المعالجات المقترحة للانهيار الاقتصادي قشرة موز تحت البوت
تاريخ النشر: 11th, May 2024 GMT
الرأي اليوم
صلاح جلال
(١)
لقد تابع عمود الرأي اليوم شواهد ومؤشرات الانهيار الاقتصادي في البلاد وتنبأ بانهيار كامل خلال ستة أشهر من تاريخ أول مقال. هذا التنبؤ ليست حالة رغبوية أو رجم بالغيب ولا عمل سحر إنما متابعة ودراسة موضوعية للمؤشرات الاقتصادية الهامة مثل مؤشر النمو السالب للناتج المحلي الاجمالي.
ومؤشر التضخم الركودي ومؤشر سعر الصرف مع مؤشر العطالة المتزامن مع الانهيار المتسارع للبنية التحتية وتوقف الإنتاج. هذه المؤشرات تمثل حقائق وحجم الأزمة الاقتصادية الراهنة في السودان.
(٢)
لقد حلقت الإجراءات الإقتصادية المطروحة للمعالجة بعيداً عن جوهر الأزمة وانشغلت بالأعراض وتركت المرض واقترحت مجموعة من التدابير الأمنية بأمر البنك المركزي وبالتنسيق مع الشرطة والنيابة وإدارة الأمن الإقتصادي في جهاز المخابرات العامة في بورتسودان ومناطق سيطرة الجيش حزمة من التدابير الأمنية الرادعة والإجراءات الصارمة التي تستهدف ملاحقة وحظر حسابات تجار العملة والشركات التجارية لإستعادة حصائل الصادر بالعملة الصعبة وشركات التحويلات والأفراد المتعاملين معهم وأصحاب الحسابات المشبوهة والمرتبطة بالتمرد وشركات متهربة من تسديد الضرائب وضوابط جديدة للإستيراد تشمل حظراً للسلع الكمالية وشروطاً جديدة للإستيراد إجراءات ينطبق عليها المثل الجارى (رقيق وزادوا مويه).
(٣)
تواصلت مع خبير اقتصادي مرموق أكد على عدم نجاعة الإجراءات المتخذة بقوله الإجراءات الإدارية والأمنية هي إجراءات (مساندة) فقط لا تشكل علاجا لمواجهة أزمة بهذا الحجم تلزمها سياسات إصلاح إقتصادي ومالي شاملة التي بدورها تحتاج لخبرات وطنية لها ممارسة ممتدة تبدأ بتقييم وحصر وتقويم للبيانات الإقتصادية والمالية وتحليلها علمياً من ثم تحديد طبيعة وحجم الكارثة وطرح الحلول والبدائل الممكنة العاجلة والمتوسطة وطويلة الأمد وتحديد الأولويات وآليات التنفيذ، لكن من الملاحظات العامة في الشأن السوداني المرتبك المشتبك مع استمرار الحرب هناك عدم تركيز واضح للمسؤولين وعدم خبرة كافية وتقديم للجانب الأمني والذاتي هو المتحكم في تصرفات القائمين على أمر الاقتصاد دون نظرة كلية للشأن القومي.
(٤)
ويواصل الخبير الإقتصادي القول والدليل على ذلك ضياع الموسم الزراعي الحالي لعدم إهتمام الدوله بذلك علي المستوى الإتحادي والولائي خاصة في الولايات الآمنة نسبيا إن نجاح الموسم الزراعي كأولوية عاجلة هو أحد أهم أركان الإستقرار الاقتصادي الأولوية الأولى لمواجهة الإنهيار الإقتصادى الراهن وقف الحرب فوراً وهذا لا يحتاج لأكثر من إرادة سياسية وبدأ عملية الإعمار والتنميه والإصلاح الشامل للدولة التى تحللت أطرافها وهي في حالة هشاشة كاملة.
(٥)
البلد في طريقها للغرق والاقتصاد يسير بخطى ثابتة نحو الإنهيار الشامل ومجموعات من الساسة (الكسابة) مشغولين بالتحشيد من أجل تشكيل وزاري يحلمون به ويتسابقون نحوه فى المؤتمرات (رعد بلا مطر) يوزعون الإبتسامات العريضة والأيدي المتشابكة أمام الكميرات، وهم آخر من يعلم أن الوزارة في مثل هذا الظروف مغرم وليست مغنم تحتاج لعلماء فدائيين يحبون هذا الشعب لدعم برنامج لوقف الحرب ومشروع إصلاح شامل للدولة وخلق مناخ إقليمي ودولي مساعد وداعم لإعادة الإعمار تتشكل في ظله حكومة وطنية من كفاءات مستقلة تلتزم بموجهات ثورة ديسمبر المجيدة التى يدعمها الشعب وتجد السند والإعتراف من دول الإقليم والعالم ومنظمات التمويل الدولي، حكومة تعيد للدولة شرعيتها المفقودة دون ذلك صيحة في غفر (بندق في بحر) تمثل أحلام للعطالة من الساسة الغنامة شعب كل الأنظمة هدفهم كرسي السلطة وليست محتواها مثل كلب القرية يُطارد كل عربة مسرعة إذا وقفت قفل راجعاً عنها.
(٦)
ختامة
لا تصلح إدارة أزمة اقتصادية بالتدابير والإجراءات الأمنية بهذا الحجم وغير مسبوقة فى تاريخ البلاد يجب مصارحة الشعب بحقيقة وعمق الأزمة و الإنهيار الإقتصادى بلغ اليوم سعر الدولار فى بورتسودان مشارف الـ ٢٠٠٠ج ، نختم بقول الشاعر فى رسالة لبريد دكتور جبريل إبراهيم وزير المالية المشغول بالتشكيل الوزاري على تلةٍ من الخراب
يا رجال العلم يا ملح البلد
من يُصلِحُ الملحَ إذا الملحُ فسد
الوسوم#لازم_تقيف #لاللحرب
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: لازم تقيف
إقرأ أيضاً:
من يوقف الحرب وكيف
بسم الله الرحمن الرحيم
زورق الحقيقة
أبوهريرة زين العابدين عبد الحليم
الحرب اللعينة التي اندلعت في ربوع الوطن حرب عبثية لعينة لا معنى لها ولا مبرر لاستمرارها ويجب ان تقف فورا لأسباب كثيرة سوف اعددها، فهنالك اسئلة كثيرة سوف تظل عالقة في الإذهان الى حين، مثل من بدأ الحرب ومن له مصلحة في استمرارها ولماذا لم تقف بعد، ومن يصب الزيت على نارها، وما حجم التدخلات الدولية والاقليمية.
هنالك اسباب كثيرة للاجابة على سؤال لماذا يجب ان تقف الحرب فوراو تتعلق هذه الاسباب بالامن القومي السوداني في مفهموه الشامل، والخوف من انهياز الدولة والوصول لمرحلة اللاعودة وانهيار النسيج الاجتماعي والقيم والتعليم والتنمية وكل شيء. حسب الاحصاءات فاستمرار الحرب يكلف المليارات لسنوات قادمة ولو حسبنا خسارة التعليم والفاقد التربوي والتنمية ووقف الانتاج وكل شيء فمثلا لم يذهب الطلاب للمدراس لحوالي عام ونصف ويقدر العدد بحوالي 15 مليون فاي خسارة هذه، حجم النازحين واللاجئين وصل لاعداد خرافية، عدم الامن، النهب والسلب والسرقات وفقدان الأمان، حيث لم تستطع اي جهة توفير الامن والامان لحماية المدنيين. فالفكرة الخروج من خطاب الاصطفاف والادانات لخطاب جديد يحركنا من هذا المربع القميء لخطاب يعطي الامل للشعب ويوقف الحرب المفروضة على الشعب والمرفوضة منه.
أيضا لو درسنا طبيعة هذه الحروب من الصعب ايجاد منتصر فيها كالعادة فهي تستمر لفترات طويلة الى ان يصل الطرفان الى مرحلة الانهاك ومن ثم يتم الجلوس للحوار ونضرب مثلا بحرب الجنوب التي انتهت بانفصال الجنوب فهي مختلفة وكانت في اجزاء محددة وايضا حرب دارفور. اضف الى كل ذلك سوف يصبح السوادان ساحة صراع اقليمي ودولة.
السيناريوهات المتوقعة لوقف مثل هذه الحروب تتمثل في:
- إنتصار احد الاطراف
- الوصول لمرحلة الانهاك المتبادل وعدم انتصار اي طرف
- تدخل عسكري خارجي عن طريق الشرعية الدولية
- في حالة استمرار الحرب لفترة طويلة بدون تدخل دولي فربما تتدخل بعض الدول الاقليمية كما حدث في حرب اليمن مثل مصر أو اثيوبيا أو ارتريا أو اي دول اخرى لها مصالح.
بتحليل السيناريوهات الافتراضية اعلاه فجميعها ليست في صالح الشعب واستقرار الدولة بشكل مخطط واستراتيجي فاذا انتصر احد الاطراف سوف يقيم شموليته فالطرفين هدفهما النهائي السلطة والحكم ومهما ادعوا، ايضا سيناريو التدخل الدولي او الاقليمي الشرعي الحميد او غير الشرعي الخبيث فسوف يكون له تاثير كبير على مستقبل الدولة واستقرارها. سوف لا ينتظر العالم الى ان تصل المأساة لمجاعة شاملة وابادة.
الافضل في تصوري ان يحاول السودانيين ايجاد حل انفسهم اولا ولكن كيف يتم ذلك في اطار السيولة السياسية والاصطفاف والانقسام الشديد في المجتمع وقواه الحية. ادعو المثقفين والكتاب والمفكرين والجامعات بوضع تصورات تساعد الجميع في بلد الجميع واقترح الدعوة لمؤتمر جامع شامل للقوى السياسية والمدنية للاتفاق على تصور لوقف الحرب ومستقبل الدولة السودانية والدفع بهذه الرؤية للشعب السوداني وللمجتمع الاقليمي والدولي ومن ثم حشد الشعب والعالم لفرض هذه التصور على الطرفين واجبارهم عبر اليات اقليمية ودولية للامتثال لارادة الشعب السوداني. وبالنسبة للطرف الذي يرفض يمكن الاستعانة بعدد من الخطوات بالتنسيق مع المجتمع الدولي:
اولا: فرض حظر سلاح وطيران.
ثانيا: ضغط سياسي وشعبي وعزلة داخلية وخارجية ومقاطعة
ثالثا: تدخل عسكري محدود عبر قوات اقليمية ودولية عبر الشرعبية الدولية ويمكن الاستعانة واستيعاب جنرالات سودانيين في المعاش من الذين شهد لهم بالكفاءة في هذه القوات.
رابعا: عزل القيادتين او اجبارهم على الاستقالة ومحاولة ايجاد ضباط وطنيين ليحلوا مكانهم ومن ثم الانخراط في عمل فني لوقف اطلاق النار ووقف الحرب وبدء عملية سياسية، وان يكون واضح للجميع انه لا مجال لدخول العسكر في السياسة والاقتصاد وتأسيس جيش وطني واحد.
للاجابة على سؤال من يوقف الحرب علينا ان نعول على الشعب السوداني وقواه الحية في وقف الحرب وقيادة الجهود وترك الكسل السياسي والفكري والاعتماد على خطاب الادانات فقط وخطاب تحميل الآخرين مسئولية ما حدث، فاي جهة يمكن ان تقوم بذلك ولكن نحتاج لمجهود فكري وسياسي كبير لايقاف الحرب وتعبئة الجميع عبر افكار واضحة واجماع من القوى السياسية فهذا دورها وايضا يجب ان تتفرغ النقابات والاتحادات المهنية لاعمالهم وليس للسياسة ووضع تصورات لمستقبل الوطن كل جهة في مجال تخصصها، فمثلا بدلا ان تعمل نقابة البنوك او الاطباء في السياسة يركزون على مجالهم في تطوير المهنة ومساعدة الداخلين الجدد في المهنة ووضع تصورات لشهادات وتدريب مهني ووضع تصورات اعادة اعمار ما دمرته الحرب، وعليهم الخروج من السياسة والمساعدة مهنيا في مجال تخصصهم وهذا ما نحتاجه وايضا مثل الجيش عليه البعد من السياسة ويتفرغ الجميع للعمل في مجاله، فما اضاع بلدنا في ان الجميع يريد ان يكون سياسي ويريد ان يحكم، فمن يريد ان يحكم عليه ان يقوم بانشاء حزب سياسي ويطلب التأييد من الشعب السوداني. مشكلتنا في السودان الخلط في كل شيء وخلط المهنة مع السياسة ومع الدين ومع القبيلة والجهوية، فلو اعدنا النظر في طريقة عملنا السياسي ووضعنا لبنة وتصور في مؤتمر جامع واتفقنا على تصور دستور لتجيره اول جميعية تأسيسية او برلمان فيمكن ان نساعد الاجيال القادمة في ان تجد لبنة وطن.
لقد تعب الشعب من الحروب والتشريد في الداخل والخارج ، فعلينا أن نقود عبر مجهود فكري وسياسي وتصورات وتحويلها لواقع يمشي بين فقراء السودانيين الذين تم تشريدهم في الداخل والخارج وأن ننظر للامر بمفهوم الأمن القومي، باستمرار هذه الحرب سوف تكون نهاية الدولة والبنيات التحتية وكل شيء ومن الصعب ايجاد الموارد والدعم المطلوب لاعمار ما دمرته الحرب وما سوف تدمره، لذلك علينا الاسراع في وقف هذه الحرب اللعينة واجبار اللاعبين الاساسيين على الانصياع لرغبة الشعب. فهذا او الطوفان العنفي الذي يجرف اي شيء ونتحول لصومال آخر.
abuza56@gmail.com