حياتنا المُغلّفة بالأقساط ، ظاهرة اجتماعية اقتصادية نفسيّة في الآونة الأخيرة أنتشرت إنتشار النار في الهشيم..
كحدث قديم نستشهد بقوله تعالى في سورة القصص :(قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَىٰ أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ ۖ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ ۖ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ ۚسَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ)آية (27).
سيدنا موسى تزوج من ابنه سيدنا شعيب عليهما السلام بالقسط الآجل لثمان سنوات يعمل عنده أجير في رعي الغنم ، وإن أتممها سيدنا موسى عشر سنوات فهذا كرم من عنده ..
.
قبل الحديث عنها كظاهرة نبدأ بحكم الشرع فيها..
رأي الفقة الشرعي في البيع إلى أجل معلوم جائز ؛ لعموم قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ) الآية [البقرة:282] ، والأجل المُسمى هُنا في الآية الكريمة هي الأقساط ، والزيادة في القيمة مقابل الأجل لا مانع منها ، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على جواز ذلك ، وذلك أنه عليه الصلاة والسلام أمر عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن يجهز جيشًا ، فكان يشتري البعير بالبعيرين إلى أجل..
.
المتلمس لظاهرة التقسيط خلال الأربعين عاماً السابقة بدءً من القروض البنكيّة بغرض شراء أو بناء مسكن أو سيارة للتنقل ، مروراً بشراء أساسيات المنزل من أثاث وأدوات كهربائية ، ثم توسع الأمر ليشمل القروض من أجل التعليم أو العلاج أو الزواج و الاستعانة لبناء مشروع تجاري حُر ، ومن ثم تقسيط المبلغ بشكل يُناسب المستفيد لأجل يصل لأعوام ممتدة من عمر هذا المستفيد ، كل ذلك و مازال سابقاً الاقتراض في إطار ضيّق لم يتوسع..
.
لكن أن يشمل الاقتراض والتقسيط كماليات الحياة كلها من جهاز هاتفك المتنقل الذي في يدك لقنينة العطر التي تستخدمها مروراً بالوجبة التي تأكلها للنادي الرياضي المشترك به لورشة السيارة التي تغيّر فيها زيت محرك سيارتك ، لملابسك التي تتباها بها أمام الناس لتذكرة سفرك التي تتنقل بها ؛ فهذا شيء مُخيف ومُرعب جداً كظاهرة غير صحيّة ، إجتماعياً و اقتصاديّاً ونفسيّاً ، تُشير بأن صرفنا الشهري أكبر من دخلنا المادي وهوسنا الشرائي الاستهلاكي نذير خلل نفسي..
.
وإن قُلتَ لي يا قارئي العزيز بأن مُتطلبات الحياة كثيرة في هذا الزمن ، سأرد عليك بأن متطلبات الحياة هي نفسها منذُ بدء الخليقة ، ولكن الخلل في سوء إدارتنا لمتطلبات هذه الحياة ..
.
لهثنا خلف الكماليات وحرصنا على توفيرها ، ضاربين بالأساسيات عرض الحائط ، تركنا رغبة التملك تتحكم فينا وتسير بنا حيث شاءت ، إلى أن أوصلتنا لأشخاص مديونين طيلة حياتنا والأقساط تُحيط بنا من كل مكان..
.
في قديم العهد كانوا الوالدين يوفرون لأبنائهم متطلباتهم الأساسية من أجل توفير حياة كريمة لهم ، الأبناء يقدّرون جهد الوالدين ويعيشون بالرضا والتراضي ، وإن جنحت الرغبة في امتلاك شيء ، يُرفع داخل الأسرة شعار “إذا أكملتَ تعليمك من راتبك الشخصي أشتري ما تريد وتحب” ، وهنا يكمُن التوازن داخل العائلة..
.
أما الآن في هذا الزمن للأسف أصبح الوالدان يلهثان خلف تحقيق رغبات ومتطلبات أبنائهم الأساسيّة وتغطيتهم بشتى الكماليات التي من الممكن تأجيلها لاحقاً ، مما جعلهما في حالة دين كامل من الجانب المادي الاقتصادي والضغط النفسي السيء ، ألم أقل آنفاً أنه سوء إدارة للحياة الاستهلاكية بشكل كامل..!
.
قارئي الكريم من وجهة نظرك ما الحل لهذه الظاهرة التي أستنزفت الأفراد والأسر مادياً ومعنوياً.
المصدر: صحيفة صدى
إقرأ أيضاً:
الاحتلال الإسرائيلي يحاصر المستشفيات للقضاء على الحياة في غزة
قال بشير جبر مراسل قناة القاهرة الإخبارية من خان يونس، إنّ ما يجري في شمال قطاع غزة على مدار الأيام الماضية جريمة إبادة بحق السكان الفلسطينيين، إذ يدمر الاحتلال الإسرائيلي المنازل بشكل مستمر، ويخلي السكان بالقوة، ووصولا إلى إجبار المؤسسات الصحية على الإغلاق وتدمير المستشفيات.
حصار مستشفيات غزةوأضاف جبر في مداخلة هاتفية مع الإعلامية هاجر جلال، عبر قناة «القاهرة الإخبارية»، أنّ الاحتلال الإسرائيلي يحاصر في هذا اليوم المستشفيات في شمال قطاع غزة، مثل العودة، تل الزعتر، وكمال عدوان، وهي المنشآت التي تقدم الخدمات الصحية والعلاجية للمرضى، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي يصر على محاصرتها بالقوة والإطلاق المستمر للنيران تجاه أبنيتها.
قتل الحياة في غزةوتابع مراسل قناة القاهرة الإخبارية: «وبالتالي، يستهدف الاحتلال الإسرائيلي الحياةَ في شمال قطاع غزة عبر تطبيقه هذه الخطة وإحكام السيطرة على المستشفيات في شمال القطاع ومنع إدخال الأدوات الصحية هذه المستشفيات، كما أن القصف الإسرائيلي مستمر ويطال المناطق الفلسطينية في شمال قطاع غزة، ما أسفر عن ارتقاء شهداء جراء الهجوم بالطائرات المسيرة والقنابل، وكان آخر الشهداء، سقوط شهيدين بالقرب من مقر وزارة التربية والتعليم الفلسطينية في حي تل الهوى».