الجزيرة:
2025-02-01@15:59:36 GMT

نتنياهو مخادع لكن سياسة بايدن أكثر سوءًا

تاريخ النشر: 12th, May 2024 GMT

نتنياهو مخادع لكن سياسة بايدن أكثر سوءًا

مع دخول الحرب الإسرائيليّة على غزة منعطفًا حاسمًا بتحرُّك الجيش الإسرائيلي نحو منطقة رفح وسيطرته على الجانب الفلسطينيّ من معبر رفح البري مع مصر، قرّر الرئيس الأميركي جو بايدن تعليقَ شحنة أسلحة كانت مُخصصة لإسرائيل في أول إجراء عقابي ضدها منذ اندلاع الحرب، ولوّح بحجب مزيد من الأسلحة عنها في حال نفذت اجتياحًا بريًا واسعًا في المنطقة.

ويُظهر تصعيد بايدن ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن الولايات المتحدة لن تكون مستعدة بعد الآن للتغاضي عن مساعي نتنياهو لدفع الحرب إلى نقطة أكثر خطورة.

منذ اليوم الأول للحرب وضع نتنياهو ثلاثة أهداف رئيسية لها، وهي: استعادة الرهائن، والقضاء على حركة حماس، ومنع أن تُشكل غزة تهديدًا مستقبليًا لأمن إسرائيل. وعندما يُصر الآن على مواصلة الحرب فإنه يُظهر تصميمًا على تنفيذ ما سبق أن تعهّد به. لكن معارضته مقترح الصفقة الأخير، الذي قبلته حركة حماس، يكشف أن المرونة، التي تصنّع بها مع جهود الوسطاء، لم تعْدُ كونها أحد أساليبه المخادعة؛ لتضليل الرأي العام الإسرائيلي والعالم، ولمحاولة كسب مزيد من الوقت؛ لمواصلة الحرب لأطول فترة مُمكنة.

إن فكرة تحقيق نصر بالطريقة التي يُريدها نتنياهو، فقدت واقعيّتها منذ فترة طويلة، وهو ما يدفعُه إلى إعادة تصميم إستراتيجيته في الحرب؛ للحفاظ على ائتلافه الحكومي مع شركائه المهووسين بقتل الفلسطينيين وتهجيرهم

مع ذلك، فإن سياسة بايدن في الحرب كانت حتى وقت قصير جدًا أكثر سوءًا من نتنياهو نفسه؛ لأنّها صُممت منذ البداية، على غرار مُعظم السياسة الغربية، لتتلاءم تمامًا مع بعض النتائج التي أراد نتنياهو الوصول إليها اليوم. ويبدو من الصعب معرفة ما إذا كان نهج بايدن الجديد مع نتنياهو قادرًا على عكس المسار؛ لأن الأخير لم يعد يولي أهمية لتجنب فقدان دعم الولايات المتحدة، بالقدر الذي يوليه لاستمرار الحرب، والحفاظ على ائتلافه الحكومي مع شركائه المتطرفين.

على مدى أشهر طويلة من هذه الحرب، عارضت الولايات المتحدة، الكثيرَ من الخطوات الإسرائيلية، لكنها لم تنجح في منع حدوثها. ولا يرجع ذلك إلى أن إدارة بايدن لم تكن قادرة على ممارسة ما يكفي من الضغط على نتنياهو؛ لتجنب هذه الخطوات، بل لأنها ظلت لفترة طويلة تُفضل التماهي مع نتنياهو، لدرجة أنه أصبح يعتقد على نحو متزايد أن بايدن أكثر خداعًا منه. لذلك، لن يكون للإجراءات العقابية الأميركية ضد إسرائيل والتلويح بمزيد منها، أية قيمة مؤثرة، إذا لم تنجح في منع نتنياهو من مواصلة المضي قدمًا في السيطرة على رفح.

لأن الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية كبيرة في هذه النتائج الكارثية للحرب؛ كونها قدّمت لإسرائيل كافة أشكال الدعم العسكري والسياسي والاقتصادي، فإن مسألة رفح تُقدم فرصة لبايدن للتكفير عن بعض الذنوب التي ارتكبها، إذا ما نجح في إجبار نتنياهو على التخلي عن هدف رفح، والقبول بإبرام صفقة مع حركة حماس تؤدّي إلى إنهاء الحرب.

يُدرك الفلسطينيون -كما كثير من الإسرائيليين ممن سئموا وعود نتنياهو المتكررة باقتراب النصر- أنه مُخادع، وأن المطالب التي يطرحها في المفاوضات مُصممة لإفشال أية صفقة بقدر أكبر من الوصول إليها. كما أن تحرك الجيش الإسرائيلي نحو رفح بعد ساعات قليلة من قبول حماس مقترح الوسطاء القطريين والمصريين، يؤكد أن نتنياهو ليس مُستعدًا بعدُ لقبول صفقة تُجبره على الاعتراف بفشل تحقيق أهداف الحرب.

وعندما أعلنت حركة حماس قبولها مقترح الوسطاء، كانت تعلم مُسبقًا أن نتنياهو سيُعارضه. لذلك، كان قبولها مُصممًا بدرجة أساسية لكشف خديعة نتنياهو أمام العالم، وإفساد اللعبة المزدوجة التي مارسها مع الأميركيين خلال الأسابيع الماضية من المفاوضات؛ لإظهار أنّ الحركة عائق أمام إنجاز الصفقة.

لم يكن العالم بحاجة إلى دليل آخر على أن نتنياهو لا يُريد لهذه الحرب أن تنتهي. وقد يكون التحرك الإسرائيلي الجزئي في رفح مُصممًا للضغط على حركة حماس؛ لانتزاع صفقة بشروط أفضل لنتنياهو. وقد يفاقم توسيع الهجوم على رفح من التوترات الأميركية الإسرائيلية. لكنّ الحقيقة الثابتة حتى الآن أنّ واشنطن لم تمارس بعدُ نفوذها القوي على نتنياهو، لإجباره على التفكير في مخرج للحرب.

قال الرئيس بايدن في 7 مايو/ أيار الجاري؛ إنّ الولايات المتحدة ستبقى تُظهر التزامها بدعم إسرائيل حتى في الوقت الذي لا ترضى فيه عن طريقة إدارة نتنياهو للحرب. كيف يُمكن لواشنطن إذًا أن تُحول غضبها من نتنياهو إلى ممارسات عملية تُجبره على تغيير إدارته للحرب، إذا كانت تُبلغه بشكل صريح بأنّها ستبقى تدعمه بمعزل عن أي شيء؟

على الرغم من أن بعض العقبات، التي تظهر في تفاصيل مشروع الصفقة، يُمكن للوسطاء التغلب عليها من خلال تدوير الزوايا بين مطالب حماس وإسرائيل، لكنّ العقبة الكبرى، التي تعترض هذه الصفقة، تتمثل في نتنياهو، الذي يُريد مواصلة الحرب من أجل الحرب فقط. ولا يوجد طرفٌ قادرٌ على إزالة هذه العقبة سوى الولايات المتّحدة.

إن فكرة تحقيق نصر بالطريقة التي يُريدها نتنياهو، فقدت واقعيّتها منذ فترة طويلة، وهو ما يدفعُه إلى إعادة تصميم إستراتيجيته في الحرب؛ للحفاظ على ائتلافه الحكومي مع شركائه المهووسين بقتل الفلسطينيين وتهجيرهم، وإعادة احتلال قطاع غزّة، ونشر الاستيطان فيه. ورضوخ العالم الآن لخديعته بشأن رفح، يمنحه شعورًا بالقدرة على مواصلة الحرب لأطول فترة مُمكنة، وبتكاليف محدودة على علاقات إسرائيل بالولايات المتحدة والعالم.

ولأن إدارة الرئيس بايدن قبلت أن تكون منخرطة في خديعة نتنياهو، كما كانت شريكة سياسيًا وعسكريًا في المذبحة التي يرتكبها في غزة، فإنها أصبحت عُرضة لابتزازه أكثر من أي وقت مضى. لم يتبقَّ على الانتخابات الرئاسية الأميركية سوى بضعة أشهر، وهو ما يحدّ من خيارات بايدن للتوفيق بين التماهي مع سياسات نتنياهو في الحرب وبين الحدّ من آثارها على فرص إعادة انتخابه.

ولنتذكّر أن طلاب الجامعات الأميركية، الذين انتفضوا للمطالبة بإنهاء الحرب، أدانوا السياسة الأميركية في الحرب بقدر أكبر من إدانة إسرائيل. لقد أحدثت سياسة بايدن في الحرب ضررًا داخليًا كبيرًا له، وتسببت بضرر بالغ لمكانة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. ويبدو من الصعب عليه إصلاح هذا الضرر بالكامل بأي حال. لكنّ قضية رفح تُقدم له فرصة لإصلاح بعض الضّرر.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات الولایات المتحدة مواصلة الحرب حرکة حماس فی الحرب التی ی

إقرأ أيضاً:

يديعوت: هذه هي الملفات التي سيناقشها نتنياهو مع ترامب

من المتوقع أن يغادر رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأحد المقبل في زيارة سياسية إلى الولايات المتحدة، حيث ستكون النقطة الأهم فيها هي لقاء شخصي مع الرئيس دونالد ترامب.

وجاء في تقرير لصحيفة "يديعوت أحرونوت" أعده مراسلها السيسي إيتمار آيخنر، أنه وفي هذا اللقاء المرتقب "سيحاول الزعيمان وضع سياسة مشتركة بشأن العديد من المواضيع، بما في ذلك إيران ومستقبل قطاع غزة".

وذكر التقرير أنه "في إسرائيل يُعطى هذا الاجتماع أهمية كبيرة ويُنظر إليه كفرصة لصياغة سياسة تجاه المنطقة، حيث أن ترامب على الرغم من أن له غريزته الخاصة ويتحدث عن الشرق الأوسط قبل توليه المنصب وبعده، إلا أن العديد من القرارات لم تُتخذ بعد في إدارته، لذلك، يأمل نتنياهو أن يتمكن من التأثير على صياغة سياسة ترامب خلال الاجتماع".

وأوضح أن "الموضوع الأول من حيث الأهمية بالنسبة لإسرائيل هو التهديد الوجودي من إيران، بينما بالنسبة لترامب، فإن القضية الإيرانية تُدرج ضمن الهيكلية الإقليمية، وفي الوقت نفسه، تعتبر وضعية طهران وأوضاعها مهمة أيضًا بالنسبة لدول أخرى في الشرق الأوسط، مثل السعودية والإمارات والبحرين، ولدى الولايات المتحدة التزامات بشأن هذه القضية لا تتعلق فقط بإسرائيل".


ويذكر أن "إسرائيل" ترغب في رؤية عقوبات أمريكية قاسية ضد إيران، مع وجود خيار عسكري موثوق.
خلال ولايته السابقة، فرض ترامب عقوبات صارمة على إيران، ولكن لم يُقِم تهديدا عسكريا موازيا، في الوقت نفسه، الرسالة التي أرسلها ترامب هي أن طهران لن تحصل على قنبلة نووية، والنقاش يدور حول كيفية ضمان تحقيق هذا الهدف. 

وأكد التقرير إنه "من غير المتوقع أن يبدأ ترامب في القيام بعمل عسكري ضد إيران، لأنه في رؤيته لا يريد فتح حروب وإيران ليست حربه، لكنه بالتأكيد يمكنه مساعدتهم في حروب الآخرين، وبذلك يحرر ترامب نفسه من التناقض بين الرغبة في أن يكون صانع سلام وقدرته على مساعدة إسرائيل في الفوز في حروبها".

وأضاف أنه "في إسرائيل، يتوقعون سماع خطط ترامب بشأن القضية الإيرانية، وهل ينوي الدخول في حوار دبلوماسي معهم في محاولة للتوصل إلى اتفاق نووي جديد، والقضية الإيرانية مرتبطة أيضًا بخطط ترامب بشأن السعودية، وفقًا لرغبة الأمريكيين في توسيع اتفاقات أبراهام، ومندوب ترامب للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، زار السعودية هذا الأسبوع، بعد أسبوع من تنصيبه".

وأشار التقرير إلى أن "الموضوع المركزي الآخر الذي سيُطرح هو الأسرى ومستقبل قطاع غزة، إذ يُعتبرون قضية ملحة، مقارنة برؤية عامة حول غزة، لأنه من الواضح للجميع أن قضية القطاع لن تُحل في غضون 19 يومًا، وهي الفترة المخصصة للمفاوضات حول المرحلة الثانية من صفقة الأسرى، من اليوم الـ16 حتى اليوم الـ35 من قرار وقف إطلاق النار، وحتى ويتكوف لم يحدد موقفه بعد بشأن الموضوع، ويكرر الأمريكيون موقفهم بأنه يجب التأكد من أن غزة لن تكون ملاذًا آمنًا للإرهابيين، في ظل الحاجة الملحة لإنقاذ جميع الأسرى".

 من المتوقع أن يحاول ترامب ونتنياهو التوصل إلى تفاهم حول التوتر بين الموضوعين خلال اجتماعهما.

ويذكر أن الرئيس المنتهية ولايته، جو بايدن، والرئيس الجديد ترامب تعهدا أمام نتنياهو (شفهيًا وكتابيًا) أنه إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن استمرار صفقة الأسرى، فلن تُعتبر العودة إلى القتال انتهاكًا للاتفاق. 

ومع ذلك، من الواضح لجميع الأطراف أن الموضوع أكثر تعقيدًا: الأمريكيون منشغلون ببناء أعمدة السياسة الاستراتيجية، حيث أن كل قضية تتداخل مع الأخرى، ويريد ترامب التحدث مع نتنياهو بشأن الأمور لتشكيل السياسة العامة، ومن المحتمل جدا أن يطلب منه عدم العودة إلى القتال، على الأقل لفترة زمنية معينة.


وأكد التقرير "في إسرائيل تفاجأوا جدًا من تصريحات ترامب حول إمكانية نقل نصف سكان غزة إلى الأردن أو مصر لإعادة إعمار القطاع، ولم تتم مناقشة هذا السيناريو بجدية في إسرائيل، وليس من الواضح مدى إيمان ترامب بأن هذه الخيار واقعي، وربما هو يطلق بالون اختبار ليرى ردود الفعل على الفكرة، والتي قوبلت في العالم العربي والإسلامي ببرود شديد حتى الآن، بينما يعتزم ترامب مناقشة موضوع ما بعد القتال مع نتنياهو، ومن المتوقع أن يسأله بشكل صريح: "ما هي خططك؟".

وأضاف التقرير "أوضح السعوديون لإسرائيل أنهم لن يتمكنوا من المضي قدمًا في التطبيع دون وقف إطلاق النار، والآن بعد أن تم التوصل إلى وقف إطلاق نار هش، سيكون السعوديون في موقف صعب إذا عادت إسرائيل إلى القتال، وسط توقعات إسرائيلية من ترامب تحرك وفريقه حول وضع الموضوع السعودي بالتحديد، بينما يعتقد كبار المسؤولين في إسرائيل أنه قد يكون من الصعب إغلاق التطبيع قبل إتمام المرحلة الأولى من الصفقة".

ومن المتوقع أن يناقش ترامب ونتنياهو أيضًا أوامر الاعتقال الصادرة ضده وضد وزير الحرب السابق، يوآف غالانت، من قبل المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، وكذلك فرض العقوبات على المدعي العام، كريم خان، وأعضاء فريقه. 

وسيناقش الطرفان أيضا استمرار نقل الأسلحة من الولايات المتحدة إلى "إسرائيل"، ووقف إطلاق النار في لبنان، وكذلك الحكومة الجديدة في سوريا.

مقالات مشابهة

  • مقال في فورين أفيرز: هذا ثمن سياسة القوة التي ينتهجها ترامب
  • عادل الباز يكتب: سياسة ترمب تجاه السودان
  • هدد بإسقاط حكومة نتنياهو.. سموتريتش يتوقع عودة الحرب على حماس
  • سموتريتش: نتنياهو وترمب ملتزمان بإزالة حماس من حكم غزة
  • يديعوت: هذه هي الملفات التي سيناقشها نتنياهو مع ترامب
  • وزير المالية الإسرائيلي: نتنياهو وترامب ملتزمان بعزل حماس من حكم غزة
  • ترجيح إسرائيلي بنية نتنياهو التوجه إلى واشنطن بنية استئناف الحرب
  • هذه هي الرسائل التي بعثت بها الولايات المتحدة لنتنياهو بشأن مراحل اتفاق غزة
  • “هآرتس”: الحشود التي تعبر نِتساريم حطّمت وهم النصر المطلق‎
  • “هآرتس”: صور الحشود التي تعبر نِتساريم تُحطّم وهم النصر المطلق‎