تستكمل الكنيسة المصرية الأرثوذكسية، احتفالها بذكرى قيامة السيد المسيح من خلال فترة روحية تعرف بـ«الخمسين المقدسة»، وهى الأيام المنحصرة بين عيد الفصح المجيد وعيد العنصرة المقرر إقامته 23 يونيو المقبل، وتُعد رحلة ممتدة للفرحة المسيحية التى شهدت العديد من الأحداث الخالدة فى وجدان الأقباط.

وفى هذه الفترة لا يوجد صوم ولا مطانيات، وتقيم الكنيسة فى هذه الفترة احتفالات وإعلان الفرحة الروحية وتعلو الألحان الفرايحية، وتعليق الستائر البيضاء، كما تسود الورود التى تتزين بها الساحات داخلها وكثيراً ما تشهد إقامة الأفراح وتمتلئ الأجواء بالبهجة والزغاريد.

وأشار قداسة البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، فى احتفالية عيد القيامة الأحد الماضى بالكاتدرائية المرقسية فى العباسية، إلى فترة الخمسين المقدسة التى تبدأ بعيد الفصح وتعتبر كل أسبوع فيها احتفالا بـ«أحد القيامة»، قائلاً: «كأننا نحتفل بيوم طويل أحد long Sunday».

أبرز عظات البابا شنودة فى الخمسين المقدسة

ومن الكلمات المحفوظة فى قلوب الأقباط وتسترجعها الكنيسة سنوياً، هى العظة الشهيرة لمثلث الرحمات البابا شنودة الثالث، الذى تحدث فيها عن روحانيات هذه الفترة المقدسة، مشيراً إلى أنها أيام لا يوجد فيها صوم نهائياً، ولا يوجد بها مطانيات، بل أنها عبارة عن أجواء من الفرحة، وأن كلمة «مقدسة» المصحوبة لهذه الأيام لا تُنطق من فراغ بل لها معنى روحى كبير موضحاً سُبل وطرق يمكن أن يسلُكها القبطى خلال هذه الفترة حتى يستثمرها بصورة صحيحة.

وتزداد حاجة الأقباط إلى سماع كلمات معلم الأجيال فى هذه الأيام المقدسة، فقد قال مثلث الرحمات إن الخمسين المقدسة فرصة روحية كبيرة يمكن أن يسلك خلالها المسيحى طريق المعرفة ومحبة الله والصلح مع الذات، من خلال أن يبدأ بضبط النفس فى كل جوانب الحياة، وفى مقدمتها الطعام، موضحاً أن هناك من يستبيح الطعام فى كثير من الأوقات بسبب عدم وجود صوم، ولكن يجب على الإنسان أن يضبط حاجته كما يفعل أوقات الصوم حفاظاً على قوته النفسية والصحية.

ويقول قداسته «تعودوا ضبط الجسد فى أيام الخمسين المقدسة»، وكانت هذه الكلمات أولى خطوات الحفاظ على الجانب الروحى واستثمار هذه الفترة، وتحدث فيما بعد عن الخطوة الثانية وهى الروحانيات، مشيراً إلى أنها لا ترتبط بالعبادات والطقوس وأعمال الجسد فقط، ويمكن تعويض عدم وجود صوم أو مطانيات، بأشياء أعمق لكى يحتفظ الإنسان بما داخله من منابع الإيمان، مشيراً لبعض الأمثلة منها زيادة الصلوات الخاصة وقراءات المزامير وكتب سير القديسين والنسكيات، وأوصى بأهمية العمق فى الصلاة لكى يتمكن الإنسان من تحسين قلبه ونفسه ويستطيع أن يقترب إلى الله أكثر.

وأوصى البابا شنودة الثالث، فى كلماته خلال الخمسين أن يعملوا على «التدريب الروحى»، عن طريق حفظ التراتيل والمزامير والآيات بل والتأمل فيها طوال اليوم وأثناء التعامل مع الآخر وفى لحظات الصمت، موضحاً أن هذا التدريب يمكنه حفظ قلب الإنسان.

ويُضيف معلم الأقباط أنها فترة يجب على كل مسيحى أن يشغل عقله فيها بالله وأن يستشعر حضور الله فى حياته، وأن يُدرب نفسه على «لوم الذات» أمام الخطايا ويستشعر أن ما يفعله يشهده الله، وأن لوم النفس أمام الخطايا هو أنسب طريق لعلاج القلب والحفاظ عليه وهو ما ورد عن داود النبى «لَصِقَتْ بِالتُّرَابِ نَفْسِى».

وتناول مثلث الرحمات فى عظته أهداف الخمسين هى تحقيق الفرحة للنفس وأمام الله وهذا يحدث من خلال مراعاة وجوده واستشعار الملكوت، وهو تجسد لما حدث فى تلك الفترة حين كان المسيح مع التلاميذ طوال الأربعين يوماً الأولى ويروى لهم عن الملكوت.

استمرار الاحتفال بقيامة المسيح

تعتبر هذه الأيام التى تأتى بعد عيد الفصح حتى عيد العنصرة، وهى فترة الفرحة بالكنيسة وتسود فيها أجواء البهجة لذا تكثر الاحتفالات والأفراح، كما تقيم الصلوات والطقس فيها باللحن الفرايحى ولا يُصام فيها، بل يتم التذكير والاحتفال يومياً بقيامة المسيح من بين الأموات، وكأنها يوم أحد واحد يمر على سبعة أسابيع متصلة.

تقسيم الخمسين المقدسة

وتُقسم الكنيسة فترة الخمسين المقدسة إلى أربعين يوماً، تستمر حتى الاحتفالية بمناسبة عيد الصعود وهو بحسب المعتقد المسيحى ذكرى صعود المسيح إلى السماء، ثم تأتى عشرة أيام ما تحقق بعد صعوده، لذا تعرف بـ«الخمسين المقدسة»، وتضم «آحاد الخمسين» موزعة على سبعة أسابيع يحمل كل منها اسما وقصة وحدثا فريدا وخالدا بالكنيسة.

ويحمل «اليوم التاسع والثلاثون من الخمسين» طقسا مميزا حيث يتم خلالها الاحتفال يومياً بدورة القيامة فى الكنيسة فى حالة إقامة القداس الإلهى، وينتهى بدورة احتفالية تشهد صلوات رفع بخور باكر وعيد الخمسين، وفى الفترة من عيد الصعود وإلى تسعة أيام تأتى بعدها، تقام احتفالية بدورة تكون داخلها الهيكل فقط.

ترتيب آحاد الخمسين المقدسة

يقول نيافة الأنبا بنيامين مطران الأقباط الأرثوذكس بالمنوفية، فى لقاء تليفزيونى فى إحدى الفضائيات المسيحية، إن أسابيع الخمسين المقدسة تضم قصصا وأحداثا خالدة مقسمة على كل يوم «أحد»، والهدف من تلك الأيام هو الفرحة التى يجب أن يستشعر بها المسيحى من قيامة المسيح وإلا يُضيع ما قام به خلال الصوم الكبير، بل لا بد أن يحافظ على ما تعلمه من ضبط الجسد فترات الصوم بالإضافة إلى تغذية الجانب الروحى بالمداومة على القراءات والطقوس، ويضيف أن خلال «الخمسين» يركز المسيحى على الإيمان بالقيامة وهو ما تقوم به الكنيسة من ترسيخ مفهوم القيامة حتى تكون خِبرة وليس مجرد خبر أو حدث.

ويأتى فى مقدمة الآحاد «أحد توما» وهو ذكرى ظهور السيد المسيح للتلاميذ وكان معهم «توما» الذى أراد أن يتأكد من حقيقة الظهور، وبحسب المعتقد المسيحى يعرف هذا اليوم بـ«الثبات على الإيمان» ويعتبر إثبات لاهوت وقيامة المسيح.

والأحد الثانى «خبز الحياة أو الخبز الحى» وهو ما ورد فى الكتاب المقدس (يو 6: 51) «أنا هو الخبز الحى الذى نزل من السماء»، وتتحدث الكنيسة فى هذا اليوم عن تناول جسد القيامة ودم الصليب، ثم يأتى الأحد الثالث باسم «الماء الحى أو ينبوع الحياة» وتتحدث فيه الكنيسة عن عمل الروح القدس الذى يقيم الإنسان من موت الخطية.

والأحد الرابع يعرف بـ«النور الحى» يقول مطران المنوفية إن النور يرتبط بالحياة والقبر الوحيد المضىء هو قبر المسيح، الذى فج فيه النور «صباح يوم السبت» وأعلن خلاله أن نور القيامة أقوى من نور الشمس وهو ما حدث فى «سبت النور».

والأحد الخامس تُلقبه الكنيسة باسم «الإيمان الحى أو طريق الحياة» ويُعد الركيزة الأساسية لمفهوم وحقيقة القيامة، والأحد السادس هو «النصرة أو الصلاة» هذا اليوم يأتى بعد عيد الصعود وتتبعه فترة بين الصعود وحلول الروح القدس حين كانت جميع التلاميذ حاضرة للصلاة بحرارة لمدة 10 أيام، ثم يأتى الأحد السابع الأخير المعروف بـ«العنصرة» وهو ذكرى حلول الروح القدس وبدأت فيما بعد كرازة الرسل للعالم أجمع.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الكنيسة المصرية الأرثوذكسية الروح القدس الخمسين المقدسة عيد الفصح المجيد عيد القيامة البابا شنودة الخمسین المقدسة هذه الفترة وهو ما

إقرأ أيضاً:

رئيس الشيوخ: 25 ينايرِ يعيد إلى الأذهانِ ذكرى وطنية خالدة

ألقى المستشار بهاء أبو شقة وكيل الشيوخ كلمة المستشار رئيس المجلس المستشار عبد الوهاب عبد الرازق بمناسبة ذكرى 25 يناير في بداية الجلسة العامة لمجلس الشيوخ.

وقال عبد الرازق: “ يأتي الخامسُ والعشرونَ من ينايرِ كلَّ عامٍ ليعيدَ إلى الأذهانِ ذكرى وطنيةً خالدةً، تستحضرُ فيها النفوسُ ملحمةً عظيمةً سطرتها الشرطةُ المصريةُ بدماءِ أبنائها الأوفياءِ، حين واجهوا المحتلَّ الغاشمَ في عامِ ١٩٥٢ بمعركةِ الإسماعيليةِ، تلكَ المعركةُ التي أشرقتْ فيها شمسُ العزةِ على أرضِ الكرامةِ، وأثبتَ رجالُ الشرطةِ فيها أن الوطنَ هو الإرثُ الأغلى، وأن الذودَ عنه واجبٌ لا يعرفُ التراجعَ ولا يهابُ التحدياتِ”.

وتابع: “لقد جسّدتْ تضحياتُ رجالِ الشرطةِ أروعَ معاني الشجاعةِ والبذلِ، فكانتْ مدرسةً للعزةِ والوفاءِ، كتبوا فيها بدمائِهم صفحاتٍ من نورٍ في سجلِّ التاريخِ، وهم يقفونَ شامخينَ على ثغورِ الوطنِ، يذودونَ عن أمنهِ بصدورٍ مفعمةٍ بالإيمانِ، وأرواحٍ وهبتْ نفسها ليبقى هذا الوطنُ عزيزًا مصونًا”. 

وقال إن شجاعتهمْ وإيمانَهم العميقَ برسالتِهم الوطنيةِ جعلتْ من ذكراهم مشكاةً تنيرُ دروبَ الأجيالِ، وشهادةً حيةً على أن كرامةَ مصرَ وأمنَها لمْ ولنْ تكونَ يومًا محلَّ مساومةٍ أو تهاونٍ. 

وأضاف: “وهذا اليومُ المجيدُ هو يومٌ للفخرِ والاعتزازِ برجالِ الشرطةِ المصريةِ البواسلِ؛ نحتفي بهم تقديرًا لما قدموه؛ ومازالوا يقدمونهُ من تضحياتٍ وبطولاتٍ، في مكافحةِ الجريمةِ بجميعِ أشكالِها، ومواجهةِ الإرهابِ بكلِّ حزمٍ وقوةٍ، حفاظًا على أمنِ مصرَ واستقرارِها".

وقال: "وفي مقامِ الاحتفالِ بالذكرى الثالثةِ والسبعينَ لعيدِ الشرطةِ هذا العامِ، يطيبُ لي أن أتقدمَ، باسمي واسمِكم جميعًا، بأسمى آياتِ التهنئةِ وأعمقِ معاني التقديرِ إلى السيدِ اللواءِ محمودِ توفيقَ؛ وزيرِ الداخليةِ، وإلى جميعِ رجالِ الشرطةِ المصريةِ، داعينَ اللهَ عز وجل أن يوفقَهم ويسددَ خطاهمْ، وأن يتغمدَ بواسعِ رحمتهِ شهداءَ الواجبِ الأبرارِ الذين ضربوا أعظمَ الأمثلةِ في التضحيةِ والفداءِ".

 وتابع أن الروحَ الوطنيةَ الراسخةَ في شعبِنا العظيمِ لمْ تخبُ جذوتُها يومًا، بل ظلتْ دائمًا وأبدًا شعلةً مضيئةً في مواجهةِ التحدياتِ، وفي الخامسِ والعشرينَ من ينايرَ عامَ 2011، سطرَ شبابُ مصرَ المخلصونَ صفحةً جديدةً في تاريخِ الوطنِ، يومَ خرجوا إلى الميادينَ حاملينَ آمالَ الحريةِ والعدالةِ الاجتماعيةِ، طامحينَ إلى حاضرٍ أفضلَ ومستقبلٍ أكثرَ إشراقًا لمصرنا العزيزةِ”. 

وأردف: “وفي هذه المناسبةِ الجليلةِ، ونحنُ نحتفلُ بالذكرى الرابعةَ عشرةَ لثورةِ ينايرَ، أودُّ أن أؤكدَ أن شبابَ مصرَ هم نبضُ الأمةِ وحجرُ الزاويةِ في بنائِها، فهمْ بأحلامِهم وإرادتِهم يعيدونَ تشكيلَ المستقبلِ ويخطونَ طريقَ التقدمِ، وأقولُ لهمْ: يا شبابَ مصرَ؛ إن بناءَ الوطنِ يتطلبُ العزيمةَ والعملَ الدؤوبَ، فالتحدياتُ لا تُقهرُ إلا بالعلمِ والإبداعِ، والوطنُ ينتظرُ منكمْ طاقاتِكمْ المتقدةَ وعقولَكمْ المبدعةَ، فكونوا كما عهدناكمْ دائمًا، بناةَ حضارةٍ ورمزَ فخرٍ للأممِ كافةً، وكلَّ عامٍ وأنتم قلبُ مصرَ النابضُ، وعنوانُ تطورِها وازدهارِها، وكلَّ عامٍ ومصرنا الغاليةُ في أمنٍ واستقرارٍ ورخاء”.

 واختتم: "باسمي واسمِكم جميعًا، أتقدمُ بخالصِ التهنئةِ وأطيبِ الأمنياتِ إلى فخامةِ السيدِ الرئيسِ عبدِ الفتاحِ السيسيِّ، بمناسبةِ هذا اليومِ الوطنيِّ العظيمِ، داعينَ اللهَ عز وجل أن يحفظَه ذخرًا لمصرِنا الحبيبةِ، وأن يسددَ خطاه على طريقِ الحقِّ والخيرِ. و اختتم حفظكمُ اللهُ جميعًا، وحفظَ مصرَنا الغاليةَ، إنه نعمَ المولى ونعمَ النصيرُ. والسلامُ عليكم ورحمةُ الله وبركاتُه".

مقالات مشابهة

  • أنواع خطيرة من الصداع لا يجب تجاهلها بعد سن الخمسين
  • " لا تقربيه ولو كان آخر رجال العالم".. رواية للكاتبة الفلسطينية وجدان شتيوي
  • بالفيديو.. الإفراج عن الأسيرة القيادية الفلسطينية «خالدة جرارة»
  • رئيس الشيوخ: 25 ينايرِ يعيد إلى الأذهانِ ذكرى وطنية خالدة
  • "أرواح في المدينة" تواصل إحياء الذكرى الخمسين لرحيل كوكب الشرق بأوبرا الإسكندرية
  • لوكاكو يهدي «الخمسين» إلى نابولي
  • عالم أزهري: حقوق العباد أول ما يُسأل عنه المسلم يوم القيامة بعد الفرائض
  • الكنيسة تحتفل بعيد الغطاس وتحيي ذكرى معمودية المسيح في نهر الأردن
  • تعميد المسيح في نهر الأردن "لماذا نهر الأردن"؟
  • لإحياء ذكرى معمودية السيد المسيح .. الكنيسة تحتفل بعيد الغطاس | تعرف عليه