زخم دبلوماسي خليجي في بغداد.. كيف تمكن قراءته وما أبرز الملفات التي بُحثت؟
تاريخ النشر: 1st, August 2023 GMT
بغداد– زيارات ووفود دبلوماسية خليجية عديدة استقبلتها بغداد في الآونة الأخيرة، بعد أن شهدت العلاقات العراقية الخليجية أسوأ مراحلها في السنوات السابقة، ويبدو أن الحال قد تغير في ظل سعي عراقي رسمي لترميم علاقاته مع مختلف الدول بعد سنوات من العزلة الدبلوماسية.
وكانت بغداد قد شهدت في الساعات الماضية استقبال الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم محمد البديوي، في حين استقبلت بغداد أمس وزير الخارجية الكويتي سالم عبد الله الجابر الصباح، ومن قبله زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى بغداد في يونيو/حزيران الماضي، فضلا عن زيارة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان العاصمة العراقية في فبراير/ شباط الماضي.
وتثير هذه الزيارات العديد من التساؤلات عن أهدافها وأهم ما جاء فيها، والملفات التي تمت مناقشتها وفيما إذا كانت هناك نقاط محورية تمت مناقشتها بين العراق والدول الخليجية.
زيارات مهمة
وتنوعت الأجندة التي ناقشها الجانب العراقي مع الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، إذ أكد وزير الخارجية فؤاد حسين، أمس الاثنين، أن أبواب العراق مفتوحة أمام الشركات الخليجية، في حين أشار الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم محمد البديوي إلى أن مشروع الربط الكهربائي مع العراق يعد طموحا.
وقال وزير الخارجية العراقي في مؤتمر صحفي مشترك مع الأمين العام لمجلس التعاون إن "أبواب العراق مفتوحة أمام الشركات الخليجية، وإن السياسة العراقية الخارجية قائمة على تطوير العلاقات بين العراق ودول الخليج"، وذلك وفق ما نقلته وكالة الأنباء العراقية (واع).
وفيما يتعلق بزيارة وزير الخارجية الكويتي، أكد فؤاد حسين أن البلدين ناقشا ملف مكافحة المخدرات والتعاون المشترك وفتح ملحقية تجارية في القنصلية الكويتية بالبصرة، فضلا عن بحث مسألة ترسيم الحدود والاتفاق على استمرار انعقاد اللجان، وتشكيل لجنة عليا لترسيم الحدود بين البلدين.
وقال فادي الشمري المستشار السياسي لرئيس الوزراء العراقي إن الملف الاقتصادي كان حاضرا بقوة في حوارات رئاسة الوزراء مع الوفود الخليجية، معتبرا أنه ملف يحظى بالأولوية بالنسبة للحكومة الحالية، مشيرا إلى أن ملفات عديدة أخرى جرى بحثها، ومنها قطاعات الطاقة والنفط والبتروكيميائيات والكهرباء والصحة والإسكان.
وفي تصريح خاص بالجزيرة نت، أفاد الشمري بأن المباحثات شملت تطويق مافيات الفساد، حيث تمكن العراق من عقد مذكرات تفاهم فاعلة مع دول الخليج خلال الأشهر الماضية، بما أسفر عن إلقاء القبض على متهمين بسرقة المال العام والتحفظ على أموالهم، لافتا إلى أن هذه القضية تشي بتقدم لافت في مجال العلاقات الجيدة للعراق مع دول الخليج، وفق تعبيره.
وعن مجمل النقاشات وما أسفرت عنه، أوضح الشمري أن التفاهمات الثنائية ستقود إلى المشروع المشترك الأكبر مع دول الخليج متمثلا بطريق التنمية، حيث أعطى هذا المشروع الدول الخليجية الحافز لتقديم عروض باستثمارات كبيرة في الموانئ العراقية وخطوط النقل والمدن على ضفتي الطريق.
أسباب عديدة
ويؤكد رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري أن هناك أسبابا عديدة لهذه الزيارات المتتالية، منها ما يرتبط بطبيعة الملفات في منطقة الخليج العربي، لا سيما وجود أزمة حقل الدرة النفطي ما بين السعودية والكويت من جهة وإيران من جهة أخرى، الأمر الذي دفع دول الخليج للتنسيق مع العراق على اعتبار أن الأخير يمتلك علاقات قوية مع إيران بما يهيئ للعراق فتح قنوات تواصل مع إيران أكثر فاعلية.
وعن مدى جدية الزيارات وما إذا كانت روتينية، يتابع الشمري -في حديثه للجزيرة نت- أنها ليست كذلك، خاصة أنها جاءت من مسؤولين رفيعي المستوى، وهو ما يشير إلى أن الجانبين ناقشا ملفات مهمة وحساسة للغاية بالنسبة لكل من العراق والكويت، لا سيما مع تصاعد سياسات عراقية غير رسمية لا تتوافق مع حجم العلاقات بين البلدين، في خضم الخلافات المتعلقة بالحدود البحرية وغيرها.
ويشير إلى أن دول الخليج تدفع باتجاه حزمة مبادرات تجاه العراق، بيد أن جميع الحكومات -ومنها الحالية- لم تترجم هذه الحراك الدبلوماسي لصالح العراق، لا سيما في خضم المشكلات التي تعاني منها الأوضاع العراقية الداخلية.
وبالعودة إلى المستشار السياسي لرئيس الوزراء العراقي، فإنه أضاف أن هذه الزيارات جاءت بعد حراك عراقي لتقريب المواقف المتضادة بين فرقاء المنطقة، إذ كان من نتائجه اتفاق استثنائي لترطيب الأجواء وتبادل البعثات الدبلوماسية بين السعودية وإيران.
تنافس خليجيويرى مهند الجنابي أستاذ العلوم السياسية في جامعة "جيهان" -في حديثه للجزيرة نت- أن زيارة رئيس مجلس التعاون الخليجي لها أبعاد دبلوماسية بامتياز، في الوقت الذي أكد فيه أن ملف حقل الدرة النفطي في مياه الخليج يتعلق بعلاقات العراق بالكويت.
أما عن الزيارات الخليجية المتتالية للعراق، فيقول الجنابي إن هذه الزيارات تبين وجود ما وصفه بـ"التنافس الخليجي" لاحتواء العراق أولا، ومن ثم عودة العراق لاستكمال ما تم تأسيسه سابقا في عهد حكومة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، الذي سعى لتوسيع تعاون العراق مع محيطه العربي سياسيا واقتصاديا وفك الارتباط العراقي مع إيران.
وبيّن أن هناك قناعة وسعيا خليجيا للحصول على المكاسب السياسية الأكبر لعودة العراق إلى المشهد في منطقة الخليج، لا سيما أن الجوانب الاقتصادية في دول الخليج تحظى بتقدم ملحوظ لا يقارن بالعراق بأي شكل من الأشكال، في الوقت الذي يشكل فيه العراق عقبة أمام الرؤية الخليجية، حيث تسعى دول الخليج من خلال تحركاتها لممارسة دبلوماسية ناعمة لإعادة العراق لممارسة دوره السياسي الفعال.
وعن مدى قدرة العراق على تحقيق التطلعات الخليجية، يقول الجنابي "دائما ما تعلن الحكومة العراقية أنها ضد سياسة المحاور في المنطقة، لكن من الناحية الفعلية، فإن العراق منخرط في المحور الإيراني سياسيا واقتصاديا، وبالتالي، المطلوب من العراق أن يستثمر هذه المبادرات الخليجية الداعمة وإعادة تموضع بغداد للتوازن في علاقاته، لا سيما في خضم الصلح الذي يمكن وصفه بالهدنة بين السعودية وإيران".
ورغم عدم تطرق البيانات الحكومية العراقية لحقل الدرة النفطي في الخليج العربي والنقاش الحاصل حوله في العراق، فإن ما تم تداوله في وسائل التواصل الاجتماعي حول حق العراق في جزء منه أثار لغطا كبيرا.
ويشير الخبير في الحدود اللواء الركن المتقاعد جمال الحلبوسي إن العراق يمتلك الحصة الأكبر من حقل الدرة النفطي، وأن أي ترسيم للحدود بعد النقطة 162 يعد انتهاكا للحدود العراقية.
وفي حديثه للجزيرة نت، بيّن الحلبوسي، الذي كان يشغل منصبا كبيرا في الجيش العراقي حتى السنوات القليلة الماضية، أن الخرائط التي قدمتها المساحة العسكرية العراقية التابعة لوزارة الدفاع تبين أن الجزء الأكبر من الحقل يعود للعراق والجزء الآخر لإيران وفقا للخرائط، موضحا أن الحكومات العراقية فرّطت وتساهلت في الحصول على الحقوق العراقية، ضمن ما يعرف بالمنطقة الاقتصادية البحرية العراقية، وفق تعبيره.
وامتنع المستشار السياسي للحكومة العراقية عن الإدلاء بأي تعليق حول هذه القضية، في الوقت الذي حاول فيه مراسل الجزيرة نت التواصل مع المتحدث باسم الخارجية العراقية وأعضاء لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان العراقي للحصول على تعليق رسمي، إلا أن عدم الرد على الاتصالات حال دون ذلك.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الأمین العام لمجلس التعاون التعاون الخلیجی وزیر الخارجیة دول الخلیج إلى أن
إقرأ أيضاً:
رئيس المخابرات العراقية يقود وفدا حكوميا إلى سوريا
وصل وفد عراقي حكومي يقوده رئيس المخابرات حميد الشطري العاصمة دمشق -اليوم الجمعة- للقاء الرئيس السوري أحمد الشرع، ولبحث التعاون الأمني والاقتصادي بين البلدين، وفق بيان صادر عن رئاسة الوزراء العراقية.
وقال البيان إنه بتوجيه من رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، وصل العاصمة السورية وفد رسمي حكومي برئاسة رئيس جهاز المخابرات الوطني.
وأبرز أن الزيارة تتضمن لقاء الوفد بالرئيس السوري وعدد من المسؤولين الحكوميين.
وتأتي الزيارة بعد 10 أيام من لقاء جمع الشرع والسوداني في الدوحة، رعاه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لـ"تعزيز العمل العربي"، وفق بيان لمتحدث الخارجية القطرية ماجد الأنصاري.
كما تأتي في وقت يرفض فيه عدد من السياسيين العراقيين الموالين لإيران احتمال زيارة الشرع العراق للمشاركة في القمة العربية يوم 17 مايو/أيار المقبل تلبية لدعوة رسمية من بغداد.
ويضم الوفد العراقي -بجانب رئيس المخابرات- مسؤولين عن قيادة قوات الحدود بوزارة الداخلية، ومن وزارتي النفط والتجارة، وهيئة المنافذ الحدودية، وفق البيان ذاته.
وأشار البيان العراقي إلى أن الوفد سيبحث مع الجانب السوري "التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، وتعزيز الترتيبات المتعلقة بتأمين الشريط الحدودي المشترك وتقويتها من أي خروقات أو تهديدات محتملة، وتوسعة فرص التبادل التجاري بما يصب في مصلحة الشعبين الشقيقين".
إعلانكما سيتم "دراسة إمكانية تأهيل الأنبوب العراقي لنقل النفط عبر الأراضي السورية إلى موانئ البحر الأبيض المتوسط".
وتتضمن المباحثات التأكيد على "دعم العراق وحرصه على وحدة وسيادة الأراضي السورية، وأهمية استقرار سوريا بالنسبة للأمن الوطني العراقي وأمن المنطقة"، وفق المصدر.
وتُعدّ هذه الزيارة ثاني زيارة لوفد عراقي إلى دمشق تُعلنها بغداد منذ الإطاحة بالرئيس المخلوع بشار الأسد.
وبسطت فصائل سورية في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024، سيطرتها على البلاد، منهية 61 عاما من حكم حزب البعث، و53 سنة من سيطرة عائلة الأسد.
ويعتبر العراق من الدول العربية القليلة التي حافظت على علاقة مع نظام بشار الأسد بعد قمعه للاحتجاجات الشعبية التي بدأت عام 2011.
لكن مع سقوط نظام الأسد، قال السوداني إن بلاده "تنسق مع سوريا بشأن تأمين الحدود وعودة اللاجئين ومستعدة لتقديم الدعم، ولا تريد لسوريا أن تكون محطة للصراعات الأجنبية".
في حين أكد وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين يوم 14 فبراير/شباط الماضي أن "العراق ليس لديه تحفظات أو شروط للتعامل مع القيادة السورية الجديدة، بل مجموعة من الآراء المتعلقة برؤيتنا حول مستقبل سوريا، ولكن بالنتيجة القرار والإرادة للشعب السوري نفسه".