إسرائيل أميركا اللاتينية.. كولومبيا تدير ظهرها لإسرائيل
تاريخ النشر: 11th, May 2024 GMT
في الأول من مايو/أيار الجاري وخلال مسيرة حاشدة في العاصمة بوغوتا بمناسبة عيد العمال، توج الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو سلسلة إجراءات بلاده التضامنية مع الشعب الفلسطيني بإعلانه قطع العلاقة مع إسرائيل.
وخلال المسيرة، خاطب بيترو الجماهير المحتشدة بقوله "هنا أمامكم، حكومة التغيير وحكومة رئيس الجمهورية تعلن أننا غدا سنقطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة إسرائيل.
تتعارض توجهات الرئيس الكولومبي مع تاريخ علاقات إسرائيل ببلاده، التي عرفت بارتباطها المتين مع تل أبيب خصوصا في حجم التبادل العسكري، حتى وصفها صحفيون بأنها "إسرائيل أميركا اللاتينية".
يدفعنا هذا لتسليط الضوء على التغيرات الجذرية التي طرأت على العلاقات بين بوغوتا وتل أبيب، منذ وصول أول رئيس يساري لكولومبيا عام 2022، والذي سيغير مجرى تعامل الحكومة الكولومبية مع القضية الفلسطينية.
حليف قديميبدأ الحديث عن العلاقات الإسرائيلية الكولومبية من قرار التقسيم رقم 181 لسنة 1947 الصادر عن الأمم المتحدة، حينها امتنعت كولومبيا عن التصويت، وقدّم ممثل كولومبيا في المنظمة الدولية طرحا مختلفا لتقسيم فلسطين، ملمحا إلى أن القرار يفتقد للعدالة، ومشيرا إلى أنه سيجر الكثير من المشاكل.
وكما يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة خافيريانا الكولومبية فيليبي ميدينا فإن العلاقات الحقيقية بين إسرائيل وكولومبيا نشأت بعد سنوات من قرار التقسيم، وتحديدا عام 1957، تبع ذلك التمثيل الدبلوماسي لكولومبيا في إسرائيل عام 1963.
وخلال الحرب الباردة، ورغم أن كولومبيا كانت حليفا للولايات المتحدة، فإنها كانت تدين الممارسات غير القانونية لإسرائيل لا سيما بعد احتلالها ما تبقى من الأراضي الفلسطينية عام 1967.
وفي ثمانينيات القرن الماضي، نشأت علاقات تجارية بين الجانبين، وبدأت كولومبيا تصدير الفحم من أراضيها لإسرائيل عام 1984، إضافة لغيرها من التبادلات التجارية التي كان للجيش الكولومبي نصيب منها.
ويصف ميدينا تلك العلاقة بالقول إنها في بعض الأحيان كانت متناقضة مع الخط العام للدبلوماسية الكولومبية، ففي عام 1997، زار الرئيس الكولومبي السابق إرنستو سامبر قطاع غزة، وأدانت كولومبيا انتهاكات إسرائيل للفلسطينيين أكثر من مرة.
أصبح تعاون إسرائيل مع كولومبيا في كثير من المجالات أكثر كثافة وحيوية، وبحسب وزارة التجارة والصناعة والسياحة الكولومبية، فإن حجم التدفقات الاستثمارية من إسرائيل في كولومبيا خلال الفترة ما بين عام 2002 وحتى الربع الأول من عام 2020، بلغت نحو 580 مليون دولار، تركزت بشكل رئيسي في قطاعات النقل والزراعة والتجارة.
ووفقا للأرقام الصادرة عن دائرة الإحصاءات الإدارية الوطنية فقد صدرت كولومبيا بنحو 375 مليون دولار أميركي إلى إسرائيل بين يناير/كانون الثاني وأغسطس/آب 2023، وشكلت منتجات تعدين الطاقة 93% من إجمالي الصادرات، فيما تمثل نسبة الـ7% المتبقية سلعًا غير متعلقة بالتعدين مثل القهوة والزهور والحلوى وغيرها.
وعلى المستوى العسكري، كانت كولومبيا تحصل على مجموعة واسعة من المعدات العسكرية من إسرائيل، بما في ذلك الأسلحة النارية مثل مسدس "أريحا" نصف الآلي وبندقية X95، وكذلك بنادق "جليل"، بالإضافة إلى صواريخ نمرود وسبايك المضادة للدبابات، وأنظمة مدفعية مثل أتموس، وحتى في التسعينيات، زادت كولومبيا أسطولها الجوي بـ24 طائرة مقاتلة من طراز كفير.
وبحسب صحيفة "إل إسبكتادور" نقلا عن مركز التعليم العسكري والصناعة العسكرية الكولومبية (إندوميل)، فإن هذا التعاون العسكري يشمل مشتريات دفاعية بقيمة إجمالية تبلغ حوالي 325 مليون دولار.
وبحلول عام 2010، كان ما يقرب من 50% من واردات كولومبيا من الأسلحة يأتي من إسرائيل. وقد تعززت العلاقات بين إسرائيل وكولومبيا خلال فترة ولاية الرئيسين الكولومبيين السابقين ألبارو أوريبي (2002-2010) وخوان مانويل سانتوس (2010-2018).
وفي عام 2017، زار بنيامين نتنياهو كولومبيا ليصبح أول رئيس وزراء إسرائيلي يزور دولة واقعة في أميركا الجنوبية.
في المقابل، بدأت العلاقات الرسمية بين كولومبيا وفلسطين عام 1988، ومن الأحداث البارزة التي عززت العلاقة بين البلدين، زيارة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات مدينة قرطاجنة الكولومبية عام 1995، لحضور قمة حركة عدم الانحياز.
وأثناء تلك الزيارة، بث الراديو مكالمة هاتفية جرت بين عرفات والرئيس الكولومبي في ذلك الوقت، إرنستو سامبر، حث فيها عرفات "الجماعات المتمردة" حينها على "التفكير بكولومبيا أولا"، حيث عانت كولومبيا في الفترة ما بين (1964- 2017) من صراع طويل بين الحكومة والجماعات المتمردة.
كما دعا عرفات، خلال وجوده في القمة الرئيس سامبر لزيارة الأراضي الفلسطينية، وهو ما فعله الأخير عام 1996، حين قام بزيارة قطاع غزة ولقاء عرفات، تبعها إرسال البعثة الخاصة من فلسطين إلى كولومبيا.
وفي عام 2011، قام الرئيس الفلسطيني محمود عباس بزيارة لكولومبيا لحشد الدعم لطلب الاعتراف بدولة فلسطين في الأمم المتحدة، تبعها في العام 2018، قرار الرئيس السابق خوان مانويل سانتوس والحكومة الكولومبية "الاعتراف بفلسطين، دولة حرة مستقلة وذات سيادة".
تطورات العلاقات الكولومبية مع الجانبين بعد السابع من أكتوبر في اتجاهين متعاكسين، فمع كونها أدانت هجوم حركة حماس لكنها في الوقت نفسه أدانت العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وشدد الرئيس الكولومبي على أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية، داعيا دول العالم إلى وضع حد لانتهاكات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وفق تعبيره.
وفي منتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي، طردت كولومبيا السفير الإسرائيلي في بوغوتا من البلاد بسبب الحرب على غزة، كما التقى بيترو بممثلي الجالية الفلسطينية وخلال اللقاء أكد دعمه للحق الفلسطيني والتمسك بالقرارات الدولية ورفضه ما يجري في غزة.
وفي نهاية فبراير/شباط الماضي، أعلن بيترو تعليق صفقات شراء الأسلحة من إسرائيل، عقب مجزرة الطحين في غزة حين استشهد 118 فلسطينيا أثناء انتظارهم قافلة مساعدات قرب دوار النابلسي شمالي القطاع.
كما طلب الرئيس الكولومبي الانضمام إلى دعوى جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، التي تتهم فيها إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية.
ويرى علي نوفل أحد أفراد الجالية الفلسطينية في كولومبيا، أن موقف بيترو ليس مستغربا، فهو "نابع من مواقفه التاريخية (…) كونه أول رئيس يساري للبلاد"، لكنه تابع أن موقف الشعب الكولومبي لا يزال منقسما تجاه إسرائيل.
وأشار إلى تأثير اليمين واليمين المتطرف وبعض الطوائف المسيحية الصهيونية الإنجيلية التي تعتبر "إسرائيل أرض الميعاد"، وتؤمن بما يسمى "شعب الله المختار" وتحث أتباعها على دعم إسرائيل.
مستقبل العلاقاتيرى الباحث والأكاديمي الكولومبي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، فيكتور دي كوريّا لوغو، أن موقف بيترو يظهر "التغير الذي طرأ على السياسة الخارجية الكولومبية مع وصول حكومة يسارية لأول مرة في تاريخنا"، مشيرا إلى المظاهر التي تعكس التضامن الشعبي مع فلسطين، "بسبب استمرار حملة الإبادة الجماعية في غزة".
وعن موقف الرئيس بيترو يقول كوريّا إنه متناسق مع أدواره السابقة في "تعزيز الحلول التفاوضية للنزاعات المسلحة وقد انتخب أساسا لأنه أحد الداعين للسلام في بلاده، ومؤخرا، علق شراء الأسلحة من إسرائيل، وهذا يعكس التغيير في السياسة الخارجية الكولومبية".
ورغم هذا التغير، فاليمين المتطرف والقوى الأخرى المعارضة للرئيس بيترو انتقدت قرار قطع العلاقات ونظموا مسيرات حملوا فيها الأعلام الإسرائيلية.
وفقا لدي كوريا فقد استخدم معارضوه وسائل الإعلام لاتهام بيترو بمعاداة السامية، إضافة لدور الكنائس الإنجيلية المحلية التي تدعم الصهيونية.
ورجح أن ثبات موقف كولومبيا الحالي، الداعم لفلسطين، سيبقى مرهونا بالرئيس المنتخب، وسيمثل تحديا كبيرا للرئيس الحالي الذي يحكم بلادا كان للولايات المتحدة فيها نفوذ كبير.
وتابع أنه إن عاد اليمين المتطرف لحكم كولومبيا فإنها ستعود "لتكون إسرائيل أميركا اللاتينية"، مشددا على أن التعاون بين كولومبيا وإسرائيل تجاوز العلاقات التجارية والدبلوماسية إلى "وجود مكاتب أجهزة استخبارات إسرائيلية في البلاد، ووسائل إعلام ممولة بالكامل من صهاينة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات الرئیس الکولومبی کولومبیا فی من إسرائیل
إقرأ أيضاً:
عار كولومبيا.. ما وراء رضوخ الجامعة العريقة لترامب
واشنطن- بعد أسبوعين من اعتقال محمود خليل، وهو طالب فلسطيني الأصل تخرج حديثا من جامعة كولومبيا بمدينة نيويورك، وعدد آخر من طلابها، استسلمت الجامعة لقائمة مطالب البيت الأبيض.
وأعلنت جامعة كولومبيا قبل أيام عن امتثالها لمطالب إدارة الرئيس دونالد ترامب، بعد أن واجهت خطر فقدان تمويل فدرالي بقيمة 400 مليون دولار.
وجاء قرار الجامعة في أعقاب إجراءات اتخذتها إدارة ترامب في السابع من مارس/آذار الجاري، حيث قطعت التمويل عن الجامعة بدعوى تقاعسها عن مكافحة معاداة السامية، وعدم حمايتها الطلاب اليهود طوال المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين والمناهضة للحرب في الحرم الجامعي العام الماضي.
ما الذي جرى؟بدأت حملة ترامب ضد كولومبيا عندما قامت إدارة الخدمات العامة "جي إس إيه" وهي جهة فدرالية، بالتعاون مع وزارتي الصحة والخدمات الإنسانية والتعليم، بتنسيق خطوة إلغاء 400 مليون دولار من التمويل الفدرالي للبحث العلمي في كولومبيا تحت ذريعة أنها "فشلت بشكل أساسي في حماية الطلاب وأعضاء هيئة التدريس الأميركيين من العنف والمضايقة المعادية للسامية".
وبعد تهديد حوالي 60 جامعة أخرى بالمصير نفسه، أرسلت إدارة ترامب في 13 مارس/آذار الجاري مذكرة إلى كولومبيا وحدها فيها عدد من الشروط الواجب استيفاؤها في غضون 7 أيام، ليس مقابل الإفراج عن الأموال، وإنما مجرد "شروط مسبقة" للنظر في الإفراج عن الأموال خلال مفاوضات مستقبلية.
إعلانووافقت كولومبيا على حظر الأقنعة أثناء الاحتجاجات في الحرم الجامعي، وتوظيف 36 ضابط شرطة جديدا في الحرم الجامعي وتمكينهم من "إبعاد الأفراد من الحرم الجامعي و/أو اعتقالهم عند الاقتضاء"، وتعيين نائب عميد يتمتع بسلطة واسعة للإشراف على قسم دراسات الشرق الأوسط وجنوب آسيا وأفريقيا، وكذلك مركز الدراسات الفلسطينية.
وأوضحت الجامعة -في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني- أنها ستقوم بإعادة مراجعة تعريف معاداة السامية داخليا، بالإضافة إلى توسيع هيئة التدريس في معهد الدراسات الإسرائيلية واليهودية، من بين أمور أخرى.
وكتبت كاترينا أرمسترونج، الرئيسة المؤقتة للجامعة، في بيان "في جميع الأوقات، نحن نسترشد بقيمنا، ونضع الحرية الأكاديمية وحرية التعبير والتحقيق المفتوح واحترام الجميع في طليعة كل قرار نتخذه"، وأضافت "لقد واجهت جامعة كولومبيا طوال تاريخها العديد من التحديات والعقبات. لقد عملنا بجد لمعالجة المخاوف المشروعة التي أثيرت من داخل وخارج كولومبيا ضد مجتمعنا اليهودي في أعقاب هجمات 7 أكتوبر 2023".
استسلام مخزوردا على ما قامت به إدارة الجامعة، قالت المديرة التنفيذية لاتحاد الحريات المدنية في مدينة نيويورك دونا ليبرمان في بيان لها "من خلال الاستسلام لمطالب إدارة ترامب، تضع كولومبيا سابقة خطيرة تطبع معها تدخل الحكومة في الحرية الأكاديمية وحرية ممارسة حق التعديل الدستوري الأول المتعلق بحرية التعبير عن الرأي". وأضافت "بدلا من الدفاع عن الحرية الأكاديمية، ورسالتها الأساسية، وأعضاء هيئة التدريس والطلاب بها، استسلمت كولومبيا للمتنمرين، وكان القانون إلى جانب كولومبيا، لكن الجامعة لم تظهر أدنى رغبة في المقاومة".
كما كتب شيلدون بولوك، الذي سبق وأشرف على برنامج دراسات الشرق الأوسط المستهدف في الاتفاق الجديد، يقول إنه "يوم مخز لكولومبيا". وأشار إلى أنه كان بإمكان الجامعة تعويض خسارة الأموال الفدرالية عن طريق اللجوء إلى وقفها المالي البالغ قيمته 14.8 مليار دولار.
إعلانوتابع أنه كان من الممكن أن تقاضي الجامعة إدارة ترامب بسبب اعتدائها على الحرية الأكاديمية والحق في التجمع، وحرية التظاهر والتعبير عن الرأي. وكان من الممكن أيضا أن تسعى إلى بناء جبهة موحدة مع جامعات أخرى تواجه مطالب مشابهة وغير دستورية من ترامب. وبدلا من ذلك، يضيف بولوك، استغل مجلس الأمناء إنذار ترامب لتسريع حملة ضد المعارضة الطلابية المؤيدة لفلسطين.
وعلى الجانب الآخر، رد مسؤول كبير في الجامعة، وفقا لصحيفة وول ستريت جورنال، ودافع عن موقف إدارة الجامعة قائلا "نظرنا في الخيارات القانونية لتحدي إدارة ترامب حيث إننا كنا ندرس بعض الإصلاحات المطلوبة في قائمة ترامب منذ الصيف الماضي. ونعتقد أن هناك تداخلا كبيرا بين التغييرات المطلوبة في الحرم الجامعي ومطالب ترامب".
قلق يتجاوز كولومبيا
منذ "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وما تبعها من عدوان إسرائيلي مدعوم أميركيا على قطاع غزة، تشهد الجامعات الأميركية، خاصة النخبوية منها، حراكا شبيها بحراك حرب فيتنام بهدف وقف الدعم الأميركي للاحتلال، ووقف التعاون العلمي والبحثي بين جامعات المحتجين وإسرائيل، وسحب أي استثمارات فيها.
وبدأت مرحلة جديدة من الاحتجاجات الطلابية في الانتشار من قلب جامعة كولومبيا، عقب استدعاء رئيسة الجامعة السابقة نعمت شفيق، للشرطة المدنية من أجل فض اعتصام طلابي احتجاجي سلمي، وفق ما ذكرته في جلسة استماع بمجلس النواب الأميركي.
وبعد اعتقال 108 من الطلاب، امتدت الاحتجاجات الغاضبة من داخل جامعة كولومبيا إلى مئات الجامعات الأميركية، وإلى جامعات أخرى حول العالم.
وليس مفاجئا أن تكون كولومبيا في المرتبة الأولى بالقائمة، فقد كانت احتجاجاتها هي الأضخم، وكانت هي مركز إشعال الحراك الطلابي في مختلف الولايات الأميركية، والذي ظهرت نتائجه في القبض على الطالب محمود خليل، خريج الجامعة والمتزوج من مواطنة أميركية، رغم حصوله على الإقامة الدائمة (غرين كارد) بسبب دوره في قيادة حركة الاحتجاجات.
إعلانمن ناحية أخرى، يحيط ترامب نفسه بدائرة من الصهاينة اليمينيين من سكان نيويورك الذين يكرهون كولومبيا لكونها كانت موطنا لإدوارد سعيد، الذي سبق أن وصفوه بداعم الإرهاب، ويدعون أنه حول جامعة كولومبيا إلى جامعة "بيرزيت على هدسون" في إشارة لنهر هدسون المجاور.
ماذا بعد؟لا يوجد شيء مفاجئ في هجوم ترامب على الجامعات، وخاصة كولومبيا. ما يثير الصدمة هو السهولة التي نجح بها أسلوب ترامب في ردع أحد أهم جامعات أميركا والعالم.
ومنذ تأسيسها عام 1754 صنعت كولومبيا إرثا رائعا فكريا وعلميا، واكتسبت سمعة عالمية كأحد منابر التميز الأكاديمي في العالم.
ويسمح موقعها في قلب منهاتن بمدينة نيويورك لطلابها وأساتذتها بالتفاعل المباشرة مع كبريات المؤسسات الإعلامية والمنظمات الدولية والجهات الثقافية بالمدينة.
وطوال تاريخها كانت كولومبيا مركزا للحراك الطلابي ضد الحروب، خاصة حرب فيتنام أواخر ستينيات وأوائل سبعينيات القرن الماضي.
وفي الوقت الذي دعم فيه أنصار إسرائيل موقف إدارتها، حذر ممثلو التيار الليبرالي من خطورة ما جرى على مجمل الحريات التي يتمتع بها الأميركيون سواء كانوا أشخاصا أو مؤسسات.