حمام المفتي في السليمانية يصارع التطور.. تاريخ يحكي ذكريات المدينة (صور)
تاريخ النشر: 12th, May 2024 GMT
بغداد اليوم - السليمانية
يعود تاريخ الحمامات في السليمانية إلى عهد بعيد وتحديدا في القرن الثامن عشر، ومع أول سنوات تأسيس المدينة في عهد الإمارة البابانية، ما يعكس تاريخ المدينة القديم، ويروي حكايات أهلها.
وفي السليمانية توجد مجموعة من الحمامات القديمة أبرزها حمام المفتي التي بني عام 1797 ويقع في منطقة صابون كران، وحمام سورة الذي يقع في منطقة خانقه، وهناك اختلاف بين المؤرخين على أيهم الأقدم، ولكن لكل حمام منهم حكاية وقصص وروايات يتناولها أهالي السليمانية وروادها القدماء.
ويقول المؤرخ الكردي والأكاديمي في جامعة السليمانية عبد الخالد صابر إن، للحمامات تاريخ وذكريات في السليمانية، ولكن لا يوجد سنة محددة، لتاريخ بناءها، ولكن على الأغلب، فأن إنشاء الحمامات بدأ في نهاية القرن الثامن عشر، مبيناً في حديثه لـ "بغداد اليوم" أن "حمام المفتي يقع في منطقة صابون كران، وهو واحداً من أقدم الحمامات وشيد في عهد إبراهيم باشا، في عهد الإمارة البابانية التي كانت تحكم السليمانية".
وأضاف ان "اسمه يرجع إلى عائلة المفتي، وهي عائلة يرجع جذورها إلى منطقة قرداغ في أطراف السليمانية، ومنها رجل الدين الشيخ عزيز المفتي"، لافتا الى ان "الحمام يقع في منطقة قديمة، وشيد على عين للماء حيث أن أغلب حمامات السليمانية كانت تشيد بالقرب من عيون الماء، كما أنه، يقع في منطقة تسكنها العوائل المسيحية على بعد 200 متر".
لكن المؤرخ الكردي يؤكد بأن، رواد الحمامات قلوا بشكل كبير، مع تقدم الزمن والتطور التكنلوجي، وظهور المسابح الحديثة، وأيضاً فأن الحمامات المنزلية تطورت، وبالتالي تراجع رواد الحمامات الشعبية، والكثير منها أغلق، بسبب قلة الزوار.
كما يلفت إلى أن "الحمامات في السليمانية تشبه حمامات بغداد والموصل والشام، فهي تقدم المشروبات الساخنة من الشاي والحامض و (الأركيلة) لزوارها".
ويزورها الناس في المناسبات والأعياد وعيد نوروز، وفي الأعراس بكثرة، يوم كانت السليمانية منطقة صغيرة، وعبارة عن مناطق شعبية، ولم يكن هذا التطور العمراني.
وبالعودة لتاريخ حمام المفتي فأنه كان يدار من امرأة تدعى أمينة وزوجها منذ 30 عاماً، وكان الحمام مفتوحاً أمام الرجال والنساء.
لكنه في الـ 10 سنوات الأخيرة، تم تخصيصه للنساء فقط، كما تؤكد أمينة أحمد في حديثها لـ "بغداد اليوم" بأن "رواد الحمام تراجعوا، ولكن الحمام مازال يعمل وبشكل يومي".
لافتةً إلى أنه "ومع التطور التكنلوجي وظهور المسابح الحديثة في مركز والفنادق وظهور الحمامات المنزلية بأنواعها المختلفة، فقد تقلصت الحمامات، وحتى كادرنا قد تقلص، ولكن مع ذلك نواصل العمل في أقدم حمامات السليمانية، والذي له طراز معماري مميز".
كما تشير إلى أن "الكثير من السياح الأجانب حتى وقت قريب كانوا يزورون الحمام للاطلاع على هذا المعلم المميز، خاصة وأنه، يقع بواحدة من أقدم مناطق السليمانية، كانت تعيش فيها العوائل المسلمة والمسيحية، ويرتادون الحمام ويتبادلون التهاني والزيارات في الأعياد والمناسبات".
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: فی السلیمانیة یقع فی منطقة
إقرأ أيضاً:
المسجد الأموي.. صرح يحكي قصة حضارات متعاقبة
فالمسجد الذي يعد رابع أكبر مسجد في التاريخ الإسلامي لا يقتصر دوره على كونه مكانا للعبادة، بل هو حكاية تمتد جذورها إلى آلاف السنين، ترويها أحجاره وأعمدته التي حملت عبق الحضارات الآرامية والرومانية والإسلامية.
يرتفع المسجد الأموي على ربوة تعلو المدينة بنحو 10 أمتار، حيث شيد في موقع كان معبدا وثنيا للإله "حدد الآرامي" قبل أكثر من 4 آلاف عام.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4جامع بني أمية في دمشق.. بين هوية الماضي وتحولات الحاضرlist 2 of 4"بنو أمية" في أهازيج ما بعد الأسد: بين الهوية الحضارية والسياق الطائفيlist 3 of 4أول رمضان بدون نظام الأسد: سوريا تحتفي بشهر النصر والحريةlist 4 of 4جبل قاسيون "مصعد الأنبياء المقدس" و"حارس دمشق"end of listوبعد الفتح الروماني لدمشق، تحول الموقع إلى معبد للإله "جوبيتر"، ولا تزال أعمدته الشاهقة قائمة حتى اليوم عند مدخل سوق الحميدية.
وبقيت آثار تلك الحضارات مدمجة في بناء المسجد، مثل الجدار القبلي الذي يعود إلى العصر الروماني، والذي حافظ عليه المسلمون عند تشييد المسجد.
ومع الفتح الإسلامي لدمشق عام 635م دخلت المدينة مرحلة جديدة، وقد اختلف المؤرخون حول طريقة الفتح؛ فبعضهم يرى أنها تمت صلحا بقيادة أبي عبيدة بن الجراح، وبعضهم يؤكد أن نصفها فتح حربا بقيادة خالد بن الوليد.
رمز للتعايش
لكن الثابت أن المسجد الأموي أصبح رمزا للتعايش، فقد تقاسم المسلمون والمسيحيون المكان لسنوات، يدخلون من باب واحد، ويصلون في أروقة متجاورة.
وفي عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك (705–715م) بدأ التحول الأكبر، حين أراد الوليد أن يهدي دمشق تحفة معمارية تليق بمكانتها، فاختار موقع الكنيسة البيزنطية وسط المدينة، واشتراها من النصارى بعد مفاوضات دقيقة تعكس حنكته السياسية.
إعلانوعند هدم الكنيسة، اكتشف العمال مغارة تحتوي على رأس النبي يحيى بن زكريا (يوحنا المعمدان)، فأمر الوليد بتركه في مكانه وإقامة عمود فوقه كعلامة تخلد الاكتشاف.
وتميزت عمارة المسجد بالإبداع غير المسبوق، فقد تجاوزت التصاميم التقليدية، فالقبة المركزية التي تعرف بقبة النسر تشبه رأس الطائر المنتصر بأجنحته الممتدة، بينما تزين المحاريب الأربعة -أقدمها محراب الصحابة- جدران المسجد برخام أبيض وأسود.
ولم تكن الزخارف الإسلامية مجرد نقوش هندسية، بل هي تجسيد للروحانيات عبر ألوان الزجاج المعشق الذي ينثر أنوارا ملونة تبعث البهجة.
جامعة وجامع
ولم يكن المسجد الأموي مركزا دينيا فحسب، بل جامعة علمية وحاضنة للثقافة، فتحت قبة النسر درس كبار العلماء واجتمع طلبة العلم من مختلف البلدان.
كما ارتبطت أروقته بالتخطيط العسكري، إذ انطلقت منه الفتوحات الإسلامية، وتحول إلى منصة لإدارة شؤون الدولة الأموية التي امتدت من الصين إلى الأندلس.
ولا ينسى دور المسجد في رعاية المرضى النفسيين، فكان الأذان الجماعي الذي ينادى به من مآذن متعددة باتجاهات مختلفة مصدرا للراحة لهم، كما طور المؤذنون مقامات غنائية متميزة لكل صلاة، بحيث يمكن للزائر تمييز الوقت من خلال نغمة الأذان.
ورغم تعرض المسجد للزلازل والحرائق عبر القرون، فإنه حافظ على هيبته، فما بقي من عمارة الوليد بن عبد الملك هو "غرفة المؤذنين" التي تذكر بروعة التصميم الأصلي.
ويقف المسجد الأموي شاهدا على إرث إنساني فريد إذ تتداخل الحضارات في كل زاوية من زواياه، ليظل رمزا للجمال والتسامح والإبداع الذي تجاوز حدود الزمان.
11/3/2025