المحللة الأمريكية كالي روبنسون: سجناء داعش في سوريا أزمة مستعصية تبحث عن حل
تاريخ النشر: 1st, August 2023 GMT
نيويورك ـ (د ب أ)- رغم مرور أكثر من أربع سنوات على احتفال 85 دولة أعضاء في التحالف الدولي لمحاربة “تنظيم الدولة” (داعش) الإرهابي في سوريا والعراق عام 2019، بهزيمة التنظيم، مازالت حكومات التحالف عاجزة عن الوصول إلى حل لمشكلة وجود عشرات الآلاف من عناصر داعش المسجونين في شمال شرق سوريا. وتقول المحللة الأمريكية كالي روبنسون المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في تحليل نشره موقع مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي إن مراكز اعتقال مقاتلي داعش في شمال شرق سوريا، تمثل حاليا أكبر تجمع للإرهابيين في العالم، إلى جانب عشرات الآلاف من الأشخاص المشكوك في ارتباطهم بالتنظيم يتواجدون في معسكرات اللاجئين في المنطقة، مضيفة أن تردد الحكومات في إعادة بقايا إرهابيي داعش إلى أوطانهم، يثير مخاوف أمنية وقانونية وحقوقية.
يذكر أن تنظيم داعش سيطر في ذروة قوته عام 2014 على نحو ثلث مساحة سوريا والعراق. لكن في أوائل 2019 خسر الأراضي التي كان يسيطر عليها لصالح قوات سوريا الديمقراطية “قسد” الكردية المدعومة من الولايات المتحدة. وبحسب تقديرات الأمم المتحدة لداعش ما بين 2500 و3500 مقاتل في سوريا والعراق، دون أن يكون قادرا على شن أي عمليات إرهابية كبيرة في كلتا الدولتين. وبدلا من ذلك تزايدت مخاطر المجموعات التابعة للتنظيم في أفغانستان ومناطق من أفريقيا. ويقول الخبراء إن التنظيم يستهدف إعادة بناء قوته من خلال تحرير عدد كبير من أعضائه المعتقلين في سوريا، وتجنيد المقيمين في معسكرات الإيواء التي تسيطر عليها قوات قسد. وكانت أبرز محاولة في هذا السياق، ما حدث في كانون الثاني/يناير 2022، عندما تمكن داعش من إطلاق سراح عشرات السجناء قبل أن تنجح الولايات المتحدة وبريطانيا وقوات قسد في تأمين مركز الاعتقال. وتقول روبنسون الحاصلة على بكارليوس الصحافة من جامعة نورث ويسترن الأمريكية والتي عملت في مكتب قناة الجزيرة الفضائية بالدوحة ومكتب وكالة أنباء أسوشيتد برس في واشنطن إنه بحلول كانون الثاني/يناير الماضي وصل عدد السجناء المرتبطين بشكل مباشر أو غير مباشر بتنظيم داعش، المحبوسين في سجون ومراكز اعتقال تديرها قوات سورية الديمقراطية إلى حوالي 65 ألف سجين. ويوجد حوالي 50 ألف شخص منهم أغلبيتهم الساحقة من النساء والأطفال يتكدسون في مخيم إيواء “الهول” وهو أسوأ مخيم إيواء. والمعتقلون في مراكز قسد هم مزيج من الموالين لداعش وهؤلاء الذين انضموا إليه دون رغبة عندما انضم إليه أزواجهن أو أباؤهن، وآخرين كانوا يعيشون في مناطق خاضعة لسيطرة داعش. ورغم ذلك يمكن القول إن العدد الفعلي للسجناء المؤمنين فعلا بأيديولوجيا داعش غير واضح لكنه بالتأكيد ليس صغيرا، بحسب الخبراء، في حين تظل الميول المتطرفة أكثر انتشارا بين السجناء من غير السوريين ولا العراقيين. ويرى معظم الخبراء أن مراكز اعتقال عناصر داعش في شمال شرق سوريا، تمثل أهدافا لغارات التنظيم، وحاضنات للمتطرفين الجدد، ونظام اعتقال جماعي لا يمكن الدفاع عنه، خاصة في محدودية الموارد المتاحة لقوات سوريا الديمقراطية لتشغيل هذه المراكز. و مثل الأمم المتحدة ، يؤكد المسؤولون الأمريكيون أن “إعادة التوطين وإعادة التأهيل وإعادة الدمج لهؤلاء السجناء أو محاكمتهم وسجنهم في دولهم الأصلية هو أفضل حل لمنع عودتهم إلى تنظيم داعش مرة أخرى”. في المقابل تطرح الدول العديد من العقبات أمام إعادة هؤلاء السجناء إلى بلدانهم، وفي مقدمتها العقبات القانونية، فالكثير من الدول تفتقد للإرادة السياسية والإمكانيات اللازمة للتحقيق معهم ومحاكمة العائدين المشتبه في تورطهم في أعمال إرهابية. علاوة على ذلك، فمن الصعوبة جمع الأدلة المرتبطة بعمليات تنظيم داعش، واعتبارها معلومات استخباراتية حساسة لا يمكن استخدامها في أغلب المحاكم. أما العقبة التالية فتتمثل في رسوخ التطرف لدى هؤلاء السجناء، حيث تخشى الحكومات من عدم قدرتها على محاكمتهم أو تخليصهم من الأفكار الإرهابية إذا سمحت لهم بالعودة إلى بلادها، وبالتالي سيتحولون إلى تهديدت أمنية خطيرة. وهناك أيضا تحديات إعادة دمج هؤلاء في مجتمعاتهم. فأغلب هؤلاء سوف يحتاجون عند إعادتهم إلى بلدانهم، لدعم كبير حتى يمكن إعادة دمجهم في المجتمع بفاعلية. كما أن هذا يمكن أن يشمل عمليات التدريب والاستشارات النفسية ، والمساعدة في إصدار الوثائق المدنية لهم ومساعدتهم في الحصول على مسكن. في الوقت نفسه قد يواجه العائدون رفضا من جانب مجتمعاتهم. وتنهي كالي روبنسون تحليلها بالقول إنه دون التوسع في عمليات إعادة هؤلاء السجناء إلى بلدانهم، فقد يظلون في سوريا دون محاكمة إلى ما لا نهاية. ويقارن بعض المحللين بين وضع هذه السجون ومعسكر الاعتقال الأمريكي في خليج جوانتانامو الذي ضم الكثيرين من الإرهابيين والمؤيدين لهم دون محاكمة لأكثر من عشرين عاما. وفي حزيران/يونيو الماضي أعلنت الإدارة الكردية لشمال شرق سوريا، اعتزامها بدء محاكمة آلاف المقاتلين الأجانب، لكن لم يتم الإعلان عن أي محاكمة حتى الآن، في حين يقول المنتقدون إن الإدارة الكردية تفتقد إلى النظام القضائي اللازم لعقد أي محاكمة. في الوقت نفسه، فإن استمرار وجود مراكز اعتقال داعش، يجعلها هدفا دائما لهجمات التننظيم وبخاصة إذا انسحبت القوات الأمريكية من شمال سوريا. كما يمكن أن تصبح ساحة لانطلاق الهجمات. ويقول الكاتب الأمريكي بورس هوفمان “إما أن يستمر الوضع غير المقبول تماما، أو كما اعتقد، سنرى أعمال عنف تعود جذورها إلى معسكرات الاعتقال، وربما هذه هي الطريقة الوحيدة التي تشجع على التحرك” للتعامل الفعال مع مشكلة “سجناء داعش”.
المصدر: رأي اليوم
إقرأ أيضاً:
رحل داعش وعادت المئذنة الحدباء إلى الحياة: معالم الموصل الأثرية تنهض من الرماد
على مدى أكثر من 850 عامًا، ظلت مئذنة جامع النوري الكبير المائلة رمزًا مميزًا للموصل، تحكي قصة مدينة عريقة صمدت في وجه الزمن. لكن في عام 2017، حول تنظيم داعش التحفة التاريخية إلى أنقاض ما تسبب في حالة من الصدمة والحزن لدى سكان الموصل على ما آل إليه أحد أبرز معالم ثاني مدينة في العراق.
اعلانوبعد ما يقرب من ثماني سنوات من تحرير المدينة، تعود المئذنة الحدباء إلى الحياة من جديد، ضمن مشروع ترميم شامل بتمويل دولي لإعادة إحياء قلب الموصل التاريخي. هذه الجهود ليست مجرد إعادة إعمار لحجر أو طوب، بل هي استعادة لذاكرة المدينة وهوية سكانها الذين لطالما اعتبروا المئذنة جزءًا من حياتهم.
بالنسبة لأهالي الموصل، يحمل هذا المشروع أبعادًا شخصية عميقة. سعد محمد جرجيس، أحد سكان المدينة، يتذكر كيف كانت المئذنة تطل عليه كل صباح، وكيف كان يرى علم التنظيم المتشدد يرفرف فوقها خلال سيطرة داعش على المنطقة. يقول بحسرة: "كنا ننتظر اليوم الذي يسقط فيه ذلك العلم، كنا نراه رمزًا لحريتنا. لكننا استيقظنا ذات صباح لنجد أن المئذنة نفسها قد اختفت".
المئذنة المائلة للجامع الكبير النوري (1932).Credit: Wikimedia Commonsلم تكن إعادة بناء المئذنة الحدباء مجرّدَ عملية هندسية، بل كانت رحلة مليئة بالتحديات وقد قاد المشروع فريق من اليونسكو بالتعاون مع هيئة التراث العراقي، مستخدمين مواد أصلية وتقنيات تقليدية للحفاظ على طابعها التاريخي. وأوضح رويد العلايلة، مدير مجلس الدولة للآثار والتراث، أن الحرص على هذه التفاصيل كان ضروريًا للحفاظ على المئذنة ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو.
ملازم في القوات الخاصة العراقية يلتقط صورة ذاتية مع سحابة ناجمة عن غارة جوية خلال معارك عنيفة في حي اليرموك بغرب الموصل في 11 أبريل/نيسان 2017.Credit: Maya Alleruzzo/AP Photoوواجه المهندسون تحديات جسيمة في استخراج المواد الأصلية من تحت الأنقاض، والتأكد من أن كل قطعة مستعادة تُدمج بدقة في الهيكل الجديد. كما كان عليهم إجراء دراسات هندسية وتاريخية لضمان أن التصميم الجديد يعكس جوهر المئذنة الأصلية، مما يجعلها تبدو وكأنها لم تهدم قط.
المديرة العامة لليونسكو، أودري أزولاي، تتجول في المنطقة خلال زيارتها للمواقع التاريخية في الموصل، العراق، يوم الأربعاء 5 فبراير/شباط 2025.Credit: Farid Abdulwahed/AP Photoوخلال زيارتها للموصل، وصفت المديرة العامة لليونسكو أودري أزولاي المشروع بأنه "تحدٍّ غير مسبوق"، مشيرة إلى أن 80% من المدينة القديمة كانت مدمرة بالكامل عند بدء أعمال الترميم في 2018. وأضافت أن فرق العمل عندما وصلت إلى الموقع وجدت "حقلًا من الأنقاض"، ما جعل إعادة الإعمار مهمة شاقة لكنها ضرورية.
منارة الحدباء المائلة في جامع النوري تقف شامخة من جديد في المدينة القديمة بالموصل في 5 فبراير/شباط 2025.Farid Abdulwahedولا تقتصر جهود الترميم على المسجد والمئذنة فحسب، بل تمتد أيضًا إلى المعالم المسيحية في المدينة، والتي طالتها يد الدمار خلال عهد داعش. من بين هذه المواقع، كنيسة الطاهرة التي يعود تاريخها إلى عام 1862، والتي انهار سقفها ودُمّرت أروقتها أثناء الحرب، لكنها اليوم تستعيد مجدها كجزء من إعادة الإعمار الشاملة.
كنيسة الطاهرة المدمرة في الموصل، 2017.Credit: UNESCOمار بندكتوس يونان حنو، رئيس أساقفة الموصل للسريان الكاثوليك، شدد على أن إعادة إعمار الكنائس لا تهدف فقط إلى ترميم الجدران، بل إلى إحياء التاريخ الذي عاشه الأجداد. وقال: "عندما يدخل مسيحيو الموصل إلى هذه الكنيسة، فإنهم يتذكرون مكان تعميدهم وصلواتهم، وهذا قد يمنحهم حافزًا للعودة".
Relatedشاهد: المدينة القديمة في الموصل تعود إلى الحياة بعدما دمرتها الحرب من فجّر منارة الحدباء ومسجد النوري في الموصل؟ومن المقرر أن يُعاد افتتاح جامع النوري الكبير في الأسابيع المقبلة، في احتفالية سيحضرها رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، ليكون هذا الحدث بمثابة إعلان رسمي لعودة الروح إلى الموصل.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية اليونسكو تعزز حماية معلميْن تراثييْن في أوكرانيا وتشدّد على أهمية التضامن في حفظ المواقع المهددة محنة أهالي الموصل لم تنته رغم انقضاء سنوات على دحر تنظيم "داعش" شاهد: سماء الموصل تكتسي باللون الأصفر بسبب عاصفة رملية شديدة ضربت المدينة الإسلامالعراقمسجدمنظمة اليونسكواعلاناخترنا لكيعرض الآنNext الاتحاد الأوروبي: العقوبات الأمريكية على الجنائية الدولية تهديد للعدالة في أوكرانيا يعرض الآنNext خاتمٌ بنجمة داوود وتصريحات بشأن حزب الله.. زيارة أورتاغوس تُثير الغضب في بيروت يعرض الآنNext روسيا وبيلاروس ترحّبان بإغلاق الوكالة الأمريكية للتنمية وسط مخاوف الجماعات الحقوقية يعرض الآنNext السويد تتحرك ضد العنف المسلح: حادثة أوربرو هي "اللحظة الفارقة" لإعادة النظر في قوانين الأسلحة يعرض الآنNext تصاعد عنف عصابات المخدرات في بروكسل: قتيل واحد في رابع حادث إطلاق نار خلال أسبوع اعلانالاكثر قراءة غزة.. دمارٌ وركامٌ ورياحٌ عاتية أجهزت على ما تبقى من ملاجئ وفاقمت معاناة النازحين جوائز غرامي 2025: إطلالة بيانكا سينسوري تثير الاستهجان وانتقادات لقبعة جادن سميث وكأنه دم.. نهر ساراندي قرب بوينس آيرس يتحول إلى اللون الأحمر ومخاوف من حدوث تلوث بريجيت ماكرون متحولة جنسيًا؟ ما سرّ استمرار الشائعات حول سيدة فرنسا الأولى ومن يقف وراءها؟ إطلالةٌ مذلة أم إثبات وجود؟ الجدل حول فستان بيانكا سينسوري العاري يكشف كواليس العلاقة مع كانييه ويست اعلانLoaderSearchابحث مفاتيح اليومدونالد ترامبإسرائيلقطاع غزةضحاياطوفان الأقصىحزب اللهبنيامين نتنياهولبنانالصراع الإسرائيلي الفلسطيني غزةأسلحةأزمة إنسانيةالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025