بوابة الفجر:
2024-09-19@23:16:14 GMT

محمد أكرم دياب يكتب: تجار "التبرعات"

تاريخ النشر: 11th, May 2024 GMT

"العاملين عليها"، بتلك الجملة من الآية قرآنية في سورة التوبة  والتي سبقتها " إنما الصدقات للفقراء والمساكين " وسبقتها آيات كثيرة لم تذكر العاملين عليها واختصت الفقراء والمساكين فقط في الصدقات، لكن دائما ما يبحث قاصد المال عن ثغرة لمكسب تحت ثياب شرعية، فاستخدمت الآية "صك غفران" لملايين من أموال الزكاة والتبرعات لصالح اشخاص تحولت حياتهم بين ليلة وضحاها إلى قطن الفيلات وامتلاك سيارات فارهة بمنصب في جمعية خيرية.

خلال طريقي في العمل الصحفي، اقتربت من دوائر مؤسسي جمعيات خيرية وعاملين بها ورصدت فسادا في كثير منها، وكانت اكبر الصدمات في عرض تلقيته من أحدهما  بنسبة ١٠ ٪؜ إذا مهدت لهم طرق للحصول على تبرعات بملايين وحاولوا إقناعي بصك غفرانها،  ووجدت أشخاص اعتبارية تسعى في الاتجاه ذاته دون الحصول على أي أرباح فقط  لوجه الله ومساعدة الانسانية، وجمعيات أخرى استهدفت الخير للحصول على مزايا القانون بمعافاة الضرائب مثلا.

بداية من الصدمة التي تدور تفاصيلها،  بعدما تلقيت دعوة من احد اصحاب الجمعيات على الغداء منذ عامين تقريبا بمقرهم في المهندسين، وقتها أثار فضولي نوع العزومة " جمبري من النوع الفاخر" حسبما قالت لي "الحاجة" التي قبعت خلف مكتبها ترتدي  نقابا،  مديرة الجمعية في الهاتف بعد ترشيحي لها من صديق سألته يوما عن صحفي يمتلك علاقات، رفضت الجمبري واكتفيت بالقهوة للاستماع إلى العروض بعدما حضر ابنها المسؤول عن ادارة الاموال في الجمعية  .

اخبرتني بعلمها بعلاقاتي مع رجال أعمال وبنوك تريد أن تستهدفهم لزيادة التبرعات،  فحاليا حجم التبرعات ضعيف أمام ما تريد تنفيذه مثل وقف النخيل وتوزيع المواد الغذائية، وان كل تبرع نتمكن من الحصول عليه سأتحصل منه على نسبة ١٠٪؜" من المليون ١٠٠ الف ودول حلال خلي بالك  "، كانت وقتها تنتج برنامج تلفزيوني على احد المحطات للترويج وسبيل لزيادة التبرعات  بتكلفة تقريبية نصف مليون جنيها للموسم، فكان الذهول لماذا لاتستغل اموال الانتاج والنسب وتسعى بجهد في توسيع اعمالها الخيرية.

العرض الذي رفضته، بالتأكيد، عرض على اشخاص اخرى قبلت به، فحاليا الجمعية تلاقي شهرة كبيرة وتنشر إعلاناتها  بإذاعة القرآن الكريم ومحطات التلفزيون المختلفة، وقصدتها بعد الشهرة لاشراكهم في مائدة رحمن في محاولة لإعادة الفهم لكن اكدوا ان الامر لديهم يبعد عن مشاركات الخير برد بسيط "  لانى خلصت كل التوزيعات" كان ذلك في ١٧ رمضان وماهي الا تجارة فقط تتربح منها عائلة كاملة ام واخ لها وابن يديروا ثلاثة جمعيات ويتلاعبون بالتبرعات لصالح مكاسب شخصية.

نفس فكرة مائدة الرحمن الصغيرة كانت كشف لعدد كبير من اصحاب النفقات الكبرى على الحملات الإعلانية التي وصلت فاتورة احداها خلال شهر رمضان إلى ٢٥ مليون جنيه، كنت اتلقى ردودا متشابهة، المشاركين فيها وجدتهم يسعوون فعليا للخير كانت اشخاص اعتبارية استهدفوا توزيع الطعام للخير كالصحفية عبير عبد الستار ومؤسسة  مرسال التي رحبت بالفكرة لكن لضيق الوقت لم تتمكن من المشاركة، قصة الجمعية السابقة ستجدها متكررة بأشخاص وظروف مختلفة تستهدف اموالك واموالي تخرج في نسب ومرتبات وسيارات لاعضاء مجلس الادارة، بتجارة التبرعات.

المصدر: بوابة الفجر

إقرأ أيضاً:

محمد مغربي يكتب: كيف تم تفجير أجهزة اتصالات بيجر في لبنان؟

11 قتيلا و4 آلاف جريح منهم 400 في حالة حرجة، هكذا وصل عدد الضحايا من اللبنانيين بعد 5 ساعات فقط من تفجير أجهزة الاتصالات "بيجر" وهي أجهزة يستخدمها أعضاء حزب الله والعاملين في مؤسساته، وفوجئ الكثير منهم بانفجارها في أيديهم ما أدى إلى إصابة قيادات في الحزب بجانب السفير الإيراني في بيروت.

واستغل المهاجمون ثغرات في أنظمة الرسائل اللاسلكية لأجهزة البيجر، ويُشتبه أن مخترقين إسرائيليين تلاعبوا عن بُعد عبر إشارات تردد الراديو ما تسبب في ارتفاع حرارة البطاريات وانفجارها، ليكون ذلك بحسب تصريحات قيادات لبنانية أكبر اختراق أمني لحزب الله خلال السنوات الماضية.

وللتوضيح أكثر، فإن أجهزة البيجر تعمل عبر ترددات معينة لاستقبال الرسائل القصيرة، ومن المحتمل أن يكون المهاجمين قد استغلوا هذه الترددات وإرسال إشارات مشفرة لاستهدافها من خلال تقنيات مثل التداخل اللاسلكي "jamming" لإجبار تلك الأجهزة على العمل بشكل غير طبيعي أو حتى إصدار أوامر خاطئة تجعل الأجهزة تتلف أو تنفجر.

كما تشمل الاحتمالات استخدام الهندسة العكسية للأجهزة، والتي تعني دراسة الجهاز من الداخل لاكتشاف نقاط ضعفه، بعدها يتم زراعة برامج ضارة "malware"، وهذه البرامج تدفع الجهاز للانفجار في حالة استقبال إشارة معينة، خاصة أن الثغرات في البرمجيات القديمة أو التي لا تحظى بحماية جيدة، يمكن استخدامها لتدمير الدوائر الكهربائية للجهاز.

أما السيناريو الثالث، هو احتمالية أن يكون تفجير الأجهزة جزء من هجوم سيبراني مركب، جمع بين تقنيات متعددة مثل استغلال أنظمة التحكم عن بعد، أي الأنظمة التي ترسل التحديثات أو تستقبل الاوامر، وفي حالة الوصول إلى النظام المركزي المعني بإدارة الأجهزة كلها، يتم منح تعليمات ضارة أو أوامر مباشرة لتفجير الأجهزة، وقد يكون التفجير تم من خلال استغلال البطاريات والدوائر الكهربائية فبعض الأجهزة تحوي مكونات يمكن التلاعب بها لتسبب انفجار عن تسخينها أو حدوث قصور كهربائي "short circuit" كما ان بعض البطاريات تكون مصممة بطريقة قابلة للإنفجار في حالة استقبال إشارة معينة.

أما السيناريو الأخير فهو أن تكون تلك الأجهزة بها متفجرات صغيرة يمكن تفجيرها عن بعد باستخدام إشارات معينةـ لكن هذه التقنية تحتاج أجهزة اتصال متقدمة وموجهة قريبا من مواقع التفجير.

وبجانب هذه السيناريوهات، فالحقيقة أن تفجير "البيجر" لم يكن الأول في الحرب السيبرانية بين حزب الله وإسرائيل والتي تصاعدت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، وباتت الهجمات المتقدمة والمتبادلة بين الطرفين تستهدف البنية التحتية والتكنولوجيا والاتصالات، ففي عام 2019 نفذت إسرائيل هجمات سيبرانية استهدفت قناة المنارة التابعة لحزب الله وغيرها من قنوات الاتصال مما أدى إلى تعطيل البث والخدمات خلال عمليات حاسمة.

وقد شملت الهجمات "DDOS"  أي "Distributed Denial of Service" والتي أغرقت خوادم القناة بحركة مرور كثيفة مما جعلها غير قادرة على البث، وقد يكون الهجوم قد تضمن أيضًا "malware" لتعطيل الاتصالات الداخلية والمعدات.

بعد هذا الحادث بعامين، أي في 2021، نفذت الوكالات الاستخباراتية الإسرائيلية اختراق لأنظمة التحكم بالطائرات بدون طيار التابعة لحزب الله، مما سمح لهم باعتراض الطائرات وتعطيلها قبل أن يتم استخدامها في الهجمات، ومن المرجح أن الهجوم اعتمد على استغلال نقاط ضعف في بروتوكولات الاتصالات واستخدام تقنيات "jamming" التي من شأنها منع الإشارات أو إعادة توجيهها ما أجبر الطائرات على التحطّم أو العودة إلى قاعدتها.

بالطبع لا يُمكن إغفال انفجار مرفأ بيروت في 2020، ورغم أن الحادث مازال قيد التحقيق، لكن هناك شكوك مبكرة في إمكانية حدوث هجوم سيبراني تطلب التسلل إلى أنظمة إدارة الميناء أو التخريب عن بُعد لانظمة السلامة، ما أدى إلى سوء إدارة  المواد الخطرة، ورغم أن ذلك يبقى فرضًا لكن لا يمكن استبعاده.

ويمتلك جيش الاحتلال وحدة تسمى 8200 وهي المسئولة عن شن الهجمات السيبرانية ضد حزب الله، وتمكّنت تلك الوحدة من تطوير برامج ضارة مثل "Stuxnet "وبرمجيات أخرى لتخريب البنية التحتية العسكرية والاتصالات، وغالبًا ما تتضمن عملياتها استغلال "zero-day vulnerabilities" وهي الثغرات الأمنية غير المعروفة لمزودي البرمجيات، وبالتالي غير المُرقعة، كما قد تتضمن أيضًا "backdoor software implants" التي تسمح للمهاجمين بمراقبة الأنظمة والتحكم عن بعد.

على الجانب الآخر لم يقف حزب الله مكتوف الأيدي أمام تلك الحرب المتصاعدةـ، فشن هو الآخر هجمات سيبرانية على شبكات الكهرباء ومحطات المياه لتعطيل الحياة اليومية الإسرائيلية وخلق حالة من الفوضى، ويعتمد حزب الله غاليًا على تقنيات "spear-phishing" لاختراق الشبكات الإسرائيلية حيث يتم خداع المستخدمين بالنقر على روابط خبيثة تقوم بتثبيت برامج ضارة، وبمجرد الدخول يحاولون رفع الامتيازات للتحكم في الانظمة الحيوية.

وبالنظر إلى أدوات الفريقين في الحرب السيبرانية، يمكن القول  إنها متشابهة في الاعتماد على "Man-in-the-Middle Attacks" للتنصت على الاتصالات أو التلاعب بها، كما اعتمد الفريقان على "Social Engineering" و"Spear Phishing" لاستغلال الثغرات البشرية عن طريق إرسال رسائل بريد إلكتروني مزيفة، أو إنشاء مواقع وهمية لخداع الخصوم والكشف عن بيانات دقيقة بمجرد الاعتماد عليها يمكنهم فعل ما يريدون، وكذلك استخدام الجانبان "Encryption Attacks" وهي تقنيات متعددة لكسر تشفير الاتصالات خاصة الإسرائيلية.

لذلك، فمن المحتمل مع تصاعد الصراع بين الطرفين، أن يلجأ كلاهما إلى الذكاء الاصطناعي لتعزيز قدراتهما السيبرانية، فمن خلال الذكاء الاصطناعي يمكن التعرف على الأنماط واكتشاف الثغرات وشن الهجمات الدقيقة على البنية التحتية الحيوية، إضافة إلى السيطرة على الأنظمة المستقبلة أو تخريبها مثل الطائرات بدون طيار وأنظمة الدفاع الصاروخي، وفي المجمل يمكن القول أن الحرب السيبرانية بين إسرائيل وحزب الله ستظهر مدى تعقيد الصراعات الحديثة والتي تتقاطع فيها المجالات الرقمية والفيزيائية ما يجعل ساحة المعركة تتعلق بالرموز البرمجية أكثر ما تتعلق بالأسلحة بالتقليدية.

مقالات مشابهة

  • ارجاء جلسة مجلس الوزراء التي كانت مقررة بعد ظهر اليوم (صورة)
  • د. محمد عثمان يكتب: مستقبل إنتاج الألبان (1-2)
  • محمد مغربي يكتب: كيف تم تفجير أجهزة اتصالات بيجر في لبنان؟
  • الموساد نفذها خوفًا من اكتشاف حزب الله الأمر: عن أجهزة "البيجر" التي كانت ورقة خفية في يد إسرائيل
  • وزير المالية فشل في الرد علي الأسئلة التي كانت تندفع نحوه كالسيل جعلته في حالة توهان وغياب تام عن المشهد الدراماتيكي !!..
  • محمد مغربي يكتب: مصر الأفضل عالمياً في الأمن السيبراني
  • مصدر لبناني: أجهزة الاتصال التي انفجرت كانت مفخخة بشكل مسبق
  • بعد أن أثارت ضجة واسعة بتصريحاتها الأخيرة بشأن الشقة التي كانت تسكن فيها وتمت زيادة الإيجار لها.. الممثلة المصرية مروة عبد المنعم: “ما قولتش أنه هيأجرها للسودانيين”
  • "المساواة بإمام عاشور" شرط أكرم توفيق للتجديد للأهلي
  • هكذا احتفل أكرم حسني بعيد ميلاد ابنته روبا