تقرير: شبكة مرتبطة بروسيا تستخدم الذكاء الاصطناعي لنشر أخبار كاذبة
تاريخ النشر: 11th, May 2024 GMT
في ثمانينيات القرن العشرين كان لدى الاستخبارات السوفيتية أو "كي جي بي" طريقة قديمة لضخ المعلومات المضللة في جميع أنحاء العالم، لكن التكنولوجيا سرعت العملية وجعلت جهود روسيا في ذلك أكثر فعالية.
وتنقل مجلة "إيكونوميست" عن أوليغ كالوجين ، وهو جنرال سابق في الجهاز الروسي "كنا نعمل على وثائق حقيقية"، ويتم إضافة بعض التغييرات لكن ذلك بات الآن أسهل.
في أوائل مارس، بدأت شبكة من المواقع الإلكترونية، أطلق عليها اسم "CopyCop"، في نشر قصص باللغتين الإنجليزية والفرنسية حول مجموعة من القضايا المثيرة للجدل.
واتهموا إسرائيل بارتكاب جرائم حرب، وضخموا المناقشات السياسية المثيرة للانقسام في أميركا حول تعويضات العبودية والهجرة، ونشروا قصصا لا معنى لها عن المرتزقة البولنديين في أوكرانيا.
ويقول التقرير إن هذا ليس غريبا بالنسبة للدعاية الروسية، لكن الجديد هو أن القصص قد أخذت من منافذ إخبارية شرعية وعدلت باستخدام نماذج لغوية كبيرة بالذكاء الاصطناعي.
ووجد تحقيق نشرته شركة "ريكوردد فيوتشر" في 9 مايو، وهي شركة استخبارات عن التهديدات، أن المقالات قد ترجمت وحررت لإضافة تحيز حزبي.
وعلى سبيل المثال، تم تغيير أكثر من 90 مقالة فرنسية بتعليمات تعطى للذكاء الاصطناعي باللغة الإنجليزية، ووجد التحقيق عبارات مثل "يرجى إعادة كتابة هذا المقال مع اتخاذ موقف محافظ ضد السياسات الليبرالية لإدارة ماكرون لصالح المواطنين الفرنسيين من الطبقة العاملة".
وتضمنت تعديلات أخرى للمقالات نبرة ساخرة تجاه حكومة الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي والسياسيين الأميركيين، وتصور الجمهوريين ودونالد ترامب روسيا بشكل إيجابي.
كما يتم تصوير الديمقراطيين والرئيس الأميركي جو بايدن والحرب في أوكرانيا والشركات الكبرى وشركات الأدوية الكبرى بشكل سلبي ".
تقول الشركة إن الشبكة التي تنتج المقالات لها علاقات مع "DC Weekly" ، وهي منصة تضليل يديرها جون مارك دوغان، وهو مواطن أميركي فر إلى روسيا في عام 2016.
ونشر شركة "CopyCop" أكثر من 19000 مقالة عبر 11 موقعا إلكترونيا بحلول نهاية مارس 2024.
وفي الأسابيع الأخيرة ، بدأت الشبكة في نشر محتوى من إنتاج كتاب وحصلت على قراءات كثيرة، وتدعي إحدى القصص أن فولوديمير زيلينسكي، رئيس أوكرانيا ، قد اشترى منزل الملك تشارلز في هايجروف، في جلوسيسترشاير.
وقرأت القصة 250 ألف مرة في 24 ساعة ، وتم تداولها لاحقا من قبل السفارة الروسية في جنوب إفريقيا.
ويخلص التقرير أن مثل هذه الجهود من الصعب أن يقتنع بها القراء المطلعيين، لكن عمليات التزوير التي تدعم الذكاء الاصطناعي لا تزال في مهدها ومن المرجح أن تتحسن بشكل كبير.
المصدر: الحرة
إقرأ أيضاً:
رمضان ومطبخ الذكاء الاصطناعي
بعد أن جرى استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل جزئي فـي مسلسلات رمضان الماضي كمشاهد الحرب والديكورات الفخمة والمؤثرات السمعية والبصرية، هل سيتغلغل الذكاء الاصطناعي أكثر، ويوسّع دائرته، ليصبح عنصرا أكثر فاعلية فـي الدراما؟
الإجابة واضحة، ومتوقّعة، فاستعانة مخرج مسلسل (الحشّاشين) بيتر ميمي، بالذكاء الاصطناعي لتقليل التكلفة الإنتاجية، لقيت قبولا من الجمهور، فالتطورات سريعة، والطوفان الذي انطلق قبل سنوات لا يمكن إيقافه، فضلا عن أنّ مواكبة التطوّرات مطلوبة، كما أنّ توظيف التكنولوجيا الحديثة فـي الدراما صارت واقعا.
المشكلة أن الذكاء الاصطناعي بإمكانه أن يكتب، ويخرج ويمثّل ويصمم ويلحن ويغني «ويفعل ما يشاء، هو لا مخيّر ولا مسير، هو لا يؤمن إلّا بقدرته وأقداره» كما يقول الباحث السوداني يوسف عايدابي.
وخلال حضوري المؤتمر الفكري المصاحب لفعاليات مهرجان المسرح العربي، شاهدت تجربة مسرحية سورية، عُرضت بواسطة الفـيديو، ونفّذت بطريقة الذكاء الاصطناعي حملت عنوان (كونتراست) للمخرج أدهم سفر وقد بلغت مدة عرضها (17) دقيقة كانت مزيجا من الرقص التعبيري والباليه، وقد حضر الإبهار لكن غاب الإحساس، والمسرح الذي ألفناه، وتربينا عليه، وعلى عناصره التي يمكن إجمالها، بالحوار والسرد والبناء الدرامي، والرسالة، فقد حضرت التكنولوجيا بقوّة، لتزيح بعضا من تلك العناصر، عبر التركيز على الأداء الجماعي، والمشاهد البصرية، والأمر نفسه بالنسبة للدراما التلفزيونية، خصوصا أنّ المخرج محمد عبدالعزيز خاض قبل عامين تجربة من هذا النوع فـي مسلسله (البوابات السبع) فقدّم صناعة درامية كاملة لأعمال من الذكاء الاصطناعي، وبكلّ ثقة قال: «فـي المستقبل القريب لن نكون بشرا لوحدنا، بل سنندمج مع الذكاء الاصطناعي ونصبح طرفا واحدا، نحن هنا على مشارف نهاية هذا الإنسان والبدء برحلة جديدة للإنسان المندمج مع التطبيقات الذكية».
وإذا كان الممثل الأمريكي توم هانكس يتوقّع أنّه سيستمر بالتمثيل حتى بعد رحيله عن هذا العالم بفضل الذكاء الاصطناعي، فهذا الأمر حصل بالفعل مع الممثل المصري طارق عبدالعزيز الذي وافته المنية قبل استكمال تصوير مشاهده فـي مسلسل (بقينا اثنين)، فلجأ المخرج إلى تقنية الذكاء الاصطناعي ليستكمل تصوير مشاهده المتبقية، وبذلك قلّلت، هذه التقنية، من مخاوف المخرجين من رحيل أحد الممثلين قبل استكمال تصوير مشاهده، كما حصل مع الفنان رشدي أباظة عندما توفّي عام 1982 أثناء تصوير فـيلمه الأخير (الأقوياء)، فجاء المخرج أشرف فهمي ببديل هو صلاح نظمي، وكانت معظم المشاهد التي صوّرها للممثل البديل جانبية لإيهام الجمهور أنّ الذي يقف أمام عدسة الكاميرا هو رشدي أباظة، وهذه (الخدعة) لم تنطلِ على الجمهور، وغاب الفعل الدرامي، فكان نقطة ضعف فـي الفـيلم.
ومع هذه المحاسن، سيواجه هذا النوع من الدراما معارضة فـي بادئ الأمر، من قبل المشتغلين بصناعة الدراما والسينما، لأن الذكاء الاصطناعي سيجعل المنتجين يستغنون عن خدمات الكثير من العاملين فـي هذا القطاع، وهو ما جعل العاملين فـي استوديوهات هوليوود يضربون عن العمل مطالبين نقابة الممثلين بتوفـير حماية لهم من هذا الخطر الذي هدّدهم برزقهم! أما بالنسبة للجمهور فسيتقبلها تدريجيا، ويعتاد عليها مثلما تقبل مشاهدة اللقطات التي جرى تصويرها رقميا فـي أعماق البحر بفـيلم (تيتانك)، للمخرج جيمس كاميرون (إنتاج 1997)، وأظهر السفـينة بحجمها الكامل فـي تجربة رائدة فـي التصوير الرقمي، سينمائيا، وزاد ذلك فـي رفع وتيرة المؤثرات، والإبهار وأضاف، رقميا، الكثير من الماء والدخان، فنجح الفـيلم نجاحا كبيرا، وكان الإبهار الذي صنعه التصوير الرقمي من عوامل النجاح، تبعا لهذا، يمكننا تقبّل دخول الذكاء الاصطناعي فـي حقل الدراما إذا لعب الذكاء الاصطناعي دورا تكميليّا، كما قال د. خليفة الهاجري خلال حديثه عن التصميم المسرحي والذكاء الاصطناعي، فهو «ليس بديلًا للمصمّم البشري، بل أداة تكميليّة يمكن أن تعزّز الإبداع، والابتكار فقط» وعلينا أن نضع فـي الاعتبار احتمالية الاستغناء عن الكومبارس والإبقاء على الممثلين الرئيسيين لأسباب تسويقية، والمخيف حتّى هؤلاء سيطالهم الاستغناء، وينسحبون تدريجيا ليصيروا ضيوف شرف على مائدة دراميّة تعدّ بالكامل فـي مطبخ الذكاء الاصطناعي !!