الجزيرة:
2025-01-19@19:47:23 GMT

كيف يمكن للخليج وتركيا أن يغيرا الشرق الأوسط؟

تاريخ النشر: 1st, August 2023 GMT

كيف يمكن للخليج وتركيا أن يغيرا الشرق الأوسط؟

فتحت الجولة الأخيرة التي أجراها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في منطقة الخليج آفاقا لتطوير العلاقات التركية الخليجية إلى مستويات الشراكة الإستراتيجية الشاملة. ومع أن الأبعاد الاقتصادية أخذت حيزا أكبر من الاهتمام في هذه الجولة بالنظر إلى طبيعة الاتفاقيات التي أبرمت خلالها، وحاجة تركيا إلى جذب الاستثمارات الخليجية لدعم اقتصادها الذي يواجه تحديات كبيرة في الوقت الراهن، فإن الجولة أعطت صورة عن الكيفية التي يمكن أن تؤدي العلاقات الجديدة الناشئة بين أنقرة والخليج إلى تغيير الشرق الأوسط.

وفي ظل التحولات الكبيرة التي تشهدها المنطقة منذ عامين، وتعمل فيها القوى الفاعلة على إصلاح العلاقات في ما بينها، والتخلي عن سياسات التنافس الحاد وتركيز اهتماماتها على المزايا الكبيرة التي يجلبها التعاون الإقليمي عليها وعلى الشرق الأوسط عموما؛ فإن العلاقات الجديدة بين تركيا والخليج سيكون لها تأثير عميق على الجغرافيا السياسية الإقليمية.

وبالإضافة إلى الفوائد الاقتصادية المتبادلة والمؤكدة التي ستجنيها تركيا والخليج من العلاقة الجديدة، فإن تطويرها إلى تعاون في مجالات الأمن والدفاع ومواءمة السياسات الإقليمية يضفيان عليها أبعادا إستراتيجية.

الدور المؤثر الذي تلعبه تركيا في بعض صراعات المنطقة -مثل سوريا والعراق وليبيا- يجعل التعاون الجيوسياسي معها حاجة لمنطقة الخليج من أجل تحقيق الاستقرار الإقليمي وضمان تأثير خليجي أقوى في هذه القضايا

ومع صفقة مبيعات الطائرات المسيرة التي أبرمتها تركيا مع المملكة العربية السعودية، وهي أكبر صفقة في تاريخ صناعة الدفاع التركية، والاهتمام الإماراتي المتزايد في الاستثمار في صناعة الأسلحة التركية، وشراء الكويت طائرات مسيرة تركية، فضلا عن التعاون الدفاعي الوثيق بين تركيا وقطر؛ فإن أنقرة تقدم نفسها اليوم لمنطقة الخليج بوصفها شريكا جديدا يُمكن الاعتماد عليه في مجالات الأمن والدفاع أيضا.

أصبحت دول الخليج عموما أكثر إدراكا لأهمية التعاون مع تركيا في هذا المجال لأسباب عديدة، من بينها التطور الكبير في صناعات الدفاع التركية، وسعي الدول الخليجية إلى تنويع شراكتها الخارجية كوسيلة تحوّط للتكيف مع شرق أوسط جديد لم تعد الولايات المتحدة راغبة في مواصلة انخراطها الأمني فيه مثل السابق.

في الواقع، تتجاوز مبيعات الأسلحة التركية للخليج الأهداف التجارية البحتة، وتعكس أهمية دور تركيا الجديد في الشرق الأوسط كقوة استقرار وتوازن إقليمي.

إن الدور المؤثر الذي تلعبه تركيا في بعض صراعات المنطقة -مثل سوريا والعراق وليبيا- يجعل من التعاون الجيوسياسي معها حاجة لمنطقة الخليج من أجل تحقيق الاستقرار الإقليمي وضمان تأثير خليجي أقوى في هذه القضايا.

لم تساعد الاضطرابات التي دخلتها علاقات أنقرة مع الرياض وأبو ظبي في السنوات الماضية في مواءمة السياسات الإقليمية بين تركيا والخليج عموما، لكن الظروف اليوم تبدو مساعدة للدفع بهذا الاتجاه. لم تعد سياسات التنافس الإقليمي جذابة بأي حال لمختلف القوى الفاعلة في المنطقة، كما أن هناك قناعة تشكلت في أنقرة والعواصم الخليجية بأن التعاون الثنائي في القضايا الإقليمية يجلب مزايا أكبر لهما ويضمن لهما تأثيرا أقوى على مساراتها.

مع الأخذ بعين الاعتبار أن عدم الاستقرار في علاقات تركيا مع بعض الدول الخليجية في السنوات الماضية خلق هامشا لقوى أخرى مثل إيران لتعزيز حضورها الإقليمي، فإن مواءمة السياسات الإقليمية بين تركيا والخليج تُقلص قدرة طهران على مواصلة توسّعها الإقليمي وتساعد في تحقيق التوازن الإقليمي الذي هو حاجة أساسية للاستقرار الإقليمي. مع ذلك، لا ينبغي النظر إلى الشراكة الجديدة بين تركيا والخليج على أنها موجهة ضد طرف ثالث. إنها حاجة للتوازن والاستقرار الإقليمي قبل أن تكون مصلحة للطرفين.

علاوة على الاقتصاد والتجارة والتعاون الدفاعي ومواءمة السياسات الإقليمية، فإن العصر الجديد من المنافسة الجيوسياسية بين القوى الكبرى يخلق هامشا للقوى المتوسطة مثل تركيا والخليج لتعزيز استقلالها في السياسات الخارجية.

في الوقت الذي تعمل فيه أنقرة على الاستفادة من الصراع الروسي الغربي لتعزيز تموضعها الجيوسياسي كقوة وازنة بين الشرق والغرب، فإن دول الخليج تعمل أيضا على تبني هوية جيوسياسية جديدة توازن بين تحالفها التقليدي مع الولايات المتحدة وبين بناء شراكات مع قوى أخرى مثل روسيا والصين وتركيا. ستُساعد الشراكة الجديدة بين تركيا والخليج الطرفين على تعزيز موقفهما في العلاقة مع القوى الكبرى، فضلا عن ملء الفراغ الذي تتركه الولايات المتحدة في المنطقة وحرمان إيران من الاستفادة منه.

مع أن توتر علاقات واشنطن مع تركيا والخليج لعب دورا في إعادة تشكيل العلاقات التركية الخليجية، فإن هذه العلاقات تبعث على الارتياح في واشنطن ما دام أنها تُساعد الولايات المتحدة في مواصلة تخفيف ارتباطها مع المنطقة ودفع حلفائها إلى إدارة شؤونهم باعتماد أقل عليها. كما أن التفاعل القوي بين تركيا والخليج يجعلهما في موقف أقوى في صياغة علاقاتهما مع كل من موسكو وبكين.

سيكون المستفيد الأكبر من الشراكة التركية الخليجية الجديدة هو استقرار منطقة الخليج على وجه الخصوص. أظهر دعم تركيا لقطر في الأزمة الخليجية عام 2017 والجهود الكبيرة التي بذلتها بعد ذلك لإنهاء هذه الأزمة وإعادة توحيد البيت الخليجي أهمية دورها كصانع استقرار في الخليج. ومع العلاقات القوية التي تبنيها اليوم مع مختلف العواصم الخليجية، فإن دورها سيُصبح أكثر أهمية وتأثيرًا للحفاظ على الاستقرار الخليجي. في هذه اللحظة المهمة من تاريخ الشرق الأوسط سيكون للشراكة التركية الخليجية دور مؤثر في عملية إعادة تشكيل النظام الإقليمي.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معناوظائف شاغرةترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الترکیة الخلیجیة الولایات المتحدة الشرق الأوسط فی هذه

إقرأ أيضاً:

الإمارات.. مواقف صلبة تعزز استقرار المنطقة

 شعبان بلال (أبوظبي، القاهرة) 

أخبار ذات صلة 11 عاماً مأساوية على اليمن بسبب الانقلاب «الحوثي» انتهاكات «الحوثي» محاولة خبيثة لنشر الفوضى

تبذل دولة الإمارات العربية المتحدة جهوداً كبيرة لتحقيق استقرار منطقة الشرق الأوسط، في ظل الصراعات الإقليمية التي تشهدها بمختلف أرجائها، عبر دعم مسارات الحوار والحلول السلمية، وإنهاء الصراعات المسلحة، بجانب دورها الرائد إنسانياً وإغاثياً، ودورها المحوري في تحقيق التنمية المستدامة من أجل رفاه الشعوب. 
وأكد خبراء ومحللون سياسيون، ريادة الإمارات في تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، موضحين أن الدولة تعمل كوسيط في العديد من النزاعات الإقليمية، مستندة إلى علاقاتها القوية مع مختلف الدول والأطراف، ودعمها لجهود المصالحة بين دول عدة. 
وشدد أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج واشنطن، نبيل ميخائيل، على أن الإمارات دولة محورية، مكانتها العالمية والإقليمية راسخة بانتهاجها سياسة التنمية المستدامة للبشرية، وتفعيل آليات كثيرة بالتدخل لحل الصراعات الدولية والإقليمية بأسلوب دبلوماسي وسلمي، لتجنب الحروب وويلاتها.
ووصف ميخائيل في تصريح لـ «الاتحاد»، الدبلوماسية الإماراتية بالناجحة، وأنها تسعى إلى إجماع عربي استراتيجي لمواجهة التحديات التي تواجه المنطقة، وتعمل على الحفاظ على أمن واستقرار الدول العربية، وتسوية وتصفية النزاعات، خاصة في ظل الصراعات التي شهدتها المنطقة مؤخراً. 
وفي السياق ذاته، ذكر الباحث في العلوم السياسية، الدكتور هيثم عمران، أن الإمارات تعمل كوسيط نزيه في العديد من النزاعات الإقليمية، مستفيدة من شبكة علاقاتها القوية مع مختلف الأطراف، مثال ذلك دعمها لجهود المصالحة في السودان وليبيا، وسعيها لتعزيز الاستقرار في اليمن عبر دعم الحل السياسي تحت مظلة الأمم المتحدة.
وأوضح الباحث في العلوم السياسية أن الإمارات نجحت في بناء توافق دولي ضد الأعمال العدائية لجماعة الحوثي، ما أدى إلى تصنيفها جماعة إرهابية، وفرض ضغط عالمي لإعادة الحوثيين إلى طاولة المفاوضات، وأنه إلى جانب الجهود السياسية، تلعب الإمارات دوراً كبيراً في تقديم الدعم الإنساني للدول المتضررة من النزاعات، ففي اليمن، قدمت الإمارات مليارات الدولارات لدعم البنية التحتية، والتعليم، والرعاية الصحية، ما ساهم في تخفيف معاناة اليمنيين المتأثرين بحرب الحوثي.
وذكر عمران أن دولة الإمارات تعمل من جانب آخر على استقرار المنطقة، بما تمتلك من رؤية واضحة في مكافحة الإرهاب، حيث تبنت استراتيجيات فعّالة لمواجهة تمويل التنظيمات المتطرفة مثل «القاعدة» و«داعش»، كما أنها تدعم الجهود الإقليمية والدولية لنشر قيم التسامح والاعتدال.
ونجحت سياسة الإمارات للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي في المنطقة، وتتوافق كذلك مع تحذيرات منظمة التجارة العالمية من مخاطر تعطل التجارة بسبب التوتر الجيوسياسي وتفاقم أزمات الشرق الأوسط، حيث أدت هجمات جماعة الحوثي على سفن تجارية في البحر الأحمر إلى تغيير مسار التجارة بين أوروبا وآسيا.
ومن الولايات المتحدة، أكدت الباحثة في الشؤون الدولية إيرينا تسوكرمان، أن الإمارات تبذل جهوداً مخلصة لتعزيز الاستقرار، والقيام بدور إيجابي تجاه الحد من الصراعات الإقليمية، ولعبت دوراً حيوياً في استجابة التحالف العربي لمواجهة الحوثيين في اليمن، وكانت أول دولة تنضم إلى إطار «اتفاقيات إبراهيم»، وعملت مع الرباعية على مكافحة الإرهاب.
وأوضحت تسوكرمان في تصريح لـ «الاتحاد»، أن دور الإمارات كان متزناً تجاه الأزمات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، بداية من حرب غزة ولبنان والوضع في سوريا، والانخراط مع مختلف الأطراف، والسعي إلى التوسط في المفاوضات والمباحثات حول وقف إطلاق النار، ودعم الانتقال السلمي في سوريا. 
وفي هذا السياق، شدد الخبير العسكري والاستراتيجي المصري، اللواء سمير فرج، على أن دولة الإمارات تؤكد دائماً التزامها بموقفها في استقرار المنطقة، بما لها من ثقل استراتيجي ونزاهة في إدارة الصراعات الإقليمية، وتبذل جهوداً مقدرة في دعم الاستقرار والسلم في الشرق الأوسط. 
وأضاف اللواء فرج في تصريح لـ «الاتحاد»، أن جهود الإمارات الدبلوماسية في الكثير من الملفات مثل غزة ولبنان واليمن وسوريا ساعدت على تخفيف حدة الصراعات، بالإضافة إلى الدعم الإنساني والإغاثي الذي يؤكد ريادة الإمارات عالمياً في هذا المجال، ويشهد به الجميع، وفي مقدمتهم المنظمات الأممية.
الالتزام بالقانون الدولي   
تتمسك دولة الإمارات بالطرق الدبلوماسية والالتزام بالقانون الدولي، من منطلق إيمانها الثابت بحل الخلافات من خلال آليات الحوار السلمي والقنوات السياسية، وسيادة القانون واحترام ميثاق الأمم المتحدة، ومطالبة مجلس الأمن بالاضطلاع بمسؤولياته. 
ويأتي هذا الالتزام من رؤية الإمارات القائمة على اعتبار الصراعات المسلحة في منطقة الشرق الأوسط، خطراً جسيماً يهدد الاستقرار الإقليمي، وقد يتدحرج لمستويات وأبعاد مختلفة اقتصادية وسياسية ومجتمعية. 
وتبذل دولة الإمارات جهوداً دبلوماسية مكثفة، وتتبنى سياسة إعادة الاستقرار إلى منطقة الشرق الأوسط، عبر التعاون مع المؤسسات والمنظمات الدولية، والتفاهم والتعاون الإقليمي، لتجنيب المنطقة مخاطر النزاعات والصدامات المسلحة، ومن ثم الدفع في اتجاه سبل بناء بيئة جيوسياسية ترتكز على السلام والاستقرار والازدهار.

مقالات مشابهة

  • هكذا أعادت هجمات 7 أكتوبر تشكيل الشرق الأوسط  
  • الطائرة الحربية التي تحلم بها الجيوش: “بيرقدار قزل إلما” التركية
  • الباركود وسياسة الهضم
  • الشرق الأوسط: مفاوضات الهلال مع محمد صلاح مستمرة
  • بجانب مهام غزة.. سيغريد كاغ مبعوثة جديدة للأمم المتحدة في الشرق الأوسط
  • الحرب في الشرق الأوسط تستفزّ البابا فرنسيس
  • دينيس روس: لدى ترامب فرصة تاريخية لإعادة تشكيل الشرق الأوسط
  • العراق لاعب أساسي.. موديز: الدول النفطية تقود النمو في الشرق الأوسط خلال 2025
  • ترامب: أنا من أوقفت الحرب في الشرق الأوسط وبايدن لم يفعل شيئا
  • الإمارات.. مواقف صلبة تعزز استقرار المنطقة