باحثة بريطانية: حماس لم تستسلم بعد ومجرد صمودها وسط الأنقاض هو انتصار
تاريخ النشر: 12th, May 2024 GMT
قالت الباحثة البريطانية بيفرلي مليتون- إدواردز إن حركة حماس لم تهزم بعد، وأن إعلان القوات الإسرائيلية، السبت، عن توجيه وحدات من قواتها لمواجهة مقاتلي حماس في شمال غزة، هو آخر دليل على عدم هزيمة الحركة.
وميلتون مؤلفة مشاركة في كتاب عن حماس سيصدر قريبا، وزميلة غير مقيمة في مجلس الشرق الأوسط للشؤون العالمية في الدوحة.
وأكدت ميلتون في مقال في صحيفة "صنداي تايمز" أن حماس أثبتت أنها عدو هائل منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر عندما اخترقت مجموعة صغيرة نسبيا ومدربة بشكل جيد السياج المحصن حول غزة. ومع أن أعداد القوات الإسرائيلية كانت أكبر ومتفوقة من ناحية التدريب، إلا أن حماس استطاعت السيطرة على محطات المراقبة والقواعد العسكرية وحتى المقرات الإقليمية.
وبعد سبعة أشهر من الحرب، فشلت "إسرائيل" في تدمير حماس، كقوة عسكرية وسياسية. ولم تقض "إسرائيل" على قادة الحركة الذين خططوا لهجمات 7 تشرين الثاني/ أكتوبر، وحتى لو فعلت، فهناك العديد من الإشارات بأن جيلا جديدا من القيادات المتشددة ستحل محلها.
وتعلق الكاتبة أن الكثيرين شكوا في الأسابيع والأشهر الأولى للحرب بقدرة الجناح العسكري، كتائب عز الدين القسام، على النجاة أمام قوة إسرائيلية ضاربة.
وفي كل يوم تبث قناة "عز الدين القسام" على منصة "تلغرام" فيضا من التقارير واللقطات تظهر معارك في وكمائن وهجمات ضد القوات الإسرائيلية. وفي كل مرة تحقق فيها الحركة انتصارات صغيرة في ميدان غزة، فإن صداها تتردد ملايين وملايين المرات حول العالم في "هاشتاغات" حماس، ونقرات المشاركة للفيديوهات المعدة بشكل جيد.
وتقول الباحثة إن "إسرائيل" محقة في الإدعاء أنها جزت جزءا من فروة رأس حماس في المعركة، وضربت عددا من القيادات التي خرجت بموجب صفقة تبادل في الماضي. لكن هذا لم يكن بدون ثمن باهظ وأضرار جانبية، وكان المثال الأبرز هي الغارة الجوية في 31 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 على مخيم جباليا والتي قتل فيها إبراهيم البياري، أحد قادة حماس الكبار، ولكنها خلفت آلاف القتلى والجرحى حسب وزارة الصحة الفلسطينية.
ورغم أن الوزارة تديرها حماس، إلا أن مصادر أمنية إسرائيلية أخبرت الباحثة أن أرقام الوزارة عادة ما لا تعكس الرقم الحقيقي للضحايا والذي قد يكون أعلى.
وتعتقد الباحثة أن سبب نجاة كتائب القسام نابعة من استراتيجية جرّ القوات الإسرائيلية إلى أرضها التي تعرف القتال عليها جيدا وتمتلك فيها تميزا، فمن الأزقة والمداخل المخفية وبين البساتين والتلال الرملية، استطاع مقاتلو القسام شن هجمات ناجحة ضد أهداف إسرائيلية. وحتى السلاح الإسرائيلي المتفوق مثل دبابة "ميركافا" أتلفها ودمرها مقاتلو القسام باستخدام صواريخ مضادة للدبابات "شواظ" و"الياسين 105".
وتقول الباحثة إن القتال من الداخل يشرف عليه أهم قيادات حماس. وبالتأكيد فإن "إسرائيل" أعلنت أن أهم هدف لها هو قتل زعيم حماس في غزة.
وقال مسؤول عسكري إسرائيلي "هو رجل ميت حي" و"هذا الهجوم الشنيع رتبه يحيى السنوار".
ودعا وزير الجيش الإسرائيلي، يواف غالانت أهل غزة إلى تسليم السنوار: "سنغتاله [لكن] إن وصلتم إليه أولا فستقصرون هذه الحرب".
ويمثل السنوار جزءا من قيادة ثلاثية في غزة والتي تشمل زعيم كتائب القسام، محمد الضيف ومروان عيسى الذي زعمت "إسرائيل" أنها اغتالته.
وتقول الكاتبة إن السنوار، 61 عاما عدو هائل، و"في كل المناسبات التي قابلته فيها كان ذكيا وبعيون فولاذية طوال اللقاء".
ولد ونشأ في خان يونس وأصبح مقربا من مؤسس الحركة، الشيخ أحمد ياسين. لقد شحذ السنوار أسنانه وتجربته كمنفذ لأوامر حماس. واعتقل عام 1988 وبعد أقل من عام على الانتفاضة الأولى وصدرت ضده أربعة أحكام بالمؤبد بتهم التخطيط لاختطاف وقتل جنديين إسرائيليين وقتل أربعة "عملاء" فلسطينيين.
استغل السنوار فترة سجنه لتعلم اللغة العبرية ودراسة السياسة والمجتمع الإسرائيليين، وقال: "يمكنك القول إنني خبير بتاريخ اليهود أكثر منهم".
وأفرج عن السنوار عام 2011 في صفقة تبادل الجندي الأسير جلعاد شاليط. وخرج بعد أن أفنى شبابه في السجن، حيث ترقى في سلك القيادة ليصبح زعيم حماس في غزة.
وكان مصمما على الانتقام من "إسرائيل" وحصارها 2.3 مليون فلسطيني في غزة، وزيادة الاستيطان في الضفة الغربية، وخرق الوضع القائم في المسجد الأقصى بالقدس.
وكانت هناك إشارات عن طموحات السنوار، حيث فحصت كتائب القسام قوتها في حرب 2012 و 2018 و 2021 وبداية 2023. وشاركت قوات القسام في مناورات عسكرية مشتركة مع بقية الفصائل حيث اشتملت على هجمات وهمية على الحدود وعمليات خاصة وتحت سمع ونظر القوات الإسرائيلية.
وفي عام 2018، كتب السنوار رسالة باللغة العبرية إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عرض فيها هدنة دائمة مقابل فك الحصار عن غزة، ولم يكلف نتيناهو نفسه حتى بالنظر إليها. وتحدث السنوار في الأشهر التي سبقت هجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر أن حركته تحضر لشيء كبير ضد العدو. وقال: "سنأتي إليكم إن شاء الله بفيضان هادر" و"سنأتي إليكم بصواريخ لا نهاية لها، وسنأتي إليكم بفيضان لا حد له من الجنود"، وفعلوا.
وفي الأسبوع الماضي وسعت "إسرائيل" الحرب إلى رفح، رغم اعتراض إدارة بايدن ونقد دولي بشأن زيادة عدد الضحايا المدنيين. وفي رفح التي وصفتها يونيسيف بـ "مدينة الأطفال" فقد عمال الإغاثة واللاجئين والسكان الأمل.
والمثير للدهشة، تقول الباحثة، أن الدعم لحماس في غزة لم يتراجع نسبيا، وتعتقد غالبية الغزيين الذي تم استطلاعهم أن حماس ستنتصر في الحرب.
وهناك عدة عوامل لشرح هذا؛ أولا، يعرف الغزيون أن الدمار الذي حل بهم هو من عمل "إسرائيل" لا حماس. ثانيا، ومقارنة مع الشكاوى السابقة من حماس، فقد كان مقاتلو الحركة ظاهرين وهم يدافعون عن غزة. وقوات القسام، وبعيدا عن مزاعم "إسرائيل"، ليست متربصة في الأنفاق وخائفة من القتال. وأخيرا، ففي كل مرة تستهدف فيها "إسرائيل" أفرادا من قيادات حماس، بمن فيهم الأطفال والأحفاد وتدمر بيوتهم، فإنها تزيد من حس التضامن والحزن العام.
إلا أن نتنياهو تعهد، مع قطع الحلفاء الغربيين الدعم العسكري لـ"إسرائيل"، بمواصلة القتال، وهدفه هو "النصر الكامل" ضد حماس والقضاء على السنوار والقيادات البارزة في الحركة.
إلا أن حركة حماس، أثبتت في الماضي على الولادة من جديد وتجنيد الجيل القادم من المقاتلين المستعدين لمواجهة "إسرائيل". ومثلما أخبر الشيخ ياسين الكاتبة مرة: وراء كل شهيد ألف مستعدون للمعركة.
وتقول الكاتبة إن صورة "إسرائيل" بأنها القوة التي لا تقهر تضررت بشكل كبير خلال الحرب. وسقط قادتها العسكريون والأمنيون "على سيوفهم" أي استقالوا، أو بالتعبير المجازي انتحروا. وبات مصير المسؤولين العسكريين والسياسيين الإسرائيليين معلقا في الريح وتلاحقهم اتهامات ارتكاب جرائم الحرب وبلاغات من المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، وسط نفاد صبر الإسرائيليين بالطريقة التي عالجوا فيها الحرب.
لن تستسلم حماس أو تذعن، وتزعم "إسرائيل" أنها قتلت نصف مقاتلي حماس، لكن كتائب القسام تثبت كل يوم أنها قادرة على مواصلة المقاومة الشرسة. وهناك خمس كتائب فاعلة تم تقسيمها إلى وحدات حرب عصابات متحركة ومسلحة بـ"أر بي جي" والمتفجرات والمسيرات، وقادرة على المواجهة من أي مكان، فحماس ملتزمة بمواصلة الحرب التي اختارتها في 7 تشرين الأول/ أكتوبر. ووسط الأنقاض والأنفاق العميقة في غزة، فنجاتها ضد كل الأضداد هو نصر في حد ذاته.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية حماس غزة القسام حماس غزة الاحتلال القسام صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القوات الإسرائیلیة کتائب القسام تشرین الأول حماس فی فی غزة إلا أن
إقرأ أيضاً:
المستقبل بعد مقتل السنوار في قطاع غزة
أثارت وفاة يحيى السنوار، قائد حركة حماس في غزة، نقاشات واسعة حول مستقبل القطاع وإمكانية تحقيق السلام. لقد عُرف السنوار بمواقفه الصارمة تجاه إسرائيل، ولعب دورًا حاسمًا في قيادة عمليات حماس الكبرى، بما في ذلك الهجوم على إسرائيل في عام 2023، من الجانب الإسرائيلي، تم الترحيب بوفاة السنوار ووصفها بعض المسؤولين، مثل الرئيس إسحاق هرتسوغ، بأنها "انتصار معنوي"، مما يعكس اعتقادهم بأن هذا الحدث قد يضعف بنية حماس ويمهد الطريق أمام جهود السلام.
أما في غزة، فالمشهد أكثر تعقيدًا؛ فقد عبّر العديد من المواطنين عن أملهم في أن يؤدي غياب السنوار إلى تلطيف موقف حماس، مما قد يفتح الباب أمام محادثات لوقف إطلاق النار، كان نهج السنوار الصارم يقف عائقًا أمام بعض الجهود الدبلوماسية، ويأمل البعض أن تتبنى القيادة الجديدة نهجًا أكثر مرونة، ما قد يساعد في إعادة إعمار القطاع والتخفيف من الأزمة الإنسانية. ومع ذلك، يشير بعض الخبراء إلى أن هذا الفراغ القيادي قد يؤدي إلى انقسام داخلي داخل حماس، إذ قد تسعى بعض الفصائل للتنافس على القيادة، مما قد يُعقد أي تقدم نحو السلام على المدى القصير.
ويرى بعض المحللين أنه دون السنوار، قد تتباين توجهات الفصائل داخل حماس؛ فبينما قد يميل بعض الأعضاء إلى تصعيد العنف لإظهار القوة، قد يفضل آخرون التوجه نحو تسوية سياسية. هذا الانقسام الداخلي قد يؤخر الانتقال القيادي المستقر ويجعل تحقيق السلام أكثر صعوبة. كما تظل العمليات العسكرية الإسرائيلية المستمرة وقضية الرهائن المحتجزين لدى حماس عوامل تضيف تعقيدات إضافية، حيث قد يتردد كلا الجانبين في الالتزام بالسلام دون ضمانات أمنية وإنسانية ملموسة.
خلال هذه المرحلة الانتقالية، يبقى المجتمع الدولي متحفظًا ولكنه يأمل أن تسهم وفاة السنوار في تخفيف التصعيد. ويشير المراقبون إلى أن استجابة القيادة الجديدة لحماس ستكون عاملًا حاسمًا في تحديد ما إذا كان وقف إطلاق النار يمكن أن يتحقق، مما يمكّن من إعادة إعمار غزة وفتح مسار نحو السلام الدائم في المنطقة.
ويرى الكاتب والباحث السياسي اللبناني، محمد القواص، أن مقتل السنوار يمثل "حدثا ينهي مرحلة، لكن بالتأكيد لن ينهي الحرب. هناك مراحل أخرى قادمة. يمكن القول بأن المقتل سيكون بداية لفصل جديد".
وفي مقابلة مع DW عربية، أضاف القواص أن "شروط صفقة وقف إطلاق النار ربما تغيرت، لذا يتعين على الوسطاء التحرك بشكل آخر بعد مقتل السنوار. في الجانب الآخر هناك معارك في جنوب لبنان، فضلا عن انتظار الرد الإسرائيلي المحتمل على الهجوم الإيراني".
وخلال المؤتمر الصحافي مع شولتس، قال بايدن إن مقتل السنوار يشكّل فرصة أمام "إطلاق مسار للسلام" في الشرق الأوسط و"مستقبل أفضل في غزة دون حماس".
وفي ذلك، أشار القواص إلى وجود "حراك قد بدأ في العواصم الغربية عن ضرورة إنهاء الحرب في ضوء مستجد مقتل السنوار، لكن التصريحات الصادرة مازالت سطحية".
وأضاف "ربما مجيء وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى المنطقة، قد يحمل جديدا من الولايات المتحدة، بناء على هذا الحدث."