كيف ستنعكس زيارة البارزاني لإيران على علاقة أربيل بطهران؟
تاريخ النشر: 12th, May 2024 GMT
أثارت زيارة رئيس إقليم كردستان العراق، نيجيرفان البارزاني إلى إيران ولقائه بكبار القادة والمسؤولين، جملة من التساؤلات، خصوصا أنها جاءت بعد استهداف حقل غازي في مدينة السليمانية بطائرة مسيرة، ووجه الاتهام فيها إلى المليشيات الموالية لإيران.
وفي 5 أيار/ مايو الجاري، أجرى رئيس إقليم كردستان العراق زيارة إلى إيران استمرت مدة ثلاثة أيام، التقى خلالها بالمرشد الأعلى للبلاد علي خامنئي والرئيس إبراهيم رئيسي ورئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، وقائد الحرس الثوري، حسين سلامي.
واتفق البارزاني والقادة الإيرانيين على توطيد العلاقات في المستقبل والابتعاد عن كل ما يوترها، وخصوصا ما يتعلق بالأحزاب الكردية الإيرانية المعارضة المتواجدة في كردستان العراق، والتي سبق أن أعلنت السلطات في أربيل أنها أبعدتهم عن الحدود إيران.
"خطوط حمراء"
تعليقا على ذلك، قال المحلل السياسي من إقليم كردستان العراق، شاهو القرة داغي، إن "الهدف من تواجد رئيس الإقليم نيجيرفان البارزاني في إيران واللقاء بالمسؤولين البارزين وصنّاع القرار، وخاصة المرشد الإيراني علي خامنئي، هو إعادة العلاقة بين طهران والحزب الديمقراطي الكردستاني (الحاكم) إلى مسارها الطبيعي".
وأوضح القرة داغي في حديث لـ"عربي21" أن "الزيارة تأتي بعد المشكلات التي شهدتها العلاقة بين الطرفين، خاصة عمليات القصف المباشرة التي شنها الحرس الثوري على أربيل، ويبدو أن هذا الأمر تحقق نوعا ما نظراً للترحيب الإيراني والتأكيد على التعاون وتنمية العلاقات التجارية".
ورأى المحلل السياسي أن "الزيارة في وقت مهم تتعرض فيه أربيل إلى ضغوطات من أطراف في الإطار التنسيقي (الشيعي) والمحكمة الاتحادية في بغداد"، مؤكدا أن "أسرع نتائج هذه الزيارة هو صدور قرار للمحكمة يصب في صالح أربيل بخصوص الانتخابات البرلمانية".
وأثناء تواجد نيجيرفان البارزاني في طهران، أصدرت المحكمة الاتحادية في العراق قرارا أنهى أزمة حادة مع كردستان، بعدما ألغت، في 7 أيار الجاري، حكما سابقا قلّص عدد مقاعد برلمان الإقليم.
وأصدرت المحكمة "أمرا ولائيا" لإيقاف آليّة توزيع مقاعد البرلمان، بعد طلب تقدّم به رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني. وتعني عبارة "الأمر الولائي" في القانون العراقي، أن المحكمة تتحفظ بشكل مؤقت على قرار سابق لها، إلى حين الفصل النهائي في النزاع.
وقضت المحكمة، في 21 شباط/ فبراير الماضي، بعدم دستوريّة مواد في قانون انتخابات برلمان إقليم كردستان، وقلصت مقاعده من 111 إلى 110 مقاعد بعد إلغاء حصة الأقليات.
واحتجاجا على القرار، أعلن الحزب الديمقراطي الكردستاني، في آذار/ مارس الماضي مقاطعة الانتخابات وهدّد بالانسحاب من العمليّة السياسية، متهما المحكمة الاتحادية بالتدخل في شؤون الإقليم.
وأكد القرة داغي أن "الإقليم يعمل على تقوية البنى التحتية في مجال الطاقة، وهذا الأمر يتطلب استتاب الأمن وإنهاء عمليات التخريب والقصف، ولكن يبدو أن طهران لديها خطوطا حمراء بخصوص ملف الطاقة ولا يمكن ترويضها بسهولة".
ولفت المحلل السياسي إلى أن "إيران تشعر أن تطوير قطاع الطاقة في العراق سيؤثر عليها مستقبلا، وبالتالي قد يستمر الجانب الإيراني في إرسال رسائله عن طريق الفصائل المسلحة".
واتهم القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، ووزير الخارجية العراقي الأسبق، هوشيار زيباري، المليشيات الموالية لإيران بالوقوف وراء الهجوم على حقل كورمور الغازي بمدينة السليمانية في 27 نيسان/ أبريل الماضي، وعدّه استهدافا ممنهجا لاقتصاد إقليم كردستان العراق.
"إزالة المشكلات"
وفي المقابل، استبعد المحلل السياسي العراقي، حيدر الموسوي، أن تكون بالضرورة ثمة علاقة بين زيارة نيجيرفان البارزاني إلى إيران، والاستهداف الأخير الذي طال الحقل الغازي في السليمانية.
ورأى الموسوي في حديث لـ"عربي21" أن "الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم، يعتقد أن الهجمات الصاروخية ضد الإقليم، وقرارات المحكمة الاتحادية كانت تستهدفه بشكل مباشر أو غير مباشر، لذلك يشعر بأنه جرى وضعه في خانة المعادين لإيران".
وتابع: "لذلك أوفد الحزب الديمقراطي نيجيرفان البارزاني كونه الشخصية الأكثر هدوءا ومعروف بدبلوماسيته العالية، وكان استقباله جيدا من الجانب الإيراني، بالتالي يُعتقد بأن الزيارة ستنهي بعض الأمور، وخصوصا الجامعات الكردية الإيرانية المعارضة المتواجدة في إقليم كردستان".
وبحسب الموسوي، فإن "الحزب الديمقراطي تعهّد للإيرانيين بأنه سيكون متعاونا بشكل كبير في القضاء على هذه الجماعات، في مقابل عودة إيران إلى العلاقة الوطيدة السابقة مع الحزب الذي كان حليفا لهم، بحيث إذا تعرّض إلى ضغوط من بغداد فإن طهران ستتدخل لصالحه".
ولفت إلى أن "الإيرانيين سيعملون على مساعدة الحزب الديمقراطي، ومن الواضح أن نيجيرفان البارزاني طلب منهم ذلك، وشكى لهم بعض المعاناة في الداخل العراقي، كون الحزب يعتقد أن التأثير الإيراني واضح على بعض الأطراف السياسية".
وأردف: "بالتالي من الممكن أن تؤثر إيران على الجهات التي تستهدف الإقليم أو تحاول أن تستهدفه مستقبلا، وتنهي ذلك تماما. لكن هذا يعتمد على ما يقدمه الإقليم من ضمانات".
وخلص الموسوي إلى أن "الإيرانيين يعتقدون أن الحزب الديمقراطي هو مسؤول عن تواجد جماعات أو عناصر قد تكون مرتبطة ليست فقط بمعارضين أكراد، وإنما بجهات إسرائيلية، وهذا الأمر يهدد أمنها القومي، وأنها لن تسمح بذلك إطلاقا، وسترد عليه بشكل أو بآخر".
وتوصل إلى أن "الرد الإيراني على إسرائيل في 14 نيسان/ أبريل الماضي، كان محفزا لأربيل حتى تعود من جديد إلى الفهم بأن إيران ليست دولة هشة أو ضعيفة، وإنما ما زالت قوية في المنطقة ولها نفوذ ولديها حلفاء، وبالتالي عليها أن تعيد تطبيع العلاقة معها بشكل أفضل مما هي عليه اليوم".
وفي السياق ذاته، أكد ممثل كردستان العراق في إيران، ناظم دباغ، أنه بعد زيارة نيجيرفان البارزاني إلى طهران، سنشهد بالتأكيد تطور التعاون السياسي والأمني والاقتصادي بين إيران والإقليم، لافتا إلى السعي لتجنب المشكلات السابقة بين إيران والإقليم.
وأكد خلال مقابلة مع وكالة "إرنا" الرسمية، السبت، أن "البارزاني أكد أنه لا يحق لأي مجموعة القيام بأعمال ضد المصالح الوطنية والأمن القومي الإيراني من أي نقطة في كردستان العراق، وفي المقابل لا ينبغي لمجموعات من الجانب الإيراني أن تتخذ إجراءات ضد مصالح وأمن الإقليم".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية كردستان إيران إيران كردستان نيجرفان البارزاني المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحزب الدیمقراطی الکردستانی إقلیم کردستان العراق المحکمة الاتحادیة المحلل السیاسی إلى أن
إقرأ أيضاً:
بغداد وواشنطن.. شراكة نفطية أم علاقة اضطرارية؟
16 مارس، 2025
بغداد/المسلة: كشفت إدارة معلومات الطاقة الأميركية، في تقريرها الأخير، أن العراق صدر نحو 5 ملايين برميل من النفط إلى الولايات المتحدة خلال فبراير/شباط الماضي، مسجلاً تراجعاً مقارنة بشهر يناير/كانون الثاني، الذي تجاوزت فيه الصادرات 6 ملايين برميل. هذه الأرقام تسلط الضوء على التحولات التي تشهدها العلاقات الاقتصادية بين بغداد وواشنطن في ظل الضغوط المتزايدة على قطاع الطاقة العراقي.
تراجع الصادرات وتباين المعدلات اليومية
وأظهرت البيانات أن صادرات العراق إلى الولايات المتحدة شهدت تذبذباً في معدلاتها اليومية، حيث بدأت عند 257 ألف برميل يومياً في الأسبوع الأول، ثم تراجعت إلى 228 ألفاً في الأسبوع الثاني، لتصل إلى أدنى مستوياتها عند 46 ألف برميل فقط في الأسبوع الثالث، قبل أن ترتفع مجدداً إلى 170 ألف برميل يومياً في الأسبوع الأخير.
ورغم التراجع، احتل العراق المرتبة السادسة بين أكبر مصدري النفط إلى الولايات المتحدة، والثانية عربياً بعد السعودية، وهو ما يشير إلى استمرار الدور العراقي في تغذية السوق الأميركية رغم تقلبات الإنتاج والأسعار.
ويرى الدكتور طارق الزبيدي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة بغداد، أن العراق يسعى إلى تعزيز التعاون مع واشنطن لتأمين استقرار إمداداته النفطية، لا سيما في ظل التوترات الإقليمية والعقوبات المفروضة على إيران. ويربط الزبيدي التغير في حجم الصادرات بعوامل عدة، منها التقلبات الموسمية وقرارات منظمة أوبك، لكنه يشير إلى أن العراق يحاول المناورة لتفادي أزمات أكبر قد تهدد اقتصاده.
في هذا السياق، يؤكد المدير العام لشركة نفط البصرة، باسم عبد الكريم، أن العراق يتجاوب بسرعة مع المتغيرات في الأسواق الأميركية للحفاظ على حصته وضمان عدم تأثر إمدادات الغاز التي يعتمد عليها لتشغيل محطات الكهرباء، في ظل المخاوف من إلغاء الإعفاءات الأميركية الخاصة بالعقوبات على إيران.
وتعاني المنظومة الكهربائية العراقية من أزمات مزمنة، حيث تعتمد بغداد بشكل كبير على الغاز الإيراني، الذي يزودها بحوالي 50 مليون متر مكعب يومياً، ما يغطي نحو ثلث احتياجاتها الكهربائية، أي ما يعادل 6 آلاف ميغاواط. إلا أن هذا الرقم يظل غير كافٍ خلال فترات الذروة، مما يدفع العراق إلى البحث عن بدائل وسط ضغوط واشنطن المتزايدة لتقليص الاعتماد على طهران.
يشدد الزبيدي على أن أي تعطيل للإعفاءات الأميركية سيؤدي إلى نقص حاد في الغاز، مما سيضاعف أزمة الكهرباء، ويضع الحكومة العراقية أمام خيارات صعبة، قد تشمل تقليص صادرات النفط لضمان تلبية الطلب المحلي على الطاقة.
ويبدو أن العراق مضطر إلى التعامل بواقعية مع الولايات المتحدة لضمان عدم تعريض اقتصاده لمزيد من الأزمات. فالنفط، الذي يمثل أكثر من 90% من إيرادات الدولة، يبقى الورقة الأهم في أي مفاوضات، سواء مع واشنطن أو مع أي طرف دولي آخر.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts