يتكلم محمد خليفة، كادر حزب البعث والقحاتي السابق، عن الحقيقة هذه الأيام وكأنه أفلاطون.

فجأة اكتشف جمال وعظمة الحقيقة هذه الأيام ولكن فقط فيما يتعلق بأخبار المعارك وبشكل أخص في حال تعرض الجيش لهزيمة أو تراجع.

حسنا، ماذا عن حقيقة هذه الحرب وطبيعتها؟ ماذا عن الدور الخارجي في دعم الجنجويد بالمال والسلاح والمرتزقة الأجانب؟ ألا يجعلها حربا ضد السودان كدولة وضد الشعب السوداني؟ ويجعل مليشيات الدعم السربع قوة متحالفة مع الخارج ضد الدولة إن لم نقل أنها أصبحت مجرد أداة؟ أليست هذه حقيقة أيضا؟

ويترتب عليها بالضرورة موقف وطني وأخلاقي مساند للجيش وداعم له بشكل قاطع، لأنه يقاتل في معركة دفاع عن الوطن ضد عدون خارجي سافر، تساهم فيه عدة دول بالمال والمرتزقة والسلاح وأشكال الدعم الأخرى.

أليست هذه حقيقة؟

فهذه ليست معركة بين طرفين مستاويين متكافئين لنقف فيها موقف الحياد الموضوعي وكأننا من بلد آخر.

تصوير المعركة وكأنها مباراة كرة قدم بين فريقين هذا ليس انحيازا للحقيقة، هذه مساواة بين مليشيا معتدية تحارب الدولة والشعب وبين جيش يدافع عنهما. هذه خيانة للحقيقة.
محمد خليفة لا يعمل كمراسل صحفي لوكالة أجنبية، هو ناشط سياسي وله مواقف معروفة.

فمن السذاجة التعامل مع ناشط سياسي على أنه باحث عن الحقيقة لوجه الله، خصوصا إذا كان هذا الشخص هو ديسمبري كان يخبرك بأن مدينة كاملة قد خرجت إلى الشارع والحقيقة هي أن ثلاثة أطفال قد أشعلوا لستك وهربوا قبل وصول الشرطة. فالسيد محمد خليفة نفسه جاء واعترف تحت نشوة انتصار ديسمبر بأنه كان يكذب بشأن المظاهرات وبأنه كان يقوم بتضخيم الأخبار بشكل مبالغ فيه، والهدف مفهوم ومبرر وهو التعبئة وإثارة الحماس.

الآن، ماذا كان يسمي من يأتي ليقول الحقيقة وسط هياج ديسمبر؟ بأن المظاهرات ليست بذلك الحجم وأن الشعب ليس كله في الشارع وأن تجمع المهنيين عبارة عن كذبة! سيوصف بأنه خائن، وبأنه ضد الشعب. والسبب مفهوم، وهو أن الصراع هنا ليس حول الحقيقة، فحتى لو قلت الحقيقة فأنت هنا تعبر عن موقف سياسي، والغاية هي الموقف السياسي وليس الحقيقة.

الخلاصة؛ نحن في حرب، ولسنا في مؤتمر علمي أو في مناظرة. الحقيقة تقدر بقدرها، نستخدمها بقدر ما تخدم انتصارنا في الحرب، وحينما تكون الحقيقة خصما علينا فنحن لسنا في مدرسة فلسفية ولا شيء يجبرنا على الاعتراف بالحقيقة وكأننا في سباق، يمكن أن نخفيها، أن نتجاهلها، أو نخفف من وقعها أو حتى أن نكذب. في الحرب الروح المعنوية أهم من الحقيقة. الموضوع في النهاية يحكمه نوع من الحكمة وليس الحب الأعمى لقول الحقيقة. هذا إن كانت حقيقة أساسا.

ففي الواقع الإنساني الحقائق لاتوجد بشكل مجرد موضوعي، فهناك دائما زوايا ومناظير وتأويلات للواقع. عبارة مثل “هل تسير المعركة في صالح الجيش” لا يمكن التعامل معها بشكل موضوعي مثل الحقائق الفيزيائية. عندما يتم طرح هذا السؤال من قبل القادة العسكريين داخل غرف التخطيط فالغرض هو في الغالب تقييم الاستراتيجيات وإعادة تقويمها ان لزم، وليس الخروج بخلاصة مفادها أننا سنخسر الحرب. كذلك في الرأي العام، حينما يكون الهدف هو النقد الإيجابي البناء تكون الإجابة مختلفة عما إذا كان الهدف هو إقرار حقيقة مفادها أن الجيش ضعيف وفاشل منهزم.

حتى لو كانت هذه هي الحقيقة بالفعل، أن الجيش ضعيف وفاشل ومنهزم فهي ليست حقيقة نهائية لأن الجيش يمكن أن يعيد ترتيب صفوفه ويقلب هذه الحقيقة. أفهم أن تقول أن الجيش ضعيف منهزم لأنك تريده أن يعالج هذا الضعف وهذه الهزيمة ومن موقع المؤيد المناصر للجيش، ولكنك حين تقول ذلك وأنت محايد وتطالب بوقف الحرب فأنت خائن.

حليم عباس

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: محمد خلیفة حقیقة هذه أن الجیش

إقرأ أيضاً:

بوريل: إسرائيل تُعد لأكبرِ عملية تطهير منذ الحرب العالمية

تناولت صحف ومواقع عالمية في تغطياتها تداعيات العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، وخصت إحداها الممثل الأعلى السابق للاتحاد الأوروبي بمقال ينتقد فيه إسرائيل وينتقد دعم أوروبا لها، بالإضافة إلى دعوات من إسرائيل لإنهاء الحرب وإجراء انتخابات في إسرائيل.

ورجح الممثل الأعلى السابق للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل، أن يكون الهدف مما تفعله إسرائيل حاليا في غزة هو تهيئة الظروف لتنفيذ أكبرِ عملية تطهير عرقي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

وفي مقال له نشرته صحيفة "لوموند" الفرنسية، أعرب بوريل عن أسفه لعدم نجاحه في إقناع السلطات في الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على إسرائيل بالطريقة نفسها التي فُرضت على روسيا. كما حذر من أن "دعم أوروبا غير المشروط لإسرائيل يهدد بتواطئنا في جرائم ضد الإنسانية".

ومن جهته، دعا الرئيس السابق لجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) عميحاي أيالون مَن سماهم أصدقاء إسرائيل الحقيقيين في الخارج من حكومات وجاليات يهودية، إلى حشد جهودهم للمساعدة على إنهاء الحرب على غزة.

وأضاف أيالون في مقال بصحيفة "غارديان" البريطانية أن "رهائننا في غزة تُركوا لصالح أيدولوجية حكومة متطرفة، ومن طرف رئيس وزراء يسعى جاهدا للتشبث بالسلطة لمصالحه الشخصية".

إعلان

وقال إن 70% من الإسرائيليين يعتقدون ضرورة إنهاء الحرب بشكل شامل مقابل إعادة الأسرى وإجراء انتخابات في أقرب وقت ممكن لاستبدال هذه الحكومة.

ومن جهة أخرى، وصفت صحيفةُ "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية المعركة التي قُـتل فيها جنديان إسرائيليان الأسبوع الماضي في الشجاعية شمال قطاع غزة بأنها الأصعب منذ استئناف الحرب.

سيطرة عالية

وكشفت الصحيفة نقلا عن شهود أن مقاتلين من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) توجهوا نحو الجنود واحدا تلو الآخرِ في قلب الشجاعية، واستمر القتال ساعتين. كما نقلت شهادات تقول إن حماس أعدت بشكل جيد ومحكم لهذه المعركة التي كشفت -حسب الصحيفة- عن مستوى الإدارة والسيطرة العالية لدى الحركة، رغم إعلان الجيش مرة تلو أخرى اغتيال قادة كتيبة الشجاعية.

وبشأن اليمن، نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية عن مسؤولي دفاع أميركيين أن "حاملة الطائرات ترومان (التي سقطت في البحر) كانت تستدير بقوة لتتمركز بشكل أفضل ضد تهديد صواريخ أنصار الله (الحوثيين) وطائراتهم المسيّرة، عندما سقطت الطائرة في الماء"، وأضافت الصحيفة أنه " يُعتقد أن هذه المناورة كانت عاملا مساهما في فقدان الطائرة، ولكنها ليست بالضرورة السبب الوحيد لسقوطها في البحر".

وكان المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع، أعلن الاثنين المنصرم أن قواتهم ردّت على "مجازر العدوان الأميركي" من خلال استهداف حاملة الطائرات "ترومان" وقطعها الحربية في البحر الأحمر.

مقالات مشابهة

  • الأهلي يواصل مفاوضاته لضم خليفة كولر.. أسماء جديدة تنضم للقائمة وحسم موقف فايلر
  • حقيقة استغلال توقف القيد.. هل يدفع تأجيل المفاوضات مع نجم الزمالك لتكرار موقف زيزو؟
  • زيلينسكي: نريد أن تنتهي الحرب بشكل عادل..والكرملين يعتبر اتفاق سلام أمر معقد
  • كشف حقيقة إحباط الإمارات عملية تهريب سلاح غير مشروعة الى الجيش السوداني وقبض خلية تضم صلاح قوش
  • هل يمكن لكوب ماء بارد أن يوقف قلبك بشكل مفاجئ؟: خبير قلب يكشف الحقيقة الطبية
  • بوريل: إسرائيل تُعد لأكبرِ عملية تطهير منذ الحرب العالمية
  • المشهداني يوجه بتشكيل لجنة لحسم ملف حقوق متقاعدي الجيش العراقي السابق
  • الحقيقة تنتصر على الزيف.. الأمم المتحدة تفند مزاعم الجيش السوداني ضد الإمارات
  • البحث عن الحقيقة خارج الكادر.. فرقة المنصورة تقدم "انتحار معلق" بالمهرجان الختامي لنوادي المسرح
  • من يقتل الحقيقة لا يحق له أن يكتب التاريخ