الآلاف من سكان دير الزور بسوريا دون وثائق شخصية
تاريخ النشر: 12th, May 2024 GMT
دير الزور- بعد سنوات من الحرب والحملات الأمنية والسلطات المتعاقبة، بات أهالي محافظة دير الزور شرقي سوريا يواجهون معضلة فقدان وثائقهم الشخصية، من هويات وجوازات سفر وبطاقات الأسرة، ما جعلهم أمام تحديات عديدة تتعلق بالحرمان من حرية الحركة، في ظل معالجة غير مُرضية من قبل الإدارة الذاتية التي تحكم شمال شرق سوريا.
وبدأت مشكلة فاقدي الوثائق في محافظة دير الزور، مع انقسام السيطرة عليها بين فصائل المعارضة وجيش النظام منتصف عام 2012، وتزايد أعداد المواطنين المطلوبين للأجهزة الأمنية الذين يخشون التوجه إلى مديرية السجلات المدنية، بسبب وقوعها تحت سيطرة قوات النظام.
وتفاقمت المشكلة بعد سيطرة تنظيم الدولة على المحافظة، في ظل الاعتقالات التي شنها بحق المدنيين وضياع وثائقهم في أقبيته، إلى جانب زواج عناصره الأجانب من نساء محليات دون تقييد للزواج، ليتركن مع أبناء مجهولي النسب والهوية، بعد سقوط آخر معاقل التنظيم بمنطقة الباغوز في مارس/آذار 2019.
المجلس المدني في بلدة جديد بكارة بدير الزور (الجزيرة) مراكز التوثيق المدنيبعد مرور 12 عاما من التغيرات في القوى والسلطات المتعاقبة والحملات الأمنية والقصف والحروب، أصبحت قضية فاقدي الوثائق والأطفال المكتومين (بلا هوية) والمستحقين للوثائق الجديدة أمرا ملحا، يزداد فيها التحدي مع إضافة أعداد جديدة لفاقدي الوثائق يتمثل بنزلاء مخيم الهول من أبناء دير الزور الذين فقدوا وثائقهم خلال الفوضى التي تسببت بها النزاعات في السيطرة على المحافظة أواخر عام 2017.
يقول محامي من دير الزور يقيم في مناطق الإدارة الذاتية -فضل عدم ذكر اسمه- للجزيرة نت، إن فاقدي الوثائق ينقسمون إلى أبناء الأجانب غير المعلومين والمكتومين، وإلى فاقدي الوثائق. ويضيف "كلهم يتمتعون بجنسية الجمهورية العربية السورية من الناحية القانونية النظرية في حال كانت الأم ومكان الولادة سوريا".
وتسعى الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا لتعويض فاقدي الوثائق الشخصية من خلال وثائق خاصة تصدرها المؤسسات التابعة لها، حيث يقوم مركز التوثيق المدني بدير الزور بإصدار العديد من الوثائق الشخصية للسكان، مثل البطاقة الشخصية والبطاقة العائلية.
كما يقيد المركز الولادات والوفيات وحالات الزواج والطلاق، حسب ما يقول الموظف في مركز التوثيق المدني ساري اللامي (اسم مستعار) في حديثه للجزيرة نت، حيث "أصدرت المراكز قرابة 15 ألف بيان عائلي، و25 ألف قيد فردي مؤخرا"، وهذا يوضح ضخامة أعداد فاقدي الوثائق من السكان.
ويوضح اللامي أن مراكز التوثيق المدني تشترط أن يبرز فاقدو الوثائق مرجعا تعريفيا لهم من المركز، إلى جانب اصطحاب شاهدين إلى مختار الحي، وتنظيم ضبط من مركز الأمن الداخلي بدير الزور، ثم تمنحهم ورقة تعد بمثابة البطاقة الشخصية صلاحيتها 3 أشهر فقط.
فيما يقول العضو في مجلس بلدة جديد بكارة المدني خضر المنسي (اسم مستعار) للجزيرة نت، إنه على الرغم من اعتراف الإدارة الذاتية بكل الأوراق والثبوتيات التي تصدر منها، فإن المقاطعات لا تعترف بالأوراق الصادرة من مقاطعات أخرى في نفس الإقليم الخاضع لسيطرة الإدارة، وهذا ما يسبب عائقا آخر أمام المدنيين.
حاجز لقوات "قسد" على الطريق الواصل بين الحسكة ودير الزور (الجزيرة) وثائق محدودة التأثيرالعديد من الحاصلين على الوثائق الشخصية من الإدارة الذاتية تحدثوا عن عدم اعتراف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) بالوثائق الصادرة عن الإدارة.
وأفاد إبراهيم الغالب (اسم مستعار)، وهو أحد الحاصلين على البطاقة الشخصية من الإدارة، بأنه "لا يتم الاعتراف بها في معظم الحواجز، وهي غير صالحة للتنقل بين مراكز المدن".
ويستدرك في حديثه مع الجزيرة نت "يرتبط استخدام هذه الوثائق في الحصول على المحروقات والخبز المدعوم وغيرها من الخدمات التي تقدمها الإدارة الذاتية للأهالي، وفي بعض الأحيان لا يستطيع حاملها حتى الحصول على هذه الخدمات".
أنور الخاير، وهو مدني فاقد للهوية الشخصية، تحدث للجزيرة نت عن تجربته مع حواجز قسد، قائلا إن عناصر قوات سوريا الديمقراطية يعتبرون هذه الوثائق سهلة التزوير، وبالتالي يطالبون بوثائق صادرة عن النظام، مثل دفتر العائلة أو الهوية أو جواز السفر أو رخصة القيادة.
من جهة أخرى، تخشى العديد من الزوجات السابقات لمقاتلي تنظيم الدولة الأجانب، من التوجه إلى مراكز التوثيق المدني لتسجيل أبنائهن، لأن المراكز تشترط أن تشرح الزوجة وضعها للمحكمة لتثبيت زواجها، ثم تتوجه إلى مركز الأمن الداخلي لتنظيم ضبوط بأبنائها إذا كانوا في سن فوق 3 أشهر.
وتجعل هذه الإجراءات أولئك النسوة يخشين استخراج الوثائق الشخصية خوفا من اعتقالهن أو إرسالهن إلى مخيم الهول، حسب ما تقول أم سالم (اسم مستعار) للجزيرة نت، وهي زوجة سابقة لمقاتل أجنبي في التنظيم قتل بضربة من طائرة مسيّرة شمال دير الزور، وترك لها 3 أولاد وبنتين دون أن تستطيع تسجيلهم في السجل المدني السوري في مناطق النظام بسبب الخوف من الملاحقة الأمنية.
وتضيف أم سالم "حصلت على وثائق شخصية من مراكز التوثيق المدني التابعة للإدارة الذاتية لاستلام المعونات والخدمات والحصول على اللقاحات اللازمة للأطفال ودخولهم إلى المدارس، لكن ذلك لا يسمح لهم بالتحرك خارج مناطق الإدارة الذاتية، ولا يضمن لهم أي مستقبل سوى ما توفره الموارد المحلية في مناطقها".
مخيم للنازحين في بلدة محيميدة غربي دير الزور (الجزيرة) عيادة قانونيةفي الأثناء، تحاول بعض المنظمات المساهمة بمساعدة فاقدي الوثائق، لكن تلك المساهمة ما زالت محدودة ومقتصرة على برامج التوعية، بحسب ما يقول المحامي والقانوني رامي العساف للجزيرة نت.
وتدعم منظمة "المعهد الديمقراطي الوطني للشؤون الدولية" منظمات محلية لافتتاح ما سمته "العيادة القانونية"، وهي مكتب يديره محام يتم تعيينه من قبل الإدارة الذاتية لتقديم الاستشارة القانونية لفاقدي الوثائق مثل التوجه إلى مركز التوثيق المدني.
في حين تدرس برامج مدعومة من الخارجية الأميركية تفعيل السجل المدني بدير الزور، ومنح بطاقة تعريفية إلكترونية لكل سكان مناطق الإدارة الذاتية، وبطاقة إقامة دائمة للنازحين، بدل "بطاقة الوافد" التي تشترط الإدارة على النازحين في بعض مقاطعاتها استخراجها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات الإدارة الذاتیة الوثائق الشخصیة بدیر الزور للجزیرة نت دیر الزور
إقرأ أيضاً:
أطلق سراحه في العراق.. إسرائيل تغتال صيدًا ثمينًا لأمريكا بسوريا
بغداد اليوم - متابعة
أفاد مسؤول دفاعي أمريكي كبير، اليوم السبت (23 تشرين الثاني 2024)/ بأن قائداً كبيراً في حزب الله اللبناني كان ساعد في التخطيط لإحدى أجرأ وأعقد الهجمات ضد القوات الأمريكية، خلال حرب العراق، قُتل في غارة إسرائيلية على سوريا.
وأضاف المسؤول وفقا لوسائل إعلام دولية، بأن" المقصود هو القيادي علي موسى دقدوق، وقتل في ضربة إسرائيلية على سوريا غير معروفة التفاصيل".
كما أوضح أن" بلاده لا تملك أي معلومات عن حيثيات الضربة من حيث موعد حدوثها ومكانها في سوريا، وفيما إذا كان هدفها دقدوق تحديداً، وفقا لشبكة "NBC".
وتابع أن" القوات الأمريكية كانت اعتقلت علي موسى دقدوق، بعد مداهمة عام 2007، عقب عملية قتل فيها عناصرُ يتنكرون في صورة فريق أمن أمريكي، 5 جنود أمريكيين، ثم أطلقت السلطات العراقية سراحه لاحقاً.
أما الغارة المعقدة التي ساعد دقدوق في التخطيط لها، فكشف أنها حدثت في مجمع عسكري مشترك أمريكي-عراقي في كربلاء في 20 يناير/كانون الثاني من عام 2007.
وعن التفاصيل، اتضح أن مجموعة من الرجال تنكروا في زي فريق أمن عسكري أمريكي، وحملوا أسلحة أمريكية، وبعضهم كان يتحدث الإنجليزية، ما جعلهم يَعبرون من عدة نقاط تفتيش حتى وصلوا قرب مبنى كان يؤوي جنوداً أمريكيين وعراقيين.
أتى هذا في حين كانت المنشأة جزءاً من مجموعة من المنشآت المعروفة باسم "محطات الأمن المشترك" في العراق، حيث كانت القوات الأمريكية تعيش وتعمل مع الشرطة والجنود العراقيين، إذ كان هناك أكثر من 20 جندياً أمريكياً في المكان عندما وصل المسلّحون.
وبينما حاصرت العناصر المسلّحة المبنى، واستخدموا القنابل اليدوية والمتفجرات لاختراق المدخل، قُتل جندي أمريكي في انفجار قنبلة يدوية.
ثم بعد دخولهم، أَسَر المسلّحون جنديين أمريكيين داخل المبنى، واثنين آخرين خارج المبنى، قبل أن يهربوا بسرعة في سيارات دفع رباعي كانت في انتظارهم.
إلى ذلك، طاردت مروحيات هجومية أمريكية القافلة، ما دفع المسلحين لترك سياراتهم والهروب سيراً على الأقدام، وخلال عملية الهرب أطلقوا النار على الجنود الأمريكيين الأربعة.
وفي آذار 2007، ألقت القوات الأمريكية القبض على دقدوق وحققت معه لعدة سنوات، ثم سلَّمته إلى السلطات العراقية في ديسمبر /كانون الأول 2011، الذي عاد بدوره للعمل مع حزب الله بعد فترة وجيزة من إطلاق سراحه.
يذكر أنه منذ بدء النزاع في سوريا العام 2011، شنّت إسرائيل مئات الضربات الجوية في هذا البلد، مستهدفة ما قالت إسرائيل إنها أهداف إيرانية وأخرى لحزب الله، لكن وتيرة هذه الغارات الإسرائيلية زادت في الأسابيع الأخيرة مع احتدام الحرب الإسرائيلية على لبنان.
ونادرا ما تؤكّد تل أبيب تنفيذ ضربات في سوريا، لكنها تشدد باستمرار على أنها ستتصدى لمحاولات إيران ترسيخ وجودها العسكري في سوريا، كما أنها لم تذكر أي تفاصيل عن احتمال مقتل دقدوق أو غيره.