عندما هدد الرئيس الأميركي جو بايدن بإيقاف بعض شحنات الأسلحة إلى إسرائيل في حال غزت مدينة رفح جنوب قطاع غزة، كانت الآثار المدمرة لأحد الأسلحة تثير قلقه بشكل خاص، وفقا لصحيفة "نيويورك تايمز".

وقال بايدن في تصريحات لشبكة "سي إن إن" هذا الأسبوع إن العديد من المدنيين في غزة قتلوا نتيجة لتلك القنابل"، في إشارة منه إلى أسلحة أميركية الصنع يبلغ وزنها نحو 900 كيلوغراما، وهي الأكبر في سلسلة قنابل من طراز "مارك 80".

في القاموس العسكري، تتم الإشارة إلى قنابل "مارك 80" إلى أنها ذات استخدامات عامة، مما يعني أنه يمكن إلقاؤها تقريبا على أي هدف يتوقع عادة مواجهته في الحرب. 

بالإضافة إلى "Mk-84" التي يبلغ وزنها 900 كيلوغراما، هناك أيضا إصدارات أخرى من قنابل "مارك 80"، وهي "Mk-81" بزنة 113 كيلوغرام و"Mk-82" زنة 226 كيلوغرام و"Mk-83" زنة 453 كيلوغرام.

خلص تحقيق أجرته صحيفة "نيويورك تايمز" في ديسمبر الماضي إلى أن القنابل الأميركية التي تزن 900 كيلوغرام كانت مسؤولة عن بعض من أسوأ الهجمات على المدنيين الفلسطينيين منذ بدء الحرب في غزة.

ووفقا لمكتب الجيش الأميركي الذي يدير الذخيرة، فإن الأهداف المثالية لأسلحة بهذا الحجم هي "المباني ومجمعات السكك الحديدية وخطوط الاتصالات".

ومع ذلك، تشير بيانات وزارة الدفاع إلى أن الطائرات الحربية الأميركية تستخدم عادة ذخائر أقل قوة بكثير لدعم القوات البرية التي تشتبك مع مسلحي العدو.

لم تتغير الرؤوس الحربية المتفجرة لهذه القنابل إلا قليلاً منذ أن ابتكرتها البحرية الأميركية بعد وقت قصير من الحرب العالمية الثانية، لكن البنتاغون أبقى عليها في الخدمة من خلال تطوير أجزاء وقطع جديدة يمكن ربطها بمجموعة متنوعة من الأغراض.

يتكون حوالي 40 بالمائة من وزن كل قنبلة من خليط شديد الانفجار، أما الباقي فيمثل الهيكل والغلاف المكون من الفولاذ. 

عند الانفجار، تنتشر أجزاء القنبلة على شكل شظايا حادة يمكن أن تمزق الأجسام البشرية والمركبات غير المدرعة على حد سواء.

وتشير البيانات المأخوذة من الدورات التدريبية للقوات الأميركية إلى أن هناك نسبة قدرها 10 في المئة لأن يصاب الأشخاص بالعجز أو الموت في حال كانوا موجودين على مسافة تصل لـ35 مترا ضمن تأثير القنبلة زنة 113 كيلوغرام.

وتقفز هذه المسافة إلى ما يقرب من 182 مترا لنسخة القنبلة التي تزن نحو 900 كيلوغرام تنفجر فوق الأرض مباشرة.

احتكرت الولايات المتحدة لفترة من الزمن هذه القنابل، ولكن الآن يتم تصنيعها وبيعها في عدد من البلدان، بما في ذلك أستراليا والبرازيل وكندا وفرنسا والهند وإيطاليا وباكستان وإسبانيا وسويسرا وتركيا والإمارات العربية المتحدة.

وتصنع إسرائيل نسخها الخاصة من القنابل، لكن بيانات التصدير تشير إلى أن البلاد تشتري معظم قنابلها من الولايات المتحدة من خلال منحة سنوية بقيمة 3.5 مليار دولار.

كيف تطورت قنابل "مارك 80"؟

بدأت الولايات المتحدة استخدام قنابل "مارك 80" بشكل علني أثناء حرب فيتنام.

معظم قنابل "مارك 80" التي تم إسقاطها فوق فيتنام وكمبوديا ولاوس في الفترة من 1965 إلى 1973 كانت أسلحة غير موجهة تكلف كل منها بضع مئات من الدولارات. 

وفي ظل أفضل الظروف، كان نصف هذه القنابل يسقط على بعد نحو 120 مترا من أهدافها، حتى أنها أدت أحيانا، سواء بسبب خطأ الطيار أو الرياح، لقتل أعداد كبيرة من الجنود الأميركيين بالإضافة إلى قتل المدنيين.

ولكن في أواخر الستينيات، طورت شركة "Texas Instruments" مجموعة تسمى "Paveway" أعطت قنابل "مارك 80" دقة أكبر بكثير من خلال إضافة أجزاء إلى مقدمتها وذيلها مما سمح بتوجيها باستخدام أشعة الليزر.

أدى ذلك إلى تقليص متوسط مسافة الخطأ إلى حوالي 3 أمتار، ومع ذلك، وبسبب تكلفتها العالية، لم يتم الاستعانة بمجموعة "Paveway" سوى في عدد قليل من القنابل التي أسقطتها القوات الجوية الأميركية خلال حرب فيتنام.

خلال حرب الخليج الأولى عام 1991 بدأ المراقبون يطلقون على القنابل المعدلة تسمية "القنابل الذكية".

لكن مع ذلك ظلت القنابل الموجهة بالليزر تفشل في الوصول لأهدافها بدقة خلال الأحوال الجوية السيئة والعواصف الرملية، مما دفع المسؤولين العسكريين إلى تطوير مجموعة أدوات توجيه جديدة في أوائل التسعينيات.

أطلق على المجموعة الجديدة اسم "JDAM" وكانت تكلفتها أقل بنحو النصف مقارنة بمجموعة "Paveway"، وتستخدم إشارات الراديو من الأقمار الصناعية العسكرية مع نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) لتوجيهها. 

كم مرة جرى استخدام قنابل الـ900 كيلوغراما؟

خلال حرب فيتنام، أسقطت الطائرات الحربية التابعة للقوات الجوية الأميركية عددا من قنابل "Mk-82" أكبر من جميع أنواع الأسلحة الجوية الأخرى مجتمعة، بما في ذلك القنابل العنقودية.

وعادة ما كان الجيش الأميركي يحتفظ بقنابل "Mk-84" لتدمير المباني الكبيرة أو البنية التحتية مثل الجسور. 

وفي العقود التي تلت ذلك، ظل "Mk-82" هو الرأس الحربي الأكثر استخداما من قبل الأميركيين في القتال، خاصة عند دمجه مع مجموعة التوجيه "Paveway" أو "JDAM".

وبالمقارنة، تستخدم إسرائيل قنابلها التي تزن 900 كيلوغراما في كثير من الأحيان، بحسب الصحيفة.

في الأسبوعين الأولين من الحرب في غزة، كان ما يقرب من 90 في المئة من الذخائر التي أسقطتها إسرائيل على غزة عبارة عن قنابل موجهة عبر الأقمار الصناعية تزن ما بين 226 إلى 453 كيلوغرام، وفقا لمسؤول عسكري أميركي كبير. 

وتستخدم إسرائيل أيضا نوعا مختلفا قليلا من القنابل التي يبلغ وزنها 900 كيلوغراما تسمى "BLU-109" والتي يمكنها اختراق الأرض للوصول إلى أهداف معينة مثل أنفاق حماس.

هل هناك قنابل أكبر؟

تصنع الولايات المتحدة عددا قليلا جدا من القنابل التقليدية التي يزيد وزنها عن 900 كيلوغراما، وقد حصلت إسرائيل على واحدة منها، وهي قنبلة ذات غلاف أكثر سماكة يصل وزنها لطنين وربع مصممة لمهاجمة أهداف أعمق تحت الأرض.

واشترت إسرائيل 50 قنبلة من هذا القبيل من الولايات المتحدة في عام 2015، وتحمل كل منها ما يعادل 283 كيلوغراما من مادة تي إن تي شديدة الانفجار.

أما السلاحان الآخران فلم يتم بيعهما أو تقديمهما إلى الحلفاء، وإحداهما عبارة عن قنبلة تزن تسعة أطنان ونصف وتسمى أم القنابل، جرى استخدامه مرة واحدة فقط حتى الآن في أفغانستان في عام 2017.

وهناك أيضا قنبلة تزن 13.5 طن تسمى "Massive Ordnance Penetrator" قادرة على اختراق مسافة أبعد تحت الأرض قبل أن تنفجر، لكن لا يمكن حملها إلا بواسطة القاذفة الشبح من طراز "B-2".

لماذا يعارض كثيرون استخدام إسرائيل للقنابل "MK 84"؟

يقول العديد من السياسيين والناشطين إن القنابل التي تزن 900 كيلوغراما أقوى من أن تستخدم بشكل مسؤول في غزة، وهي منطقة مكتظة بالسكان.

كتب السيناتور الديموقراطي بيرني ساندرز تعليقا على منصة "إكس" في 29 مارس الماضي، في إشارة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي، قائلا: "لا يمكن للولايات المتحدة أن تطلب من نتانياهو أن يتوقف عن قصف المدنيين في يوم من الأيام ثم ترسل له في اليوم التالي آلاف القنابل الإضافية التي يبلغ وزنها 900 كيلوغراما ويمكن أن تسوي مباني مدينة بأكملها بالأرض". 

وفي مايو 2021، حاول ساندرز منع بيع قنابل أميركية بقيمة 735 مليون دولار لإسرائيل لأسباب مماثلة.

استخدمت إسرائيل هذا النوع من الأسلحة من قبل، وخاصة خلال حربها ضد حماس في عام 2008.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة القنابل التی یبلغ وزنها من القنابل التی تزن خلال حرب إلى أن فی غزة

إقرأ أيضاً:

لحظات حاسمة.. لبنان وإسرائيل على شفا هدنة برعاية أمريكية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أفاد مسؤول لبناني، وفقًا لوكالة "رويترز"، بأن الولايات المتحدة أبلغت السلطات اللبنانية باحتمالية الإعلان عن وقف إطلاق النار خلال وقت قريب جدًا، ربما خلال الساعات المقبلة.  

وصرح نائب رئيس مجلس النواب اللبناني بأن هناك تقدمًا كبيرًا في المباحثات، دون وجود عراقيل جدية أمام تطبيق هدنة تم التوصل إليها بوساطة أمريكية.

وأشار إلى أن الاتفاق يتضمن انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان خلال فترة زمنية تصل إلى شهرين، على أن تتولى القوات اللبنانية مهام الانتشار في تلك المناطق لضمان الاستقرار.

من جهة أخرى، أفادت هيئة البث الإسرائيلية أن المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية في إسرائيل (الكابينيت) سيعقد اجتماعًا غدًا لمناقشة والموافقة على الاتفاق المقترح مع لبنان.

وأوضحت أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يعتزم عقد اجتماع مصغر مع عدد من المسؤولين الأمنيين قبيل انعقاد جلسة الكابينيت.

وفي السياق نفسه، نقلت الهيئة عن مصدر مطلع أن الولايات المتحدة تبذل جهودًا لإشراك دول إضافية في آلية الإشراف على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، بهدف ضمان استدامته وتجنب أي تصعيد جديد.

أعلن داني دانون، مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة، أن بلاده ماضية في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان.

وأشار إلى أن الاتفاق سيُنفذ على عدة مراحل، موضحًا أن أحد الشروط الأساسية التي تضعها إسرائيل هو انسحاب قوات حزب الله إلى المناطق الواقعة شمال نهر الليطاني.  

في سياق متصل، أفادت وكالة "رويترز" بأن إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، أبلغت مسؤولين لبنانيين بإمكانية الإعلان عن وقف لإطلاق النار خلال وقت قريب جدًا، ربما في غضون ساعات قليلة، مما يعكس تقدما في الجهود الدبلوماسية لتحقيق تهدئة في المنطقة.

من جانبه، أكد وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، أن التحدي الأساسي الذي يواجه الاتفاق يتمثل في ضمان عدم وجود قوات لحزب الله جنوب نهر الليطاني، إلى جانب منع الحزب من إعادة بناء قوته العسكرية في تلك المناطق، وهو ما يمثل اختبارًا رئيسيًا لفعالية الاتفاقية واستدامتها.

وفي تصريح من الجانب الأوروبي، وصفت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، تطورات المحادثات بشأن وقف إطلاق النار بأنها "تقدم ملحوظ".

وأكدت أن الوضع الحالي يظهر بوادر انفراج أكبر مما كان عليه خلال الأسابيع الماضية، مشيرة إلى أن المجتمع الدولي يراقب عن كثب لتنفيذ الاتفاقية بشكل يضمن الاستقرار في المنطقة.
 

مقالات مشابهة

  • اتفاق لبنان.. متى تبدأ الـ60 يوما التي تنسحب خلالها إسرائيل؟
  • تحذيرات من قنابل موقوقة.. بعد الحرب
  • اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل.. تفاصيل مراحل التنفيذ وموقف الحكومة
  • جرس إنذار.. سكان غزة يعيشون وسط "قنابل موقوتة" إسرائيلية
  • هل يتوصل حزب الله وإسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار خلال ساعات؟
  • السويد تعلن وقف مساعداتها لليمن بحلول 2025 بسبب أعمال الحوثيين التدميرية
  • لحظات حاسمة.. لبنان وإسرائيل على شفا هدنة برعاية أمريكية
  • مندوب إسرائيل بالأمم المتحدة: الاتفاق مع لبنان سيكون على مراحل وشرطنا انسحاب حزب الله
  • من هي البلدان التي ستشرف على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان؟
  • كامل الوزير: نعمل على حل المشكلات التي تواجه الصناعات المتعثرة