عصب الشارع - صفاء الفحل
عندما إندلعت الحرب القبلية في الصومال بعد رحيل الدكتاتور سياد بري لم تعد هناك حكومة في البلاد فأصبح التجار في حماية مجموعة مسلحة تابعة لهم يستوردون السلع من الخارج بلا ضرائب أو جمارك أو رسوم بلدية ودون جبايات أخرى فكانت هذه السلع تدخل الأسواق مضافا إليها أسعار التاجر فقط فأصبحت الصومال في تلك الفترة من (أرخص) دول العالم رغم الحرب الدائرة ورغم عدم وجود إنتاج محلي يذكر كما أن الاقتصاد الصومالي لم ينهار بصورة كاملة.
في ظل حكومة بورتسودان وميزانية الحرب المعلنة من الفكي جبريل يجتهد التجار في استيراد السلع فتضع الحكومة المفترضة عليها الجمارك والضرائب والجبايات المتعددة الأخرى فترتفع قيمتها عند صغار التجار والمواطن وبما أن الحكومة المفترضة لا تستخدم تلك الأموال لتقديم خدمات للمواطن أو زيادة الإنتاج المحلي بل تستخدمها في شراء الأسلحة والدفع للمليشيات للقتال معها وتمويل الأنشطة السياسية الداعمة لاستمرارها في السلطة وبالتالي تضيع هذه الأموال في أنشطة غير اقتصادية بينما يعجز التجار عن مجاراة الأسواق العالمية وهو باختصار ما يدور في هذه الفترة.
ومن الطبيعي في ظل هذه الظروف أن يوالي الدولار الارتفاع حتى يصل الجنية الإنهيار الكلي والتعويم وهو الخطوة القادمة لحكومة الأمر الواقع وستزيد الأمور تعقيدا في ظل الظروف التي يعيشها كل أبناء الوطن والتحذيرات التي قدمتها منظمة الأغذية العالمية عن إقتراب حدوث مجاعة بالبلاد تمضي بخطى حثيثة إذا ما ظلت حكومة اللجنة الأمنية على ثباتها على (ميزانية الحرب) وإعتبار أن الإستمرار في الحرب أهم من إنقاذ الشعب من الجوع.
تمثيلية القبض علي عدد من ( شريحة ) العملة ببورتسودان وانخفاض سعر الدولار عقب هذه المسرحية قد تنطلي على بعض البسطاء ولكنها حلقة من دائرة كبيرة تضم كبار تجار العملة والذي يعرف كل الشعب السوداني بأنهم بقايا فلول النظام المباد وستظل الأزمة تراوح مكانها طالما أنهم لايزالون يمرحون خارج البلاد ويواصل الإقتصاد في الإنهيار طالما الفكي جبريل لا يجد طريقة لتغذية خزانته غير موارد الجمارك والضرائب وجبايات الدولة على الشعب من خلال الأوراق الرسمية بعد توقف الموارد الأخرى من زراعة ومعادن وإنتاج والقضية أكبر من المعالجات الوقتية والوقت يمضي والمجاعة صارت علي الأبواب.
وستظل الثورة مستمرة ..
والقصاص أمر حتمي ..
والرحمة والخلود للشهداء ..
الجريدة
/////////////////////
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
من يوقف الحرب وكيف
بسم الله الرحمن الرحيم
زورق الحقيقة
أبوهريرة زين العابدين عبد الحليم
الحرب اللعينة التي اندلعت في ربوع الوطن حرب عبثية لعينة لا معنى لها ولا مبرر لاستمرارها ويجب ان تقف فورا لأسباب كثيرة سوف اعددها، فهنالك اسئلة كثيرة سوف تظل عالقة في الإذهان الى حين، مثل من بدأ الحرب ومن له مصلحة في استمرارها ولماذا لم تقف بعد، ومن يصب الزيت على نارها، وما حجم التدخلات الدولية والاقليمية.
هنالك اسباب كثيرة للاجابة على سؤال لماذا يجب ان تقف الحرب فوراو تتعلق هذه الاسباب بالامن القومي السوداني في مفهموه الشامل، والخوف من انهياز الدولة والوصول لمرحلة اللاعودة وانهيار النسيج الاجتماعي والقيم والتعليم والتنمية وكل شيء. حسب الاحصاءات فاستمرار الحرب يكلف المليارات لسنوات قادمة ولو حسبنا خسارة التعليم والفاقد التربوي والتنمية ووقف الانتاج وكل شيء فمثلا لم يذهب الطلاب للمدراس لحوالي عام ونصف ويقدر العدد بحوالي 15 مليون فاي خسارة هذه، حجم النازحين واللاجئين وصل لاعداد خرافية، عدم الامن، النهب والسلب والسرقات وفقدان الأمان، حيث لم تستطع اي جهة توفير الامن والامان لحماية المدنيين. فالفكرة الخروج من خطاب الاصطفاف والادانات لخطاب جديد يحركنا من هذا المربع القميء لخطاب يعطي الامل للشعب ويوقف الحرب المفروضة على الشعب والمرفوضة منه.
أيضا لو درسنا طبيعة هذه الحروب من الصعب ايجاد منتصر فيها كالعادة فهي تستمر لفترات طويلة الى ان يصل الطرفان الى مرحلة الانهاك ومن ثم يتم الجلوس للحوار ونضرب مثلا بحرب الجنوب التي انتهت بانفصال الجنوب فهي مختلفة وكانت في اجزاء محددة وايضا حرب دارفور. اضف الى كل ذلك سوف يصبح السوادان ساحة صراع اقليمي ودولة.
السيناريوهات المتوقعة لوقف مثل هذه الحروب تتمثل في:
- إنتصار احد الاطراف
- الوصول لمرحلة الانهاك المتبادل وعدم انتصار اي طرف
- تدخل عسكري خارجي عن طريق الشرعية الدولية
- في حالة استمرار الحرب لفترة طويلة بدون تدخل دولي فربما تتدخل بعض الدول الاقليمية كما حدث في حرب اليمن مثل مصر أو اثيوبيا أو ارتريا أو اي دول اخرى لها مصالح.
بتحليل السيناريوهات الافتراضية اعلاه فجميعها ليست في صالح الشعب واستقرار الدولة بشكل مخطط واستراتيجي فاذا انتصر احد الاطراف سوف يقيم شموليته فالطرفين هدفهما النهائي السلطة والحكم ومهما ادعوا، ايضا سيناريو التدخل الدولي او الاقليمي الشرعي الحميد او غير الشرعي الخبيث فسوف يكون له تاثير كبير على مستقبل الدولة واستقرارها. سوف لا ينتظر العالم الى ان تصل المأساة لمجاعة شاملة وابادة.
الافضل في تصوري ان يحاول السودانيين ايجاد حل انفسهم اولا ولكن كيف يتم ذلك في اطار السيولة السياسية والاصطفاف والانقسام الشديد في المجتمع وقواه الحية. ادعو المثقفين والكتاب والمفكرين والجامعات بوضع تصورات تساعد الجميع في بلد الجميع واقترح الدعوة لمؤتمر جامع شامل للقوى السياسية والمدنية للاتفاق على تصور لوقف الحرب ومستقبل الدولة السودانية والدفع بهذه الرؤية للشعب السوداني وللمجتمع الاقليمي والدولي ومن ثم حشد الشعب والعالم لفرض هذه التصور على الطرفين واجبارهم عبر اليات اقليمية ودولية للامتثال لارادة الشعب السوداني. وبالنسبة للطرف الذي يرفض يمكن الاستعانة بعدد من الخطوات بالتنسيق مع المجتمع الدولي:
اولا: فرض حظر سلاح وطيران.
ثانيا: ضغط سياسي وشعبي وعزلة داخلية وخارجية ومقاطعة
ثالثا: تدخل عسكري محدود عبر قوات اقليمية ودولية عبر الشرعبية الدولية ويمكن الاستعانة واستيعاب جنرالات سودانيين في المعاش من الذين شهد لهم بالكفاءة في هذه القوات.
رابعا: عزل القيادتين او اجبارهم على الاستقالة ومحاولة ايجاد ضباط وطنيين ليحلوا مكانهم ومن ثم الانخراط في عمل فني لوقف اطلاق النار ووقف الحرب وبدء عملية سياسية، وان يكون واضح للجميع انه لا مجال لدخول العسكر في السياسة والاقتصاد وتأسيس جيش وطني واحد.
للاجابة على سؤال من يوقف الحرب علينا ان نعول على الشعب السوداني وقواه الحية في وقف الحرب وقيادة الجهود وترك الكسل السياسي والفكري والاعتماد على خطاب الادانات فقط وخطاب تحميل الآخرين مسئولية ما حدث، فاي جهة يمكن ان تقوم بذلك ولكن نحتاج لمجهود فكري وسياسي كبير لايقاف الحرب وتعبئة الجميع عبر افكار واضحة واجماع من القوى السياسية فهذا دورها وايضا يجب ان تتفرغ النقابات والاتحادات المهنية لاعمالهم وليس للسياسة ووضع تصورات لمستقبل الوطن كل جهة في مجال تخصصها، فمثلا بدلا ان تعمل نقابة البنوك او الاطباء في السياسة يركزون على مجالهم في تطوير المهنة ومساعدة الداخلين الجدد في المهنة ووضع تصورات لشهادات وتدريب مهني ووضع تصورات اعادة اعمار ما دمرته الحرب، وعليهم الخروج من السياسة والمساعدة مهنيا في مجال تخصصهم وهذا ما نحتاجه وايضا مثل الجيش عليه البعد من السياسة ويتفرغ الجميع للعمل في مجاله، فما اضاع بلدنا في ان الجميع يريد ان يكون سياسي ويريد ان يحكم، فمن يريد ان يحكم عليه ان يقوم بانشاء حزب سياسي ويطلب التأييد من الشعب السوداني. مشكلتنا في السودان الخلط في كل شيء وخلط المهنة مع السياسة ومع الدين ومع القبيلة والجهوية، فلو اعدنا النظر في طريقة عملنا السياسي ووضعنا لبنة وتصور في مؤتمر جامع واتفقنا على تصور دستور لتجيره اول جميعية تأسيسية او برلمان فيمكن ان نساعد الاجيال القادمة في ان تجد لبنة وطن.
لقد تعب الشعب من الحروب والتشريد في الداخل والخارج ، فعلينا أن نقود عبر مجهود فكري وسياسي وتصورات وتحويلها لواقع يمشي بين فقراء السودانيين الذين تم تشريدهم في الداخل والخارج وأن ننظر للامر بمفهوم الأمن القومي، باستمرار هذه الحرب سوف تكون نهاية الدولة والبنيات التحتية وكل شيء ومن الصعب ايجاد الموارد والدعم المطلوب لاعمار ما دمرته الحرب وما سوف تدمره، لذلك علينا الاسراع في وقف هذه الحرب اللعينة واجبار اللاعبين الاساسيين على الانصياع لرغبة الشعب. فهذا او الطوفان العنفي الذي يجرف اي شيء ونتحول لصومال آخر.
abuza56@gmail.com