لا ينفك العلماء عن دراسة لغة الحيوانات لمحاولة فك رموز إشاراتها ودلالاتها، ولكن تلك الجهود المضنية لم تؤت ثمارها؛ فنحن لا نمتلك "حجر رشيد" ليترجم لنا تلك الإشارات الصوتية، والطريقة الوحيدة لفك شفرة اتصالات الحيوانات هي المراقبة الدقيقة لأصواتها وحركاتها.

ومؤخرا، أحدثت تطبيقات الذكاء الاصطناعي ثورة في مجالات شتى، ونشرت دورية "ساينس" في 13 يوليو/تموز الماضي بحثا عن إمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي لفك شفرة أنظمة الاتصال لدى بعض الحيوانات مثل الحيتان والغربان والخفافيش وغيرها.

يقول كريستيان روتز الأستاذ بجامعة سانت أندروز البريطانية، والباحث الأول في الدراسة والخبير في سلوك الحيوانات في البيان الصحفي الذي نشره موقع "فيز دوت أورغ"؛ إن ظهور الذكاء الاصطناعي خلق فرصا واعدة في تطوير الأبحاث العلمية حول فهم سلوك الحيوانات، ولكن في الوقت ذاته هناك مخاطر بالغة يجب مواجهتها.

الذكاء الاصطناعي ولغة الحيوانات

ورغم التقدم الجيد في الأبحاث على مدى العقود القليلة الماضية، فإن عملية جمع البيانات وتحليلها لطالما كانت مهمة شاقة على العلماء؛ فأحيانا يكون من الصعب عليهم التمييز بين أنواع الإشارات التي تبدو متشابهة.

وتقول سونيا فيرنز الخبيرة في التواصل الصوتي للخفافيش وأحد الباحثين في الدراسة "يمكن أن يساعدنا الذكاء الاصطناعي في اكتشاف الإشارات التي تستخدمها الحيوانات وربما حتى ما تعنيه تلك الإشارات".

لذلك فكر الباحثون في استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي لتحديد وتصنيف وتحليل إشارات الحيوانات المسجلة في مقاطع صوتية أو مرئية.

الباحثون يستخدمون مجموعة متنوعة من الأساليب لجمع بيانات عن التواصل لدى حيتان العنبر (غيتي) حلول إبداعية لجمع البيانات

يعتمد الذكاء الاصطناعي على استقبال كميات هائلة من البيانات؛ فعلى سبيل المثال طور المبرمجون نموذج اللغة في تطبيق "تشات جي بي تي" الشهير باستخدام مئات المليارات من "الرموز"، وأصبحت قادرة على معالجة مختلف لغات الإنسان المكتوبة والمنطوقة، وعلى نحو مماثل فإنها قد تحدد وتصنف إشارات الحيوانات من تسجيلات الصوت والفيديو.

وقال داميان بلاسي أستاذ اللغات في جامعة هارفارد وأحد الباحثين المشاركين في الدراسة إن "استخدام مئات المليارات من الرموز في تطبيقات الذكاء الاصطناعي يعادل أكثر من مليوني كتاب، لذا نحن بحاجة إلى حلول إبداعية لجمع بيانات عن الحيوانات البرية".

ويوضح مايكل برونشتاين أستاذ الذكاء الاصطناعي في جامعة أكسفورد وأحد الباحثين المشاركين في الدراسة "نستخدم مجموعة متنوعة من الأساليب لجمع بيانات عن حيتان العنبر؛ منها علامات توضع على ظهر الحيتان، وميكروفونات صغيرة، ومستشعرات، وروبوتات تحت الماء؛ وذلك لرسم خرائط سلوك التواصل بين الحيتان".

تحديد إشارات الاتصال بين الحيوانات قد تساعد في وضع إستراتيجيات لحمايتها من الانقراض (غيتي) حماية الحيوانات من خطر الانقراض

تخلق هذه الأساليب طوفانا من البيانات، وهنا يأتي دور تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تحليل تلك البيانات، مثل بيانات تحركاتها وأنماط غذائها وتكاثرها وغيرها، وذلك لتحديد الأنماط السلوكية الخاصة بهذه الحيوانات، بالإضافة إلى فهم الأسباب التي قد تؤدي إلى انقراض بعض الأنواع، وبذلك يمكن تطوير إستراتيجيات لحماية الحيوانات من خطر الانقراض.

يقول روتز "إذا تمكنا من تحديد إشارات الاتصال بين الحيوانات وتمييز مشاعرها وإحساسها بالحزن أو الفرح، فقد تتوفر أداة تقييم قوية وسريعة لتطوير إستراتيجيات تحمي الحيوانات المهددة بخطر الانقراض".

وحسب الباحثين، فقد يكون من الممكن الاستماع إلى مجتمعات الحيوانات بأكملها مستقبلا. ومع ذلك، يقر المؤلفون بأن ثمة عقبات كبيرة سيواجهونها، بما في ذلك الاعتبارات الأخلاقية؛ مثلا الظروف اللائقة التي تسمح ببدء المحادثات وتواصل الإنسان مع الحيوانات، أو محاولة استئناس أنواع من الحيوانات البرية التي لم يتمكن الإنسان سابقا من ترويضها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: تطبیقات الذکاء الاصطناعی فی الدراسة

إقرأ أيضاً:

التوأم الرقمي.. كيف يسبق الذكاء الاصطناعي الأمراض؟

في تطور علمي مذهل، كشف باحثون من جامعات ديوك وكولومبيا ونبريخا، بالتعاون مع شركة “كوجني فيت”، عن إطار جديد يُعرف بـ”التوأم الرقمي المعرفي”، وهو نسخة رقمية من الإنسان يمكنها التنبؤ بالحالة الصحية والعقلية قبل ظهور أي أعراض.

ويعتمد هذا الابتكار على الذكاء الاصطناعي لتحليل كميات ضخمة من البيانات الحيوية التي يتم جمعها من الأجهزة الذكية مثل الساعات الذكية ومستشعرات النوم وأجهزة تتبع النشاط البدني.

ويقوم النظام بتحليل مؤشرات مثل معدل ضربات القلب، جودة النوم، مستوى النشاط، والتوتر، ليقدم توصيات صحية وتدريبات معرفية مخصصة.

وبحسب موقع “ساينس أليرت”، فإن التوأم الرقمي لا يكتفي برصد الحالة الصحية، بل يتنبأ أيضًا بتطورات الذاكرة والتركيز، ويقترح أنشطة لتدريب الدماغ قبل ظهور أي خلل إدراكي.

ويُتوقع أن يصبح امتلاك توأم رقمي معرفي أمرًا شائعًا خلال السنوات المقبلة، حيث يعمل الذكاء الاصطناعي كقائد أوركسترا ينسق البيانات ويقدم دعمًا صحيًا مستمرًا، مما يجعل هذا الابتكار من أبرز ثورات الطب وعلوم الإدراك في القرن الحالي.

مقالات مشابهة

  • OxygenOS 16 يصل مع OnePlus 15 .. تحول كامل نحو الذكاء الاصطناعي
  • هل أصبح الذكاء الاصطناعي هو صانع الرأي العام الجديد؟
  • التوأم الرقمي.. كيف يسبق الذكاء الاصطناعي الأمراض؟
  • تعاون بين «طاقة أبوظبي» و«سبيس 42» في حلول البيانات الجغرافية المكانية والذكاء الاصطناعي
  • جيتكس 2025 يسلط الضوء على دور الذكاء الاصطناعي في قطاع الاتصالات
  • الشباب العرب يستكشفون النماذج المبتكرة للذكاء الاصطناعي مع خبراء «مايكروسوفت»
  • وزارة الاستثمار توقع اتفاقية تعاون مع كندا لتطوير مراكز البيانات ومشاريع الذكاء الاصطناعي
  • هل يسدد الذكاء الاصطناعي ديون الغرب؟
  • عبر اتحاد الفيزياء والذكاء الاصطناعي.. علماء يرون الأجسام الخفية في الأماكن المعتمة
  • عندما يقفز الذكاء الاصطناعي على حواجز اللغة؟