ينجو بأعجوبة بعد قضاء 5 أيام تحت أنقاض مبنى منهار
تاريخ النشر: 11th, May 2024 GMT
أُنقذ ناجٍ، اليوم السبت، بعدما أمضى خمسة أيام تحت أنقاض مبنى انهار الاثنين في جنوب أفريقيا، ما اعتُبر "معجزة" أدت إلى جعل عمّال الإنقاذ يصفّقون.
وأعلن آلان ويندي زعيم الحكومة المحلية على منصة "اكس"، اليوم السبت "إنها المعجزة التي أملنا بها جميعًا".
وقال كولن داينر رئيس عمليات الإنقاذ للصحافة "عندما نزلنا بالقرب من اللوح (الخرساني) الذي قمنا بإزاحته (.
وأضاف أن عمّال الإنقاذ تحدثوا مع الناجي الذي أجاب.
وأضاف داينر "أخبرنا بوجود شيء ثقيل على ساقيه، وهذا يقلقنا بعد هذه الفترة الطويلة" تحت الأنقاض.
وأُخرج الرجل أخيرًا بعد ساعات من بذل جهود ونُقل إلى مستشفى على الفور.
لقي 13 شخصاً على الأقل حتفهم في انهيار هذا المبنى قيد الإنشاء في مدينة "جورج" على ساحل جنوب أفريقيا بعد ظهر الاثنين.
عند وقوع المأساة، كان هناك فريق مكون من 81 شخصًا في الموقع.
منذ ذلك الحين، تعمل فرق إنقاذ بلا كلل لمحاولة العثور على ناجين.
حتّى الآن، أُخرج 29 شخصًا بعضهم في حالة حرجة جداً من تحت الأنقاض أحياء.
وما زال 39 شخصًا في عداد المفقودين.
وما زالت أسباب الانهيار مجهولة. وكان المشروع يهدف إلى بناء 42 شقة وصادقت عليه البلدية في يوليو الماضي. أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: جنوب أفريقيا انهيار مبنى إنقاذ
إقرأ أيضاً:
بيت حانون.. تقاتل و تنهض من تحت الأنقاض
وقف عبد الحميد الزعانين، الرجل الخمسيني، على أطلال منازله المدمرة، يحدق فيما تبقى من جدرانه المتصدعة. لم يكن المشهد صادمًا بقدر ما كان قاسيًا.
يقول بصوت مثقل بالوجع خلال حديثه لـ«عُمان»: «لم نجد ديارنا الثلاث، كلها دُمرت، وجدنا فقط نصف دار متبقية، نحاول تنظيفها للإقامة فيها، رغم الحرب والدمار والبهدلة وانعدام الخدمات بالكامل».
يتحدث عبد الحميد عن معاناة يومية تكاد تكون مستحيلة: «لا كهرباء، لا ماء، لا صرف صحي، لا مقومات للحياة، فقط ركام وأمل لا نعرف كيف نصنع منه حياة جديدة. نعاني صعوبة كبيرة في الحصول على مياه الشرب، فكل نقطة ماء نحصل عليها تأتي بعد عناء شديد».
تبدو العودة أشبه بولادة جديدة لكنها محفوفة بالعذاب، فهو وأسرته يحاولون التكيف مع هذا الواقع القاسي، يحاولون إقناع أنفسهم بأن العيش فوق أنقاض منازلهم، مكومين في نصف بيت، أفضل من النزوح والتشرد، لكن الحياة هنا لم تعد تشبه الحياة، بل أقرب إلى صراع يومي من أجل البقاء.
في كل زاوية من المكان الذي كان يومًا منزلًا، تحضر ذكريات العائلة، صوت الأطفال، رائحة الخبز الطازج، وضحكات الأهل والجيران. اليوم، كل ذلك تحول إلى صمت مطبق لا يكسره سوى وقع أقدام العائدين وسط الركام.
بيت حانون.. العودة إلى المجهول
مع بزوغ فجر كل يوم، يخطو أهالي بيت حانون خطواتهم الثقيلة فوق الركام، عائدين إلى أرضهم بعد شهور طويلة من النزوح القسري. يعودون محملين بالشوق إلى منازل لم يبقَ منها إلا الحجارة المتناثرة، وأحياء كانت تعج بالحياة قبل أن تتحول إلى ساحات خراب.
العائلات تقتحم مشهد الدمار بإرادة لا تنكسر، تحاول ترتيب بقايًا البيوت، تجمع ما تبقى من أثاث، وتبحث عن أي زاوية تصلح للسكن وسط غياب تام للبنية التحتية. لا ماء، لا كهرباء، لا خدمات أساسية، فقط تحدٍّ يومي للبقاء.
بينما يتأمل العائدون مدينتهم المدمرة، يدركون أن معركتهم الحقيقية لم تنتهِ بعد، بل بدأت من جديد. إنها معركة من أجل البقاء، حيث لا مجال للاستسلام.
معركة من أجل أبسط مقومات الحياة
عودة طال انتظارها، تأتي وسط مشاعر متضاربة بين السعادة بلقاء تراب الأرض التي اشتاقوا إليها، وبين الوجع لما فقدوه خلال أشهر الحرب. في بيت حانون، الحزن مؤجل إلى حين، فالانشغال بتجهيز خيمة أو تعبئة جالون ماء هو سيد المشهد. إنها ليست مدينة تقاتل من أجل النجاة فحسب، بل تصارع من أجل أبسط مقومات الحياة.
وسط هذا الدمار، يبحث الأطفال عن أماكن للعب بين الأنقاض، بينما يحاول الرجال والنساء العثور على ما يمكن استخدامه لإعادة ترتيب أماكن الإقامة البديلة. ويواجه الأطفال والنساء والشباب يوميًا رحلة بحث عن الماء والغذاء، حيث باتت هذه المتطلبات البسيطة رفاهية لا تُتاح بسهولة.
يقطع بهاء قزعاط، الشاب العشريني، نحو خمس كيلومترات يوميًا من أجل الحصول على بضع جالونات من المياه الصالحة للشرب.
يقول بصبر وعزيمة، وهو يقف في طابور توزيع المياه أمام سيارة البلدية: «نعم، نحن نعيش فوق الركام، ولكننا لن نغادر، سنظل هنا صامدين. بيت حانون ستنهض من جديد مهما حاولوا إبادتها».
رغم ذلك، لا يخفي بهاء إحساسه بالإحباط مشيرا لـ«عُمان»: «كنا نعيش حياة طبيعية، كنا نملك بيوتًا، وظائف، وأحلامًا. اليوم، كل شيء تغير. حتى الماء، أصبحنا نحصل عليه بصعوبة، وكأنه كنزٌ ثمين علينا القتال من أجله يوميًا».
خراب فوق خراب
هذه المنازل التي تحولت إلى ركام تحمل حجارتها المهدمة كثيرًا من الحكايات التي عاشتها المدينة بحلوها ومرها، هنا، يخفون حسرتهم لما آلت إليه أوضاعهم، ويسعون إلى ترتيب حياتهم وسط الخراب. ليس لديهم خيار سوى التعايش مع ما هو متاح، رغم قسوة الظروف.
بينما يجلس حسن عايش، المواطن الأربعيني، فوق بقايا جدار منزله، يمرر يده فوق حجارة صامتة تشهد على ما كان هنا يومًا ما. يقول بحسرة: «هذا ليس بلدًا منكوبًا، بل كأن تسونامي اجتاحه. هذه البلدة قبل حرب السابع من أكتوبر كانت جنة، مليئة بالحياة والمعمار والخدمات. اليوم، لم يتبقَ منها شيء، فقط خراب فوق خراب».
يزفر حسن بغضب قبل أن يضيف لـ«عُمان»: «لكننا لن نستسلم. سنعيد بناءها كما فعلنا مرات عديدة من قبل. سنبني من جديد، حتى لو اضطررنا للعيش فوق الأنقاض لسنوات».
بيت حانون.. مدينة على خط الصراع
تعد مدينة بيت حانون من المدن الحدودية مع الداخل الفلسطيني المحتل، ولطالما تعرضت للتجريف والتدمير من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وفي كل مرة كان أهلها يعيدون بناءها من جديد. منذ سنوات النكبة وحتى اليوم، كانت بيت حانون دائمًا في قلب الصراع، تدفع ثمن موقعها الاستراتيجي.
على مدار العقود الماضية، كانت المدينة ساحة للمواجهات المتكررة، حيث شهدت اجتياحات عسكرية عدة، وكانت هدفًا للغارات الجوية والقصف المدفعي. رغم ذلك، بقي أهلها متشبثين بأرضهم، يعيدون بناء بيوتهم ومدارسهم ومستشفياتهم، في مشهد يعكس صلابة الفلسطينيين وإرادتهم التي لا تُكسر.
وخير شاهد على هذا التاريخ من الصمود الفلسطيني في بيت حانون، هو مصطفى عبدالهادي، المسن السبعيني، الذي التقيناه متكئًا على عصاه بينما ينظر إلى الدمار من حوله.
يقول لـ«عُمان»: «منذ طفولتي، وأنا أشهد بيت حانون تُدمر ثم تُبنى من جديد. الاحتلال يهدم ونحن نعيد الإعمار، لم نستسلم يومًا، ولن نستسلم الآن».
يتذكر مصطفى كيف كانت المدينة مليئة بالحياة، الأسواق تعج بالبائعين، المدارس تكتظ بالطلاب، والمزارع الخضراء تحيط بالمكان. يغلق عينيه في أسى، ثم يقول بصوت خافت: «اليوم، كل شيء تحول إلى ركام». قبل أن يستدرك بصوت عالٍ: «لكن الإرادة لا تزال حاضرة. بيت حانون لن تموت، سنعيدها كما فعلنا عشرات المرات».