الفريق بن عزيز : المليشيات قامت بتصفية عشرات المعتقلين في سجونها تحت التعذيب
تاريخ النشر: 12th, May 2024 GMT
اتهم رئيس هيئة أركان الجيش اليمني الفريق صغير بن عزيز، الجماعة الحوثية، بقتل عشرات المعتقلين في سجونها تحت التعذيب، داعياً إلى ضغط دولي من أجل وقف انتهاكاتها، خصوصاً فيما يتعلق بتعذيب السجناء وتجنيد الأطفال.
تصريحات بن عزيز جاءت وسط تقارير حكومية وحقوقية عن تصاعد الاعتقالات الحوثية في أوساط السياسيين، بمن فيهم قيادات في حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء، إلى جانب توجيه الجماعة الموالية تهماً لمعتقلين بالتخابر مع الولايات المتحدة وإسرائيل، في ظل مخاوف حقوقية من إعدامهم.
وذكر الإعلام الرسمي اليمني أن رئيس هيئة الأركان العامة قائد العمليات المشتركة الفريق صغير بن عزيز، ناقش في مأرب مع رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن دافني ماريت، التدخلات الإنسانية للجنة والمنظمات الدولية في اليمن.
وتطرق اللقاء إلى أوضاع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلات ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران، والدور المعول على الصليب الأحمر والمنظمات الإنسانية إزاء الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها الميليشيا، وفق ما أوردته وكالة «سبأ».
وفيما جدد رئيس هيئة الأركان اليمني التأكيد على تقديم كل أوجه الدعم للجنة الصليب الأحمر والتعاون معها وتقديم التسهيلات لإنجاح مهامها قال إن الميليشيا الحوثية تمادت في انتهاك القوانين الإنسانية وارتكاب الجرائم بحق المعتقلين الذين تحتجزهم قسرياً في أقبيتها، وتمارس بحقهم أبشع الانتهاكات، مشيراً إلى وفاة العشرات من المختطفين تحت التعذيب في معتقلاتها.
وجدد بن عزيز التأكيد على التزام القوات المسلحة اليمنية بالقانون الدولي والإنساني والمواثيق الدولية، انطلاقاً من التزامها بالدستور والقوانين النافذة، متهماً الحوثيين بالاستمرار في تجنيد الأطفال للقتال والزج بهم في حروبهم وعملياتهم الإرهابية، وإصرارهم على تعميق المعاناة الإنسانية، والتنصل من الالتزامات والاتفاقات المتعلقة بملف الأسرى والمختطفين والمخفيين.
وشدد رئيس الأركان اليمني على ضرورة اتخاذ المجتمع الدولي مواقف رادعة وحازمة إزاء الميليشيا الحوثية التي تعرقل كل جهود تخفيف الأزمات التي فرضتها على الشعب اليمني.
اعتقالات في صنعاء
مع توارد الأنباء عن تصعيد الحوثيين من انتهاكاتهم، ندد وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني بأشد العبارات بحملات الاعتقال التي قال إنها استهدفت في صنعاء وغيرها من المناطق الخاضعة للجماعة العشرات من قيادات وقواعد حزب «المؤتمر الشعبي»، من بينهم أعضاء في اللجان الدائمة الرئيسية والفرعية للحزب.
وحسب الوزير اليمني، فإن الجماعة «تفرض رقابة صارمة على ما تبقى من قيادات الحزب بمناطق سيطرتها، من الصفين الأول والثاني، وعلى برلمانيين وشخصيات سياسية وقبلية، وقيادات سابقة في الدولة، كما تفرض على عدد منهم الإقامة الجبرية، وتمنعهم من السفر، وتفرض عليهم إجراءات معقدة وضمانات بالعودة لمن يستدعي وضعهم الصحية السفر للخارج لتلقي العلاج».
ووصف الإرياني هذه الممارسات الحوثية بـ«الإجرامية»، التي قال إنها وصلت إلى حد إجبار أهالي المخفيين قسراً من السياسيين والصحافيين والإعلاميين والحقوقيين والنشطاء، على الصمت، وتهديدهم بإجراءات إضافية في حال تناول هذه الجرائم عبر وسائل الإعلام.
وأضاف أن هذه التصرفات الحوثية تؤكد «أنها ميليشيا إرهابية ترفض مبدأ الشراكة، ولا تقبل التعايش مع أحد، وتنتهج القوة والعنف والإرهاب لتكريس سيطرتها، ولا تلقى أي اعتبار لحقوق الإنسان»، على حد تعبيره.
وطالب وزير الإعلام اليمني، في تصريحات رسمية، المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومبعوثها الخاص لليمن، بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، والعمل الجاد لوقف الجرائم والانتهاكات الممنهجة، والشروع الفوري في تصنيف الميليشيا الحوثية منظمةً إرهابيةً، وتجفيف منابعها المالية والسياسية والإعلامية، وتكريس الجهود لدعم الحكومة لفرض سيطرتها وتثبيت الأمن والاستقرار على كامل الأراضي اليمنية.
تنديد حقوقي
في سياق ردود الفعل الحقوقية على انتهاكات الجماعة الحوثية، دانت «الشبكة اليمنية للحقوق والحريات» مساعي الجماعة لإعدام نحو 11 مواطناً من أبناء منطقة تهامة اليمنية بتهمة التخابر مع الولايات المتحدة وإسرائيل.
وقالت الشبكة، في بيان وزعته على وسائل الإعلام، إن الجماعة الحوثية «مستمرة في استخدام القضاء أداة لقمع المناوئين لها والرافضين لممارساتها الإجرامية بحق المدنيين في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وتسعى بكل الوسائل الإجرامية والإرهابية لإسكات الأصوات المدنية الحرة وإخضاعها».
وأضافت أن الجماعة خلال سنوات الانقلاب استخدمت القضاء أداة لتصفية حساباتها مع خصومها السياسيين، وقامت بإصدار أحكام الإعدام بحق المئات من الصحافيين والناشطين والنساء.
وأوضحت البيان الحقوقي أن الحوثيين أصدروا أكثر من 400 حكم بالإعدام بحق معارضيهم من السياسيين والمدنيين، وكانت الجريمة الأكبر التي نفذوها بحق المختطفين، هي القيام بإعدام 9 من أبناء تهامة وسط ميدان التحرير في العاصمة صنعاء منتصف سبتمبر (أيلول) 2021 في واحدة من أبشع الجرائم الحوثية التي ارتكبت ضد المدنيين اليمنيين بدم بارد.
وأكدت الشبكة أن جرائم الإعدام الحوثية تشكل انتهاكاً خطيراً لقواعد القانون الدولي الإنساني، والاتفاقيات الدولية كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وميثاق روما المشكل للمحكمة الجنائية الدولية واتفاقية جنيف الرابعة وقواعد لاهاي وغيرها من الاتفاقيات التي جرمت أي اعتداء أو تهديد لحياة الأفراد.
ودعت «الشبكة اليمنية لحقوق الإنسان»، الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان، إلى التدخل العاجل والضغط لإيقاف الأحكام الجائرة بحق المختطفين الذين أصدر الجماعة الحوثية بحقهم أحكام إعدام أو أحكاماً بالسجن، والعمل على إنهاء معاناتهم وإطلاق سراحهم دون قيد أو شرط.
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
العفو الدولية: لبنان أضاع فرصة لإحقاق العدالة في وفاة لاجئ سوري تحت التعذيب
قالت منظمة العفو الدولية اليوم إن المحكمة العسكرية اللبنانية أهدرت فرصة سنحت الجمعة الماضية لمحاسبة مرتكبي التعذيب الذي أدى إلى وفاة اللاجئ السوري بشار عبد سعود في الحجز.
ففي 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، وُجّهت تهم إلى خمسة من عناصر أمن الدولة، بمن فيهم ضابط، بموجب قانون معاقبة التعذيب اللبناني لعام 2017 بشأن وفاة سعود، ثم احتُجزوا. إلا أنه تم الإفراج عن كافة المحتجزين باستثناء عنصر واحد بعد جلسة المحاكمة الأولى في 16 ديسمبر/كانون الأول 2022. فيما أفرج عن المحتجز الأخير في وقت سابق من هذا العام.
ومع ذلك، في 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، حُكم على جميع المتهمين بمدة العقوبة التي سبق وقضوها أثناء فترة التحقيق بعدما خفضت المحكمة توصيف جريمتهم من جناية إلى جُنحة، وأسقطت التُهم الموجهة إليهم بموجب قانون معاقبة التعذيب واستبدلتها بتهم مستندة إلى المادة 166 من قانون القضاء العسكري التي تحظر مخالفة الأنظمة والأوامر والتعليمات العامة.
وقالت آية مجذوب، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية: "بدلًا من إصدار توبيخ شديد اللهجة لممارسات التعذيب داخل المنظومة الأمنية، بعثت المحكمة العسكرية بإصدارها هذا الحكم رسالة مروعة مفادها أن أفراد أجهزة الأمن هم فوق القانون، وأن مرتكبي التعذيب يمكنهم الاستمرار في ارتكاب جرائمهم بدون خوف من المحاسبة".
وأضافت: "كان يمكن لهذه القضية أن تكون فرصة سانحة لتنفيذ قانون معاقبة التعذيب لعام 2017 وإنهاء عقود من الإفلات من العقاب عن التعذيب في مرافق الاحتجاز اللبنانية. إلا أن هذا الحكم يشكل استخفافًا بالعدالة وسيزيد من ترسيخ الإفلات من العقاب".
وختمت آية مجذوب حديثها قائلة: "إن المجريات المستهجنة لهذه المحاكمة وحقيقة أنه لم يعقد إلا جلسة استماع واحدة فقط تلقي بمزيد من ظلال الشك على هذا الحكم. ويجب على المدعي العام التمييزي أن يأمر فورًا بإعادة المحاكمة في هذه القضية أمام محكمة مدنية عادية، بما يتماشى مع القانونين اللبناني والدولي".
وتابعت: "إنَّ التقاعس المستمر للسلطة القضائية عن تطبيق قانون معاقبة التعذيب يحرم الضحايا من نيل العدالة، ويردع الآخرين عن الإبلاغ عن التعذيب. يجب ألا تمر وفاة بشار عبد سعود دون عقاب، ويتعين على السلطات ضمان إحقاق العدالة وبعث رسالة مفادها أنَّ أيام التعذيب في مراكز الاحتجاز اللبنانية قد ولّت".
في 30 أغسطس/آب 2022، اعتقل عناصر الأمن سعود من منزله في مخيم صبرا وشاتيلا للاجئين في بيروت بزعم حيازته ورقة نقدية مزيفة من فئة 50 دولارًا أمريكيًا. وفي 3 سبتمبر/أيلول 2022، اتصلت قوات الأمن بعائلته لاستلام جثته من المستشفى.
وقد ترك بشار الذي توفي عن عمر 30 عامًا، وراءه ثلاثة أطفال، من بينهم رضيع عمره شهر واحد. قبل ثماني سنوات من إلقاء القبض عليه، انشقّ عن الجيش السوري وانتقل إلى لبنان للعمل كحمّال.
وأظهرت مقاطع الفيديو والصور المسربة في ذلك الوقت، التي اطلعت عليها منظمة العفو الدولية، علامات كثيرة على جسده تظهر تعرضه للتعذيب، وخلقت غضبًا مجتمعيًا دفع بالمؤسسة العسكرية إلى إصدار أمرٍ بإجراء تحقيق أفضى إلى اعتقال عناصر أمن الدولة الخمسة وتوجيه تهم ممارسة التعذيب لهم.
وفي 15 أبريل/نيسان، أبلغ محامي عائلة سعود، محمد صبلوح، منظمة العفو الدولية أن رئيس المحكمة العسكرية أخبره بشكل غير رسمي أن المؤسسة العسكرية توصلت إلى تسوية مع الأسرة لإغلاق القضية والإفراج عن المعتقل الوحيد الذي لا زال محتجزًا. وقال صبلوح إن القاضي أخبره أن الوقت الذي قضاه المعتقل في السجن حتى الآن هو عقاب كافٍ. ولم ترد العائلة في لبنان على أسئلة صبلوح لتوضيح كيفية التوصل إلى التسوية.
ووفق العفو الدولية فأإن اللاجئين السوريين يعتبرون من أكثر الفئات المستضعفة في لبنان. فكثيرًا ما يتعرضون للاعتقال التعسفي والاحتجاز لفترات طويلة بسبب جرائم مزعومة تتراوح بين حيازتهم أوراق ثبوتية منتهية الصلاحية والاتجار بالمخدرات. وينتشر استخدام التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة على نطاق واسع في نظام الاحتجاز اللبناني، في ظل تقاعس القضاء عن إجراء تحقيقات وافية في شكاوى التعذيب.
وكانت هذه هي أول قضية يُنظر فيها بموجب قانون معاقبة التعذيب تصل إلى مرحلة المحاكمة، ولكن، وفي انتهاك للقانون، نُظر فيها أمام المحكمة العسكرية، التي تفتقر إلى الاستقلالية والحياد.
ويخالف قرار محاكمة عناصر الأمن أمام محكمة عسكرية بدلًا من محكمة مدنية القانون اللبناني والتزامات لبنان بموجب القانون الدولي كدولة موقعة على اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب؛ إذ ينبغي أن يقتصر عمل المحاكم العسكرية على محاكمة العسكريين على إخلالهم بالأنظمة العسكرية. بالإضافة إلى ذلك، وبموجب قانون معاقبة التعذيب اللبناني، تُمنح المحاكم المدنية العادية السلطة الحصرية للمقاضاة، والتحقيق، والمحاكمة. وينطبق حظر التعذيب بشكل مطلق بغض النظر عن طبيعة الجريمة المزعومة.
من بين سبع جلسات مقررة للمحاكمة، لم تُعقد سوى جلستين، بينما تم تأجيل الجلسات الخمس الأخرى، فيما خُصصت الجلسة الأخيرة للنطق بالحكم.
تدعو منظمة العفو الدولية السلطات اللبنانية أيضًا إلى تخصيص ميزانية كافية للهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، التي تضم الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، حتى تتمكن من زيارة جميع أماكن الاحتجاز وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان.
وكانت منظمة العفو الدولية قد أصدرت في مارس/آذار 2021، تقريرًا يوثق مجموعة من الانتهاكات التي ارتكبت بحق 26 لاجئًا سوريًا، بمن فيهم أربعة أطفال، احتجزوا بتهم تتعلق بالإرهاب بين عام 2014 وأوائل عام 2021.
وشملت هذه الانتهاكات المحاكمة الجائرة والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، ومن ضمنها الضرب بالعصي المعدنية والكابلات الكهربائية والأنابيب البلاستيكية. وتقاعست السلطات عن التحقيق في ادعاءات التعذيب، حتى في الحالات التي أبلغ فيها المحتجزون أو محاموهم القضاة في المحاكم أنهم تعرضوا للتعذيب.