الخرطوم- أكد وزير المالية السوداني وزعيم "حركة العدل والمساواة" جبريل إبراهيم أن الاقتصاد السوداني لا يزال متماسكا ولم ينهر كما توقع كثيرون رغم مرور أكثر من عام على بداية الحرب، وأقر بتآكل قيمة الجنيه وتدهور سعر صرفه في مقابل العملات الأجنبية، وعد ذلك أمرا طبيعيا في ظل ظروف الحرب.

وقال إبراهيم في حوار مع "الجزيرة نت" إنه بعد أكثر من عام على اندلاع الحرب، فإن المؤشرات تقول إن الجيش يتقدم وقوات الدعم السريع تتراجع لعدة أسباب، ودافع عن انتقال حركته من حال الحياد إلى القتال إلى جانب الجيش لحماية المدنيين من جرائم وانتهاكات الدعم السريع.

وكشف عن أن الحكومة تدرس اللجوء إلى القضاء الدولي لإلزام دول دعمت قوات الدعم السريع ماليا وعسكريا ولوجستيا ومطالبتها بدفع تعويضات مالية ضخمة، وبيّن أن الحكومة صادرت شركات ومؤسسات وأسهما في مصارف ومناجم ذهب تابعة لقيادة الدعم السريع، وبعضها مسجلة بأسماء أشخاص، وأن هناك تعقيدات قانونية في تحويل ملكيتها إلى وزارة المالية.

وفي ما يلي نص الحوار:

ما خطة وزارة المالية للتصدي لمعاناة الناس عامة؟ ولماذا لم تسعوا بشكل جاد إلى توفير الأجور لكل قطاعات العاملين في الدولة؟

الاقتصاد دائما يتأثر بالحروب، فقد فقدت الدولة 80% من الموارد بعد توقف حركة الإنتاج وتراجع الصادرات، وتوجيه موارد لشراء الأسلحة ودعم المجهود الحربي الآخر. لكن رغم ذلك لم ينهر الاقتصاد كما توقع كثيرون، ولا يزال متماسكا، إذ استطعنا توفير السلع الأساسية من محروقات وقمح وسكر وغيره، وتقديم تسهيلات للاستيراد من الدول المجاورة، خصوصا من مصر خلال الشهور الأولى للحرب.

ورغم ذلك، فإننا وفرنا المرتبات للقوات النظامية، والمرتبات الأساسية لموظفي الحكومة الاتحادية، وتوجيه 20% من الموارد إلى الولايات حتى تخصصها للأجور وتوزعها بالطريقة التي تراها مناسبة، وكلما تحسن موقف الموارد، زاد الدعم للولايات.

ما الجهد المبذول لترقية قطاع تصدير المنتجات السودانية مثل اللحوم والماشية الحية، والمنتجات الزراعية التي سجلت شبه غياب عن كثير من الأسواق العالمية؟

بالطبع، تأثر قطاع الصادر بالظروف الأمنية ونقل المنتجات من مناطق الإنتاج للموانئ، غير أن هناك مؤشرات إيجابية حيث زادت عائدات صادرات الماشية عام 2023 -وهو عام الحرب- عن العام السابق له، وتُبذل جهود لفتح أسواق جديدة، وتسهيل إجراءات الصادر.

هل لا يزال تصدير نفط جنوب السودان عبر السودان يدر دخلا لخزينة الدولة، وما حجمه؟ أم أنه تأثر بسبب أوضاع الحرب؟

اتفاقية تصدير نفط جنوب السودان عبر السودان واضحة، إذ حددت رسوما على كل برميل صادر، وكان السودان يتلقى بعض حقوقه عينا باستخدام نفط الجنوب سواء في مصفاة الجيلي لتكرير النفط بشمال الخرطوم، أو تغذية محطة أم دباكر التي تعمل بخام الجنوب.

وفي الشهور الأخيرة، عطلت قوات الدعم السريع بعض محطات الضخ، مما أدى إلى تراجع صادر نفط الجنوب الذي كان في فترات سابقة حوالي 300 ألف برميل يوميا قبل أن ينقص إلى النصف تقريبا، والآن شبه متوقف وتُبذل جهود فنية كبيرة لإصلاح المحطات وخط الأنابيب حتى يستأنف التصدير.

من الشائع أن السودان ينتج كميات كبيرة من الذهب، ولكن أغلب ذلك الإنتاج لا تستفيد منه البلاد لأسباب كثيرة ومعروفة، فهل لا تزال الحال كما هي؟

إنتاج الذهب كبير جدا وغالبيته من القطاع التقليدي الذي تصعب مراقبته، وهناك شركات امتياز اقتربت من مرحلة الإنتاج، حيث كانت كميات كبيرة تهرّب إلى خارج البلاد، ولكن في الفترة الأخيرة تحسن الصادر، وبقليل من السياسات المحفزة والترتيبات الإدارية يمكن أن يتضاعف الصادر. وقد أوردت شركة الموارد المدنية (الذراع الرقابي لوزارة المعادن) أن عائدات الصادر في الربع الأول من العام الحالي 428 مليون دولار.

حذرت منظمات عالمية من أن السودان اقترب من المجاعة، هل الحكومة ترى أن هذا التحذير له ما يبرره؟

إنتاج البلاد في الموسم الصيفي من الذرة 3 ملايين طن وأكثر من 700 ألف طن من الدخن، بالإضافة إلى أن مخزون الموسم السابق نحو 3 ملايين طن، وهذه الكميات أكبر من حاجة استهلاك البلاد، المشكلة ليست في توفر الغذاء، وإنما التحدي يتمثل في توصيله إلى المواطن بسبب الظروف الأمنية.

شهد سعر صرف الجنيه السوداني في مقابل العملات الأجنبية تدهورا كبيرا وفقد أكثر من نصف قيمته، مما ينعكس على حياة المواطنين، هل من تدابير لتحقيق استقرار اقتصادي؟

تدهور سعر صرف الجنيه السوداني في مقابل العملات الأجنبية في زمن الحرب طبيعي، لأن الدولة ليست لديها موارد خارجية، وهناك طلب متزايد على الدولار سواء كان لاستيراد السلع الإستراتيجية أو الضرورية أو مدخلات الحرب، من الطبيعي جدا أن تتآكل العملة الوطنية، وحدث ذلك مع كل الشعوب التي واجهت حروبا.

بعد عام من الحرب، توقع كثير أن يتدهور سعر صرف الدولار ويصل إلى 10 آلاف جنيه وهو ما لم يحدث، وثمة ترتيبات اقتصادية وسياسات نقدية يمكن أن تحقق استقرارا نسبيا.

يشار إلى أن الدولار بلغ قبل أسبوع مستوى 1600 جنيه في السوق الموازي، وكان سعر صرف الجنيه السوداني شهد ثباتا أمام العملات الأجنبية بواقع 600 جنيه للدولار الواحد، في أول 3 أشهر للحرب.

الدولار بلغ قبل أسبوع مستوى 1600 جنيه في السوق الموازي السوداني (غيتي)

 

صدرت قرارات من الحكومة بمصادرة شركات قوات الدعم السريع وحجز أرصدتها في المصارف، هل تم تنفيذ هذه القرارات وآلت إلى وزارة المالية؟

لم تجد السلطات شركات باسم الدعم السريع، لأنها مسجلة باسم قيادات وأشخاص، ورغم ذلك تم حجز الأرصدة في المصارف وتحويلها لوزارة المالية، لكن أسهم الشركات لم تتحول إلى الحكومة بسبب تعقيدات قانونية، كما تم حجز أسهم الدعم السريع وقياداته في بعض البنوك، والسيطرة على مناجم الذهب التابعة لقيادة الدعم السريع في الولايات كافة وتشغيلها، عدا منجم سونغو في جنوب دارفور الذي لا يزال تحت سيطرة الدعم السريع.

ما تعرض له القطاع الخاص والمواطنون من تدمير المصانع والشركات ونهب ممتلكات المواطنين ومقتنياتهم ومنازلهم، هل هناك اتجاه لتعويض رجال الأعمال والمواطنين الذين فقدوا حصاد عمرهم؟

شكّل مجلس السيادة لجنة برئاسة وزير المالية بشأن إعادة الإعمار والتعويضات، واستعانت اللجنة بخبراء من داخل البلاد وخارجها ووضعت تصورا ومعايير حسب السوابق والتجارب في بعض الدول، واقتربت اللجنة من إنجاز مهمتها.

عملية التعويضات معقدة وتحتاج إلى وقت ومصادر تمويل ويمكن اللجوء إلى القضاء الدولي، وعندما نصل إلى هذه المرحلة يمكن أن نقاضي دولا دعمت الدعم السريع ماليا وعسكريا ولوجستيا ونطالبها بدفع تعويضات مالية ضخمة.

بعد نحو 4 أشهر من إعلان حركتكم مع "حركة تحرير السودان" -بقيادة حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي– ترك الحياد المشاركة في القتال إلى جانب الجيش، ما السبب الحقيقي لذلك؟

منذ بداية الحرب، قررت الحركات المسلحة في إقليم دارفور الوقوف في الحياد والمساعدة في حراسة القوافل التجارية والمساعدات الإنسانية من ميناء بورتسودان إلى كردفان ودارفور، مما أسهم في توفير السلع واستقرار أسعارها، لكن قوات الدعم السريع حولت الحرب ضد المواطن ومارست القتل والاغتصاب ونهب الممتلكات، لذا قررنا ترك الحياد والعمل لحماية المدنيين وفرض الأمن والاستقرار.

هل تشارك قواتكم في القتال بدارفور أم مواقع أخرى أيضا؟

قواتنا ليست في دارفور فحسب، بل تقاتل في ولايات كردفان والجزيرة والقضارف وغيرها إيجابيا إلى جانب القوات المسلحة، وتضحي من أجل أمن وسيادة السودان ووحدته وقدمت شهداء وجرحى في سبيل ذلك.

اتفاق جوبا للسلام الموقع عام 2020، نص على عدم تجنيد قوات جديدة، لكنكم دربتم آلاف من المقاتلين في الشهور الماضية، ألا يعتبر ذلك خرقا للاتفاق الذي وقعته حركتكم؟

القوات التي تم تخريجها ليست جديدة، كلها قواتنا التي لم نستطع توفير متطلباتهم المالية من غذاء وتعيينات، لذلك لم يكونوا في معسكرات، وتم استدعاؤهم مؤخرا لإعادة تأهيلهم ومعهم آخرون جرى تدريبهم ورفع قدراتهم القتالية بعد ضرورات الأمن وتطورات الحرب.

وبعد الحرب لن تعود القوات إلى "حركة العدل"، وإنما ستصبح جزءا من الجيش، واتفاق جوبا لم يمنع الحركات فقط من تجنيد مقاتلين جدد، بل حتى الجيش ممنوع كذلك، لكن الحرب فرضت ذلك.

بعد أكثر من عام على اندلاع الحرب، إلى أين تتجه في ظل عدم قدرة أي طرف على الحسم؟

مؤشرات الحرب حاليا تقول إن الجيش يتقدم والدعم السريع في حالة تراجع، وذلك لعدة أسباب، أبرزها أن القوات المسلحة أعادت تنظيم صفوفها، وحصلت على أسلحة نوعية، وانضم إليها المستنفرون والمقاومة الشعبية، ثم دخول الحركات المسلحة إلى جانبها، كما انقسمت قبيلة المسيرية وهي مكون مؤثر في الدعم السريع، وصار قطاع كبير منها إلى جانب الجيش، وظهر ذلك في فرقة الجيش في بابنوسة بولاية غرب كردفان، حيث يستبسل أبناء المسيرية وصمدوا ومنعوا الدعم السريع من السيطرة عليها.

يضاف إلى ذلك أن أعدادا كبيرة من مقاتلي الدعم السريع خرجوا من المعارك إما بالموت والإصابات أو نهبوا أموال وممتلكات المواطنين ورجعوا إلى ديارهم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات قوات الدعم السریع العملات الأجنبیة إلى جانب سعر صرف أکثر من لا یزال

إقرأ أيضاً:

وزير الصحة الاتحادي يلتقي عضو مجلس السيادة ومساعد القائد العام للجيش السوداني الفريق اول ركن ياسر العطا

التقى وزير الصحة الإتحادي د هيثم محمد إبراهيم أمس عضو مجلس السيادة ومساعد القائد العام للجيش السوداني، الفريق اول ركن ،ياسر العطا، بمكتبه بمنطقة وادي سيدنا العسكرية،بحضور والي ولاية الخرطوم ،أ. احمد عثمان حمزة.وأعلن عضو مجلس السيادة ومساعد القائد العام أن الفترة المقبلة ستشهد انتصارات حاسمة للجيش في كل محاور القتال وستكون بداية لنهاية مليشيات الدعم السريع في السودان باذن الله”.وشكر العطا وزير الصحة الإتحادي للزيارات المتكررة لولاية الخرطوم، والعمل على تفقد اوضاع الصحة في ولايات السودان المختلفة،مبشراً بقرب النصر ،قائلاً للوزير: زيارتكم القادمة ان شاءالله ستتضمن كل محليات ولاية الخرطوم بما فيها جنوب الولاية.من جانبه حيا وزير الصحة الإتحادي د هيثم محمد إبراهيم ،القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى ،مقدماً التهنئة بالانتصارات وتحرير مدينة سنجة من مليشيات الدعم السريع الجنجويد.واستعرض الوزير الوضع الصحي بصورة عامة وفي ولاية الخرطوم خاصة ،مشيرا إلى أن هناك تطور كبير في مستوى تقديم الخدمات الصحية بالولاية،متضمنا افتتاح مستشفى برالوالدين بالإضافة إلى العديد من الاقسام في العناية المكثفة والوسيطة وحضانات الاطفال وغرف العمليات ومراكز غسيل الكلى.إعلام وزارة الصحة – السودان إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • وزير الصحة الاتحادي يلتقي عضو مجلس السيادة ومساعد القائد العام للجيش السوداني الفريق اول ركن ياسر العطا
  • شبكة أطباء السودان: الإمدادات الطبية بسنار تخسر 2.5 مليون دولار بسبب الدعم السريع
  • البرهان يعلق على أنباء التسوية مع الدعم السريع
  • مباحثات سعودية أمريكية بخصوص السودان وتداعيات المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع
  • شاهد بالفيديو.. وزير الإعلام السوداني: كنت في تواصل مع قيادات الدولة و الدعم السريع خلف الكواليس للوصول إلى عملية سلام  قبل أن أتولى المنصب
  • وزير الإعلام السوداني: الجيش سيحرر ولاية الجزيرة بشكل كامل قريبا
  • وزير الإعلام خالد الإعيسر: الحـرب ستنتهي اليوم إذا التزمت مليشيا الدعم السريع بمخرجات منبر جدة
  • “الدعم السريع” تتهم الجيش السوداني بالاستعانة بخبراء من «الحرس الثوري» الإيراني .. أعلنت تدمير طائرات ومسيّرات حربية شمال أم درمان
  • الجيش السوداني يقصف مواقع الدعم السريع في الخرطوم
  • الجيش السوداني يحرر «سنجة» وعينه على ولاية «الجزيرة» وسط تقهقر الدعم السريع