الجزيرة:
2025-03-09@17:05:09 GMT

معركة قوصوة كوسوفو الأولى

تاريخ النشر: 1st, August 2023 GMT

معركة قوصوة كوسوفو الأولى

معركة "قوصوة".. من المعارك الحاسمة في التاريخ العثماني والإسلامي وتاريخ أوروبا، وقعت عام 1389 ميلادي في سهل قوصوة (كوسوفو) بين الجيش العثماني وحلفائه بقيادة السلطان مراد الأول، وبين حشود التحالف البلقاني من الصرب والبلغار والبوسنة وإمارة الأفلاق وبولندا والألبان بقيادة "لازار" ملك الصرب.

انتهت المعركة بانتصار ساحق للعثمانيين، ومهدت لهم الطريق للتوسع في أوروبا، ومد سيطرتهم لقرون على شبه جزيرة البلقان.

وأصبحت هذه المعركة جزءا من الذاكرة الجمعية في التراث الشعبي لدى الصرب والألبان والأتراك والبلغار واليونان، وظهرت الكثير من الملاحم والأغاني الشعبية التقليدية التي ترتكز حولها وتسرد تفاصيلها.

الأسباب

سعت الدولة العثمانية منذ بداياتها للتوسع غربا والدخول إلى القارة الأوروبية، ولما تولى السلطان مراد الأول الخلافة عام 1360 ميلادي نهج نهجا مدروسا للتوسع، مع استغلاله ضعف الإمبراطورية البيزنطية شرقي أوروبا، نتيجة انشغالها في خلافاتها الداخلية بين حكام البلقان.

وبدأ السلطان مراد الأول توسعه بالسيطرة على مدينة أدرنة البيزنطية والواقعة في الجانب الأوروبي عام 1361 ميلادي، وخلال سنوات عدة أصبحت أدرنة هي العاصمة الجديدة للدولة العثمانية.

تمكنت القوات العثمانية بعدها من التوغل باتجاه الغرب والقضاء على جيش الملك فوكاشين في معركة "ماريتزا"، والسيطرة على معظم مقدونيا عام 1371 ميلادي، كما وصلت إلى وسط ألبانيا عام 1382 ميلادي، وأخضعت الأمير كارل ثوبيا الذي تحول تابعا للدولة العثمانية، ثم توغل العثمانيون في ألبانيا وانتصروا في معركة "سافرا" عام 1385 ميلادي، والتي انتهت بإخضاع أمرائها.

سيطر العثمانيون على العديد من الأراضي والحصون المتاخمة والمجاورة لصربيا وبلغاريا واحتلوا نيس التابعة للصرب، وعقد السلطان معاهدة مع ملك الصرب وأمير البلغار التزما بموجبها بدفع جزية سنوية للدولة العثمانية.

وقد نجم عن دخول العثمانيين إلى شبه جزيرة البلقان وتوغلهم فيها وانتشار الإسلام على أيديهم في تلك المنطقة حدوث موجة من الذعر اجتاحت أوروبا خوفا من هذه القوة الإسلامية المتعاظمة.

وقد أقلق استمرار التوسع العثماني الأمير الصربي لازار هربليانوفيتش الذي كان أقوى أمراء الصرب، فعقد تحالفات وجهز الجيوش، وقام بالهجوم على العثمانيين الذين كان يقودهم تيمور طاش في البلقان عام 1387 ميلادي، وانتصر عليهم في معركة "بلوشنك"، وهُزم العثمانيون هزيمة ساحقة وأجبروا على التقهقر والتخلي عن الأراضي التي كانوا قد ضموها في جنوب صربيا، وامتنعت الممالك والإمارات في شبه جزيرة البلقان عن دفع الجزية التي كانوا تصالحوا عليها مع الدولة العثمانية.

تلك الأسباب حرّضت السلطان مراد الأول، فقرر الرد على الهزيمة وإعادة السيطرة على الأراضي شرق أوروبا التي انتزعت من دولته بعد الهزيمة.

بالمقابل، شكل انتصار ملك الصرب لازار في معركة "بلوشنك" أملا لبقية الإمارات والممالك الأوروبية، وهكذا بدأ التحالف يتسع وينضم إليه أعضاء جدد للوقوف في وجه الزحف العثماني، والعمل على إخراج العثمانيين نهائيا من البلقان.

السلطان مراد الأول قتل بعد انتهاء معركة "قوصوة" على يد أسير صربي (غيتي) سير المعركة

أرسل السلطان مراد إلى جميع أبنائه وقادته ووزرائه بالتخفيف من الجبهة الشرقية، وتجميع الجيوش والتحضير للمسير نحو أوروبا لقتال الصرب، وسارت الجيوش العثمانية من أدرنة باتجاه صربيا، وقاد السلطان الجيش العثماني بنفسه، ورافقه ابناه بايزيد ويعقوب وأشهر قادته، وانضم إليهم العديد من القادة المحليين وأمراء الأناضول وحلفاؤهم من أمراء البلغار المسيحيين الذين أعلنوا ولاءهم للدولة العثمانية، مثل ماركو كراليفتش من مقدونيا وقسطنطين ديانوفيتش من بلغاريا.

وفي الجانب الآخر، احتشد الصرب والبلغار والبوسنة وإمارة الأفلاق وبولندا وبعض الألبان الذين كانوا قد قبلوا السيادة العثمانية سابقا تحت قيادة لازار ملك الصرب، وخرج معه صهره فوك برانكوفيتش وفلاتكو فوكوفيتش المبعوث على رأس جيش البوسنة من قبل ملكها تفرتكو الأول ومركيا أمير الأفلاق وجورج كاستريوتا أحد أمراء ألبانيا.

وتغيب التفاصيل الدقيقة عن أعداد الجيشين، وغالبا ما يُبالغ في عدد الجنود، فبينما يرى بعض المؤرخين أن عدد الجيشين كان متقاربا ويقدر بما يزيد قليلا على 30 ألف مقاتل لكل من الجانبين أوصل بعضهم عدد جيش البلقان إلى 100 ألف مقاتل، مقابل 60 ألف مقاتل من العثمانيين.

وقد زحف الصرب وحلفاؤهم من الشمال، وعسكروا بجيوشهم الجرارة في سهل كوسوفا إلى الشمال من مدينة "بريشتينا" واحتلوا أفضل التلال المشرفة على الميدان، وكان الجيش العثماني قد أكمل استعداداته فزحف بدوره من الجنوب على وجه السرعة.

والتقى الجيشان في سهل "كوسوفو" أو "قوصوة" كما كان يسميه العثمانيون، بالقرب من مدينة بريشتينا في قلب البلقان، حيث وقعت معركة "قوصوة" (كوسوفو الأولى) والتي استمرت ليوم واحد منذ ساعات الصباح وحتى غروب الشمس، وقيل إن ذلك كان في 15 يونيو/حزيران 1389 ميلادي، فيما تشير بعض المصادر إلى أن وقوعها يتزامن مع 28 من الشهر نفسه.

وتمركز السلطان في القلب، وقاد الميمنة ابنه بايزيد الصاعقة، وقاد الميسرة ابنه يعقوب، ودُعِم الجناحان بالنبالة والرماة في خط المواجهة، فيما تمركزت المدفعية العثمانية أمام القلب، وفي الجانب الآخر استقر الصرب مع لازار في وسط جيش البلقان، وفوك برانكوفيتش في الميمنة، وجنود الملك البوسني تفرتكو في الميسرة.

وكانت كفة المعركة في بدايتها قد رجحت لصالح الجيش البلقاني، حيث بقي الجيش العثماني في وضع الدفاع في ساحة المعركة، وكان الجيش الصربي المشترك مع قوة سلاح الفرسان قد نفّذ الهجوم.

السلطان بايزيد الأول وهو السلطان الرابع للدولة العثمانية وابن السلطان مراد الأول (غيتي)

وبعدما بدأ الجيش الصربي هجومه القوي استطاعت المقدمة العثمانية امتصاص هذا الهجوم مدعومة بالنبّالة، ثم انطلق الفرسان الصربيون من الميمنة نحو معسكر المسلمين ودار القتال العنيف بين ميسرة المسلمين وميمنة الصرب وظهر تفوق قوات برانكوفيتش على قوات يعقوب.

وانطلق لازار لما رأى تفوق قوات برانكوفيتش وأراد الإجهاز على العثمانيين قبل أن يتمكنوا من التعافي، فأمر السلطان بايزيد الصاعقة بالإسراع لصد تقدم الصربي، فانخرط في قتال ضار مع البوسنيين على الميمنة، وألحق بهم خسائر ضخمة.

ولم يثبت البوسنيون أمام هجمات بايزيد، فقرروا أن يلتحقوا بالقلب الذي كان يتلقى الضربات العثمانية ويتراجع إلى الخلف، ثم تواجه السلطان مراد وملك الصرب لازار الذي فشل في إحراز التفوق الذي أحرزه برانكوفيتش.

وتمكن العثمانيون في الميسرة من صد هجوم برانكوفيتش، وانقلبت الموازين لصالحهم، وحلّت الفوضى في صفوف الصرب ودبّ الهلع عند قادتهم، ففر القائد البوسني من الميدان مع جنوده، كما فر صهر الملك لازار (فوك برانكوفيتش) ومعه 10 آلاف فارس.

ولم يتمكن الملك الصربي لازار من الفرار، بل أطبق عليه العثمانيون الحصار وأوقعوه أسيرا، ثم قتل لاحقا بعد انتهاء المعركة.

لكن فرحة النصر تعكرت، فبينما السلطان مراد يسير في أرض المعركة وقد خُفف الاحتراز الأمني بعد النصر اقترب منه أحد الجنود الصرب، ويدعى ميلوش أوبيليتش، وكان يدّعي رغبته في إعلان إسلامه، فعاجل السلطان بطعنات من خنجره فارق الحياة على إثرها بعد وقت قصير.

وتذكر بعض الروايات أن الجندي الصربي إنما كان جريحا، فأظهر أنه ميت حتى اقترب منه السلطان فباغته وأقدم على طعنه.

وتميل المصادر الصربية وغيرها من المصادر الغربية إلى النظر إلى الحادث على أنه هجوم مخطط له مع سبق الإصرار خططت له "مجموعة نبيلة" من الحراس من الجيش البلقاني.

السلطان بايزيد الملقب بالصاعقة ساهم في قلب موازين المعركة عقب ملاحظته للأمير لازار متجها نحو قلب المعركة (غيتي) نتائج المعركة

انتهت المعركة بانتصار تاريخي للمسلمين وبمقتل الملك الصربي "لازار"، لكنها في الوقت ذاته انتهت بموت السلطان العثماني الذي قاد جيشه للنصر.

وكان من نتائجها كسر شوكة الدول المنافسة للدولة العثمانية في شرق أوروبا، فقد اضطرت العديد من الدول الأوروبية إلى كسب ود العثمانيين، وبادرت بعضها إلى دفع الجزية وأعلن البعض الآخر ولاءه.

وعُدّت معركة "قوصوة" أول انتصار ساحق للعثمانيين في أوروبا، وكانت بداية توغلهم في صربيا، الأمر الذي مهد الطريق لتوسعهم في القارة وفتح الباب أمام السلطان بايزيد الصاعقة ليقضي على المقاومة المجرية، وكانت مقدمة لترسيخ حكم العثمانيين للبلقان الذي دام عدة قرون.

كما أفسح انتصار العثمانيين وامتداد نفوذهم المجال واسعا لانتشار الإسلام في منطقة البلقان، وظلت معظم شعوب المنطقة على دينها باستثناء الألبان والبشناق الذين تحولوا إلى الإسلام بالكامل، ولعبوا في ما بعد أدوارا سياسية وعسكرية مهمة ومركزية في الدولة العثمانية، وشاركوا في حروبها وفتوحاتها اللاحقة حتى وصلت جيوشها إلى بلغراد وفتحتها.

وظلت قوصوة (كوسوفو) حاضرة الألبان المسلمين لقرون عدة، وأصبحت خط الدفاع الأول للدولة العثمانية في أوروبا ثم مركزا للجيش العثماني الثالث، وكذلك أمدت الدولة العثمانية بالعديد من القادة البارعين، منهم القائد حامد باشا الأرناؤوط، وأحمد بك الأرناؤوط.

وفي بعض المصادر الصربية توصف هذه المعركة بأنها انتصار صربي عظيم، وحتى في الأدب الصربي الحديث يظهر هذا الادعاء بوضوح، ومنهم من يبدو أكثر حذرا فيرى أن المعركة انتهت بخسائر فادحة للجانبين، ولكن لا غالب ولا مغلوب.

أما المؤرخ الصربي راده ميخالتيتش فيميل إلى أن كلا الطرفين مني بخسائر كبيرة، ولكن المحصلة النهائية للمعركة جاءت لصالح الجهة الأقوى وهي الدولة العثمانية التي كانت تمثل قوة إقليمية لا يمكن أن تقارن بها صربيا آنذاك.

صربي يحمل نقشا بارزا للأمير لازار أثناء تجمع مقاتلين صربيين سابقين من حروب البلقان (الفرنسية) تخليدها في الذاكرة الشعبية

يلف المعركة الكثير من الغموض وتتضارب الروايات حول بدايتها وأحداثها ونتائجها، حيث أصبحت تمثل أسطورة للمشاركين فيها كافة، ومجرياتها تركت لاحقا للمخيلة الشعرية، والرغبة في توظيفها حسب السياق التاريخي والسياسي للأطراف المختلفة، حيث استخدمت أولا رمزا للصراع بين الإسلام والمسيحية، ثم أصبحت رمزا للأيديولوجية القومية الصاعدة في القرن الـ19 والمتجددة في نهاية القرن الـ20.

وغدت المعركة جزءا من الذاكرة الجمعية في التراث الشعبي لدى الصرب والألبان والأتراك والبلغار واليونان، وظهرت الكثير من الملاحم والأغاني الشعبية التقليدية التي ترتكز حولها وتسرد تفاصيلها، وكان لتحوّل تلك الأساطير والملاحم إلى تراث غنائي موسيقي دور كبير في الحفاظ عليه والإبقاء على روح المعركة حية حتى بعد مرور أكثر من 6 قرون.

ومما يُذكر ارتباطه بهذه المعركة أن العلم العثماني أو التركي استمد لونه الأحمر تيمنا بدماء الشهداء التي سالت جراء معركة كوسوفو، حيث عزا بعض المؤرخين بداية ظهوره إلى الأسطورة الشهيرة التي تحكي انعكاس القمر على دماء الشهداء بعد معركة كوسوفو، والتي كانت مثل بحيرة، فمن هنا جاء اللون الأحمر ومعه الهلال قبل أن تضاف إليه النجمة لاحقا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الدولة العثمانیة فی معرکة

إقرأ أيضاً:

عادات وتقاليد رمضان بالقاهرة في العصر المملوكي

يُعتبر العصر المملوكي في مصر (1249: 1517) من أزهى العهود التي شهدت إحياء سلاطين المماليك للفنون والعمارة وحب العلم والعلماء والميل إلى التقوى والورع وحب الخير والتقرب إلى الله بكثرة الأعمال الخيِّرة كبناء المساجد والمآذن ودور العلم والزوايا والأضرحة وأماكن تناول الطعام للفقراء «الخنقاة»، والمشافي والمصحات. وأظهروا كذلك ذوقًا رفيعًا في العمارة والتحف والفنون بكل أشكالها تفوقوا فيها على الدول الأوروبية، ولهذا يُعَد عصر المماليك من أمتع العصور في تاريخ مصر لما اتصف به من الغرائب واحتوى عليه من المتناقضات.

وفي عهد المماليك بلغتِ العناية بالاحتفال بشهر رمضان حدًّا لا يُوصف تفوقوا فيه على مَن سبقهم وجاء بعدهم بسبب كثرة العادات والتقاليد المرتبطة بالشهر الكريم حتى كانت ليالي رمضان غاية في الأبهة والفخامة. وقد وُصفت مصر في عهدهم بسحر الشرق، لأنه كان عصر العلم والفن والأدب، بل عصر التدين لاهتمام سلاطين المماليك ومنهم قايتباي وبيبرس وبرقوق وقنصوه الغوري وأبو الدهب وغيرهم من السلاطين والأمراء والموسرين بالاحتفال بالمناسبات والأعياد الدينية. وتدل العمارة التي تركوها على عظمة هذا الفن وذوقه الرفيع في حينه، وقد اهتم المماليك بالمظاهر الاجتماعية وعرفوا حياة الترف والنعيم والبذخ حتى جاءت احتفالاتهم بمظاهر رائعة وبخاصة في شهر رمضان كاستطلاع الهلال عندما كان يجتمع الفقهاء من خلال منارة مدرسة المنصور قلاوون بالنحاسين وعند ثبوت الهلال يعودون مع المقربين من أصحاب المهن والطوائف حاملين الفوانيس والشموع التي تتزين بها القاهرة بأزهى أنواع الزينات ثم تُعلن الطوائف الصيام، وبعدها يجلس السلطان في الميدان تحت القلعة ويتقدم إليه القضاة الأربعة الحنفية والشافعية والمالكية والحنابلة وكبار رجال الدولة لتهنئته بدخول شهر رمضان.

وقد ارتبط شهر رمضان في عهد المماليك بالكثير من المظاهر الاحتفالية ومنها إقامة المراسم الدينية وإحياء الليالي في الأضرحة ولدى الأولياء وإقامة ليالي السهر وانتشار التزاور بين الناس وانتشار الأطعمة المميزة التي كانوا يُعِدونها لهذا الشهر كالكنافة والقطايف، وكانتِ الحلوى الرمضانية تباع بأنواعها المختلفة في سوق الحلاوين، وتباع الشموع في سوق الشماعين، وإعداد السحور ومدفع الإفطار ورؤية الهلال والاحتفال الخاص بليلة القدر التي كان يقام لها احتفال كبير يحضره السلطان أو الوالي والقضاة والعلماء ومشايخ وطلاب الأزهر ويتم خلالها توزيع الجوائز. ويُؤْثر عنهم أنهم أول مَن فكر في قراءة صحيح البخاري من اليوم الأول في رمضان بالجامع الأزهر ويتم ختمه في العشر الأواخر من الشهر الكريم أو في ليلة العيد يحضره السلطان والقضاة الأربعة ويتم توزيع الخلع والهبات على العلماء والفقهاء وطلبة الأزهر والأيتام والأرامل والمرضى والمهاجرين.

ويقال أيضًا إنهم أول من رصدوا في حجج أوقافهم العقارات والأطيان الزراعية وخصصوا من ريعها جزءًا للصرف منه في شهر رمضان على وجوه البر والإحسان وتعمير المساجد ولإقامة الشعائر الدينية ومساعدة الفقراء والأرامل والأيتام، ثم جزءًا آخر للأئمة وخطباء المساجد وطلبة العلم ومشايخ التصوف. كما اعتاد سلاطين المماليك إعتاق ثلاثين عبدًا في رمضان، وكانوا أول مَنِ استخدم المشكاوات التي تميزت بالفن والثراء الزخرفي الذي لا يضاهيه فن في الإضاءة ليلاً وبخاصة إضاءة المساجد طوال ليالي شهر رمضان، وقد اشتُق اسم مشكاة من القرآن الكريم. وخلال الشهر الكريم عبر عهود المماليك كانت تُقدَّم كميات كبيرة من الأطعمة والمأكولات المختلفة وتقدم إلى الشعب كالدقيق والسكر والياميش والذبائح التي كان يتم توزيع معظمها على الفقراء والمساكين، وكانت تنتشر خلال الشهر الكريم أيضًا الأسمطة وموائد الرحمن أمام المساجد وفي بيوت الأمراء من أجل الفقراء. ومن أشهر السلاطين الذين ضربوا مثالاً في الخير وحب الإنفاق السلطان بيبرس والسلطان برقوق الذي كان ميَّالاً للبر والإنفاق ويوزع الذبائح على الفقراء والمحتاجين، وقد بلغت كمية السكر التي قُدمت من جانب السلطان محمد ابن قلاوون سنة 775 هجرية 3000 قنطارًا تم توزيعها على الفقراء والمحتاجين ليصبح المماليك (ورثة الدولة الأيوبية ومن قبلها الفاطمية) أشهر مَن أدخل الكثير من المظاهر الاحتفالية للمناسبات الدينية في مصر وبخاصة في شهر رمضان، ظل الكثير منها باقيًّا في مصر وبخاصة في القاهرة وأحيائها التراثية والشعبية إلى يومنا هذا.

مقالات مشابهة

  • أرسنال يريد الانتقام من «اليونايتد» بعد «المعركة الأخيرة»!
  • عادات وتقاليد رمضان بالقاهرة في العصر المملوكي
  • منتصف العام المقبل .. بدء تسليم الوحدات السكنية بمدينة السلطان هيثم
  • خلال أسبوعين.. جاهزية أول ڤيلا بحي الوفاء بمدينة السلطان هيثم
  • خلال أسبوعين.. جاهزية أول ڤيلا بحي الوفاء بمدينة السلطان هيثم.. عاجل
  • مستشار رئيس وزراء فلسطين الأسبق: المقاومة الفلسطينية لم تُحسن إدارة المعركة
  • مستشار رئيس وزراء فلسطين الأسبق: المقاومة لم تُحسن إدارة المعركة
  • قشلة كركوك.. من معسكر للقوات العثمانية إلى معلم سياحي (صور)
  • كيف غيرت طائرات الكاميكازي المسيرة ساحة المعركة الأوكرانية؟
  • انتخابات العراق.. معركة شرسة تخلو من شرف الخصومة