خبيرة بريطانية: حماس أبعد ما تكون عن الهزيمة
تاريخ النشر: 12th, May 2024 GMT
رغم تشتتها ورغم أن إسرائيل تتفوق عليها عدديا وتسليحيا، فإن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بعيدة كل البعد عن الهزيمة، وهو ما يؤكده إعلان إسرائيل أمس السبت أنها حولت جزءا من قواتها لقمع مقاتلي الحركة في شمال غزة.
هذا هو الاستنتاج الذي توصلت له بيفرلي ميلتون إدواردز، المؤلفة المشاركة في كتاب "حماس" الذي سينشر قريبا، وهي زميلة غير مقيمة في مجلس الشرق الأوسط للشؤون العالمية في الدوحة.
وبعد مرور 7 أشهر على بداية هذه الحرب، ترى إدواردز أن إسرائيل أخفقت في تدمير حماس كقوة عسكرية وسياسية، كما أنها لم تتمكن من القضاء على القادة الرئيسيين الذين خططوا لهجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وحتى إن كان ذلك قد حصل (ولو جزئيا)، فإن كل المؤشرات تدل على ظهور قادة جدد متمرسين في القتال ليحلوا محل من اختفوا.
وفي الأسابيع والأشهر الأولى من الحرب، كما توضح الكاتبة، في مقال لها بصحيفة تايمز البريطانية، لم يتوقع سوى القليل من الخبراء، أن ينجو الجناح العسكري للمنظمة، (كتائب عز الدين القسام)، من الهجوم الإسرائيلي الحتمي.
وتضيف أن حماس جندت لمواجهة الهجوم الإسرائيلي، الآلاف من المقاتلين المتفانين الذين يرون في الموت في المعركة مجدا يحولهم لشهداء ويضمن لهم الجنة، ناهيك عن مساهمة تلك التضحية في التحرر من الحصار والاحتلال.
ولئن كانت عمليات الجيش الإسرائيلي قد أدت للقضاء على بعض قادة القسام فإن ذلك غالبا ما كان يأتي بتكلفة باهظة من المدنيين، كما صار في الهجوم الجوي على مخيم جباليا للاجئين في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والذي قالت إسرائيل إنه أدى إلى مقتل إبراهيم بياري، قائد القسام بالمخيم، وهو ما خلف أيضا ألف قتيل وجريح فلسطيني، وفقا لوزارة الصحة في غزة، كما توضح الكاتبة.
وتضيف إدواردز أن استدراج الجنود الإسرائيليين إلى أراضي غزة كان دائما هدفا تكتيكيا للقسام، إذ يرى مقاتلوه أن بإمكانهم الحفاظ على تفوقهم لمعرفتهم بالميدان واستخدامهم الأزقة الضيقة والمداخل المخفية والبساتين والسدود الرملية.
وتحت عنوان: "رفح نهاية اللعبة"، لفتت الكاتبة إلى ما قامت به إسرائيل الأسبوع الماضي من توسيع هجومها على رفح، رغم الاعتراضات الصريحة من إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن والانتقادات العالمية المحذرة من مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين في الحرب.
وأضافت إدواردز أن تدمير حماس سيظل هو الهدف، ولكن في هذه العملية يقترب سكان غزة بأكملهم من المجاعة، وفي رفح نفسها، التي وصفتها اليونيسيف بأنها "مدينة الأطفال"، فقد السكان واللاجئون وعمال الإغاثة الأمل.
وما هو مثير للدهشة، والكلام للكاتبة، هو أن الدعم الذي تحظى به حماس في غزة لا يزال غير منقوص نسبيا، وغالبية سكان القطاع الذين تم استطلاع آرائهم مؤخرا ما زالوا يعتقدون أن حماس سوف تنتصر في الحرب.
وفسرت الكاتبة ذلك بالقول إن سكان غزة يعرفون، أولا وقبل كل شيء، أن الدمار الذي طال قطاعهم سببته إسرائيل، وليس حماس، وثانيا، وعلى النقيض من بعض الشكاوى بشأن حماس في الماضي، أظهر مقاتلو حماس كم هم ملتزمون للغاية بالدفاع عن غزة.
لا يُنظر لكتائب القسام في غزة، على عكس الادعاءات الإسرائيلية، على أنها تختبئ في الأنفاق وتخشى القتال
ولا يُنظر إلى كتائب القسام في غزة، على عكس الادعاءات الإسرائيلية، على أنها تختبئ في الأنفاق وتخشى القتال، وفضلا عن ذلك، فإن إسرائيل كلما استهدفت وقتلت أفراد عائلات قيادة حماس، بما في ذلك أبناؤهم وأحفادهم، أو دمرت منازلهم؛ عززت بذلك التضامن المشترك، والحزن الجماعي.
وحذرت الكاتبة من أن هدف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المعلن في قتل قادة حماس الحاليين لن يحل المشكلة، موضحة أن حماس كانت دائما تتمتع بالقدرة على تجديد وتجنيد الجيل القادم من المقاتلين المستعدين لمواجهة العدو الإسرائيلي، موردة في هذا الصدد ما قاله مؤسس الحركة الشيخ أحمد ياسين: "وراء كل شهيد ألف شهيد جاهز للمعركة".
ومن ناحية أخرى أبرزت الكاتبة أن صورة الجيش الإسرائيلي بوصفه الجيش الذي لا يقهر قد تضررت كثيرا وقد سقط عدد من القادة الإسرائيليين الأمنيين وأصبحت مواقف الآخرين في المؤسسة السياسية والعسكرية الإسرائيلية أكثر خطورة، حيث غدوا مهددين بأوامر اعتقال محتملة بتهمة ارتكاب جرائم حرب من المحكمة الجنائية الدولية، وبنفس القدر من الأهمية، بدا صبر الجمهور الإسرائيلي ينفد في التعامل مع الحرب.
أما حماس فلن تخضع ولن تستسلم، وهي قادرة، كما أثبتت دائما، على المقاومة الشرسة، وحسب العديد من المصادر فإنها لا تزال تحتفظ بما لا يقل عن 5 كتائب نشطة، مقسمة الآن إلى وحدات حرب عصابات متنقلة، في رفح وحدها.
ووسط الأنقاض، وفي الأنفاق العميقة داخل غزة، فإن البقاء على قيد الحياة رغم الصعاب هو، بالنسبة لحماس، انتصار في حد ذاته، حسب ما ختمت به الخبيرة البريطانية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات ترجمات أن حماس فی غزة
إقرأ أيضاً:
أوجه الشبه والاختلاف بين غزة ولبنان في نظر إسرائيل
اعتبرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، أن وقف إطلاق النار في الشمال مع تنظيم "حزب الله" اللبناني، وفي الجنوب مع حركة حماس، ينطوي على تحد واحد، يتمثل في إبعاد المسلحين عن حدود إسرائيل، لكن ثمة اختلاف يتعلق بصاحب السيطرة في اليوم التالي.
وقالت"جيروزاليم بوست"، أنه كما ستفعل إسرائيل مع حزب الله وتمنعه من إعادة التمركز وتعزيز نفسه على طول الحدود الشمالية، فإنها لن تسمح لحماس بإعادة بناء قدراتها، التي وصفتها بالقاتلة، على طول الحدود في الجنوب الإسرائيلي.
المظاهر العسكرية لحماس في غزة تشكل تحدياً لإسرائيلhttps://t.co/qfN2QVkvQw pic.twitter.com/0qw2NsLvN2
— 24.ae (@20fourMedia) January 21, 2025 وقف إطلاق النار في غزة ولبنانوأشارت إلى أنه من المقرر أن ينتهي وقف إطلاق النار في لبنان، الذي بدأ في السابع والعشرين من نوفمبر (تشرين الثاني)، في السادس والعشرين من يناير (كانون الثاني)، وسوف يدخل مرحلة حرجة في غضون أسبوعين، عندما تبدأ المفاوضات بشأن المرحلة الثانية، وهي العملية التي تهدف إلى تأمين إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين، والانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة.
وتقول إن الافتراض السائد بشأن لبنان، هو أن وقف إطلاق النار سوف يتم تمديده لمدة شهر آخر على الأقل للسماح بتنفيذ شروطه، التي تتمثل في تحرك مقاتلي حزب الله نحو شمال نهر الليطاني، وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي جنوب الخط الأزرق، ونشر الجيش اللبناني في جنوب لبنان للسيطرة على مواقع حزب الله وتفكيك البنية التحتية المُحصنة هناك.
وأضافت، أن المنطق وراء هذا الترتيب واضح، فلم يعد بوسع إسرائيل أن تتسامح مع تنظيم مسلح مُلتزم علناً بتدميرها، كما يتواجد مباشرة على حدودها، مشيرة إلى أن تفكيك قدرات حزب الله يُنظر له باعتباره خطوة ضرورية لمنع التهديدات المستقبلية.
ما ينطبق على لبنان ينطبق على غزةوتقول الصحيفة، إن إسرائيل لن تسمح لحزب الله بإلعودة إلى طول الحدود الشمالية، فإنها لن تسمح لحماس بإعادة بناء قدراتها القاتلة على طول الحدود في الجنوب الإسرائيلي، ولكن كل من شاهد إطلاق سراح الرهائن الثلاث يوم الأحد شهد حقيقة مؤلمة للإسرائيليين، وهي أن حماس لا تزال تشكل حضوراً كبيراً في قطاع غزة، حيث شوهد عناصرها وهم يرتدون أقنعة الوجه والنظارات الشمسية الداكنة وعصابات الرأس الخضراء والزي العسكري، وينتقلون في الشوارع بشاحنات صغيرة بيضاء.
اليوم التالي في غزة.. جثث في كل مكان وفظائع مرعبةhttps://t.co/Zj9l5sgodQ pic.twitter.com/8NOJjgL2Km
— 24.ae (@20fourMedia) January 21, 2025 نزع السلاح والإبعاد عن الحدودوذكرت الصحيفة أن حماس لا تزال موجودة، ولكن الشروط التي ستطرحها إسرائيل لوقف إطلاق النار الدائم سوف تعكس نفس المبادئ التي تطبقها في لبنان، وهي نزع السلاح من التنظيمات، وإبعادها عن الحدود الإسرائيلية، مستطردة: "كما أن إسرائيل لا تهدف إلى القضاء على كل مسلح من حزب الله في لبنان، فإنها لن تتمكن أيضاً من قتل كل مسلح من حماس في غزة، والهدف من وقف إطلاق النار في لبنان هو تفكيك البنية الأساسية لحزب الله ومنعه من إعادة تسليح نفسه على نطاق واسع، وهذا ـ إلى جانب إبعاد حماس عن السلطة ـ سوف يكون الهدف من وقف إطلاق النار الدائم في غزة".
أوجه الاختلاف بين غزة ولبنانأما عن وجه الاختلاف بين لبنان وغزة، فتقول الصحيفة، إن هناك في لبنان حكومة تطمح إلى استعادة السيادة، وهذه الحكومة لديها جيش يدعمه الغرب، وإذا أرادت، لديها القدرة على استعادة السيطرة على جنوب لبنان من حزب الله، ولكن في غزة لا وجود لحكومة من هذا القبيل، وهنا يكمن التحدي، لأنه بعد 15 شهراً من القتال، لن تتخلى حماس عن السلطة طواعية، فقد أبدت حماس استعدادها لتقاسم الحكم مع السلطة الفلسطينية، وهو السيناريو الذي لم تؤيده إسرائيل، لأنها لا تثق في السلطة الفلسطينية.
واعتبرت الصحيفة أن وقف إطلاق النار يقدم فرصة، ولكن لا يقدم أي ضمانات، والتحدي الذي يواجه إسرائيل الآن واضح، وهو منع غزة من العودة مرة أخرى إلى أرض خصبة للمسلحين، ويعتمد ذلك أيضاً على العزم الدولي، وعلى ما إذا كانت الدول المانحة سوف تربط المساعدات بنزع سلاح حماس أم لا، مؤكدة أنه إذا لم يحدث ذلك، فإن الهدوء الذي سيحدث قصير الأجل، وسوف تضطر إسرائيل إلى التحرك مرة أخرى.