نيويورك ـ  (د ب أ)-  رغم مرور أكثر من أربع سنوات على احتفال  85 دولة أعضاء في التحالف الدولي لمحاربة “تنظيم الدولة” (داعش) الإرهابي في سوريا والعراق عام 2019، بهزيمة التنظيم، مازالت حكومات التحالف عاجزة عن الوصول إلى حل لمشكلة وجود عشرات الآلاف من عناصر داعش المسجونين في شمال شرق سوريا. وتقول المحللة الأمريكية  كالي روبنسون  المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في تحليل نشره موقع مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي  إن مراكز اعتقال مقاتلي داعش في شمال شرق سوريا، تمثل حاليا أكبر تجمع للإرهابيين في العالم، إلى جانب عشرات الآلاف من الأشخاص  المشكوك في ارتباطهم بالتنظيم يتواجدون في  معسكرات اللاجئين في المنطقة، مضيفة أن تردد الحكومات  في إعادة بقايا إرهابيي داعش  إلى أوطانهم، يثير مخاوف أمنية وقانونية وحقوقية.

يذكر أن تنظيم داعش سيطر في ذروة قوته عام 2014 على نحو ثلث مساحة سوريا والعراق. لكن في أوائل 2019 خسر الأراضي التي كان يسيطر عليها لصالح قوات سوريا الديمقراطية “قسد” الكردية المدعومة من الولايات المتحدة. وبحسب تقديرات الأمم المتحدة لداعش ما بين 2500 و3500 مقاتل في سوريا والعراق، دون أن يكون قادرا على شن أي عمليات إرهابية كبيرة في كلتا الدولتين. وبدلا من ذلك تزايدت مخاطر المجموعات التابعة للتنظيم في أفغانستان ومناطق من أفريقيا. ويقول الخبراء  إن التنظيم يستهدف إعادة بناء قوته من خلال تحرير عدد كبير من أعضائه المعتقلين في سوريا، وتجنيد المقيمين في معسكرات الإيواء التي تسيطر عليها قوات قسد. وكانت أبرز محاولة في هذا السياق، ما حدث في كانون الثاني/يناير 2022، عندما تمكن داعش من إطلاق سراح عشرات السجناء قبل أن تنجح الولايات المتحدة وبريطانيا وقوات قسد  في تأمين مركز الاعتقال. وتقول روبنسون الحاصلة على بكارليوس الصحافة من جامعة نورث ويسترن الأمريكية والتي عملت في مكتب قناة الجزيرة الفضائية بالدوحة ومكتب وكالة أنباء أسوشيتد برس  في واشنطن إنه بحلول كانون الثاني/يناير الماضي وصل عدد السجناء المرتبطين بشكل مباشر أو غير مباشر بتنظيم داعش، المحبوسين في سجون ومراكز اعتقال تديرها قوات سورية الديمقراطية إلى حوالي 65 ألف سجين. ويوجد حوالي 50 ألف شخص منهم  أغلبيتهم الساحقة من النساء والأطفال يتكدسون في مخيم إيواء “الهول” وهو أسوأ مخيم إيواء. والمعتقلون في مراكز قسد هم مزيج من الموالين لداعش وهؤلاء الذين انضموا إليه دون رغبة عندما انضم إليه أزواجهن أو أباؤهن، وآخرين كانوا يعيشون في مناطق خاضعة لسيطرة داعش. ورغم ذلك يمكن القول إن العدد الفعلي للسجناء المؤمنين فعلا بأيديولوجيا داعش غير واضح لكنه بالتأكيد ليس صغيرا، بحسب الخبراء، في حين تظل الميول المتطرفة أكثر انتشارا بين السجناء من غير السوريين ولا العراقيين.  ويرى معظم الخبراء أن مراكز اعتقال عناصر داعش في شمال شرق سوريا، تمثل أهدافا لغارات التنظيم، وحاضنات للمتطرفين الجدد، ونظام اعتقال جماعي  لا يمكن الدفاع عنه، خاصة في  محدودية الموارد المتاحة لقوات سوريا الديمقراطية لتشغيل هذه المراكز. و مثل الأمم المتحدة ، يؤكد المسؤولون الأمريكيون أن “إعادة التوطين وإعادة التأهيل وإعادة الدمج لهؤلاء السجناء أو محاكمتهم وسجنهم في دولهم الأصلية هو أفضل حل لمنع عودتهم إلى تنظيم داعش مرة أخرى”. في المقابل تطرح الدول العديد من العقبات أمام إعادة هؤلاء السجناء إلى بلدانهم، وفي مقدمتها العقبات القانونية، فالكثير من الدول تفتقد للإرادة السياسية والإمكانيات اللازمة للتحقيق معهم ومحاكمة العائدين المشتبه في تورطهم في أعمال إرهابية. علاوة على ذلك،  فمن الصعوبة جمع  الأدلة المرتبطة بعمليات تنظيم داعش، واعتبارها معلومات استخباراتية  حساسة لا يمكن استخدامها في أغلب المحاكم. أما العقبة التالية فتتمثل في رسوخ التطرف لدى هؤلاء السجناء، حيث تخشى الحكومات من عدم قدرتها على محاكمتهم أو تخليصهم من الأفكار الإرهابية إذا سمحت لهم بالعودة إلى بلادها، وبالتالي سيتحولون إلى تهديدت أمنية خطيرة. وهناك أيضا تحديات إعادة دمج هؤلاء في مجتمعاتهم. فأغلب هؤلاء سوف يحتاجون عند إعادتهم إلى بلدانهم، لدعم كبير حتى يمكن إعادة دمجهم  في المجتمع بفاعلية. كما أن هذا يمكن أن يشمل عمليات التدريب والاستشارات النفسية ، والمساعدة في إصدار الوثائق المدنية لهم ومساعدتهم في الحصول على مسكن. في الوقت نفسه قد يواجه العائدون رفضا من جانب مجتمعاتهم. وتنهي كالي روبنسون تحليلها بالقول إنه دون التوسع في عمليات إعادة هؤلاء السجناء إلى بلدانهم، فقد يظلون  في سوريا دون محاكمة إلى ما لا نهاية. ويقارن بعض المحللين بين وضع هذه السجون ومعسكر الاعتقال الأمريكي  في خليج جوانتانامو الذي ضم الكثيرين من الإرهابيين والمؤيدين لهم دون محاكمة  لأكثر من عشرين عاما. وفي حزيران/يونيو  الماضي  أعلنت الإدارة الكردية  لشمال شرق سوريا، اعتزامها بدء محاكمة آلاف المقاتلين الأجانب، لكن لم يتم الإعلان عن أي محاكمة حتى الآن، في حين يقول المنتقدون إن الإدارة الكردية تفتقد إلى النظام القضائي اللازم لعقد أي محاكمة. في الوقت نفسه، فإن استمرار وجود مراكز اعتقال داعش، يجعلها هدفا دائما لهجمات التننظيم وبخاصة إذا انسحبت القوات الأمريكية من شمال سوريا. كما يمكن أن تصبح ساحة لانطلاق الهجمات. ويقول الكاتب الأمريكي بورس هوفمان “إما أن يستمر الوضع غير المقبول تماما، أو كما اعتقد، سنرى أعمال عنف تعود جذورها إلى معسكرات الاعتقال، وربما هذه هي الطريقة الوحيدة التي تشجع على التحرك” للتعامل الفعال مع مشكلة “سجناء داعش”.

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

لمنع الصدام في سوريا.. تركيا تجري محادثات مع إسرائيل

أعلن وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، الأربعاء، “أن بلاده تجري محادثات على المستوى الفني مع إسرائيل لخفض التوترات بشأن سوريا، لكنها لا تتحرك نحو تطبيع العلاقات”.

وقال فيدان لقناة “سي إن إن تورك” التلفزيونية: “الآن، بينما نقوم بعمليات معينة في سوريا، يتعين أن يكون هناك آلية تفادي صدام في مرحلة معينة مع إسرائيل التي تحلق طائراتها في تلك المنطقة، تماما كما نفعل مع الأميركيين والروس”، وأضاف: “طبعا، أنه أمر طبيعي أن يكون هناك اتصالات على المستوى الفني لتأسيس ذلك”.

واستبعد فيدان، أن يكون هناك “تطبيع للعلاقات مع إسرائيل، خاصة بعد أن تصاعد التوتر بين البلدين على خلفية الحرب التي شنتها إسرائيل على حماس في غزة”.

هذا “وأوقفت تركيا تعاملاتها التجارية مع إسرائيل واتهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بممارسة “إرهاب الدولة” و”الإبادة الجماعية” في غزة، وذلك منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر على إسرائيل عام 2023″.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، “عرض الإثنين التوسط بين إسرائيل وتركيا بينما كان مجتمعا إلى حليفه بنيامين نتانياهو في البيت الأبيض، مشيرا إلى “علاقاته الرائعة” مع أردوغان”.

السوريون يتخيلون كيف سيبدو جبل قاسيون بعد إعادة التأهيل

تناقلت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي صورا شُكّلت بالذكاء الاصطناعي لما اعتبروها “تصاميم نهائية” لمشروع إعادة تأهيل جبل قاسيون المطل على العاصمة السورية .

وكانت محافظة دمشق “أعلنت عن مشروع لتأهيل منطقة جبل قاسيون السياحية المطلة على المدينة، يشمل استحداث حدائق مجانية ومواقع ترفيهية جديدة توفر خدمات عالية الجودة لسكان العاصمة وزوّارها”.

وأشار بيان صادر عن محافظة دمشق إلى “وجود دراسة متكاملة تهدف إلى تلبية احتياجات المجتمع المحلي، وتتضمن هذه الدراسة إنشاء أماكن شعبية مجانية، ومرآب خاص للسيارات، بالإضافة إلى تأمين مختلف الخدمات الضرورية”.

وبحسب البيان، “كما تتضمن عملية إعادة التأهيل الشاملة تطوير الشبكة المطرية، والأرصفة، والحواف، وطبقة الإسفلت، فضلًا عن تحسين شبكات الصرف الصحي والمياه والكهرباء. كذلك سيتم تنفيذ جدران استنادية للمصاطب، وتأهيل المسطحات الخضراء، وتمديد شبكة ري حديثة، وإنارة الموقع بما يتماشى مع طبيعته الفريدة التي تجعل منه وجهة مميزة للسكان والزوار”.

يذكر أن “جبل قاسيون، يُعتبر أحد المعالم الطبيعية والتاريخية البارزة في دمشق، يحمل في طياته تاريخا عريقا يمتد لآلاف السنين. فقد كان الجبل منذ القدم ملاذا استراتيجيا وهاما للدفاع عن المدينة، حيث شهد العديد من الأحداث التاريخية الكبرى، ويعود اسم “قاسيون” إلى اللغة الآرامية، ويعني “القوي” أو “المتين”، وهو ما يعكس أهميته الجغرافية والثقافية عبر العصور. واليوم، يُعتبر جبل قاسيون ليس فقط موقعا طبيعيا خلابا، بل أيضا وجهة سياحية وترفيهية تجمع بين العراقة والحداثة”.

مقالات مشابهة

  • إعادة محاكمة متهم بالانضمام لجماعة إرهابية في بولاق
  • الوزيرة قبوات تبحث مع سفاردستروم آفاق التعاون بين سوريا والسويد
  • سوريا.. فرض حظر تجوال في عدد من أحياء بصرى الشام
  • وزيرة الشؤون الاجتماعية تبحث مع المبعوث الفرنسي دعم جهود التعافي والتمكين الاقتصادي في سوريا
  • هيئة مخابر التحاليل الطبية تبحث في أول اجتماع ‏بعد إعادة تفعيلها‏ واقع ‏العمل وسبل تطويره
  • لمنع الصدام في سوريا.. تركيا تجري محادثات مع إسرائيل
  • ‏"وام": الخارجية الإماراتية تعلن نجاح عملية تبادل سجناء بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا الاتحادية
  • صفقة لتبادل السجناء بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا | تفاصيل
  • في ظل الحكم الجديد في سوريا.. هل تولد نسخةٌ مطورة من “داعش”..!
  • مسؤولون أمميون يحذرون من جوهرة تاج داعش: تحريرها سيعيد قدراته في سوريا