الرياض : البلاد

أقام مركز تفسير للدراسات القرآنية بمدينة الرياض مؤخراً اللقاء الـ 69 من لقاءاته الشهرية لأهل التفسير بعنوان: “طرق اكتشاف إسم ومؤلف مخطوطات التفسير المجهولة”، مع الدكتور عبد الله بن حمد المنصور أستاذ القرآن وعلومه المشارك بكلية الشريعة والقانون بجامعة المجمعة، وذلك في ديوانية عبدالله الشدي شمال الرياض.

افتتح اللقاء مدير اللقاء الدكتور يوسف العقيل بكلمة ترحيبية عرّف فيها بموضوع اللقاء وشيء من السيرة الأكاديمية للمحاضر..
بدأ الدكتور المنصور معرفاً ببعض المصطلحات، فعرّف المخطوطة وقال إن هذا المصطلح لم يظهر إلا بعد عصر الطباعة، وأنه يدخل فيه ما كتبه المؤلف أو تلاميذه أو النُّسَّاخ.

كما عرَّف بعدد من المصطلحات المتعلقة بالمخطوطات، وهي: الحاشية أو الهامش، حرد المخطوطة، غلاف المخطوطة، الخُرْم، التملّكات، السماعات.

ثم انتقل إلى الاجابة على سؤال: متى ظهر مصطلح المخطوط المجهول؟ فذكر أنه لمّا بدأت حركة فهرسة المكتبات وقف الباحثون على عدد كبير مِن المخطوطات المجهولة، وذكر أنه عدَّ مخطوطات التفسير المجهولة في بعض المكتبات فبلغت نسبتها 12% تقريباً من مخطوطات التفسير فيها.

ثم جوابًا على سؤال: متى يُقال عن مخطوطة في التفسير أنها مجهولة؟ ذكر د. المنصور أن المخطوطة المجهولة لها ثلاث حالات: الأولى: إذا فُقد اسم المؤلف مع معرفة اسم الكتاب، والثانية: إذا فُقد اسم الكتاب مع معرفة اسم المؤلف، والثالثة وهي أصعبها: ألا يُعرف اسم المؤلف ولا اسم الكتاب.

ثم تعرَّض لسؤال قد يطرحه بعض الباحثين، وهو: لماذا نتجه إلى المخطوطات المجهولة، ألا يكفي المعروف منها؟ فذكر في جوابه أن المعروف قد اتجهت إليه الهِمَم، وطُبع الكثير منه، في حين تُرك المجهول وهُجر، على الرغم من أنه يحوي كنوزًا، وأشار إلى أهمية تكليف الباحثين في أقسام الدراسات العليا بالعمل على مثل هذه المخطوطات.

ثم انتقل د. المنصور إلى جملة من الخطوات في اكتشاف المخطوط المجهول، فذكر أنه ينبغي أولًا التأكُّد من كون المخطوط مجهولًا؛ فربما يكون اسم المؤلف أو عنوان الكتاب مكتوبًا في جزء آخر أو في مجلد آخر، وكذلك أهمية تأكُّد الباحث من كونِه غيرَ مسبوقٍ بجُهدٍ في التعرُّف على الكتاب توفيرًا للجهد.

ثم ذكر بعض الأمور الكاشفة للمخطوط التي تستلزم قراءة دقيقة وفاحصة، ومنها: تحديد القرن، والبلد، والوقوف على شيوخه المذكورين في الكتاب، وذكره لواقعة أو حادثة في زمانه، أو إشارته إلى كتاب آخر من مؤلفاته، وكذلك إكثاره النقل عن كتابٍ أو الردّ على آخر مما قد يكون مُشارًا إليه في كتب التراجم من كون فلان قد بنى تفسيره على تفسير فلان أو اعتنى بالردّ على فلان.

وذكر د. المنصور أيضًا من الأمور الكاشفة للمخطوط: هل نَقَل عنه أحدٌ؟ ومَن آخِر مَن نقل عنهم صاحب المخطوط؟ والوقوف على مذهب المؤلف العَقَدي أو الفقهي أو اللُغوي، والنظر في التملُّكات، ودراسة السَّماعات، ودراسة المقدمة والخاتمة، والنظر في ترتيب الكتاب وطريقة تأليفه، والقراءة التي يُفسّر بها المؤلف فهذا مما يفيد في معرفة بلده أو حصر البحث..
وكذلك من الأمور الكاشفة خط المخطوط إذا كان من كتابة المؤلف، وذَكَر أن هناك عدّة كتب اعتنت بخطوط العلماء، وأشار إلى جملةٍ منها.

ثم ذكر د. المنصور أنّ هناك مجموعة من الكتب تفيدُ في الاهتداء إلى المخطوط المجهول في كتب التفسير خاصة، وهي: كتب طبقات المفسرين، وكتب طبقات القراء، وكتب التراجم المرتبة على القرون، والمرتبة على البلدان، وكتب التفسير وعلوم القرآن والقراءات في فهارس المخطوطات في المكتبات.

ثُم مِن محصّل ما جمعه الباحث من معلومات حول المخطوط ينتقل إلى حصر العناوين والمؤلفين المحتملين، ويستخدم استمارة خاصة في حصر المعلومات الكاشفة عن المخطوط المجهول، إلى أن تتحصّلَ لديه نتائج بحثه التي قد يهتدي فيها إلى اسم الكتاب ومؤلفه، وقد يهتدي إلى أحدهما دون الآخر، أو البلد، أو القرن، أو ربما لا يهتدي إلى شيء، وكل هذه نتائج معتبرة..
وأشار د. المنصور إلى أهمية الإجابة عن أدلة المعترضين والعناية بها بعد نشر النتائج.

ثم ختم د. المنصور اللقاء بذكر تجربته الخاصة في اكتشاف مخطوط تفسير ابن النقاش.

يشار إلى أن اللقاء حظي بحضور ومشاركة فاعلة من باحثين وأكاديميين وطلاب علم.

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: اسم الکتاب

إقرأ أيضاً:

تقديم كتاب الذكرى الخمسون للحكم بردة محمود محمد طه

تقديم كتاب
الذكرى الخمسون للحكم بردة محمود محمد طه: الوقائع والمؤامرات والمواقف، للدكتور عبد الله الفكي البشير

بقلم أ. د آمال قرامي
أستاذة الفكر الإسلامي والدراسات الجندرية بالجامعة التونسية

''لا أحد يراقب، ولا أحد يهتمّ، ولا أحد يحفظ سجلاً لأيّ شيء، إلى درجة أنَّ الذّاكرة والتاريخ ميّتان كلاهما''.
حميد دباشي، بشرة سمراء، أقنعة بيضاء

لاشكّ أنّ الذي كُتب حول إدانة المفكّر السوداني محمود محمد طه وتكفيره ثمّ محاكمته وقتله غزير، ومتنوّع وهو يشمل آراء المناصرين ومواقف المهاجمين المنشورة في الصحف أو في مختلف وسائل الإعلام فضلا عن البيانات، والردود، والمحاضر وغيرها من الوثائق الهامّة، ومن هنا اقتضى مشروع حفظ هذا العدد الكبير من الوثائق بأشكالها الكتابيَّة والصوريَّة، توفّر فريق من الباحثين والباحثات يتكفّلون كما جرت العادة، بالجمع والتصنيف والتبويب ثمّ التأليف. ولكن د. عبد الله الفكي البشير كسر القاعدة وخرج عن السنن المألوفة لينهض بمفرده بكلّ أعباء الأرشفة والتحليل علّه بذلك يفي بوعد قطعه على نفسه بأن يظلّ إسم أستاذه حاضرا في فعل تشكيل الوعي الجمعي، وأن تبقى سيرته الذاتية مرئية وخالدة على مرّ الزمن.
تكتسي الوثائق المضمّنة في هذا المؤلف، قيمة خاصّة لدى جامعها ومالكها إذ بفضلها جدّد "الفكي" صلته بشخصيات كثيرة من أفراد عائلة المفكّر محمود محمد طه ومريديه وأصدقائه من الحزب الجمهوري، واسترجع ذكريات تشمل البدايات والـتأسيس وأيّام المحنة وصولا إلى لحظة تنفيذ الحكم بإعدام محمود محمد طه: "شهيد الحريّة''. ومن هذا المنطلق احتلت الوثائق قيمة نفسية لدى مالكها فهي تذكّره بالأهواء: الغضب، والفرح والفخر والوجع والآلام ...وكيف يستغل القانون للتخلص من الخصوم وكيف تصادر الحقوق (الحق في التفكير والحق في التعبير...).ولا تعدّ هذه الوثائق التي جمعها "الفكي" مجرد أشياء بل إنّها تمتلك تاريخا اجتماعيا وثقافيا وسياسيا، وما التعلّق بالأشياء إلاّ تعلّق بما يضفي دلالة على حيواتنا.
وعلاوة على القيمة الذاتية والنفسية تتميّز هذه الوثائق بقيمة تاريخية هامّة ذلك أنّها رُتّبت بطريقة توضّح تطور الأحداث والوقائع والمواقف، وتكشف المستور والمضمر وغير المصرّح به أمام الملأ. فتبرز خيوط المؤارات والدسائس وتتجلّى أشكال التواطؤ. ونحسب أنّ فرز الوثائق ثم تحديد تلك التي تستحقّ الحفظ الدائم بسبب قيمتها الفعليَّة لم يكن أمرا سهلا على المؤلّف. كما أنّنا نرجّح أنّ كشف 'الفكّي' عن المؤسسات الدينية الموّرطة والشخصيات السياسية والفكرية التي لاذت بالصمت جبنا او حفاظا على امتيازاتها أو خوفا لم يكن قرارا يسيرا. فهل بإمكان هذه الشخصيات اليوم، أن تطلّع على ما نشر فتقدم على تجسيد ثقافة الاعتذار؟
ولئن سعى النظام الدكتاتوري إلى ممارسة الشطب والمحو والطمس حتى يقضي على مشروع محمود محمد طه الفكري''الفهم الجديد للإسلام'' ويهمّش دوره في التاريخ أو يزّيفه فإنّ تمسّك الأتباع بكتب 'طه' وحفظ الوثائق الخاصّة بمحاكمته وكلّ المقالات التي كتبت حوله يعدّ، في نظرنا، فعل مقاومة: مقاومة الشطب والتصرّف في التاريخ والذاكرة الجمعية. ونقدّر أنّ الذين حفظوا الوثائق من التلف لم يكونوا واعين بأهميتها أو قادرين على تحديد دورها في المستقبل. فما كان ينظر إليه على أساس أنّه مجرد متابعة للأحداث صار اليوم بالغ الأهمية ومثمّنا لأنّه يعكس تاريخ الأفكار وتطوّر التجارب السياسية والخبرات والمواقف وتراكم المعارف. بل إنّنا نرى أنّ هذا المؤلف يساهم بقدر كبير، في تدريب السودانيين/ات وغيرهم على ترسيخ ثقافة الاعتراف: الاعتراف بفضل الذين تجرأوا/ن على التعبير عن آرائهم بكلّ صراحة ولم ينافقوا أو يكتموا المعارف. (بتول مختار محمد طه وموقف تجمع الكتاب والفنانيين التقدميين، ...)
إنّ ما أقدم عليه 'الفكّي' من جمع وترتيب وتصنيف وتحليل يندرج، في اعتقادنا، ضمن مسلكين: مسلك مقاومة النسيان، من جهة، ومسلك بناء المعرفة، من جهة أخرى. فالمطلع على هذا المؤلف الضخم يدرك أنّ الشغف بجمع الأرشيف متنزّل ضمن مشروع تأسيس رواية مضادة للرواية الرسمية السياسية/الدينية التي شرعنت لتصفية خصم سياسيّ وفكري معتمدة في ذلك على فاعلين متنوعين: صحفيين وقضاة وجامعيين وشيوخ دين ومحامين وغيرهم. فعن طريق التمحيص في البيانات والمقالات والكتب وغيرها من الوثائق يدرك القارئ/ة تهافت الرواية الرسمية التي أرادت إخراج أفكار 'طه' في لبوس دينيّ وعملت على تعبئة الرأي العامّ ضدّه وشوّهت مشروعه وشخصه فصوّرته على أساس أنّه محارب للدين وتعاليمه، والحال أنّه خصم فكريّ/سياسي قاوم الطغيان والقهر ومأسسة الجهل بالقلم. يقول "طه" متحدثا عن مشروعه :"إنّ ما جئت به هو من الجدّة بحيث أصبحت به بين أهلي كالغريب. وبحسبك أن تعلم أنّ ما أدعو إليه هو نقطة التقاء الأديان جميعها حيث تنتهي العقيدة، ويبدأ العلم وتلك نقطة يدخل منها الإنسان عهد إنسانيته ولأوّل مرّة في تاريخه الطويل.''(1970)
ونذهب إلى أنّ ثراء هذا الأرشيف قد جعله يتحوّل إلى مصدر مهمّ للمعرفة وحوّل المؤلف إلى مصدر أساسي في الدراسات التاريخية والثقافية المعاصرة إذ ثمّة معلومات ضافية عن علاقات الأحزاب بالنظام، وعلاقات ممثلي المؤسسات الدينية والهيئات العلمية بالمفكّرين والسلطة، وإشارات جليّة إلى طبيعة العلاقات السائدة بين المفكّرين والجامعيين وغيرهم. ونعثر على معلومات دقيقة حول التحالفات بين وزارة الشؤون الدينية والأوقاف وهيئة علماء السودان من جهة، وتنظيم الإخوان المسلمين ومشايخ الأزهر ورابطة العالم الإسلامي ومقرّها المملكة العربية السعودية، من جهة أخرى، وهو أمر يثبت مرّة أخرى، كيف تعقد الإيلافات بين 'المحافظين' و'المتشدّدين' في بلدان العالم الإسلامي وكيف يتم الإجماع على تصفية أصحاب الفكر المستنير وحفاظا على المواقع والامتيازات. ولا يمكن التغاضي عن قيمة الملاحق التي مثّلت قسما كبيرا من الكتاب فهي نصوص قلّما يعرفها المهتمون بالفكر الإسلامي أو المتابعون للحياة السياسية في السودان دون ان ننكر قيمتها في الاستدلال والبرهنة وتفنيد المزاعم والتهم الباطلة.
وبناء على التمحيص في الروايات المتقاطعة والوثائق المتنوّعة وإجراء المقابلات المتعدّدة أمكن لل''الفكي'' أن ينبش في التاريخ السياسي والاجتماعي والفكري الاقتصادي، وأن يمارس قراءة نقدية لفترة مهمّة من تاريخ السودانيين، وأن يعيد تركيب الأحداث ويكشف التلاعب بالنصوص والوقائع (كالموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة) ويستخلص الدروس والعبر، ويتوقّف عند أهمّ النتائج. فليست حادثة اغتيال 'طه' في نظره، إلاّ 'دليل على فشل التجربة الديمقراطية في السودان وستظل وصمة عار في سجل القضاء السوداني ''. أمّا استرجاع هذه الوقائع والأحداث فإنّه يمثّل في نظره "بحثا في سجل وتاريخ عنف الدولة السودانية''.
يصدر المؤلف في فترة حرجة من تاريخ السودان استشرى فيها العنف وتفتت فيه النسيج الاجتماعي، وكثرت فيها الخيبات والمآسي وبرزت فيها علامات التراجع عن أهداف الثورة السودانية. فهل يكون هذا المؤلف ملاذ الحائرين/ات والباحثين عن فهم أسباب ما يجري؟

أ.د آمال قرامي
أستاذة الفكر الإسلامي والدراسات الجندرية بالجامعة التونسية، تونس

abdallaelbashir@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • خلافات جيرة.. تفاصيل التحقيق مع أستاذ جامعي بقتل جاره وإصابة ابنه في حدائق أكتوبر
  • تحقيقات موسعة في قتل أستاذ جامعي لمسن وإصابة نجله في مشاجرة بالجيزة
  • حبس لص حاول سرقة فيلا أستاذ جامعي بـ6 أكتوبر
  • بسبب خلافات الجيرة.. ضبط أستاذ جامعي متهم بقتل مُسن وإصابة نجله بالجيزة
  • القبض على أستاذ جامعي قتل جاره وأصاب ابنه في حدائق أكتوبر نتيجة خلافات جيرة
  • القبض علي لص أثناء محاولة سرقة فيلا أستاذ جامعي بمدينة 6 أكتوبر
  • ثقافة الفيوم تناقش دور المكتبات في لقاءاتها مع طلاب المدارس
  • أستاذ تغدية: المكملات الرياضية مجهولة المصدر تُسبب توقف جهاز المناعة
  • تقديم كتاب الذكرى الخمسون للحكم بردة محمود محمد طه
  • “المنصور للسيارات” تطلق أوبل موكا بلاك “سبيشل اديشين”.. الأسعار والمواصفات