عربي21:
2024-09-19@15:26:26 GMT

بين التكوين والتهوين والتكوير

تاريخ النشر: 12th, May 2024 GMT

منذ الإعلان عن تدشين مؤسسة تكوين الفكر العربي المعروفة اختصارا بـ"مركز تكوين" والجدل حول المركز ومجلس الأمناء فيه، وأفكارهم والأهداف التي من أجلها أسس المركز، لم يتوقف، بل ووصل الحال إلى المطالبة بإغلاق المؤسسة، بشكوى قُدمت للنائب العام المصري، بدعوى تشكيك المركز والقائمين عليها في ثوابت الدين الإسلامي ونشره للفتنة في العالم العربي والإسلامي.



قالت العرب اسمع مني ولا تسمع عني، فربما أكون بعينك جنة، وبعين أحدهم نارا، فتحرقك نار القيل والقال. يعرّف مركز تكوين نفسه بأنه "مؤسسة تعمل على تطوير خطاب التسامح وفتح آفاق الحوار والتحفيز على المراجعة النقدية وطرح الأسئلة حول المسلّمات الفكرية، وإعادة النظر في الثغرات التي حالت دون تحقيق المشروع النهضوي الذي انطلق منذ قرنين".. وهل يختلف اثنان على هذه الأهداف التي وافقت صحيح الإسلام، لذا فلماذا هذه الزوبعة التي وصلت لدخول الأزهر الشريف على الخط؟!

بداية عزيزي القارئ، علينا أن نتفق، وبعيدا عن "الترند" والصياح الأجوف، أن علينا أن نحاور الفكرة، ولا دخل لنا بالمفكر، فكل ما حرّك تلك الزوبعة، إنما هؤلاء الأشخاص الذين تصدروا المشهد، وتلك الصورة الشهيرة لهم مع زجاجة الخمر، مع ذلك فعلينا أن نناقش الفكرة والأهداف التي وضعها المركز ليحققها، والمنهج الذي اختاره لتنفيذ هذه الأهداف. فأبو نواس الذي امتلك ثقافة فكرية متنوعة، متناقضة ومتمردة على ما ساد في زمنه من تقاليد وثوابت اجتماعية، ودعوته إلى الانعتاق من كل ما يرفضه العقل، في الوقت نفسه كان محافظا على الصياغة الأصيلة للغة العربية، فقال عنه الإمام الشافعي "لولا مجون أبي نواس لأخذت عنه العلم". أي علم يا شافعي؟ المفهوم هو علم اللغة وطريقة التفكير، ولا غير.

في أهداف مركز تكوين، حديث عن تحقيق المشروع النهضوي الذي انطلق منذ قرنين، وهنا مربط الفرس ومناط الاختلاف مع الفكرة، أي مشروع نهضوي بدأ منذ قرنين؟ هو مشروع التغريب الذي أراده لنا المحتل، الذي انبهر به من سافر في بعثات للغرب لنقل الحضارة، فنقلت معها فيروس الغزو الفكري والتقليد الأعمى للحضارة السائدة، فظن العوام أن تقليد الملبس ونمط الحياة هما الحضارة، وأن تبني الأفكار الفلسفية أو السياسية هو التنوير بعينه، دون مراعاة الخصوصية الحضارية والدينية لمجتمعاتنا، وعليه فكانت تلك البعثات حصان طروادة التي بها استطاع المحتل غزو بلادنا فكريا قبل أن يطأها عسكريا.

لقد عرف المحتل أن أهم ما يميز أي شعب ويجعله متماسكا؛ هي القيم، أيا كانت هذه القيم، ويبدأ الغزو الفكري، ويعمل على أن يتغلغل في المجتمع فيقع الأفراد ضحية هذا الغزو، وينقادون له فتصبح الأمة مسيطرا عليها فكريا. وغالبا يستهدف هذا الغزو أمة الإسلام، من خلال وكلاء المحتل، سعيا لتحقيق انسلاخا كاملا لأبنائها عن عقيدتها، الحديث عن تطوير خطاب التسامح، الذي يتحدث عنه مركز تكوين، والمقصود به بالطبع خطاب الدين، المفكرون المتخصصون في الشريعة والعقيدة وعلم الحديث والأصول والمصطلح والدعوة والأصول وعلم الكلام وعلم اللغة؛ أولى به ممن يرون في أنفسهم أنهم تنويريون، وهم في الحقيقة ظلاميون، يظلمون أنفسهم بالحديث فيما لا يفقهونهوذلك لأن هذه الأمة بما تحمل من فكر وعقيدة، قادرة على إخراج الناس من جور الحكام إلى عدل الإسلام، ومن عبادة الشهوات، وما يتبعها من استعباد الأفراد لتحقيق مكاسب مادية نفعية، إلى تشاركية سمحة تحترم إنسانية الإنسان وكرامته، وترى فيه الحاجات والرغبات المادية التي يجب أن تُشبع، كما ترى فيه الروحانيات التي يجب أن تُرضى.

في عام 1835 وفي محضر حول التعليم الهندي، انتقد السياسي البريطاني، توماس ماكاولي، اللغات الهندية جزئيا، بسبب افتقارها إلى المصطلحات العلمية، وادعى أن لغات مثل اللغتين السنسكريتية والعربية هي لغات "قاحلة وخالية من المعرفة المفيدة"، و"مليئة بالخرافات الوحشية" وتنطوي على "تاريخ مضلل، وعلم فلك خاطئ، وطب زائف"، على الرغم من أن هذه الحضارات هي التي بنى عليها علماء بلاده الحضارة التي بها احتلوا أراضينا، وتقبلتها ثقافة المنهزم، لأن المنهزم لم يقدم خلال فترة نهوض الحضارة الغربية، ما به ينافح عن حضارته وتاريخها.

إن الحديث عن تطوير خطاب التسامح، الذي يتحدث عنه مركز تكوين، والمقصود به بالطبع خطاب الدين، المفكرون المتخصصون في الشريعة والعقيدة وعلم الحديث والأصول والمصطلح والدعوة والأصول وعلم الكلام وعلم اللغة؛ أولى به ممن يرون في أنفسهم أنهم تنويريون، وهم في الحقيقة ظلاميون، يظلمون أنفسهم بالحديث فيما لا يفقهونه، فما هم بأصحاب فنٍ كي يقحموا أنفسهم في هذا المجال.

وحديث مركز تكوين عن فتح آفاق الحوار والتحفيز على المراجعة النقدية، هو واجب يدفعنا إليه الدين دفعا، وفي السنّة مواقف أقرها النبي صلى الله عليه وسلم تؤكد على هذا السلوك، ثم إنَّ حديث المركز عن وجوب طرح الأسئلة حول المسلّمات الفكرية، هو منهج قرآني لا يستقيم إسلام المسلم إلا بانتهاجه، لكن من له الحق في الإجابة على التساؤلات ومن له صلاحية رسم هذا المنهج وتعليم الناس وتدريبهم على انتهاجه، هم العلماء.

ما حدث في مصر من تدشين مركز تكوين يجد له مثيلا في بعض الدول العربية، ما يعني أن هناك من يحيك لهذه الأمة أمرا
إن تهوين العلماء من شأن الدعوات التي تتخذ من العناوين الشرعية وسيلة لتضليل الناس وحرفهم عن دينهم، بدعوة إعمال العقل، وهم رجال ونحن رجال، هو خطر عظيم لا يمكن تمريره، فانحراف الزاوية وسقوط البنيان يبدأ بمليمتر، ولو أن الله حافظ دينه، فإن الانهيار يكون للمجتمعات لا للدين، فإذا ما كان أعضاء مجلس الأمناء لمركز تكوين قد عُرف عنهم الشطط حتى إنَّ بعضهم أنكر معلوما من الدين بالضرورة وآخر استهزأ بآيات من القرآن، فما بالنا إذا كان الحديث عن الآخرة، وكيف بهم من تفسير سورة التكوير، إذا لم يجدوا من العلم ما يمكن قبول ما جاء في السورة عندهم.

ما حدث في مصر من تدشين مركز تكوين يجد له مثيلا في بعض الدول العربية، ما يعني أن هناك من يحيك لهذه الأمة أمرا. وأعود وأكرر بأنه ما كان لهؤلاء أن يتحركوا متخفين تحت منهج الإسلام الذي يدعو لإعمال العقل والتجديد والحداثة إلا لعوار في أداء المؤسسات المعنية، ولا أعني هنا المؤسسات الدينية الحكومية، ولكن لمؤسسات العمل الدعوي الأهلي، فيما يندرج تحت مظلة المجتمع المدني، ورصد الحالة الفكرية وتقديم الرؤى الشرعية لها، وتنوير المجتمع وتحصينه ضد فيروسات التغريب وسلخه من هويته الإسلامية العربية، فقد بات الأمر واجب وقت وثغرة يجب سدها دون الاستهانة، فأصحاب المخطط يعملون على خطط طويلة أمد، وتؤثر بمرور الزمن.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفكر المصري مركز تكوين مصر النهضة الاسلام العلمانية الفكر مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مرکز تکوین

إقرأ أيضاً:

علماء يكتشفون آلية توقف تكوين نجوم جديدة في المجرات القديمة

المناطق_متابعات

اكتشف تلسكوب «جيمس ويب» الفضائي، أول دليل على أن الانبعاثات الناجمة عن الثقوب السوداء فائقة الكتلة الواقعة في المجرات القديمة تحمل كميات كبيرة من الغاز البارد إلى الوسط بين المجرات، وهو أمر ضروري لتكوين نجوم جديدة، حسب موقع «روسيا اليوم».

وأوضح العلماء من فريق التلسكوب، لماذا يؤدي النشاط العالي للثقوب السوداء إلى التوقف التام لعملية تكوين النجوم الجديدة، وفق ما أفادت به الخدمة الصحفية لجامعة «كامبريدج» البريطانية.

أخبار قد تهمك مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى مجدداً 18 سبتمبر 2024 - 4:36 مساءً الكونغو الديمقراطية تعلن تسجيل ستة آلاف حالة إصابة بجدري القرود منذ بداية العام الحالي 18 سبتمبر 2024 - 4:33 مساءً

وقال روبيرتو مايولينو الأستاذ في جامعة «كامبريدج»: «لقد افترضنا منذ فترة طويلة أن الثقوب السوداء لها تأثير كبير على مظهر المجرات، وأنها تلعب دورا مهما في وقف عملية تكوين النجوم، ولكن قبل إجراء تلك الدراسات مع (جيمس ويب) لم نتمكن من تأكيد هذه الفرضية بشكل مباشر، وكان هذا الاكتشاف بمثابة تأكيد آخر على أن إطلاق (جيمس ويب) جاء قفزة كبيرة في دراسة الكون المبكر وتطوره».

وتوصل العلماء إلى هذا الاستنتاج بعد تحليل البيانات التي جمعها تلسكوب «جيمس ويب» المداري الأمريكي أثناء رصد المجرة القديمة الكبيرة GS-10578 الواقعة في كوكبة (فورناكس) على مسافة 11.7 مليار سنة ضوئية.

وأظهرت الدراسات التي تم إجراؤها بمساعدة «جيمس ويب» أن عمليات تكوين النجوم في مجرة «GS-10578» قد توقفت بالفعل، حيث تلعب الانبعاثات الصادرة عن الثقب الأسود الهائل في مركزه دوراً رئيساً في ذلك.

ونتيجة لذلك، فقدت المجرة «GS-10578» أكثر من 90% من احتياطياتها الأصلية من الغاز البارد وتوقفت عملية تكوين النجوم بشكل كامل تقريباً في وقت قصير جداً.

ويشير علماء الفلك إلى أن عملية تكوين النجوم الجديدة توقفت بطريقة مماثلة في حوالي نصف المجرات القريبة منا، حيث لا توجد احتياطيات كبيرة من التراكمات الباردة من الغاز والغبار.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط 18 سبتمبر 2024 - 4:37 مساءً شاركها فيسبوك ‫X لينكدإن ماسنجر ماسنجر أقرأ التالي أبرز المواد18 سبتمبر 2024 - 4:19 مساءً“الغطاء النباتي” يوقع مذكرة تفاهم مع “روشن” لتعزيز المساهمات البيئية وزيادة الغطاء النباتي أبرز المواد18 سبتمبر 2024 - 4:07 مساءًمؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق مرتفعًا عند مستوى 11920 نقطة أبرز المواد18 سبتمبر 2024 - 4:04 مساءًهيئة الأفلام تطلق ملتقيات النقد السينمائي لعام 2024 أبرز المواد18 سبتمبر 2024 - 3:59 مساءًاللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية والإسلامية المشتركة غير العادية بشأن التطورات في قطاع غزة تعقد اجتماعاً تنسيقياً في الأردن أبرز المواد18 سبتمبر 2024 - 3:54 مساءًملك الأردن يستقبل وفد اللجنة الوزارية العربية الإسلامية المكلفة بالتحرك الدولي لوقف الحرب على غزة18 سبتمبر 2024 - 4:19 مساءً“الغطاء النباتي” يوقع مذكرة تفاهم مع “روشن” لتعزيز المساهمات البيئية وزيادة الغطاء النباتي18 سبتمبر 2024 - 4:07 مساءًمؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق مرتفعًا عند مستوى 11920 نقطة18 سبتمبر 2024 - 4:04 مساءًهيئة الأفلام تطلق ملتقيات النقد السينمائي لعام 202418 سبتمبر 2024 - 3:59 مساءًاللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية والإسلامية المشتركة غير العادية بشأن التطورات في قطاع غزة تعقد اجتماعاً تنسيقياً في الأردن18 سبتمبر 2024 - 3:54 مساءًملك الأردن يستقبل وفد اللجنة الوزارية العربية الإسلامية المكلفة بالتحرك الدولي لوقف الحرب على غزة مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى مجدداً مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى مجدداً تابعنا على تويتـــــرTweets by AlMnatiq تابعنا على فيسبوك تابعنا على فيسبوكالأكثر مشاهدة الفوائد الاجتماعية للإسكان التعاوني 4 أغسطس 2022 - 11:10 مساءً بث مباشر مباراة الهلال وريال مدريد بكأس العالم للأندية 11 فبراير 2023 - 1:45 مساءً اليوم.. “حساب المواطن” يبدأ في صرف مستحقات المستفيدين من الدعم لدفعة يناير الجاري 10 يناير 2023 - 8:12 صباحًا جميع الحقوق محفوظة لجوال وصحيفة المناطق © حقوق النشر 2024   |   تطوير سيكيور هوست | مُستضاف بفخر لدى سيكيورهوستفيسبوك‫X‫YouTubeانستقرامواتساب فيسبوك ‫X ماسنجر ماسنجر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق البحث عن: فيسبوك‫X‫YouTubeانستقرامواتساب إغلاق بحث عن إغلاق بحث عن

مقالات مشابهة

  • الأهلي يُهدي ممثل اليونيسيف قميص وعلم النادي
  • خالد مرتجي يهدي ممثل الـ«يونيسف» قميص وعلم الأهلي
  • اكتشاف توقف تكوين نجوم جديدة بالمجرات القديمة
  • حمدان بن محمد: قيم الابتكار والريادة متأصلة في تكوين الشخصية الإماراتية
  • علماء يكتشفون آلية توقف تكوين نجوم جديدة في المجرات القديمة
  • وزير الخارجية المصري: حماس تؤكد لنا التزامها الكامل باقتراح وقف إطلاق النار الذي توصلنا إليه في 27 مايو والتعديلات التي أجريت عليه في 2 يوليو
  • مساعد سابق لنتنياهو يلمح للمسؤولية عن هجوم "البيجر".. وتوجيه الوزراء وأعضاء الكنيست بعدم الحديث عن الهجوم
  • ابطال منتخب الماسترز للخماسي الحديث يحرزون ذهبية وفضيتان ببطولة العالم بالمجر
  • رئيس رابطة الكتاب الرياضيين بإنجلترا : أتعحب من دفع صحفي مصر مبالغ للمصادر من أجل الحديث
  • 16 نوفمبر.. جامعة جنوب الوادي تُنظم الملتقي الفني الـ 22