرن الخامس عشر الميلادي كان عددهم نحو 24 كاردينالا،  وفي منتصف القرن السادس عشر، رفع البابا بولس الرابع العدد إلى 70، ثم إلى 76 في عهد البابا بيوس الرابع بين عامي 1559 و1565، وتم إعادة عدد كرادلة المجمع إلى 70 مرة أخرى في العام 1586، في عهد البابا سكستوس الخامس، وهو العدد نفسه الذي أكده قانون الكنيسة عام 1917.

وزاد البابا بولس السادس عام 1973 الحد الأقصى لعدد الكرادلة الذين يحق لهم انتخاب البابا إلى 120، واتبع البابا يوحنا بولس الثاني التوجه عينه في الدستور الرسولي الصادر عام 1996، ويعود ذلك إلى الرغبة البابوية في أن يضم المجمع أساقفة من جميع أنحاء العالم.

إعلان

وفي العام 2001، أصبح عدد أعضاء المجمع 178 كاردينالا، يمثلون جميع القارات، وينتمون إلى 63 دولة، منهم 92 من أوروبا، و18 من أميركا الشمالية، و32 من أميركا اللاتينية، و15 من أفريقيا، و17 من آسيا، و4 من أوقيانوسيا.

وفي مطلع عام 2025، بلغ عدد أعضاء المجمع 252 كاردينالا، يمثلون أكثر من 90 دولة حول العالم، منهم 138 كاردينالا يحق لهم التصويت لانتخاب البابا الجديد.

المهام والوظائف

تتمثل المهمة الرئيسية لمجمع الكرادلة في تقديم المشورة للبابا ومساعدته، وأعضاؤه هم المسؤولون الرئيسيون عن شؤون الكنيسة، ويعملون في قسم أو أكثر من أقسام الكوريا الرومانية في الفاتيكان.

وتُسمى الأقسام الرئيسية في الكوريا الرومانية مجامع؛ لأنها تتكون من عدد من الكرادلة الذين يملكون حق التصويت، بقيادة أحد الكرادلة.

ويمارس أعضاء المجمع بمهامهم على صورتين:

العمل بشكل جماعي:

إذ يتم استدعاء الأعضاء جميعا للتشاور في القضايا ذات الأهمية، ويتعين على الكرادلة الذين يتولون مسؤولية أبرشية خارج روما أن يحضروا إلى روما كلما استدعاهم الحبر الأعظم.

ويتخذ المجمع القرارات بشكل جماعي، ثم يصدق عليها البابا، إلا في حالة انتخاب البابا، أو القرارات التي لا يمكن تأخيرها في المرحلة الانتقالية بعد وفاته.

ولمجمع الكرادلة دور رئيسي في الإدارة المركزية لشؤون الكنيسة في فترة شغور الكرسي الرسولي، إما لوفاة البابا أو (في حالات نادرة) استقالته، وذلك وفقا لمعاهدة لاتيران عام 1929، ويقرر المجمع في الشؤون العادية للكرسي الرسولي، وكذلك المسائل المتعلقة بجنازة البابا ودفنه وانتخابه.

العمل بشكل فردي:

إذ يؤدي الكرادلة واجباتهم ومهامهم المتعلقة بالوظائف والمناصب التي يشغلونها في الكوريا الرومانية، وتتطلب طبيعة العمل ممن يشغل أي منصب في الكوريا الإقامة في روما، وإن لم يكن أسقفا لإحدى كنائس روما.

إعلان

وليس كل من حمل لقب كاردينال مكلف بمسؤولية فعلية في المجمع، فبعض الكرادلة يحملون لقبا أو منصبا فخريا، دون سلطة فعلية، وينقسم الكرادلة في المجمع إلى ثلاث رتب:

الكرادلة الأساقفة: وهم الأعلى رتبة والأقل عددا، وهم على نوعين: الأول: الذين يشغلون المناصب المهمة في الكوريا الرومانية، والذين يعملون في الكنائس الرئيسية في روما (كنائس الضواحي). الثاني: بطاركة الكنائس الشرقية الكاثوليكية، الذين هم أعضاء في مجمع الكرادلة. الكهنة الكرادلة: ويمثلون الرتبة المتوسطة، وهم الأكثر عددا في مجمع الكرادلة، وتضم هذه الرتبة مسؤولين في الكوريا الرومانية، وأساقفة الأبرشيات الكبرى في العالم. الشمامسة الكرادلة: وهي الرتبة الأقل، وتشمل مسؤولين في الكوريا الرومانية، واللاهوتيين (رجال الدين) الذين كرمهم البابا لمساهمتهم في الكنيسة.

ويُطلب من الكرادلة الذين يرأسون الدوائر والأقسام الدائمة في الكوريا الرومانية ومدينة الفاتيكان، إذا بلغوا الـ75 من العمر أن يقدموا استقالتهم من مناصبهم إلى البابا، الذي ينظر في جميع الظروف، ويقيِّم الحالة، ويتخذ التدابير المناسبة.

ويصبح لقب الكرادلة الذين يبلغون الـ80 من العمر فخريا، وفقا للقرار الذي أصدره البابا بولس السادس عام 1970، إذ يترتب على ذلك إيقاف عضويتهم في دوائر الكوريا الرومانية وجميع الهيئات الدائمة للكرسي الرسولي ودولة الفاتيكان، ويُمنع مشاركتهم في انتخاب البابا أو الدخول إلى مجمع الكرادلة.

وفي العام 2001، كان عدد أعضاء المجمع 178، من بينهم 50 كاردينالا تجاوزت أعمارهم الثمانين، لا يمكنهم دخول المجمع ولا يحق لهم الانتخاب، وإن كان ذلك لا يمنع من انتخاب أحدهم لمنصب البابا.

أنواع المجامع

تنعقد داخل مجمع الكرادلة ثلاثة أنواع من المجامع:

المجامع العامة

وتضم جميع أعضاء المجمع من الكرادلة، الذين لم يمنعهم عذر من الحضور، كالمرض وغيره من الأسباب القانونية، وتكون بدعوة من البابا ورئاسته، وفيها يتم اتخاذ القرارات الأكثر أهمية في الشؤون الكنسية.

إعلان

وغالبا ما تقتصر المجامع العامة على الكرادلة، وقد يُسمح لممثلي الدول المدنية وغيرهم بالحضور في بعض الحالات، مثل الاحتفالات والمناسبات.

وفي فترة خلو الكرسي البابوي، يدعو رئيس المجمع الكرادلة للاجتماع ويرأسه، ويتخذ القرارات بشكل جماعي، بشأن جنازة البابا وأعمال الكرسي الرسولي التي لا يمكن تأخيرها.

وتخضع القرارات بالكامل للدستور الرسولي، ولا يُسمح بتغييرات جوهرية في عمل الكرسي الرسولي في غياب البابا، ويمكن للمجمع العام تعيين النقاط المتنازع عليها في تفسير القانون.

الفاتيكان أصغر دولة في العالم وتقع داخل مدينة روما (شترستوك) المجمع الخاص

يتألف من الكاميرلينغو أو الحاجب، وهو منصب كنسي يساعده ثلاثة كرادلة، يُطلق عليهم اسم المساعدين، يتم اختيارهم بالقرعة من رتب الكرادلة الثلاث.

ويتولى المجمع الخاص الأعمال العادية للكنيسة الرومانية، ويدير الكاميرلينغو الكرسي الرسولي والشؤون المالية والدنيوية فيه، أثناء فترة شغوره، ويحيل المسائل المهمة إلى المجامع العامة.

المجمع المغلق (انتخاب البابا)

عند موت البابا، يصادق الكاميرلينغو على وفاته، ويدمر خاتمه المخصص لختم الوثائق الرسمية، ثم يجهز لدفنه، وينظم اجتماعا عاما، يستمر في الأيام التي تسبق انعقاد المجمع المغلق، يُسمح فيه لجميع الكرادلة بالمشاركة، ولا يقتصر على من يملكون حق التصويت.

ويناقش الاجتماع العام احتياجات الكنيسة وعلاقاتها بالعالم، ووضع الكوريا وكل ما يتعلق بعملها.

وتبدأ مراسم اختيار البابا الجديد غالبا في 15 إلى 20 يوما من تاريخ فراغ الكرسي الرسولي، ويجوز أن يكون قبل ذلك، إذ يدعو عميد المجمع الكرادلة لما يُعرف بـ"المجمع المغلق" أو "المجمع السري".

ويترأس العميد المجمع للبدء بعملية اقتراع، تتم بشكل سري، وهو نهج بدأه البابا غريغوري الخامس عشر، حوالي العام 1621م.

وفي اليوم الأول للمجمع يتوجه الكرادلة الناخبون إلى كنيسة بولين بالفاتيكان، للاستماع لموعظة صباحية قصيرة والدعاء وطلب المساعدة في عملية الانتخاب، ثم يتوجهون إلى كنيسة سيستينا، حيث يؤدون يمين الحفاظ على السرية التامة، وعدم السماح بتدخل السلطات المدنية في كل ما يتعلق بانتخاب البابا.

إعلان

ويُمنع كل من أدى اليمين من الخروج من المجمع، أو الاتصال بالعالم الخارجي بأي شكل من الأشكال، فيتم إغلاق جميع الهواتف وأجهزة الراديو والتلفزيون واتصالات الإنترنت، ولا يسمح بإدخال الرسائل أو الصحف، إلى حين نجاح المجمع في انتخاب البابا الجديد.

ويتم الانتخاب تحت إدارة لجنة، يتم تعيينها باختيار 9 كرادلة عشوائيا، منهم 3 لجمع الأصوات، و3 للمراجعة، و3 للإشراف على التصويت، ويكون الانتخاب عبر عدد من جولات التصويت، تحدد بـ 4 جولات في كل يوم، باستثناء اليوم الأول، بسبب الانشغال باختيار المرشحين.

ويتفاوت عدد الجولات في كل عملية انتخابية للبابا الجديد، فقد يتم اختياره عبر عدد قليل من الجولات، إذا وُجد مرشح قوي قادر على الفوز بسرعة، ولكن إذا تعذر ذلك، ووصل عدد الجولات إلى 34، فلا يُصوَّت حينها إلا للمرشحَين اللذين حصلا على أعلى الأصوات، وفي هذه الحالة لا يحق للمرشحَين التصويت، ولا يتحقق فوز أحدهما إلا بحصوله على ثلثي الأصوات.

وتُعتمد نتيجة الاقتراع عموما بحصول أحد المرشحِين على الأغلبية بثلثي المجمع، وعندها يستدعي رئيس المجمع المرشح الفائز إلى مقدمة الكنيسة، ويتأكد من قبوله المنصب، ثم يطلب منه اختيار اسمه البابوي.

وقد تستمر عملية الاقتراع أياما، وتتخلل الجولات خطب وصلوات ومناقشات مكثفة، وبعد كل جولة يتم حرق أوراق الاقتراع، ويشير الدخان الأسود الناتج عن الحرق، والمتصاعد خارج الكنيسة، بأن نتيجة التصويت فشلت في اختيار البابا الجديد.

وإذا فاز أحد المرشحين، تُحرق أوراق الاقتراع بإضافة مادة إلى النار تُحول الدخان إلى اللون الأبيض، وهذه العلامة هي عبارة عن إعلان للحشود المنتظرة في الخارج عن نجاح المجمع في اختيار البابا الجديد.

ويذكر التاريخ الكنسي أن أطول مجمع بابوي كان في أواخر القرن الثالث عشر، وقد استمر نحو ثلاث سنوات (34 شهرا) بسبب الصراع السياسي الداخلي الهائل، وقد توفي ثلاثة من الكرادلة المصوتين أثناء العملية، وانتهى بانتخاب البابا غريغوري العاشر، بينما لم يستغرق انتخاب البابا يوليوس الثاني عام 1503 سوى بضع ساعات.

إعلان

مقالات مشابهة

  • حاكم الشارقة يستقبل المهنئين بشهر رمضان المبارك
  • بتكلفة 28 مليون ريال.. اتفاقية لتنفيذ مشروع ميناء الصيد بمصيرة
  • توقيع اتفاقية تنفيذ مشروع ميناء الصيد متعدد الأغراض بولاية مصيرة
  • «استشاري الشارقة» يطلع على خطط «الإسكان»
  • حاكم الشارقة يتقبل التهاني بشهر رمضان المبارك في قصر البديع العامر
  • حاكم الشارقة يتقبل التهاني بشهر رمضان المبارك
  • «مرافق استشاري الشارقة» تبحث مستجدات خطط دائرة الإسكان
  • حاكم الشارقة يستقبل المهنئين بشهر رمضان المبارك في قصر البديع
  • حاكم الشارقة يستقبل المهنئين بشهر رمضان في قصر البديع
  • مجمع الكرادلة الهيئة التي تنتخب بابا الفاتيكان