غرّة ذي الحجة ويوم عيد الأضحى هذا العام.. اختلاف أم اتفاق؟
تاريخ النشر: 12th, May 2024 GMT
#سواليف
قبل أيام قليلة بدأت الدول العربية شهر #ذي_القعدة للعام الهجري 1445، لكن يبدو أن ثمة اختلافا، فغالبية الدول العربية بدأت شهر ذي القعدة في التاسع من مايو/أيار، بينما أعلنت دول مثل المغرب غرة ذي الحجة في العاشر من مايو/أيار بسبب عدم ثبوت رؤية #الهلال، حسب بيان لوزارة الأوقاف المغربية.
وبالنسبة لغرة شهر #ذي_الحجة والتي تُحدد موعد #عيد_الأضحى لهذا العام، فإن الأمر يتوقف على موضع القمر في السماء بعد غروب شمس يوم الرؤية.
الآن دعنا نفترض نظريا أننا نتمكن من إعادة الزمن للخلف يوما بعد يوم، فذلك يعني أن القمر سيعود ليقف إلى جوار الشمس تماما، وهذه هي لحظة الاقتران المركزي في علم الفلك، وهي لحظة لا نراها، ولكن يمكن بدقة شديدة حسابها فلكيا. وبعد الاقتران يبدأ القمر في الابتعاد عن الشمس في السماء شيئا فشيئا حتى يتسنى لنا -في مرحلة ما- أن نراه سواء بالعين المجردة أو التلسكوبات.
مقالات ذات صلةوفي الشريعة الإسلامية، يخرج المختصون من الهيئات الشرعية للبحث عن هلال شهر ذي الحجة بعد غروب شمس الرؤية، وهو التاسع والعشرون من ذي القعدة، وإذا تمكنوا من رصده كان يوم غد غرة الشهر الجديد، وإذا لم يتمكنوا من ذلك كان يوم غد متمما.
وتختلف مقتضيات الرؤية من دولة إلى أخرى، فالبعض يرى أنها تكون رؤية بالعينين، والبعض يضيف التلسكوبات وتقنياتها المتنوعة، وفريق ثالث يقول إن الحساب الفلكي وحده يكفي، وجميعها تفسيرات لفكرة الرؤية، وكل منها يجد ما يرجحه من نصوص ديننا الحنيف.
وفي حالة ذي الحجة لهذا العام، فإن لحظة الاقتران المركزي ستكون يوم الخميس 6 يونيو/حزيران 2024 في تمام الساعة 15:38 بتوقيت الدوحة، وهو ما يترك للهلال وقتا قصيرا قبل الغروب.
وبحسب مركز الفلك الدولي، فإنه لهذا السبب تُعد رؤية الهلال غير ممكنة بالعين المجردة أو التلسكوبات البصرية رغم غروب القمر بعد غروب الشمس ورغم حصول الاقتران السطحي قبل غروب الشمس، وذلك بسبب قلة إضاءة الهلال و/أو بسبب قربه من الأفق.
ويتفق مع تلك النتائج مقياس الرياضياتي “روبرت هاري فان جينت” من جامعة أُوترِخت الهولندية، إذ إن حساباته التي تعتمد على خوارزمية “يالوب” تشير إلى أنه من غير الممكن رؤية الهلال عندما يكون قريبا من الشمس إلى هذه الدرجة.
ولأن تحديد مطالع الشهور الهجرية أمر شرعي بالأساس، ودور علم الفلك فيه هو توفير البيانات الدقيقة إلى أهل الاختصاص لا اتخاذ قرار بموعد مطالع الشهور الهجرية، فإن ما سبق لا يؤكد موعد غرة شهر ذي الحجة هذا العام، ولكنه يفتح الباب لخلاف قد ينشأ بين بعض الدول العربية، فالدول التي ستُعلن السادس من يونيو/حزيران آخر أيام شهر ذي القعدة، سيكون السابع من يونيو/حزيران هو غرة ذي الحجة، وسيبدأ عيد الأضحى بها يوم الأحد 16 يونيو/حزيران، أما الدول التي ستُقر بعدم ثبوت رؤية الهلال، فسيبدأ عيد الأضحى عندها يوم 17 يونيو/حزيران.
أما بالنسبة للدول التي بدأت ذي القعدة متأخرا مثل المغرب، فإن الأمور ستكون أسهل، لأن يوم الرؤية لديها سيكون في السابع من يونيو/حزيران، مما يترك للقمر الكثير من الوقت للحركة، وسيتمكن المختصون في الهيئات الشرعية من رؤيته بسهولة كبيرة، وهو ما يرجح أن الثامن من يونيو/حزيران سيكون غرة ذي الحجة، ويكون عيد الأضحى يوم 17 يونيو/حزيران بشكل شبه مؤكد.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف ذي القعدة الهلال ذي الحجة عيد الأضحى من یونیو حزیران عید الأضحى ذی القعدة فی السماء ذی الحجة بعد غروب شهر ذی
إقرأ أيضاً:
في اختلاف المقاربتين السعودية والمصرية حيال سوريا
لا يشبه الفراغ الأمني والسياسي في سوريا كغيره من البلدان العربية الأخرى: موقعها بين شبه الجزيرة العربية وآسيا الوسطى من جهة، وبلاد الرافدين وأرض الكنانة من جهة أخرى، وحدودها مع فلسطين المحتلة من جهة ثالثة، جعلها قِبلة للمسؤولين العرب والدوليين منذ الأيام الأولى التي أعقبت سقوط نظام الأسد في الثامن من ديسمبر الماضي.
غير أن ما يلفت الانتباه في المعادلة السورية هو تباين الموقفين السعودي والمصري حيال سوريا مع حكامها الجدد، ذوي الخلفيات الدينية الراديكالية حتى الأمس القريب.
بين الجانبين السعودي والمصري تتباين المواقف حيال سوريا، وهو تباين لا يمكن رده إلى اختلاف المقاربة الاستراتيجية لصناع القرار في العاصمتين، فحسب، بل أيضا إلى أن معادلة الجغرافية ـ السياسية تكتسب أهمية كبرى بين سوريا والسعودية، أكثر بكثير مما هي بين سوريا ومصر.
المقاربة السعودية
تشكل سوريا بالنسبة للسعودية جغرافية ـ سياسية مباشرة ومؤثرة:
أولا، تعتبر سوريا امتدادا طبيعيا للجزيرة العربية وفيها بعض القبائل العربية في الجزيرة السورية تجد امتداها التاريخي مع شبه الجزيرة العربية، ولا تزال العديد من العشائر ترتبط بعلاقات قوية مع السعودية حتى الآن.
ثانيا، بحكم الحضور السعودي التاريخي في لبنان، تعتبر سوريا فاعلا استراتيجيا لأي حضور عربي أو دولي في لبنان، ومن شأن حضور سعودي في سوريا أن ينعكس مباشرة على لبنان، وتعتبر هذه فرصة قوية للسعودية لإعادة موضعة وجودها في لبنان بعدما تراجع خلال السنوات السابقة.
تختلف المقاربة المصرية حيال سوريا عن نظيرتها السعودية، لا بسبب اختلاف الجغرافية ـ السياسية وإنما بسبب المقاربة السياسية الذاتية لحكام مصر، وحساسيتهم العالية تجاه أي حكم إسلامي مهما كانت طبيعته وتوجهاته.ثالثا، شكلت سوريا منصة جغرافية واسعة وقوية متقدمة لإيران، ما سمح لأصحاب العمائم في طهران أن يشكلوا تهديدا مباشرا للسعودية: من الشمال عبر سوريا، ومن الجنوب عبر الحوثيين في اليمن.
من منظور الجغرافية السياسية هذه، للسعودية مصلحة استراتيجية كبرى ليس في استقرار سوريا الأمني والسياسي والاقتصادي فحسب، بل أيضا مصلحة في حضور سعودي قوي في دمشق، من شأنه أن يسمح للسعودية بقلب المعادلة الجغرافية التاريخية تجاه إيران من جهة، وتجاه أي مقاربة عربية لا تكون مضادة للتوجه السعودي ثانيا، ولمنع استفراد تركيا في سوريا من جهة ثالثة.
ومن مفارقات السياسة، أن قطر التي تمتلك تحالفا استراتيجيا مع تركيا، وتشترك معها في دعم الحكام الجدد في سوريا، لديها مصلحة كبرى في حضور سعودي قوي في الشام، فتقاطعات المصالح الاستراتيجية الكبرى في سوريا تتقارب بين قطر والسعودية أكثر مما تتقارب بين قطر وتركيا، التي تمتلك رؤية قريبة من الرؤيتين القطرية والسعودية حيال سوريا، وإن كانت لا تتطابق معهما بالضرورة.
بالنسبة لتركيا، ثمة مصلحة قوية أن تبقى سوريا ضعيفة وبحاجة دائمة لحضورها، في حين ترى قطر والسعودية أن سوريا قوية هي مصلحة لهما في ظل حكم جديد يجد امتداده الديني في الخليج العربي، وفي ظل رؤية سياسية تتطابق كثيرا مع توجهات الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع وإدارته.
لن تسمح السعودية للفراغ الحاصل في سوريا أن يمر دون بصمتها، ولن يسمح الحكام الجدد في سوريا أن يبنوا بلدهم دون تعاضد مع السعودية، وهذا ما يفسر أن أول زيارة رسمية لمسؤول في الإدارة الجديدة السورية إلى الخارج كانت إلى الرياض، ويفسر أيضا زيارات المسؤولين السعوديين المتكررة إلى دمشق، وعلى رأسها زيارة وزير الخارجية السعودي.
ومنذ سقوط الأسد، أخذ الموقف السياسي السعودي من سوريا يميل تدريجيا نحو الإيجاب، ولعل اجتماع الرياض كان عنوانا بارزا لهذا الموقف، عندما أكد الاجتماع على ضرورة دعم نهضة سورية.
غير أن هذا التوجه التقاربي بين الجانبين لا تفسره معطيات الجغرافية السياسية وحدها، بل أيضا توجهات الحكم في كلا البلدين: لسوريا الجديدة مصلحة في الحصول على دعم سعودي على المستويين السياسي والاقتصادي، لما تثمله الرياض من قوة مهمة في المنظومة العربية، وقدرة على تعبيد الطريق أمام دمشق نحو الغرب.
وبالنسبة للسعودية، تعتبر سوريا اليوم صفحة بيضاء من الناحية الاستراتيجية، وللرياض مصلحة في أن تكون دمشق المقبلة على تماس مباشر مع التوجهات السياسية السعودية في المنطقة، ومصلحة في شكل حكم سياسي لا يبتعد عن الأيديولوجيا السياسية السعودية.
المقاربة المصرية
تختلف المقاربة المصرية حيال سوريا عن نظيرتها السعودية، لا بسبب اختلاف الجغرافية ـ السياسية وإنما بسبب المقاربة السياسية الذاتية لحكام مصر، وحساسيتهم العالية تجاه أي حكم إسلامي مهما كانت طبيعته وتوجهاته.
تقوم سردية السيسي في الحكم منذ عام 2013 على أن الإسلام السياسي يشكل تهديدا مباشرة للبلدان العربية، بسبب سلوكهم السياسي الإقصائي وعقيدتهم في "حمل السلاح".
وطالما حذر السيسي وإدارته وإعلامه المصريين مما جرى في سوريا خلال السنوات الأربعة عشر الماضية، وإن عليهم الاختيار بين الفوضى (سوريا) والاستقرار (مصر السيسي).
وبالنسبة للسعودية، تعتبر سوريا اليوم صفحة بيضاء من الناحية الاستراتيجية، وللرياض مصلحة في أن تكون دمشق المقبلة على تماس مباشر مع التوجهات السياسية السعودية في المنطقة، ومصلحة في شكل حكم سياسي لا يبتعد عن الأيديولوجيا السياسية السعودية.من هذه المقاربة الذاتية، يُمكن فهم التخوف المصري من نجاح تجربة الحكام الجدد في سوريا، فنجاحهم يعرض السردية المصرية الرسمية للاهتزاز، الأمر الذي قد يشكل تهديدا لحكم السيسي.
وفي هذه الرؤية تتلاقى مصر مع الإمارات: الأولى وصفت الحكم الجديد في سوريا بأنه حكم الأمر الواقع، في حين لم تضع الإمارات العلم السوري أثناء استقبال وزير الخارجية الإماراتي لنظيره السوري أسعد الشيباني، في رسالة سياسية واضحة مفادها أن أبو ظبي لا تعترف بالإدارة الجديدة.
تعتبر مصر أن خضوع سوريا لسيطرة إسلاميين لهم علاقات متينة مع الإخوان عاملا خطيرا من شأنه أن يجعل دمشق منصة لهم للتحرك إقليميا، على الرغم من تطمينات القيادة السورية الجديدة لدول الإقليم، سواء على مستوى التصريحات الرسمية أو على المستوى العملي، حين ألقت الإدارة السورية القبض على أحمد منصور الذي حرض على حكم السياسي في مصر.