في ثمانينيات القرن العشرين كان لدى الاستخبارات السوفيتية أو "كي جي بي" طريقة قديمة لضخ المعلومات المضللة في جميع أنحاء العالم، لكن التكنولوجيا سرعت العملية وجعلت جهود روسيا في ذلك أكثر فعالية.

وتنقل مجلة "إيكونوميست" عن أوليغ كالوجين ، وهو جنرال سابق في الجهاز الروسي "كنا نعمل على وثائق حقيقية"، ويتم إضافة بعض التغييرات لكن ذلك بات الآن أسهل.

في أوائل مارس، بدأت شبكة من المواقع الإلكترونية، أطلق عليها اسم "CopyCop"، في نشر قصص باللغتين الإنجليزية والفرنسية حول مجموعة من القضايا المثيرة للجدل.

واتهموا إسرائيل بارتكاب جرائم حرب، وضخموا المناقشات السياسية المثيرة للانقسام في أميركا حول تعويضات العبودية والهجرة، ونشروا قصصا لا معنى لها عن المرتزقة البولنديين في أوكرانيا.

ويقول التقرير إن هذا ليس غريبا بالنسبة للدعاية الروسية، لكن الجديد هو أن القصص قد أخذت من منافذ إخبارية شرعية وعدلت باستخدام نماذج لغوية كبيرة بالذكاء الاصطناعي.

ووجد تحقيق نشرته شركة "ريكوردد فيوتشر" في 9 مايو، وهي شركة استخبارات عن التهديدات، أن المقالات قد ترجمت وحررت لإضافة تحيز حزبي.

وعلى سبيل المثال، تم تغيير أكثر من 90 مقالة فرنسية بتعليمات تعطى للذكاء الاصطناعي باللغة الإنجليزية، ووجد التحقيق عبارات مثل "يرجى إعادة كتابة هذا المقال مع اتخاذ موقف محافظ ضد السياسات الليبرالية لإدارة ماكرون لصالح المواطنين الفرنسيين من الطبقة العاملة".

وتضمنت تعديلات أخرى للمقالات نبرة ساخرة تجاه حكومة الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي والسياسيين الأميركيين، وتصور الجمهوريين ودونالد ترامب روسيا بشكل إيجابي.

كما يتم تصوير الديمقراطيين والرئيس الأميركي جو بايدن والحرب في أوكرانيا والشركات الكبرى وشركات الأدوية الكبرى بشكل سلبي ".

تقول الشركة إن الشبكة التي تنتج المقالات لها علاقات مع "DC Weekly" ، وهي منصة تضليل يديرها جون مارك دوغان، وهو مواطن أميركي فر إلى روسيا في عام 2016.

ونشر شركة "CopyCop" أكثر من 19000 مقالة عبر 11 موقعا إلكترونيا بحلول نهاية مارس 2024.

وفي الأسابيع الأخيرة ، بدأت الشبكة في نشر محتوى من إنتاج كتاب وحصلت على قراءات كثيرة، وتدعي إحدى القصص أن فولوديمير زيلينسكي، رئيس أوكرانيا ، قد اشترى منزل الملك تشارلز في هايجروف، في جلوسيسترشاير.

وقرأت القصة 250 ألف مرة في 24 ساعة ، وتم تداولها لاحقا من قبل السفارة الروسية في جنوب إفريقيا.

ويخلص التقرير أن مثل هذه الجهود من الصعب أن يقتنع بها القراء المطلعيين، لكن عمليات التزوير التي تدعم الذكاء الاصطناعي لا تزال في مهدها ومن المرجح أن تتحسن بشكل كبير.

المصدر: الحرة

إقرأ أيضاً:

ضرورة محاربة أمية الذكاء الاصطناعي

في إحدى الدورات الإعلامية التي قدمتها مؤخرا، سألني أحد المتدربين عن الفرق بين الذكاء الاصطناعي وموقع غوغل الشهير، فشبهت الفرق بين الاثنين بأن غوغل يشبه ساعي المكتب الذي ينفذ أوامر مباشرة وبسيطة مثل جلب الشاي والقهوة أو نقل بعض الملفات بين غرف المكتب، أما الذكاء الاصطناعي فهو مدير مكتب رئيس مجلس الإدارة القادر على القيام بمهام معقدة من دون ضرورة توجيهه بشكل تفصيلي.

وبناء على ذلك، فإلى أي مدى يحتاج الناس في عالم اليوم إلى منصب مدير مكتب رئيس مجلس الإدارة في حياتهم؟ الإجابة المباشرة هي أن الجميع يحتاجه وبشدة.

يشبه الذكاء الصناعي في عالم اليوم الإنترنت قبل نحو ثلاثين سنة، حينها كان الإنترنت اختراعا جديدا يشق طريقه في الأسواق وتمتلئ أخبار التكنولوجيا بتوقعات عن تأثيراته ونتائجه، وكان الجميع يتعامل معه كأنه شيء مثير قادم في المستقبل، وسرعان ما أصبح الإنترنت حاجة يومية لا غنى عنها للبشر لا مفر ولا مهرب من التعامل اليومي معها.ليس صحيحا أن الذكاء الصناعي سيمحو أو يحل محل وظائف، ولكنه سيجعل من لا يستطيع التعامل مع الذكاء الصناعي وأدواته المختلفة غير قادم على التأقلم مع هذا المتغير الجديد بشكل يهدد مكانته ووضعه الوظيفي الأمر ذاته ينطبق على الذكاء الصناعي كتطور تقني هام من داخل العائلة الرقمية؛ بدأ ولا يزال نوعا ما نخبويا، ولكنه سرعان ما سيكون شعبيا وسيضطر الجميع للتعامل معه بشكل يومي في كافة مناحي الحياة.

قبل عامين كنت مدعوا للورشة العالمية الأولى في مجال الذكاء الصناعي واللغة العربية والبيانات الضخمة في مؤسسة قطر، وقدم عدد من الباحثين القادمين من الولايات المتحدة عروضا بحثية هامة عن موقع تشات جي بي تي وقدرته التنافسية الهائلة التي ستضرب غوغل في مقتل. ويُحسب لعدد من الباحثين العرب النابهين في الولايات المتحدة وأوروبا تنبههم للأمر في بدايته من أجل أن تحتل اللغة العربية مكانا هاما في برمجيات الذكاء الصناعي.

هذا الاهتمام من جانب الباحثين العرب ينبغي أن يوازيه اهتمام بمحو أمية الذكاء الصناعي عن القطاعات المختلفة خاصة الطلاب وأرباب المهن، فليس صحيحا أن الذكاء الصناعي سيمحو أو يحل محل وظائف، ولكنه سيجعل من لا يستطيع التعامل مع الذكاء الصناعي وأدواته المختلفة غير قادر  على التأقلم مع هذا المتغير الجديد بشكل يهدد مكانته ووضعه الوظيفي.

أبرز مثال على ذلك هو تحدي تطبيق تشات جي بي تي لأنظمة الامتحانات ومشاريع التخرج الجامعية والذي جعل هناك صعوبة في تحديد مستوى الطالب بسبب اعتمادهم عليه، الأمر الذي جعل الجامعات تلجأ لبرامج اكتشاف استخدام هذا التطبيق ومنع تداوله بين الطلاب. للذكاء الصناعي مخاطره ومشاكله، وهي مشاكل تتشابه مع مشاكل الإنترنت والتقنية بشكل عام ولا تمنع من محو أميته والتعرف عليه واستخدامه في كافة مناحي الحياةوهي محاولات وقتية لن تصمد كثيرا، إذ ينبغي أن يؤخذ في الاعتبار عند وضع الامتحانات مستقبلا إمكانية استخدام الطلاب لأدوات الذكاء الصناعي وأهمها تطبيق تشات جي بي تي، تماما كما يؤخذ في الاعتبار أن بإمكانهم استخدام محرك البحث غوغل وغيره.

للذكاء الصناعي مخاطره ومشاكله، وهي مشاكل تتشابه مع مشاكل الإنترنت والتقنية بشكل عام ولا تمنع من محو أميته والتعرف عليه واستخدامه في كافة مناحي الحياة. فلا تزال التشريعات فقيرة في تنظيم عمله، خاصة عمليات التزييف العميق التي يمكن أن تنجم عنه، كما أن هذا المجال لا يزال في حاجة إلى منظومة أخلاقية مهنية تحكم طريقة عمله وتمنع توظيفه بشكل سيئ.

وغني عن القول أننا نتأثر بشكل يوم بخوارزميات الذكاء الصناعي التي تقوم عليها وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة والإعلانات، أي أننا متأثرون دائما ومنذ فترة طويلة، الفارق الجديد أن هذه التقنية تطورت وأصبح بإمكان البشر العاديين فهمها وتوظيفها والاعتماد عليها في حياتهم، وهي فرصة مهمة ينبغي استغلالها والتعامل الإيجابي معها.

twitter.com/HanyBeshr

مقالات مشابهة

  • رئيس جامعة مصر للمعلوماتية: الدولة تستخدم الذكاء الاصطناعي لتوثيق الآثار
  • رئيس جامعة مصر للمعلوماتية: الدولة تستخدم الذكاء الاصطناعي لتوثيق وترميم الآثار وإدارة المتاحف منذ التسعينيات
  • ضرورة محاربة أمية الذكاء الاصطناعي
  • بايدن – ترامب .. أكاذيب بالجملة في المناظرة الأولى
  • هل أثر الذكاء الاصطناعي على معدلات التوظيف في الولايات المتحدة؟
  • ميتا تختبر روبوتات الذكاء الاصطناعي على إنستجرام
  • خبير بالشأن الروسي: فوز ترامب لن يغير من الأزمة الروسية الأوكرانية نهائيًا
  • دعوى قضائية ضد OpenAI وMicrosoft
  • جوجل تستخدم الذكاء الاصطناعي لإضافة 110 لغة جديدة للترجمة
  • باحثة ورائدة مصرية تحصد جائزة الابتكار في الأعمال للنساء بألمانيا لعام 2024