“رسوم متحركة من سم”.. تنتهك براءة الطفولة وتهدد مبادئ الإسلام والقيم العربية (تقرير خاص)
تاريخ النشر: 12th, May 2024 GMT
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ من هبة التبعي
يعاني قصي محمد ذو الخامسة ربيعا من التوحد، ولا يتقبل وجود أي شخص غريب في منزلهم ويرفض الخروج منه حتى برفقة والديه، تقول والدته سميرة الصنوي أن مسلسلات الكرتون هي من تسببت في ذلك كما أخبرها الأطباء.
“أعمل سكرتارية في إحدى المرافق وزوجي مغترب في السعودية، لذا أترك أطفالي برفقة التلفاز لمشاهدة مسلسلات وأفلام الكرتون في المنزل وأذهب إلى العمل، كوني أراهم ينسجمون مع الكرتون ويشغلهم مما يمكنني بالقيام بأعمالي بشكل أفضل”، تقول الصنوي.
وتضيف أم قصي لموقع “يمن مونيتور”، أن ابنها الأول ذو التسعة أعوام يميل للعدوانية، دائما ويقوم بحركات خطيرة قد تعرضه للخطر بدون وعي، حتى أن احيانا يضربها بطريقة غريبة غير واعية، مشيرة أن هذه الحركات نفسها اكتسبها من مسلسلات الكرتون التي تحتوي على مشاهد العنف بشكل أكبر، حيث لاحظت في الفترة الأخيرة.
وتؤكد نجلاء الحسني أن السنوات الأولى من حياة الطفل حاسمة في تشكيل شخصية الطفل من جميع النواحي العقلية والنفسية والاجتماعية الانفعالية؛ لذا يجب إعطاء هذه الفترة قدر كبير من الاهتمام سواء من الأمهات أو التربويين.
وتسترسل الحسني وقد أخذت الدكتوراه في أصول التربية:” للأسف الكثير من الأمهات يتركن أولادهن لساعات طويلة أمام التلفاز أو شاشات أجهزتهم المحمولة وكذلك تفعل مدراس ورياض الأطفال؛ بغرض التسلية واللهو، بدون الانتباه للمحتوى الذي يعرض لهم غير مدركين الأفكار المندسة في محتوى الأطفال والذي يؤثر على قيمهم والمفاهيم في هذه المرحلة الحساسة”.
وسيلة الطفل الأولى
لا يوجد حتى الآن في أدبيات علم النفس والاطفال وسيكولوجية مرحلة الطفولة ما يفسر سر ولع الأطفال بالمشاهد الكرتونية والرسوم المتحركة وإن كانوا في الستة الأشهر الأولى من عمرهم، على الرغم من أنهم لا يفهمون شيئا إلا أنها تفصلهم تماما عما يحيط بهم وينجذبون إليها نفسيا وتستحوذ على جل اهتمامهم، والعلماء المختصون يشيرون إلى أن هذه المسلسلات تخاطب حواس السمع والبصر وبتالي يكون تأثيره أقوى وأسرع من أدوات الاتصال الأخرى.
المحتوى الكرتوني هو الوسيلة المفضلة لدى الأطفال واسلوب التربية والترفيه الأول، منذ أن ظهر هذا المحتوى في العالم العربي وهو يحمل رسالة سامية وهدف تعليمي إيجابي ينشئ الأطفال تنشئة إسلامية حسنة، وذلك تحديدا عندما كانت القنوات التلفزيونية محدودة ولا نمتلك مواقع إلكترونية أو سوشال ميديا، كانت المسلسلات الأجنبية وحدها من تحمل غزو فكري للشباب بعيدة عن المحتوى الخاص بالأطفال، أما الآن عندما أصبحت المواقع الالكترونية في متناول الجميع وتعددت القنوات التلفزيونية الخاصة بالأطفال والكثير من الأفكار المنافية للعقيدة الإسلامية والثقافة العربية والأدب العام تدس في محتوى الأطفال بطرق مباشرة وغير مباشرة، أي في مسلسلات وأفلام الكرتون التي تصنعها شركات أجنبية وتعرضها قنوات عربية مدبلجة لغتها الأصيلة إلى لغة عربية.
محتوى هابط يستهدف الاطفال
تفيد آية خالد لموقع ” يمن مونيتور” صحافية مهتمة بقضايا الأطفال :” من خلال دراستنا لمحتوى الأطفال وما يعرض لهم محليا ودوليا غير تعليمي وهو عبارة عن محتوى مبتذل يكسبهم سلوكيات سيئة خصوصا في المرحلة العمرية الثانية إلى الرابعة”.
وترى آية وهي صاحبة منصة إكسير الطفولة، المنصة الأولى في اليمن التي تهتم بقضايا الأطفال، أن هذه المرحلة العمرية يقوم الطفل فيها بدور المتلقي ويخزن سلوكيات وتصرفات وحركات ستبقى أساسيات مخزنة في عقله سيبني عليها أفكار ووجهات نظر، وعندما تترك أمام الطفل شخصيات يعتبرها قدوة بمشاهد مخلة بالأدب ومواقف فيها إيحاءات جنسية وسلوكيات غير سوية ستؤثر عليه بالفعل.
” حتى أن هناك رسوم متحركة تقدم أناشيد فيها لمسات لأماكن حساسة بشكل مخجل وبطريقة تنتهك حقوق الطفل، انحدار وابتذال كثير يظهر بمحتوى الأطفال، حيث اصبح التقبيل بالفم بين الأطفال شيء طبيعي ورؤية الأعضاء التناسلية بين الأطفال شيء غير مخجل، الأطفال خطير جدا حيث أن هذا الجيل هو جيل الذكاء الاصطناعي والتقنيات يفهم الايحاءات ويتأثر بسرعة وهذا يؤثر على عقليته ويخل بالبراءة”، تسترسل آية.
مشاهد تثير الجدل
تعرض العديد من المشاهد التي تروج لأفكار سلبية تهدم العقيدة وتعاكس الفطرة السليمة على الشاشة العربية، حيث بدأ يتجه الغرب إلى جعل العالم يتقبل ويتعايش مع الشذوذ الجنسين وجعلت من المسلسلات الكرتونية والإنمي وسيلة لتحقيق هذا الهدف، في حلقة BIVALIV ROCK –a-BYE من المسلسل الكرتوني ” SpongeBob”” الذي يعرض على قناة “Mbc3″ الذي ظهر بطل المسلسل سبونج بوب مرتدي ملابس نساء يلعب فيه دور الأم ويقيم في منزل مع صديقه باتريك نجم البحر المعروف ب ” بسيط” وينجبان طفل، هذا مشاهد واضح يروج للمثلية والشذوذ، وكذلك ظهر سبونج بوب وهو يشاهد مشاهد إباحية في غرفته الخاصة ثم دخل عليه جاري، فأغلق التلفاز، مشهد لعدة ثواني لكن ما الغرض من دس مثل هذه المشاهد للأطفال!
الكثير من الأعمال الكرتونية التي تنتجها شركة ” ديزني” التابعة للولايات المتحدة الأمريكية والتي تبث معظم أعمالها على قناة cn بالعربية ” كارتون نتورك”، والتي معظمها تحتوي على محتوى جنسي وغير أخلاقي وتروج لفكرة الشذوذ الجنسي بشكل مباشر، كظهور العديد من الشخصيات من أصل الجنس الواحد متزوجين ويعيشون في منزل واحد أو يقيمون علاقة غرامية مثل “الجميلة والوحش” وكرتون “العم جدو”، وجهت العديد من الانتقادات لهذه القناة من قبل الجمهور العربي تروج للمثلية، فغيرت القناة شعارها بعلم المثلية الواضح.
مسلسل ” ذا سيمبسونز” الشهير الذي يحمل هدف خطير فهو ذو بعد سياسي وعاطفي يمثل المجتمع الأمريكي بأفكاره وثقافته ويحتوي على ألفاظ بذيئة ومشاهد غير أخلاقية ومغرية وايحاءات جنسية وعرض أفكار ماسونية تمثل منظمات سرية، وكذلك فهو يهين قيم الأسرة ويشجع على السلوك المنحط وإهانة الشخصيات العامة في البلدان.
كما أن هناك العديد من المسلسلات التي تروج لأفكار سلبية وغير مهذبة تعرض على معظم القنوات العربية واليمنية أيضا مسلسل ” توم وجيري” التي تؤثر على الأطفال مباشر من خلال العدوانية والتحايل والكراهية والعنف وظهور مشاهد التدخين وربطها بالرجولة اعتباره شيء يتفاخر فيه وكذلك الكحول وتعاطي مواد ضارة، بالإضافة مسلسل “ماشا والدب” الذي يعلم الأطفال أذية الأخرين والتبرير تصرفات ماشا الخاطئة قد يتعلم الأطفال منها ويطبقها على أرض الواقع.
رسوم بحبر من سم
تقول حياة حسان لموقع ” يمن مونيتور” حول هذه الرسوم:” هذه القنوات غرضها هدم مبادئنا الإسلامية والعربية، حيث تصور لهم أن ممارسة السحر مستحب وأن الجن والسحرة هم أساس قوة الخير في الكون، وأنهم المسؤولين عن المطر إحلال الصيف والشتاء والتحكم بالعاصفة والطبيعة وتقسيم الأرزاق واعتبارهم الأيادي الخفية التي تساعد البشر”.
وترى حياة وهي أستاذة في التربية الإسلامية في مدرسة 7 يوليو بمدينة تعز، أن هذه الأفكار تؤثر على عقيدة الأطفال كمسلمين وتجعلهم يتعرضون لمحتوى يروج لأفكار المسيحية التي تؤمن بالتخليف تارة في مسلسلات معينة ولفكرة الكفر والالحاد في مسلسلات أخرى وعدم التوحيد كالتوضيح أن الكون عبارة عن صدفة والطبيعة خلقت نفسها.
عندمها شاهدت حياة بعض هذه المسلسلات بالصدفة وفهمت الأفكار التي تروج لها هذه المسلسلات قامت بحذف قناة cn” بالعربية” وقناة ” بطوط” المصرية التي تبث مشاهد خليعة وتصور للأطفال أن من الضروري بإقامة علاقات غرامية محرمة من خلال عرض مشاهد رومانسية بين الاصدقاء .
قلق الأهالي”رسوم متحركة من سم”.. تنتهك براءة الطفولة وتهدد مبادئ الإسلام والقيم العربية (تقرير خاص)
تعرب حياة حسان عن قلقها من هذه المسلسلات والقنوات التي تتزايد يوما والأخر، تستهدف عقول الأطفال، فيجعلهم يستهلون الأمور المخالفة لقيمهم وعقيدتهم الإسلامية وهذا يصعب على الوالدين عملية التربية وترسيخ مبادئ الإسلام والعقيدة في نفوس الأطفال.
وتردف:” هذا المحتوى يهدد العقيدة وتستصعب علينا عملية اقناع أطفالنا بالتوحيد والإيمان بالله ، نحن محتاجون بشدة إلى محتوى كرتوني منتج عربيا ليمثل القيم والمبادئ الدين الحنيف ويلائم بيتنا العربية المحافظة”.
وكذلك بعض أولياء الأمور يركزون على المحتوى الكرتوني الغالب وهو من هذا النوع غالبا ويكتبون في صفحاتهم الخاصة على منصات التواصل الاجتماعي حول هذا، وبدأت صفات عربية تنبه وتلاحظ الامر.
” يجب على أولياء الأمور الانتباه للأطفال والتحكم بالمحتوى الذي يعرض على أطفالهم واختيار المحتوى المناسب الذي يكسب الطفل سلوكيات ايجابية، وتفعيل دور الرقابة من قبل وزارة الإعلام والطفل وحقوق الإنسان والحكومات والجهات المعنية لأي محتوى يعرض “، تؤكد آية خالد.
تأثيرات أخرى
ليست العقيدة والأخلاق فقط من تتأثر بل لإدمان مشاهدة مسلسلات الكرتون أيضا تأثيرات فسيولوجية واضحة، حسب ماريا حمود، أخصائية نفسية، فإن هذه الرسوم المتحركة تمد الطفل بخيال واسع مفزع يهدد القيم والمعتقدات المنطقية وتفوق استيعاب الطفل، فعندما يجد فجوة كبيرة بين واقعه وما يشاهده فيشعر باضطراب ولخبطة.
وتضيف ماريا بأن المشاهدة الطويلة للكرتون تأثر سلبا على مستوى ذكاء الأطفال ويكبح خياله ويقلل من قدرته الذهنية على التفكير، إلى جانب ميوله إلى العنف بسبب تركيز الأفلام على مشاهد العنف والدماء والسحر والشعوذة واللعب بالأرواح والشياطين والجن، ويؤثر هذا على سلوكه فيظهر بصورة افتعال الازمات بين الأخوة والاصدقاء، ناهيك عن انشغاله عن الحركة والرياضة وممارسة العاب الذكاء.
ظهور هكذا مسلسلات وأفلام كرتون مخلة بالأدب تحتوي على أفكار عقائدية منافية للإسلام والفطرة الإنسانية تعد كارثة كبيرة تشكل خطر واضح على الحاضر والمستقبل القريب، حيث أن الغرب منذ صراعهم وهدفهم الأول هدم الإسلام والقضاء عليه، لذا هم يسعون بكل الوسائل لإحلال الثقافة الغربية محل الثقافة الإسلامية والعربية في المأكل والمشرب والملبس والفكر والمعتقد والسلوك، والطفل أخطر مستهدف من قبلهم لأنه سهل لاستهداف وعديم المقاومة لأي فكرة مهما كانت غير منطقية، فيستطيعون تشكيل عقليتهم وذواتهم كما يشاءون بسهوله، وتسلخه عن واقعه وارتباطه بالمجتمع منحدرا اتجاه أفكارهم ومعتقداتهم.
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: الرسم الطفولة اليمن محتوى الأطفال هذه المسلسلات یمن مونیتور العدید من أن هذه
إقرأ أيضاً:
خطوات علمية وعملية لغرس حب القراءة لدى الأطفال
بمناسبة حلول شهر مارس (أذار) شهر القراءة الوطني في الإمارات، ناقش موقع 24 عدداً من الأدباء والأكاديميين، حول كيفية غرس حب القراءة لدى الأطفال، وجعلها عادة يومية لديهم، موضحين دور الأسرة والمدرسة في خلق هذه المهارة، وتنميتها لدى الجيل، برغم التحديات الكبيرة التي تواجه الأطفال، مثل الألعاب الإلكترونية وغيرها.
تقول الباحثة الأكاديمية والأديبة الدكتورة فاطمة حمد المزروعي: "الاهتمام بتربية الطفل، جزء منه إدارة حياته الشخصية، لأن الطفل بحاجة إلى اهتمام ورعاية من أهله، وينبغي مساعدته على التخطيط لحياته، وإدارة الحياة تشتمل على أمور عدة، منها كيف ينظم وقته ويستغله، بحيث يحقق أهدافه وأحلامه من خلال تطوير قدراته ومهاراته، بحسب ما يتطلع إليه وما يرنو له في هذه الحياة، بداية نغطي احتياجات الطفل، أثناء إدارة الحياة، نقرأ للطفل ونستمع له ونعطيه الحب، والعناية وأيضاً لا بد أن نلعب معه".
وتضيف "يجب أن يعرف الطفل لماذا يقرأ، فهو يقرأ كي يعرف نفسه ويعرف ما هي إيجابياته ويعرف الحياة، فالقراءة مهمة جداً حتى نفهم أنفسنا، ونفهم كيف نتصرف في مواجهة ما نتعرض له من مشاكل في الحياة، سواء كانت مشكلات صغيرة أم كبيرة، فهو يفهم نفسه ويتعرف على تجارب الآخرين ويفهم الناس الذين يراهم، ويعرف طباعهم من خلال القراءة، سواء كانت قراءة من كتاب ورقي أو الكتروني أو صوتي.
كما أن القراءة تزرع القيم الروحية لدى الطفل، وتزيد من الحس الوطني عنده، لذلك كان لدينا عشرية القراءة، وانطلق أول عام للقراءة في 2016، وبعد عام سيكون مر عليه 10 سنوات، وسنتعرف على أهم ما تم تحقيقه خلال هذه السنوات، وما الذي تحقق منها".
وتوضح الدكتورة المزروعي: "الطفل عندما يقرأ تتحسن حصيلته اللغوية ومهارة الكتابة لديه وطلاقته بالكلام، وهذا ينعكس على ثقته بنفسه، ويزيد من نسبة ذكائه فهو يشغل وقته بما يفيد، ويستطيع أن يقرأ كتبا متنوعة، وينبغي على الأهل التركيز على القراءة وليس على نوعية الكتب، مثلاً في بريطانيا يميل الأطفال إلى الكتب الصوتية، وفي دول أخرى الأهل يشجعون على الكتب الورقية، وتوجد ملخصات الكتب وغيرها، وهناك أيضاً كتب تفاعلية تشجع على القراءة، وكي نعمل على ترسيخ القراءة كعادة لدى الطفل، نبتعد عن جعل القراءة وسيلة لعقاب الطفل، كأن يمنع من النزهة أو من الألعاب الألكترونية، ويتم إجباره على القراءة، لا بد أن نبتعد عن ذلك تماما، وأن نحرص أن لا يصف الطفل علاقته بالقراءة بأنها علاقة سلبية، كأن يقول مثلاً القراءة مملة، لا أحب القراءة، وغيرها، من تعبيرات".
وتتابع: "تترسخ عادة القراءة عند الأطفال مبكرا منذ الصغر منذ قدرتهم على الإمساك بالكتاب، ثم نبدأ نزيد لهم وقت القراءة بالتدريج حتى نصل إلى حد مناسب لظروف دراسته، كما أن ربط عادة القراءة بعادة يومية مثل قبل النوم، وجد أنها تزيد من حب الطفل للقراءة، وفي المرحلة الأولى تختار الأم الكتب المناسبة للطفل، وعندما يكبر قليلاً لا بد أن نترك له المجال كي يختار ما يقرأ، وأثناء القراءة يجب أن نبتعد عن مواقع التواصل الاجتماعي، سواء كان يقرأ كتاباً إلكترونياً أو ورقياً، لأنها تبعث تنبيهات وإشارات، ورسائل بالتالي تقطع التركيز والحضور الذهني وتقطع عليه القراءة، وبالتالي ينصرف الطفل وحتى الكبير ويترك الكتاب الذي بين يديه، وهناك الكثير من الأندية التي تقام للقراءة، ويفضل أيضا أن تكون القراءة داخل المنزل لقراءة كتاب معين ويشجع الطفل على القراءة".
وتؤكد الدكتورة فاطمة المزروعي: "من المهم أن نبدأ بعمر مبكر وأن يكون الوالدان قدوة، وأن تكون لديه عادة قراءة بداية ولو نصف ساعة يوميا، ونشجعه على قراءة الكتب والقصص والمجلات، وأن نصطحبه بشكل دوري على المكتبات ويختار كتبه بنفسه، وأن لا يجبر على القراءة، وأن يخصص ركن في البيت في غرفته يضع فيه كتبه، كما أن الانضمام إلى نادي القراءة في المدرسة والاشتراك في مسابقات القراءة، والمشاركة في فعاليات المدرسة، وزيارة معارض الكتب، جميعها أمور ترسخ عادة القراءة لدى الطفل".
وتشير إلى "ضرورة أن يكون وقت القراءة ممتعا للطفل، فهو يختار الكتاب، وفي أعمار صغيرة نستطيع أن نستعين بالدمى ليعرف الطفل شخصيات القصة، ونطرح عليه أسئلة حسب العمر، مثلاً نسأله عن النهاية وهل يفكر في حل آخر، أيضا مهم جدا أن يقرأ باللغة العربية ونذكره أنها لغة الدولة الرسمية وأنها رابطة تربطنا نحن العرب ومن يحب العربية، وهي جزء من الهوية وتمكنه أن يقرأ القرآن وأن يعرف تاريخه وتراثه، وهذه اللغة يتكلم فيها أكثر من 400 مليون إنسان حول العالم، وهي لغة العبادة لمليار ونصف المليار مسلم، وساهمت في نهضة المسلمين خلال القرون الوسطى، وهي لغة جميلة متطورة فلا بد أن نعزز ثقة الطفل بلغته العربية، فهي تساعده في تحسين دراسته وقراءته ، كما أن اتقانه للغة العربية يفتح أمامه فرصا للعمل مستقبلاً".
أما الأديب ناصر البكر الزعابي فيقول: "ضمن المبادرات الوطنية لدولة الإمارات، يأتي شهر القراءة الوطني من كل عام تأكيدً لأهمية القراءة و المعرفة في حياتنا، و لا يمكن اختزالها ضمن القطاع الثقافي فحسب، فالقراءة نبض الحياة، تبث روح الأمل و الطموح في نفوسنا، و هذا ما يجب أن نغرسه عند الأطفال واليافعين أيضاً، فلولا القراءة لمّا تمكّنا من التطور والتحوّل إلى عالمٍ عصري حديث، لا بد من تحفيز الأبناء و الطلبة مراراً و تكراراً، و تحديث حصص المطالعة في المكتبات إسوة بالأجيال السابقة التي نهلت من المكتبة المدرسية، فبعيداً عن التنميط الذي صاحب المكتبات، علينا أن نمنح مساحة كافية لشغف القراءة كباراً و صغاراً، و هذا دور أسري و مجتمعي، حيث تغيب الأسر عن مختلف المحافل الثقافية بعكس المأمول".
ويرى الزعابي: "أن إقامة ورش القراءة لمختلف الأعمار، سواء في المدراس أو حتى في الجهات الحكومية و الخاصة، و صقل المواهب الشابّة، و البحث عن مواهب حقيقية، و تخصيص برنامج ثقافي خاص لهذه المواهب، و إشراك الأسر في هذه البرامج من ناحية الحضور أو المشاركة الفاعلة في الملتقيات و الندوات".
ويدعو إلى أهمية استغلال الأسماء النقدية القديرة التي تمتلك خبرات وتجارب خاصة في أدب ومسرح الطفل، فهم الأقدر على تشخيص و تطوير هذا الجيل الذي ترعرع في عالم تقني رقمي مغاير عن الأجيال السابقة، و من الطبيعي أن يتأثّر سلباً بهذه التقنيات، فالوصول إلى شغف القراءة يحتاج إلى خطوات مدروسة و جهود حقيقية ملموسة من الأسرة.
ويقول الباحث والأكاديمي الدكتور محمد عيسى الحوراني من جامعة العين: "عند الحديث عن عملية القراءة لا بدّ لنا أن نقف على عملية الكتابة التي تعد عصارة تجارب الآخرين وخلاصة أفكارهم، ومن هنا تنبع أهمية القراءة فهي مهارة اكتساب المعارف والخبرات من خلال المادة المقروءة، وهي كما يرى العقاد تضيف حياة إلى حياة، وكما قال أحد الشعراء:
ومن وعى التاريخ في صدره أضاف أعماراً إلى عمره
فكل مقروء يصبح جزءاً من حياة القارئ ومكوناً أساسياً من مكونات شخصيته، ألا ترى أن شخصية الإنسان ما هي إلا نتاج ممارساته الحياتية وتلقيه تجارب الأخرين وحصائد ثقافاتهم.
والقراءة منهل أصيل للثقافة العامة والمتخصصة، ولله درّ ابن خلدون عندما عرّف الثقافة فقال: "إنها الأخذ من كل علم بطرف" وبها يقاس المثقف وميوله واتجاهاته ومعارفه، وتملأ القارئ ثقة بالنفس، وحصافة في التفكير وعمقا في النقاش، وسعة في المدارك، وهي مطلب للكبار والصغار، للتعليم والعمل والاطلاع والمتعة.
والأمم الحية تعي أهمية القراءة، وتدرك أن بناء المجتمع يبدأ من خلالها، وقد رسخّت الإمارات هذه الأهمية عبر مبادرات كثيرة توجت بشهر القراءة، ليكون المجتمع برمته قارئاً متفاعلاً مع بيئته ومحيطه وإنسانيته، وأطفالنا هم الأكثر استهدافا لتنمية مهارة القراءة لديهم، وتحويلها من مجرد سلوك تعليمي إلى عادة يومية ورغبة حقيقية في الاكتشاف والاطلاع، وتحويلها إلى متعة تنافس الألعاب الإلكترونية والمشاهدات التلفزية وغيرها، فكيف نغرس حب القراءة لدى أطفالنا؟
وعن دور الأسرة يوضح الدكتور الحوراني: "يكتسب الأطفال عاداتهم من الأبوين والإخوة الكبار بدءا، وعليه فإن الأسرة القارئة تنتج أبناء قارئين، ولعل الوالدين والإخوة الكبار يدركون أهمية القدوة لصغارهم، فيخصصون وقتا مناسبا للجميع لممارسة القراءة يوميا لمدة ساعة قد تزيد أو تقصر، والهدف منها أن تصبح سلوكا أسريا، ويتم اختيار الكتب المناسبة للفئات العمرية ولا سيما الأطفال، ولمزيد من الفاعلية نستمع لقراءات أطفالنا ونشجعهم على تداول ما يقرؤون، ونبني لهم مكتبة خاصة في المنزل تناسب أعمارهم".
وبالنسبة لدور المدرسة يضيف: "إذا كانت الأسرة هي المؤسسة، فإن المدرسة هي الحاضنة والموجهة، فمن الضرورة تفعيل دور المكتبات المدرسية، وحصص القراءة الأسبوعية، وتنظيم المسابقات القرائية، وتحفيز الطلبة على اقتناء الكتب وفق الأعمار والمراحل الدراسية، والتركيز على تخصيص وقت في المدرسة وآخر في المنزل كواجبات قرائية نختار لهم فيها كتبا شيقة مناسبة ومنافسة للألعاب الإلكترونية".