صحيفة صدى:
2025-03-04@17:52:50 GMT

جبر الخواطر

تاريخ النشر: 12th, May 2024 GMT

جبر الخواطر

جبر الخواطر من الأخلاق الإسلامية السامية والتي يكون لها عظيم الأثر في النفس وتبقى محفورة في الذاكرة والقلب، ومن جبر الخواطر أن يجبر المسلم نفوساً قد كسرت وقلوباً فطرت وأجساماً أرهقت وأشخاصاً أرواح أحبابهم أزهقت، فما أجمل هذه العبادة وما أعظم أثرها.

وقد حثت الآيات القرآنية والسنة النبوية على جبر الخواطر من خلال الأحداث أو التوجيه المباشر يقول تعالى : {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ مَن جَاء بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ }، النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب مكة التي عاش فيها طفولته بين عشيرته وأحبابه بجانب الكعبة المشرفة، فيأمره الله بتركها عندما تآمروا عليه ويخرج ليبلغ دينه، ثم يجبر الله بخاطر نبيه ويواسيه ويصبره بقوله سبحانه (لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ) مقسماً بذلك أن يرده الى مكة، فتنزل تلك الآيات سلوانًا وأنساً للنبي محمد صلى الله عليه وسلم ، فالله عزوجل من أسمائه الجبار يجبر الكسير والضعيف والفقير والمريض واليتيم وكل من يحتاج إليه فهو جبار متصف بكثرة جبره لحوائج خلقه ،

ومن السنة النبوية قصة غزوة حنين عندما قسم النبي صلى الله عليه وسلم الغنائم وأعطى حديثي الإسلام من أعيان قريش المئات من الإبل كأبي سفيان بن حرب وأبي سفيان بن الحارث والأقرع بن حابس وعيينة بن حصن، وكان عطاؤه تأليفاً لقلوبهم فوجد الأنصار في قلوبهم شيئاً بحكم الطبيعة البشرية؛ حيث لم يأتهم من تلك الغنائم إلا القليل فالنبي صلى الله عليه وسلم يثق بإيمانهم وسماحة نفوسهم فلما علم بما في نفوسهم جمعهم وجبر بخواطرهم وقال لهم: (أوجدتم في أنفسكم يا معشر الأنصار في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوماً ليسلموا، ووكلتكم إلى إسلامكم، ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير وترجعون برسول الله صلى الله عليه وسلم في رحالكم؟ فوالذي نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار، ولو سلك الناس شعباً،

وسلك الأنصار شعباً لسلكت شعب الأنصار، اللهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار، قال: فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم، وقالوا: رضينا برسول الله قسماً وحظاً، ثم انصرف رسول الله) موقف عظيم يجبر بخواطر من آووه ونصروه عندما قلَّ الناصر ذهب إليهم ضعيفاً مطارداً فاستقبلوه وآزروه لنشر رسالة الإسلام، لم ينس ذلك فجبر بخاطرهم ،

إن الأمثلة كثيرة ولابد لنا من امتثالها، عندما ترى ضعيفاً ارتمى إليك فاجبر بخاطره، عندما ترى ابنك قد انكسر فاجبر بخاطره، عندما ترى زوجتك وقد ألمّت بها الهموم فاجبر بخاطرها ،

وجبر الخواطر لا يكون بالقول فقط بل يكون بالفعل و القول والمشاعر وكل مايجبر به الخاطر، حتى الطفل عندما يبكي وتضمه أمه فهي تجبر بخاطره،

يجب أن يكون ذلك أساساً في حياتنا ومعاملاتنا فما أجمل أن يشاد بإنسان أنه صندوق لجبر الخواطر، هي وظيفة الكل القاضي والشرطي والمعلم والطبيب والإداري وعامة الناس ، عندما يأتي مريض قد أصابه من الوجع ما أقض مضجعه فيجبر بخاطره ذلك الطبيب ويواسيه كيف سيكون الوقع على قلبه؟ قد تتحسن صحته لكلمتين قد سمعها ، عندما يقع بين الزوجين خلاف فيحضرون عند المصلح أو القاضي فيجبر بخاطرهما ويعيدهما إلى الحياة كيف سيكون أثر ذلك الموقف،

عندما يأتيك من ابتلاه الله بالمخدرات فتحتويه وتدله على الخير وتجبر بخاطره عندما تركه الصديق ونفر منه القريب فيعافيه الله ويعود للحياة كيف سيكون أثر ذلك الموقف في نفسه؟ سوف يدعو لك كلما سجد لله ، جبر الخواطر بلسم الجروح والماء العذب البارد،

يقول الإمام سفيان الثوري: “ما رأيت عبادة يتقرب بها العبد إلي ربه مثل جبر خاطر أخيه المسلم “ ،هل مررت بموقف أظلمت فيه الدنيا أمام عينك من ابتلاء وحار عقلك وانسكبت دمعتك وأصبحت تمشي في الأرض حيراناً فيأتيك الفرج بعدالله يسوقه إليك بمن يجبر بخاطرك ويقف معك في محنتك؟ فيبقى ذلك في مخيلتك بعد انتهاء الكرب،

فاشكر الله على تلك النعمة التى أسدى بها لك بأن سخر لك من يقف معك ويملأ نفسك نوراً وقلبك لذة وسروراً، ذلك الصدر الرحب والمورد العذب، إن اليد التي تصون الدموع هي أفضل من اليد التي تسكبها ، والتي تشرح الصدور هي أشرف من التي تكمدها.

نسأل الله أن يجعلنا نوراً على قلوب المكلومين وأن يفرج هم المهمومين وينفس كرب المكروبين ويقضي الدين عن المدينين ويشفي مرضانا ومرضى المسلمين.

المصدر: صحيفة صدى

كلمات دلالية: صلى الله علیه وسلم جبر الخواطر

إقرأ أيضاً:

واحة رمضان

واحة رمضان، نستظل فيها بأخلاق الحبيب، وصحابته، وأهل بيته، والصالحين، فتكن لنا نورا نعيش نفحاته وننال بركته.

واحة رمضان، تستظل فيها بنور سيدنا الحبيب المصطفى (ص)، والذى يضرب لنا أعظم المثل في قضاء شهر الرحمة والمغفرة، فقد كان سيدنا الحبيب في رمضان يضرب المثل في الصبر على الجوع، ويعلمنا أنه ليس شهر أكل وشرب ولهو وإنما شهر عبادة وطاعة لله تعالى.

كان صيام نهار سيدنا الحبيب ويومه كله في طاعة الله بقراءة القرآن والصلاة والذكر والصدقة، فإذا أذن للمغرب طلب من زوجاته أن يأتين له بالفطور بضع تمرات، فإن لم يجد حسا حسوات من ماء، فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: ” كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفطر على رطبات قبل أن يصلي فإن لم تكن رطبات فعلى تمرات فإن لم تكن حسا حسوات من ماء”. ثم كان النبي (ص) يصلي فريضة المغرب في المسجد بعد إفطاره ثم يعود إلى بيته، فيصلي السُنة. وربما كان يواصل الصيام يومين وثلاثة وهى صفة شديدة الخصوصية بالنبي (ص ) وكان يقول:” إنما أبيت عند ربي يطعمني ويسقين،

كان رسولنا الكريم يقول لصحابته إن الصيام إنما هو في نهار رمضان، و إن الليل ليس وقت صيام ولا امتناع عن المباح من معاشرة الزوجة وقضاء أمور الحياة.

وكان صلى الله عليه وسلم يكثر من الصدقة في رمضان على الفقراء والمساكين، ويزيد صدقاتهم في رمضان كأنه الريح المرسلة، من كثرة نفقته، ومسارعته بمواساة الفقراء والمساكين في هذا الشهر الفضيل.

أما عن صلاة الحبيب فترويها لنا السيدة عائشة - رضي الله عنها عندما سئُلت - كيف كانت صلاته صل الله عليه وسلم - في رمضان؟ فقالت: ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة يصلي أربعاً فلا تسل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي أربعاً فلا تسل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي ثلاثاً.. ثم إذا انتهى من الصلاة نام.

وكان النبي (ص) يصلي قيام الليل في بيته بعد أن ترك صلاة القيام في المسجد.وقد صلى النبي (ص) التراويح بالصحابة في المسجد ثلاث مرات فقط، ثم لم يخرج إليهم خشية أن تفرض عليهم، فكان إذا رجع إلى بيته، يصلي من الليل ما شاء الله تعالى له، فكان يطيل الصلاة، لكن هذه خصوصية للرسول عليه الصلاة والسلام.

وكان الحبيب وقظ أهله في العشر الأواخر للاجتهاد في العبادة ولا يتركهم ينامون، كما أخرج الترمذي بسنده عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم- كان يوقظ أهله في العشر الأواخر من رمضان.وكان يقول لأصحابه: ” أرى رؤياكم قد تواطأت في العشر الأواخر، فمن كان متحريا، فليتحرها في العشر الأواخر. وكان صلوات الله عليه في آخر أيام من رمضان، يجمع بناته ونساءه والمؤمنين للصلاة مرة أخرى جماعة. فكان يصلي من الليل، ثم يكون مع أهله، ثم يتسحر، ثم ينتظر صلاة الفجر.

ولما كان آخر عام في حياته - صل الله عليه وسلم- اعتكف عشرين يوما، وكان يجتهد في هذه العشر ابتغاء ليلة القدر، كما ورد عنه (ص) قوله: ”تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان” وكان يحب كثرة الدعاء فيها، كما في سنن الترمذي عن عائشة - رضي الله عنها -: قالت: "قلت يا رسول الله إن وافقت ليلة القدر، ما أدعو به؟ قال: قولي اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني).

مقالات مشابهة

  • دعاء ختم القرآن في رمضان .. تعرف عليه
  • النظافة و التقوى
  • فضل صيام شهر رمضان.. يغفر لك ما تقدم من ذنبك بـ شرطين
  • لماذا يصعق الناس من الشيخ عندما يضل الطريق؟!
  • الطبق الذي كان يفضله الرسول عليه الصلاة والسلام
  • أهلاً وسهلاً بشهر رمضان
  • دعاء اليوم الثاني من رمضان.. تعرف عليه
  • هل صلى النبي التراويح؟
  • واحة رمضان
  • «رمضان» شهر التقوى والمغفرة