لا خطوطَ حمراءَ أمام الإسناد اليمني لغزة.. نحوَ مراحل تصعيد إضافية
تاريخ النشر: 12th, May 2024 GMT
يمانيون../
بعدَ أسبوعٍ من الإعلان عن المرحلة الرابعة من التصعيد ضد العدوّ الصهيوني، أعلن قائدُ الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، الخميسَ الماضي، أن اليمنَ يدرُسُ أَيْـضاً المضيَّ نحو مرحلة خامسة وسادسة من التصعيد، في رسالة واضحة تؤكّـد عدم وجود سقف معين يحكم مسار معركة إسناد الشعب الفلسطيني، وحرص القيادة اليمنية على أن يبقى المجال مفتوحاً ومرهوناً فقط بالقدرات العسكرية والاعتبارات الأخلاقية.
الأمر الذي يضع العدوّ مجدّدًا أمام حقيقة صعوبة التخلص من التأثير المتصاعد للجبهة اليمنية، وبالتالي صعوبة إزاحة هذه الجبهة عن حسابات المعركة، بما في ذلك تداعيات الاستمرار في الإبادة الجماعية، وتداعيات الذهاب نحو تصعيد عدواني جديد في غزة.
حديث قائد الثورة في خطابه الأخير عن الاستعداد لمراحل تصعيد جديدة مثّل توضيحًا مهمًّا لطبيعة المرحلة الرابعة التي تم الإعلان عنها قبل أسبوع، فبالرغم من أن هذه الأخيرةَ لا تزالُ في بدايتها، فَــإنَّ التطلع إلى مراحلَ أبعدَ يؤكّـد بشكل واضح أن التدرج في التصعيد ليس مناورة سياسية، بل هو مسارٌ مرتبطٌ بعاملين وحيدين حرص السيد القائد على توضيحهما وهما: الضوابط الشرعية الأخلاقية، ومستوى الإمْكَانات والقدرات، معززاً ذلك بالتأكيد على أنه “لا توجد خطوطٌ حمراء” ولا “حساباتٌ سياسيةٌ” تحكم هذا المسار.
هذا التوضيح يجددُ مرةً أُخرى التأكيدَ على أن القيادة اليمنية تواصل الدفع بالموقف العسكري والشعبي إلى المستوى الذي يليق بمنطلقات ودوافع هذا الموقف وبما يفرضه من مسؤولية، وهو مستوى أن يكون اليمنُ جبهةً رئيسيةً في الصراع مع العدوّ الصهيوني، وألا تكون هذه الجبهة مقيدة بأية اعتبارات؛ لأَنَّ حجم المعركة يفرض الذهاب إلى أقصى حَــدٍّ من الانخراط الجاد فيها مهما كانت التحديات، وقد كانت هذه النظرة للمعركة واضحة في خطابات القائد منذ البداية وتجلت أَيْـضاً في طبيعة الخطوات التصعيدية الكبيرة وغير المسبوقة التي اتخذتها القوات المسلحة حتى الآن.
وفي هذا السياق جاء تأكيد قائد الثورة على وجود “خيارات استراتيجية حساسة ومهمة” ليوضح أَيْـضاً أن مسار الجبهة اليمنية يتضمَّنُ إعدادَ أكبر المفاجآت الممكنة للعدو لتثبيتِ معادلة الفعل العسكري التصاعدي والذي يمكّن من مواكبة المعركة المُستمرّة.
هذا الحرص المعلَن على وضع العدوّ أمام حقيقة الإسناد اليمني التصاعدي و”اللامحدود” يهدف لوضع العدوّ ورعاته أمام عدة حقائقَ مهمة أبرزها أن التصعيد في غزةَ، وبالذات في رفح التي تتصدر المشهد حَـاليًّا لن يكون مُجَـرّد حدث يمكن احتواء تداعياته، بل سيؤدي إلى حرائقَ لا يمكن السيطرة عليها، وهذا ما كانت معادلات المرحلة الرابعة من التصعيد اليمني قد ترجمته؛ فالإعلان عن فرض عقوبات على كُـلّ الشركات التي تتعامل مع العدوّ وحظر عبور سفنها، هو زلزال هائل يوازي في قوته ضغطًا عالميًّا كَبيراً على الأعداء.
والحقيقة أن الأمر لا يتعلق برفح فقط، بل باستمرار العدوان الصهيوني على غزة بشكل عام؛ فتأكيد قائد الثورة على عدم وجود اعتبارات وخطوط حمراء تحكم مسار الجبهة اليمنية يعني أن خيارات التصعيد ستستمر بالتزايد بصفة عامة، وتخصيص معادلات معينة للرد على اجتياح رفح لا يناقض ذلك، بل يؤكّـد حرصَ القيادة اليمنية على إيجاد الكثير من الوسائل لإدارة المعركة والتعامل مع متغيِّراتها المتنوعة.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
الغارديان: خطة ترامب لغزة تترك الدول العربية أمام خيار مستحيل
تمر الدول العربية في مأزق كبير بسبب تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وخطته من أجل قطاع غزة وتهجير سكانه ونقلهم إلى دول عربية أعلنت رفضها السابق لهذا المخطط وأكدت أنه يمس بأمنها القومي.
وجاء في تقرير بصحيفة "الغارديان" البريطانية إن "الملك عبد الله ملك الأردن كان يتلوى في المكتب البيضاوي الأسبوع الماضي، عندما سألته الصحافة ودونالد ترامب عن خطة الأخير بشأن غزة.. إنه في موقف حرج، يريد إبقاء ترامب إلى جانبه وفي نفس الوقت عدم الموافقة على التطهير العرقي في غزة".
وأكد التقرير أنه "بعد ذلك مباشرة، قالت مصادر أمنية مصرية مجهولة - ليست أطرافا عرضة للتسريب دون توجيه استراتيجي من السيسي، وأنه لن يقبل دعوة لزيارة واشنطن طالما كانت خطة تهجير غزة على جدول الأعمال، وربما كان هذا أكثر لاستهلاك الجمهور المصري من مصلحة ترامب - فمصر ليست في وضع يسمح لها بجعل الإدارة الجديدة عدوا - لكنه مع ذلك يُظهر مدى صعوبة حصول ترامب على موافقة أقرب حلفاء الولايات المتحدة".
وأوضح أن "السعودية أرجأت زيارة للولايات المتحدة بمجرد أن أعلن ترامب عن نواياه بشأن غزة.. وفي تغيير ملحوظ في النبرة، فقدت السعودية، التي كانت قبل 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 في طريقها إلى التطبيع مع إسرائيل وليست دولة عادة ما تدلي بتصريحات حادة، صبرها، عندما قال بنيامين نتنياهو ساخرا إنه ربما ترغب الرياض في استيعاب الفلسطينيين من غزة فلديهم الكثير من الأراضي، أطلقت وسائل الإعلام الرسمية السعودية عاصفة من الشتائم ضده".
وأضاف التقرير أنه "عندما أعلن ترامب عن خطته، أصدرت السلطات السعودية على الفور بيانا يرفضها، وكانت الحكومة حريصة جدا على الإشارة إلى هذا الرفض لدرجة أنها أصدرت البيان في الساعة الرابعة صباحا بالتوقيت المحلي".
وأكد أن "القادة يحاولون جاهدين معايرة ردودهم في قمة طارئة عقدت على عجل يوم الخميس في السعودية. ولكنهم سيجدون صعوبة في القيام بذلك دون الوقوع في مأزق مع ترامب، أو أعضاء الجمهور العربي أو الرأي العام العالمي بشأن عدم شرعية الخطة".
وقال سفير الإمارات لدى الولايات المتحدة عندما سُئل عما إذا كانت حكومته قادرة على إيجاد "أرضية مشتركة" مع ترامب بشأن غزة: "النهج الحالي سيكون صعبا"، وذلك ربما كان ليتمكن من الإفلات من ذلك. ولكن ربما شعر أن الأمر كان قويا بعض الشيء، فاستمر في القول "نحن جميعا في مجال البحث عن الحلول" ولا "أرى في الحقيقة بديلا لما يتم اقتراحه".
وأكد التقرير أن "المقطع بدأ على الفور في الانتشار على وسائل التواصل الاجتماعي كدليل على تأييد الإمارات للتطهير العرقي، ومن الواضح أنه لا يوجد إجماع على نهج ترامب في غزة، أو حتى كيفية الرد عليه، بين البلدان التي تشكل كتلة سياسية ولكن لديها مصالح متباينة".
والأحد، بدأ ماركو روبيو رحلة إلى "إسرائيل" والشرق الأوسط، والمحادثات التي كان البعض يتجنبها على أرض ترامب يجب أن تتم هناك، والحاجة إلى التوصل إلى خط واستراتيجية مشتركة نيابة عن الدول العربية أصبحت ملحة الآن.
وأضاف أن "المهمة تتلخص في إيجاد حل وسط: فالتملق لترامب ورفض خطته بشأن غزة أمران لا يمكن التوفيق بينهما، وفي كل مرة يتفاعل فيها رئيس دولة واحد مع ترامب أو يُسأل عن غزة، هناك خطر التعليق الذي قد يؤجج المشاعر أو يثير غضب الإمبراطور الأميركي. ويبدو أن القمة العربية أصبحت بعيدة للغاية في حين يحمل كل يوم مناورة أو تهديدات أخرى من جانب ترامب بإنهاء وقف إطلاق النار في غزة".
وقال إن "هذا التدافع هو جزء من مشكلة أكبر. فالدول العربية غير قادرة على الاتفاق على موقف بشأن فلسطين. فقبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، نجحت بعض الدول العربية في تأمين اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل، وكانت جارية مع دول أخرى، وكانت الدولة الفلسطينية احتمالا معقولا ظاهريا يخضع لأسئلة فنية، على الرغم من أن الجميع في الواقع كانوا يعلمون أنها أصبحت بعيدة المنال أكثر من أي وقت مضى. لكن الحرب قتلت هذا الاحتمال، ودفنه ترامب".
ومع ارتفاع المخاطر إلى هذا الحد، فمن المستحيل على الدول العربية أن تتعاون مع "إسرائيل" والولايات المتحدة بشأن غزة وفلسطين بطريقة أو بأخرى دون التراجع عن شيء كبير، والمشهد السياسي متوازن بشكل دقيق.
وأوضح تقرير الصحيفة أن "فمصر والأردن هما الطرفان الأكثر أهمية عندما يتعلق الأمر بأي نزوح للفلسطينيين من غزة بسبب قربهما، وسوف يتأثران أكثر من أي حملة لإعادة التوطين. كما أنهما من كبار المتلقين للمساعدات الخارجية الأميركية مع اقتصادات ضعيفة وحكومات ذات تفويضات غير مستقرة. إن هذه المدفوعات والمساعدات العسكرية هي في جزء منها مكافأة لهذه الدول على كونها أطرافا "مستقرة" في المنطقة، وتعمل كحواجز بين إسرائيل وإيران وحماس وجميع الوكلاء، وتستوعب اللاجئين وتسهل حركة الأصول العسكرية الأميركية عبر المنطقة. إن فقدان المساعدات الأميركية لا يضعف اقتصادات هذه الدول فحسب، بل وأيضا جيوشها وأجهزتها الأمنية وقدرتها على الحفاظ على الرعاية والقمع اللازمين لاستقرار السياسة".
وبين "لكن هناك حسابات أخرى. إن الموافقة على خطة تتضمن طرد الفلسطينيين في جوهرها تحول جميع الدول المستقبلة والميسرة إلى أطراف في ما سيكون ببساطة صراعا أوسع نطاقا ومختلفا بين إسرائيل وفلسطين. وبدلا من أن يكون إبعاد الفلسطينيين من غزة نهاية لشيء ما، فإنه سيكون بداية لشيء آخر، مع رعب النزوح الجماعي على القمة".
وأضاف أنه "أمر لا يمكن فهمه ليس فقط من حيث القسوة والإجرام، ولكن أيضا من حيث التطبيق العملي: بالفعل، 35 بالمئة من سكان الأردن لاجئون. كما أن هناك الملايين من الناس يعيشون في هذه البلدان ــ وربما لا يكون لهم رأي في كيفية إدارة سياستهم، ولكن لديهم رأي. وقد تم إدارة هذا الرأي تاريخيا ولكن لم يتم محوه بأي حال من الأحوال. وليس من الآمن أن نفترض أن التهجير الجماعي للفلسطينيين لن يؤدي إلى انفجار شيء ما، سواء من حيث الخلاف الشعبي، أو استغلاله من قبل اللاعبين السياسيين المتنافسين أو حتى المتطرفين".
وأوضح "تُرغَم الحكومات العربية على مواجهة وتسوية مسألة تمس روح المنطقة المعاصرة ــ ماذا تعني الهوية العربية بعد الآن؟ هل هي مجرد مجموعة من البلدان التي تتحدث نفس اللغة وتتقاسم الحدود، ولكن مع أنظمة ونخب أصبحت متشابكة للغاية مع الغرب بحيث لا يمكن أن تكون قابلة للاستمرار بشروطها الخاصة؟ أم أن هناك بعض الشعور المتبقي بالقدرة على التصرف في تلك الأنظمة، وبعض صدى النزاهة السياسية والواجب تجاه العرب الآخرين".
وقال "لكن إلى جانب الجانب الوجودي، إليكم ما ينبغي للقادة العرب أن يتعلموه من أوامر ترامب لهم بشأن أراضيهم وشعوبهم: إن ثمن الوضع الراهن الذي استقرت فيه الولايات المتحدة أصبح الآن مرتفعا للغاية لدرجة أنه أصبح أقل منطقية على أساس عملي. إن الخضوع لترامب يعني قبول وضع التبعية الكاملة واستدعاء تحديات محلية جديدة، وكل هذا من أجل محسن غير موثوق به. إن تحديه يستلزم إعادة تشكيل كاملة للسياسة في المنطقة قد تبدو هائلة للغاية بحيث لا يمكن التفكير فيها".
وختم بالقول "تجد النخب السياسية العربية نفسها في هذا الموقف المهين بسبب ضعفها التاريخي بشأن فلسطين: إنه تعبير مركّز عن ضعفها واستيلاءها ومصالحها الذاتية قصيرة النظر. لم يعد مستقبل غزة قضية يمكن التعامل معها بمهارة مع حفظ ماء الوجه إلى أجل غير مسمى. إن خطة ترامب هي بوابة للتآكل النهائي لسلامة وسيادة الشرق الأوسط الأوسع".