سودانايل:
2025-04-23@14:51:38 GMT

الشعار السياسي بين حالتي الهتاف والفكرة

تاريخ النشر: 12th, May 2024 GMT

زين العابدين صالح عبد الرحمن
يعتبر الشعار السياسي ظاهرة قديمة في السياسة، و خاصة في منطقة الشرق الأوسط المليئة بالتعقيدات السياسية، و قد استخدم بكثافة قبل حرب يونيو 1967م، لأسباب ارتبطت بالقضية الفلسطينية في مرحلة صعود تيار القوميين العرب " الناصريين – البعثيين" في تلك الفترة.. و معروف أن الشعار السياسي ذو حمولة كبيرة، و العناصر التي تصيغ الشعار تتمتاز بقدرة إبداعية و سعة معرفية تمكنها أن تختصر العديد من المطلوبات السياسية في كلمات قليلة تربط بموسيقي يسهل ترديدها.

و تراجع الشعار بعد هزيمة حرب 1967م و تراجع دور القوميين العرب في الساحة، و صعد التيار الإسلامي الذي أيضا استعان بالشعار السياسي في توصيل رسائله للجمهور. ثم ظهر بكثافة في ثورات الربيع العربي حيث أصبح ظاهرة تحتاج لدراسة..
كتب الدكتور المصري سامح شريف كتابا بعنوان " الشعرات السياسية دراسة نظرية و تطبيقية " يقول الدكتور سامح ( إصبحت الشعارات سمة أساسية من سمات الحياة السياسية و الاجتماعية في مصر منذ ثورة 25 يناير و تداعياتها حيث وظف الشعار للتعبير عن الرغبة) و ربط دكتور سامح الشعار في المجال السياسي بالأيديولوجية الفكرية و السياسية و و توظيف الشعار لأهداف سياسية تخدم هذه الأيديولوجية.. و إذا كان الشعار هو أختصار لمطالب سياسية متعددة مجملة في شعار واحد يخدم الجهة التي أصدرته و تريد تسويقه في القطاع الجماهيري، فهل الجماهير تستطيع تفكيك الشعار لمعرفة حمولاته أم أن دورها يتوقف عند ترديد الشعار؟ أن القاعدة العريضة من الجماهير ربما تستوعب جزء من أهداف الشعار السياسي، و الدافع القوي يصبح التناغم مع الجرس الموسيقي في ترديد الشعار، لذلك الجماهير لا تسأل المصدر عن الخطوط التي يراد بها تحقيق الشعار..
يؤكد بعض علماء اعلم لإبستمولوجيا أن شيوع الشعار في الشارع بين الجماهير ثم تحوله إلأي هتاف يجعله يفقد مضمونه، لآن المقصود بالهتاف هو إثارة العاطفة، و إظهار الصوت الجماعي لتبيان قوة الهدف للخصم، لكن الشعار بعد مكان هدفا يصبح أداة للتعبئة الوقتية و لا يتوقع أن يسأل الذي أندمج في الهتاف عن كيفية تحقيق الهدف، لآن المخاطب ليس العقل، بل العاطفة لفترة زمنية مرتبطة بفترة الحدث. و سهل شيوع الشعار بعد ثورة الربيع العربي الاستخدام الواسع للوسائط الاجتماعية، حيث تتحول الفكرة ذات الحمولات السياسية ألي أداة تعبوية، الأمر الذي يفقدها قيمتها في الواقع، الكل يردد هتافا دون أن يسأل عن كيفية مشروع الوصول للهدف..
أن التجربة السودانية بعد ثورة ديسمبر 2018م استخدمت الشعار السياسي بكثافة، في محاولة ليس الهدف منها هو تحقيق حمولات الشعار، لكن المقصد هو الاحتفاظ بالجماهير كورقة ضغط في صراع الأحزاب و القوى المدنية تجاه المكون العسكري، و رغم ذلك انقسم الشارع تماما، و أختل ميزان القوى، لآن العقل السياسي كان محدود القدرة المعرفية، و عجز عن استخدام الفكر في عملية التغيير، و وقف عند الشعار، لذلك فشلت كل القوى السياسية أن تقدم مشروعا متكاملا بالهدف الرئيس هو " عملية التحول الديمقراطية" الكل تبنى الشعار بهدف الوصول للسلطة.. و الآن إذا تتبعنا مسار الشعار السياسي تجده أصبح بديلا عن الفكرة، و الفرق بينهما أن الشعار هو الغاية و الهدف المراد تحقيقه، و الفكرة هي البرنامج المدروس الذي يوصل لتحقيق الهدف... أن الإشكالية التي تواجه الأحزاب منذ بداية الثورة حتى الآن غياب المفكرين عن الساحة السياسية، حيث أصبح القيادات في الأحزاب السياسية يغلب عليها العمل التنفيذي، أي إنها ذات قدرات محدودة، و هي المعضلة التي تقود للفشل السياسي، و هي مدركة لعجزها لذلك تحاول دائما أن تستغل الشعار بصورة أكبر لكي تغطي به عجزها، و هي تعلم ان أغليية الجماهير لا تسألها عن كيفية تحقيق الشعار، لأنها تقف عند حدود ترديد الهتاف من خلال الجوقة و الموسيقى بسلوك جمعي. و معلوم أن السلوك الجماعي يعطل عملية التفكير..
و أنظروا إلي كل الشعارات الصادرة من القوى السياسية منذ إندلاع الثورة حتى الآن، و التي يرددها الخاصة و العامة، تجدها شعارات لا تتحول إلي واقع، لأنها صنعت لقصور مفاهيمي جعلها محدودة الفاعلية، فقط يمكن أن تتحول إلي هتاف يردده الناس، و ليس مشروعا يراد تنفيذه في الواقع، و بالتالي تفقد الشعارات مغذاها، و تصبح أداة للجدل البيزنطي بين النخب، و هنا تتبين أزمة البلاد في غياب العقل منتج الفكر. نسأل الله حسن البصيرة..

zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

العالم يتغير

د. طارق عشيري

يشهد العالم في السنوات الأخيرة تحولات سياسية عميقة تعكس تغيرًا في موازين القوى ونمط إدارة العلاقات الدولية. فبعد عقود من الهيمنة الغربية وقيادة النظام الدولي بقيادة أحادية، بدأت ملامح نظام عالمي جديد تتشكل، تتعدد فيه الأقطاب وتتصاعد فيه التحديات العابرة للحدود.

وقد أسهمت الأزمات الكبرى، مثل جائحة كورونا، الحرب في أوكرانيا، وتصاعد النزاعات في مناطق متعددة، في كشف هشاشة النظام الدولي التقليدي، ودفعت الدول والمنظمات إلى إعادة النظر في استراتيجياتها. في هذا السياق، أصبحت مفاهيم السيادة، التعاون الدولي، والمصلحة القومية تأخذ أشكالًا جديدة، مما يفرض قراءة جديدة للواقع عالميا.

وفي ظل هذا التغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم، بات من الواضح أن الخريطة السياسية الدولية لم تعد كما كانت؛ إذ لم تعد القوى التقليدية تحتكر القرار العالمي، وظهور قوى أخرى مثل الصين والهند وروسيا غيّر ملامح المعادلات القديمة. إلى جانب ذلك، فإن الأزمات المتلاحقة، من جائحة كورونا إلى الحروب الإقليمية، كشفت عن عمق الخلل في النظام العالمي، وعجز المؤسسات الدولية عن مواكبة حجم التحديات.

ومنذ نهاية الحرب الباردة وحتى أوائل القرن الحادي والعشرين، كانت السياسة العالمية تتسم بثبات نسبي وهيمنة واضحة للولايات المتحدة. أما اليوم، فقد دخل العالم مرحلة جديدة تتسم بالتعددية القطبية، وعودة الصراعات الجيوسياسية، وانقسام الرؤى حول النظام الدولي. هذه التغيرات ليست طارئة، بل هي نتيجة تراكمات سياسية واقتصادية واجتماعية أعادت تشكيل المشهد العالمي.

بينما تعاني دول من ويلات الحروب والأزمات، وتحتدم المنافسة بين القوى الكبرى على النفوذ والسيطرة، تتغير قواعد اللعبة السياسية في العالم. فالتحالفات تتحول، والثقة في المؤسسات الدولية تتآكل، والقرارات المصيرية أصبحت رهينة لموازين القوى بدلًا من القيم العالمية المشتركة. في هذا الواقع الجديد، يتعين علينا أن نعيد النظر في فهمنا للسياسة العالمية وأدواتها.

تغيّر السياسة العالمية أصبح من أبرز سمات العصر الحديث، ويتأثر بعدة عوامل متشابكة، منها الاقتصادية والتكنولوجية والبيئية والعسكرية.

وبعد سقوط الاتحاد السوفيتي، سيطرت أمريكا على المشهد العالمي كقوة وحيدة، لكن الآن تظهر قوى جديدة مثل الصين، وروسيا، والهند، وحتى تكتلات إقليمية كالاتحاد الأوروبي والبريكس، مما يعيد تشكيل ميزان القوى نحو عالم متعدد الأقطاب.

الصين أصبحت منافسًا اقتصاديًا واستراتيجيًا مباشرًا للولايات المتحدة، خاصة في مجالات التكنولوجيا، والتمويل الدولي، والطموحات الجيوسياسية مثل مبادرة الحزام والطريق.

وهناك دول كثيرة، تزايد الشعور لديها بأن الديمقراطية الليبرالية لم تعد تُلبي طموحات الشعوب، مما أدى إلى صعود التيارات اليمينية والقومية، كما نرى في أمريكا وأوروبا.

نشهد حروبًا بالوكالة في عدة مناطق مثل أوكرانيا، واليمن، والسودان، وسوريا، وأفريقيا. الدول الكبرى تتجنب المواجهة المباشرة وتلجأ لدعم أطراف محلية.

 والحديث عن النظام الدولي الحالي الذي يُعد غير فعّال في حل النزاعات، خاصة مع هيمنة الدول الخمس دائمة العضوية، ما يدفع الكثيرين للمطالبة بإصلاحات جوهرية.

وظهور ادوات عديدة شكلت جزء من تغير العالم منها الذكاء الاصطناعي، والهجمات السيبرانية، والتضليل الإعلامي أصبحت أدوات جديدة في السياسة. والحروب الحديثة لا تُخاض فقط بالسلاح، بل بالمعلومة والبيانات أيضًا.

وتغير المناخ ادى إلى نزاعات على المياه، والغذاء، والهجرة الجماعية، مما يفرض تحديات جديدة على الأمن العالمي ويعيد تشكيل أولويات السياسات الخارجية للدول.

هذه ملامح عابرة عن تغير العالم، ومجاهل السياسية العميقة، أردنا ان نفتح بعضا منها لعلماء الدراسات الاستراتيجية والأكاديميين للكتابة عن ما يحدث من تغييرات في عالم اليوم.

مقالات مشابهة

  • محافظ إدلب يبحث مع مدير الشؤون السياسية سبل التعاون للنهوض بالواقع السياسي للمحافظة
  • ارتفاع إصابات الحصبة في تكساس الأمريكية.. وتسجيل حالتي وفاة لطفلين
  • الوزير الشعار لرجال أعمال سوريين مغتربين بمصر: سيتم اتخاذ كلّ ‏الاجراءات لتسهيل العودة إلى سوريا
  • دوري نجوم العراق.. شغب الجماهير يؤجل مباراة نوروز وزاخو
  • العالم يتغير
  • نادي السويحلي: لن نقبل بمنع الجماهير من حضور المباريات
  • إمبراطورية «الاستعباد التجاري».. من يمولها وكيف تتحايل على الجماهير؟
  • الدويش يكشف تعامل الجماهير مع خسائر الأندية الكبرى
  • محمد صلاح يحتفل مع الجماهير بعد فوز ليفربول على ليستر سيتي
  • وزير الاقتصاد والصناعة: سنسعى لتشكيل هيئة رجال الأعمال السوريين ‏الأمريكان ‏