الخطاب المثير للانقسام في حملة مودي الانتخابية يثير تساؤلات حول فرص الحزب في الفوز
تاريخ النشر: 12th, May 2024 GMT
كان من المتوقع أن يضع رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، العقد الذي قضاه في منصبه للاستفتاء، وذلك في الفترة التي سبقت الانتخابات العامة في البلاد.
وكان من المتوقع أن يتباهى بإنجازات مثل برامج الرعاية الاجتماعية السخية ورحلات الفضاء. وكان عليه أن يؤكد من جديد أن معبد رام الجديد في أيوديا يمثل تأكيدا ثقافيًا للأغلبية الهندوسية في الهند.
لكن في وقت مبكر من الانتخابات المرهقة التي تستمر ستة أسابيع، غيرت حملة مودي مسارها، مستخدمة خطابا مثيرا للانقسام أثار تساؤلات حول تكتيكاته. لقد اتهم المعارضة، بقيادة حزب المؤتمر، باسترضاء الأقلية المسلمة.
ويشكل المسلمون 14 % من سكان الهند البالغ عددهم أكثر من 1.4 مليار نسمة. واستلهاما من حملة مودي، أدت منشورات حزب بهاراتيا جاناتا على وسائل التواصل الاجتماعي، وفقا للمعارضة، إلى “شيطنة” المسلمين.
وقال أمام حشد في 21 أبريل الماضي إن حزب المؤتمر المعارض يريد توزيع الثروة على “المتسللين” و”أولئك الذين لديهم الكثير من الأطفال”. واعتبرت تصريحاته على نطاق واسع أنها تشير إلى المسلمين.
وفي تجمع آخر، حذر النساء من أن المعارضة ستصادر ذهبهن وتعيد توزيعه على المسلمين. واتهم حزب المؤتمر بتنظيم ما سماه “جهاد التصويت” وحث “مجتمعا معينا” على الاتحاد ضده. بل إن مودي قال إن الحزب سيختار أعضاء فريق الكريكيت الهندي “على أساس الدين”.
Getty Imagesيشكل مسلمو الهند البالغ عددهم 200 مليون نسمة 14 في المئة من سكان البلادوهذا طبعا ليس كل شئ. ففي مقابلة أجريت معه مؤخرا، قال مودي إن “العالم كله” يحاول التأثير على الانتخابات. وهذا الأسبوع، ألقى باللوم على حزب المؤتمر لتلقيه “شاحنات” أموال من المليارديرين موكيش أمباني وجوتام أداني. ولطالما تحدث زعيم حزب المؤتمر، راهول غاندي، عن العلاقة الوثيقة التي تربط مودي بالمليارديرين الذين يعدا أغنى رجلين في البلاد.
ورد غاندي في رسالة فيديو على اتهامات مودي بالقول “لأول مرة تتحدث علنا عن أداني وأمباني. هل هذا من واقع تجربتك الشخصية أنك تعلم أنهما يقدمان المال في الشاحنات؟”. ولم يرد أو يعلق أي من رجلي الأعمال على هذه الحرب الكلامية التي وجدا نفسيهما في منتصفها.
كما اتهمت المعارضة الهندية مودي بكراهية الإسلام، ووصفت تصريحاته بأنها “خطاب كراهية مثير للانقسام”. وطالب حزب المؤتمر بإجراء تحقيق في انتهاك محتمل لقواعد السلوك. ومنذ صعود حزب بهاراتيا جاناتا إلى السلطة، تزايدت خطابات الكراهية ضد مسلمي الهند البالغ عددهم 200 مليون نسمة. لكن خطاب مودي الناري فاجأ الكثيرين، حيث توقعوا التركيز على تسليط الضوء على إنجازاته بدلا من ذلك.
يقول راهول فيرما من مركز أبحاث السياسات سي بي آر (CPR )، وهو مركز أبحاث يقع في دلهي: “لكي أكون صادقا، اعتقدت أن حملة مودي ستركز أكثر بكثير على قصة الهند الصاعدة، وما فعلوه من أجل الشعب”.
ويقول آخرون إن تصريحات مودي ليست غير مسبوقة. ويشيرون إلى العديد من هذه الأمثلة خلال حملاته الانتخابية السابقة، بما في ذلك ما يسمونه “خطابه التحريضي” بعد أعمال الشغب التي شهدتها ولاية غوجارات في عام 2002 قبل انتخابات مجلس الولاية. يقول ميلان فايشناف من مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي في واشنطن: “لذلك، لم يفاجئني الأمر، لكنه صدمني. كثيرا ما نشير إلى مثل هذا الخطاب على أنه صفير الكلاب، لكن لم يكن هناك أي شيء دقيق في اللغة المستخدمة”.
AFPشهدت نسبة إقبال الناخبين تراجعا كبيرا في المراحل الأولى من الانتخاباتأولا، وعلى سبيل المثال، يقول الكثيرون إن حزب بهاراتيا جاناتا ربما شعر بالفزع من الانخفاض الكبير في نسبة المشاركة في الجولات الأولى من التصويت وسط انتخابات اتسمت بطاقة منخفضة إلى حد ما. في الانتخابات السابقة التي فاز بها حزب بهاراتيا جاناتا بشكل حاسم، استفاد الحزب من نسبة الإقبال العالية – فقد كان عام 2014 إلى حد كبير تصويتا ضد حزب المؤتمر، فيما كان عام 2019 تصويتا لصالح مودي.
ثانياً، تحاول المعارضة إعادة تشكيل سرد انتخابات عام 2024، وتحويل التركيز من كونها مجرد استفتاء على شعبية مودي إلى حملات انتخابية حول قضايا مهمة مثل البطالة والعدالة الاجتماعية وعدم المساواة الاقتصادية.
يشير عالم السياسة، نيلانجان سيركار، إلى أن حزب بهاراتيا جاناتا يتفوق في الانتخابات الوطنية عندما يركز على القضايا الوطنية الشاملة. وقال في أحد البرامج الإذاعية مؤخرا إن الحزب “لا يلعب لعبته القوية” عندما تصبح الانتخابات أكثر إقليمية، وتتدخل العوامل المحلية.
ويستهدف حزب مودي الحصول على 370 مقعدا هذه المرة، أكث من مقاعده الـ(303) في عام 2019. ومع ذلك، فإن شعارهم الحاشد باللغة المحلية “أبكي بار، 400 بار” والذي يعني (هذه المرة، أكثر من 400 مقعد)، والذي يهدف إلى حصول الحزب وحلفائه على فوز ساحق، لربما كانت له نتائج عكسية. ويبدو أن المعارضة استغلت هذا الشعار، فصورت حزب بهاراتيا جاناتا باعتباره قوة مهيمنة عازمة على إعادة تشكيل الهند بأغلبية ساحقة.
تشير استطلاعات ما قبل الاقتراع إلى أن “المعارضة تستخدم هذا الشعار لتقول إنها إذا جاءت بمثل هذه الأغلبية الضخمة، فإن حزب بهاراتيا جاناتا سيغير الدستور. وربما يكون خطاب المعارضة لتمكين الفقراء والطبقات الدنيا قد اكتسب بعض الاهتمام نظرا لوجود مستويات عالية من القلق الاقتصادي الواضح في البلاد. و يقول راهول فيرما ” ربما يكون هذا قد دفع مودي إلى التعامل مع هذه الرواية بشكل مباشر وإضفاء لمسة هندوسية إسلامية عليها”.
Getty Imagesقاد راهول غاندي رئيس حزب المؤتمر الانتقادات الصريحة لتصريحات موديهل يعتبر خطاب مودي المثير للانقسام علامة على اليأس؟
ليس حقا، يقول فايشناف. “بالنسبة لي، تم تصميمه لتعبئة كوادره وربما للتعويض عن الأداء المخيب للحزب في المراحل القليلة الأولى.
ويضيف “يشير اليأس إلى أن حزب بهاراتيا جاناتا يخسر، وأنا لا أعتقد أن هذا هو الحال. سيكون تحقيق الهدف الجديد المتمثل في 400 مقعد أمرا صعبا ما لم يتمكن حزب بهاراتيا جاناتا من الاحتفاظ بمقاعده التي فاز بها من عام 2019 بالإضافة إلى التوسع في مناطق جديدة”.
وعلى الرغم من خطاب مودي المزعج، إلا أنه غنى نغمة مختلفة في المقابلات الأخيرة مع شبكات الأخبار.
وقال لصحيفة تايمز ناو: “أنا لست معادياً للإسلام، ولست معادياً للمسلمين”.
المصدر: جريدة الحقيقة
كلمات دلالية: حزب بهاراتیا جاناتا حزب المؤتمر
إقرأ أيضاً:
صدور الطبعة الأولى من كتاب الطريق إلى عقل ديني مستنير - قراءة في مشروع الخشت لتجديد الخطاب الديني
صدرت حديثًا الطبعة الأولى من كتاب "الطريق إلى عقل ديني مستنير: قراءة في مشروع الدكتور محمد الخشت لتجديد الخطاب الديني"، وهي دراسة من إعداد الدكتور محمود خليل أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، وأحد أبرز الباحثين في مجال تحليل الخطاب والإعلام في العالم العربي حيث يُعرف بدقته العلمية وقدرته على تحليل الخطاب بمنهجية عميقة، كما يتمتع بخبرة أكاديمية وعملية واسعة.
ويشارك الكتاب الجديد ضمن معرض القاهرة الدولي للكتاب في نسخته الـ 56، حيث يعد هذا الكتاب مرجعًا مهمًا للباحثين والمهتمين بقضايا التجديد الديني، كما يمثل إضافة قوية إلى المكتبة العربية في ظل الحاجة الملحة إلى خطاب ديني مستنير يتلاءم مع متطلبات العصر.
ويأتي هذا الكتاب كدراسة أكاديمية معمقة تسلط الضوء على مشروع تجديد الخطاب الديني الذي قدمه المفكر المجدد الدكتور محمد عثمان الخشت على مدار عدة عقود، حيث يعتمد الكتاب على تحليل شامل لمؤلفات الدكتور الخشت وأوراقه البحثية ومقالاته الصحفية ومقابلاته الإعلامية، بهدف استخلاص الرؤية الحاكمة لمشروعه، ورسم خريطة واضحة لمعالمه وأهدافه.
ويركز الكتاب على التكاملية التي يتميز بها مشروع الدكتور الخشت مقارنة بمشروعات تجديد الخطاب الديني الأخرى التي قدمتها النخبة الجامعية في العقود الماضية، وتتجلى هذه التكاملية في المنطلقات النظرية والمنهجية التي يستند إليها المشروع، بالإضافة إلى شبكة المفاهيم والأطروحات التي تشكل أساس أفكاره. كما ينطلق مشروع الدكتور الخشت من تعريف دقيق ومنضبط لمفهوم التجديد، مما يجعله إضافة نوعية إلى الجهود الفكرية الرامية إلى إصلاح الخطاب الديني.
وخلال فصول الكتاب، يتناول الدكتور محمود خليل مساحات التجديد التي انشغل بها الدكتور محمد الخشت أستاذ فلسفة الدين والمذاهب الحديثة والمعاصرة ورئيس جامعة القاهرة السابق، والأدوات التي استخدمها في مشروعه، بالإضافة إلى القوى الفاعلة (أفراداً ومؤسسات) التي يمكنها أن تلعب دورًا محوريًا في إنجاز مهمة التجديد، كما يناقش الكتاب المعوقات التي قد تواجه هذه الجهود، ويقدم رؤية شاملة حول الأدوار المطلوبة لتحقيق أهداف المشروع.
جدير بالذكر أن الدكتور محمد عثمان الخشت صاحب إنتاج فلسفي وأكاديمي غزير، حيث بلغت مؤلفاته : 98 كتابا وتحقيقا وبحثا علميا محكما، منها: 43 كتابا منشورا، و 24 كتابا محققا من التراث الإسلامي، وله 31 من الأبحاث العلمية المحكمة المنشورة. وصدر أول كتاب تحقيق منشور له عام 1982 ومن أهم مؤلفاته: نحو تأسيس عصر ديني جديد، تطور الأديان، مدخل إلى فلسفة الدين، للوحي معان أخرى، الإسلام والوضعية في عصر الأيديولوجية، المعقول واللامعقول في الأديان، أخلاق التقدم، أسس بناء الدولة الحديثة، صراع الروح والمادة في عصر العقل، العقل وما بعد الطبيعة، مفاتيح علوم الحديث، الدليل الفقهي، ومن أهم تحقيقاته للتراث: تمييز الطيب من الخبيث فيما اشتهر على ألسنة الناس من الحديث، والفرق بين الفرق، وكتاب المنهيات. وترجمت بعض أعماله إلى لغات أخرى (الألمانية والإنجليزية والفرنسية والأندونيسية وبعض اللغات الأفريقية). وتم تصنيفه من كرسي اليونسكو للفلسفة ضمن الفلاسفة العرب المعاصرين في "موسوعة الفلاسفة العرب المعاصرين" الصادرة عن كرسي اليونسكو للفلسفة 2017، كما أصدر اليونسكو مجلدا كاملا عن فلسفته 2020. تحت عنوان ( فيلسوف التجديد والمواطنة والتقدم: دراسات في فلسفة الخشت النقدية)، إعداد: مجموعة من كبار المفكرين والأكاديميين من جامعات العالم العربي والعالم، الصادر عن كرسي اليونسكو للفلسفة بتونس، 2020. وتم اختياره شخصية العام 2014 بالسفارة المصرية بالمملكة العربية السعودية.